إعلان
إعلان

أرقام امرأة…كيف تحوّلت حياة النساء إلى جدول حسابات اجتماعية؟ .. بقلم: هدى زوين

#سفيربرس _بيروت

إعلان

في مجتمعاتٍ تُقاس فيها القيمة بالأرقام، وتُحدَّد فيها الملامح وفق جداول جاهزة، تقف المرأة بين طموحها الإنساني وحسابات الآخرين.

إنها ليست رقمًا في ورقة الإحصاء، لكنها تُطارَد كأنها معادلة يجب أن تظلّ متزنة في عيون الناس.ومن هنا، نحاول تفكيك كيف تتحوّل الأرقام إلى سلاسل تُكبّل المرأة منذ ولادتها، وتُصاحبها في كل مرحلة من مراحل حياتها: العمر، الوزن، عدد الأبناء، الراتب، وحتى عدد الابتسامات.
ومن هنا يأتي السؤال

هل العمر: قيدٌ في هيئة سؤال؟
“كم عمركِ؟”
سؤال بريء في ظاهره، لكنّ له وقعًا ثقيلًا على قلب كثيرات.
في مجتمعات تُحدد فيها قيمة المرأة بناءً على سِنّ الزواج، و”الوقت المثالي” للإنجاب، يصبح العمر مؤشّرًا اجتماعيًا لا يرحم.
تُصنّف المرأة بسرعة:
أصغر من “الوقت المناسب”؟ لم تنضج بعد.
أكبر من “الوقت المناسب”؟ فاتها القطار.

اما الوزن والجسد: حين تتحوّل المرآة إلى ميزان عام، أنوثتها، حضورها، وحتى ثقتها بنفسها، كلها ترتبط برقْم على ميزان.
المجتمع لا يتردّد في أن يُعلّق:
“لقد ازداد وزنها بعد الولادة”،
“كانت أجمل في العشرينات”،
وكأن الجسد ملك عام، يجب أن يبقى داخل قالب مثالي، لا يعرف التعب، ولا التغيير، ولا الألم.

وعند الأمومة: بين العدّ والضغط
إذا أنجبت: كم طفلًا؟
إذا لم تنجب: لماذا؟
وإذا أنجبت كثيرًا: كيف ستتفرغ لهم؟
الأمومة تتحوّل من نعمة إلى اختبار رقمي، تقاس فيه المرأة بعدد المواليد، وليس بعمق تربيتها أو تضحياتها.

حتى في العمل، يُسأل عن راتبها، عن مدة إجازتها، عن عدد الترقيات، ويُلمّح كثيرًا إلى أن أيّ نجاح تحققه قد لا يكون فقط بكفاءتها، بل بـ”مظهرها” أو “حظّها”.
أما إن طالبت بحقّها، قيل: “عصبية، متطلبة”.
وإن صمتت، قيل: “ضعيفة، لا تصلح للقيادة”.

اما الطلاق والترمّل: أرقام تُضاعف الأحكام

“كم سنة صبرت قبل أن تطلب الطلاق؟”
“كم مرّة خاضت تجربة زواج فاشلة؟”
“منذ متى تُرملت؟”
في هذه الحالات، تتحوّل الأرقام إلى صكّ إدانة، وكأن المرأة مطالبة دائمًا بتبرير خيارات لم تكن دائمًا بيدها.

إن التحرر من هذه الأرقام لا يعني تجاهلها، بل كسر قيدها.أن تختار المرأة أن تُعرّف نفسها خارج لغة الحسابات، أن تقول:
أنا أكثر من رقم، أنا أكثر من إحصائية، أنا أكثر من سؤال “كم”؟

حين تستعيد المرأة زمام سرد حكايتها، حين تكتب أرقامها بيدها – دون تدخل أو ترصّد – تبدأ حريتها الحقيقية.
ولعل أجمل رقم في حياة المرأة، هو الرقم الذي تختاره بنفسها:
عدد الكتب التي قرأتها، عدد الأحلام التي حققتها، عدد المرّات التي قالت فيها “أنا أستحق”.

#سفيربرس _ بقلم : هدى زوين _ بيروت 

كاتبة وإعلامية

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *