كاريزما القائد المحفز بقلم محمد عفيف القرفان
#سفيربرس _ الكويت

يتمتع القائد المحفز بكاريزما تساعده على التأثير بمرؤوسيه، ولا أقصد هنا كاريزما المظهر الخارجي أو الهالة التي تحيط بصاحب الكاريزما، ولكنني أعني أن هنالك صفة شخصية أو مهارة ناعمة يمتلكها القائد بقوة وتظهر على شخصيته من خلال سلوكاته المتكررة؛ فيعرف القائد بها وتصبح علامة فارقة تساعده على ترك بصمة واضحة وراءه، وقد قمت بتحديد خمس سمات ومهارات في دوراتي القيادية وهي:
١- كاريزما القائد الحازم المحفز
سنلاحظ هنا أن القائد يتمتع بصفة الحزم وهي تعطي زخماً قيادياً براقاً للقائد الذي يصنع القرارات ويلتزم بتنفيذها دون أن يتراجع عنها، كما أن لديه إصرار وعزيمة يظهران على تصرفاته؛ فهذا النوع من القادة يكون حازماً مع نفسه أولاً ومع المهام ثانياً ومع الأشخاص ثالثاً. سألتني إحدى المشاركات في إحدى دوراتي القيادية عما إذا كان هذا القائد الحازم يحفز ضعيفي الأداء! فأجبتها بالنفي، لأن القائد ذي الكاريزما الحازمة يحفز ذوي الأداء المرتفع لأنهم يستلهمون من هذه الصفة الجدية في الوصول إلى الأهداف. إن صفة الحزم تعطي القائد ميزة تنأى به عن التردد والتراخي، فهي تعني أن القائد جاد بما يفعل ولديه العزيمة الكافية لتحقيق ما وضعه من أهداف دون أي تكاسل. هذا ما يحفز المرؤوسين ويجعلهم يبذلون أقصى ما يستطيعون لبلوغ أهدافهم، فلو كان القائد يغير رأيه كل حين لرأيت المرؤوسين غير راضين لأن هذا يضعهم تحت ضغط عدم التركيز؛ أما إذا رأوا حزماً واضحاً في التعامل مع مجريات الأمور وتفاصيلها وإصراراً على تحقيق رؤية الفريق، فإن ذلك يحفزهم لبذل المزيد من الجهد ليكونوا عند حسن الظن.
من أجمل ما قال الشعراء في هذا بيت للخليفة العباسي أبي جعفر المنصور يقول فيه:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا
٢- كاريزما القائد المبادر المحفز
يقوم القائد المبادر باتخاذ الخطوة الأولى دائماً، لأنه يعي جيداً معنى أن يكون سباقاً في التنفيذ وسباقاً في الوصول إلى النتائج، وتشكل هذه المبادرة عنصراً أساسياً في تحفيز الآخرين الذين ما أن يشاهدوا سلوكاً مبادراً حتى تصيبهم العدوى وتقليد صاحب المبادرة. لو سألت قيادياً من المخضرمين القدامى عن أثر المبادرة على أداء المرؤوسين، فإنه سيشرح المعنى بدقة من خلال ممارسات كثيرة قام بالمبادرة فيها في غير موقف من حياته القيادية. إن المبادرة هنا لا تعني أن يقوم القائد بالمهام بتفاصيلها، إنما تعني قدح شرارة البدء من قبل القائد ثم يترك تفاصيل أداء المهمة للمرؤوسين مع المتابعة لضمان إتمام المهام على أفضل وجه؛ فالقائد المبادر يفهم جيداً معنى البدء وأهميته فهو يقوم بالخطوة الأولى التي تشجع الآخرين على إكمال المسير.
إن الصورة الذهنية التي يرسمها زعماء الدول في أذهان جماهيرهم والتي يقوم فيها بزراعة فسيلة أمام عدسات المصورين ما هي إلا صورة تحفيزية تُظهر عنصر المبادرة، فالزعيم لن يقوم بزراعة الحقل كاملاً، ولكنه يكتفي بالمبادرة والبدء بالعمل ليترك باقي العمل لأصحاب الشأن المكلفين بذلك.
٣- كاريزما القائد المشجع المحفز
ربما يعتقد البعض بأن كلمة تشجيع ما هي إلا مرادف لكلمة تحفيز، ولكن ذلك ليس دقيقاً، إذ إن التشجيع أحد أوجه التحفيز الكثيرة التي نستعرضها في هذا الباب من الكتاب. إنه ذلك القائد الذي يجيد صياغة عبارات التشجيع ويجيد استخدامها في الأوقات المناسبة وفي الظروف المؤاتية مع من يحتاجها من المرؤوسين. يحتاج المرؤوسون عبارات التشجيع لكي يستمروا بالعطاء لأن تلك الجمل والتعبيرات والإيماءات التشجيعية تصنع فارقاً حقيقياً إذا ما أتت بتوقيتها المناسب.
لقد اعتدت استخدام بعض الكلمات والعبارات لكي أعبّر عن تقديري لجهد الذين يعملون معي لتحفيزهم على الاستمرار بالإنتاجية، ومن هذه الكلمات والعبارات:
– بوركت يا مجتهد
– أحسنت يا مثابر
– نفخر بك أيها المبدع
أستطيع القول بأن هذه العبارات وما يشابهها تفعل فعل السحر مع من يسمعها، خصوصاً إذا كانت تلامس المستمع؛ فمن الرائع أن تقول لشخص “يا مجتهد” وهو بالفعل كذلك ويشعر بأنه مجتهد فعلاً، هنا يكون لهذه العبارة وقع كبير يحفز الشخص ويجعله يجتهد أكثر في المرات القادمة.
إن صدق عبارات التشجيع يساعد على وصولها لمن يسمعها لأنها تعبر عنه بالفعل، وهنا علينا أن نقوم باصطياد ما يبرع به المرؤوسون واستخدام عبارات تشجيعية تعكس ذلك بكل صدق وشفافية، فهذا ما يحفز الناس وهو المدح الصادق، أما إذا كان ذلك الثناء مبالغ به، فإنه سيتحول إلى نقيض التحفيز.
٤- كاريزما القائد المتوقّد المحفز
يشكل التوقّد مرحلة مهمة ومتقدمة من مراحل التحمس الذي ينتقل إلى المرؤوسين بالعدوى ويساهم في رفع معنوياتهم، وكلما كان التوقّد صادقاً وتلقائياً كان أثره بالغاً في نفوس من يتأثرون به. إن الناس يحبون المتحمسين لأفكارهم ورؤاهم ويؤمنون بقدراتهم، لذا يتحفزون من مجرد رؤية ذلك التوقّد الذي يظهر بعدة طرق:
– توقد ذهني
– توقد في الاتصال العيني
– توقد في التعبيرات الوجهية
– توقد في التواصل اللفظي
– توقد في نبرة الصوت
– توقد في حركات وتعبيرات الجسد
– توقد أثناء التنفيذ
إن مشاهدة القائد المتوقد لوحدها كفيلة بإشعال جذوة التحفز للعمل.
إن القائد المتوقد يقوم بمهامه بحماسة كبيرة وشغف مرتفع، وهذا نراه حتى في أبسط تصرفاته مثل المشي السريع والاختصار في الحديث والتحدث بسرعة، وعليه فإن القائد الشغوف ينقل ذلك الشغف إلى مرؤوسيه حيث يقومون بمهامهم بذات التوقد.
٥- كاريزما القائد الموجّه المحفز
عندما يقوم القائد بتوجيه أعضاء فريقه، فهو يعمل على تصويب الأداء ليتناسب مع حجم الهدف وأهمية الإنجاز، ثم إن هذا التوجيه لا يكون عن طريق إعطاء الأوامر أو سرد التعليمات، فهذا ليس من القيادة في شيء؛ لأن القائد الذي يمارس التوجيه يقوم بمقام البوصلة التي تراعي قدرات الأفراد لتتماشى مع طبيعة المهام، وهو الذي يحافظ على توازن الأمور من خلال صفات الحكمة والعدل والإنصاف. يحفز القائد الموجه جميع أنواع المرؤوسين بفضل قدرته على مخاطبة كل مرؤوس حسب وعيه وإدراكه، وهو ناصح أمين ومرشد مُطاع. قد يقوم القائد الموجه بتقدير قدرات المرؤوس ويساعده على إعادة ضبط بوصلته لكي يحقق أهدافه بقدرة أكبر وتركيز أعلى، وقد يقوم أيضاً بضبط بوصلة أحد المرؤوسين لتتوافق مع إمكاناته لتحقيق قفزة على مستوى الإنجاز.
حدثني أحد قادة الشركات عن موظف كان يمتلك مهارات واضحة في البيع والإقناع والتفاوض، ولكنه كان يعمل مساعداً إدارياً في تلك الشركة؛ ما جعل هذا القائد يقوم بجلسة توجيه معه ليخبره بذلك ويعرض عليه العمل ضمن فريق المبيعات، وهذا ما حصل فعلاً. لقد قام القائد الموجه بضبط بوصلة الموظف ويوجهه إلى طبيعة عمل تناسب قدراته، وهذا ما حفزه ليكون بائعاً ناجحاً فيما بعد.
#سفيربرس _ بقلم : محمد عفيف القرفان
#المدرب_المايسترو
#مدرب_القادة #قيادة
#إدارة #مؤسسة #شركة
#إعداد_القادة