التحوّل الرقمي في الأردن.. خيار استراتيجي واستثمار في المستقبل لايحتمل التردد.. بقلم : طلال أبوغزاله
#سفيربرس _ الأردن

التكنولوجيا ليست خيارًا، بل رهانٌ مصيري على قدرة الدول والمجتمعات على اللحاق بعالم لا ينتظر أحدًا. ففي زمن التحولات المتسارعة، غدت أشبه بجسر وحيد بين واقع يضيق بفرص العمل وتحديات التنمية، ومستقبل يُراهن على الشباب بوصفهم طاقة كامنة تحتاج إلى من يوقظها ويدفع بها إلى قلب المشهد.
ومن هنا، يكتسب أيّ جهد وطنيّ يستثمر في التكنولوجيا قيمة استثنائية، لأنه يلتقط لحظةً تاريخية تتطلّب قرارًا شجاعًا في زمنٍ لا يرحم المترددين. إذ إنّ مثل هذا القرار لا يأتي فقط استجابةً لحاجات السوق، بل تعبيرًا عن إيمانٍ راسخٍ بأن مستقبل الأوطان يُبنى بقراراتٍ جريئةٍ تُعلي من شأن المعرفة وتفتح الآفاق أمام الأجيال.
ومن بين المبادرات اللافتة في هذا السياق، يبرز منتدى “تواصل 2025” الذي احتضنه مجمع الملك الحسين للأعمال. هذا المنتدى بدا أشبه بمرآةٍ تعكس صورة الأردن حين يقرر أن يُشرك الشباب في صناعة القرار، ويجعل التكنولوجيا قلبًا نابضًا في مشروعه التنموي، لا مجرد فكرةٍ حبيسة الأدراج.
وما يُميّز هذا المنتدى أنه لم يكتف بالكلام عن التكنولوجيا كعنوان لافت، بل قدّمها في سياق مواجهة التحديات، من البطالة إلى تحسين الخدمات، مرورًا بإصلاح الإدارة العامة والتعليم، حيث بدا المنتدى وكأنه يُعلن أن التكنولوجيا لم تعد خيارًا تكميليًا، بل ضرورةً استراتيجيةً تُحدّد ملامح المستقبل وتُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن.
والأهم أن رعاية سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد، للمنتدى، أضفت عليه بُعدًا سياسيًا ومعنويًا، إذ عكست التزام القيادة بدعم الشباب وإشراكهم في النقاش الجاد حول مستقبل الأردن، لتجعل من حضورهم في النقاشات سلوكًا يوميًا لا مجرد تقليدٍ بروتوكولي.
لقد بدت ملامح المنتدى أبعد من مجرد فعالية تقليدية، كان بمثابة ورشة عمل وطنية تُحرّض على التفكير وتفتح الباب أمام أسئلة حقيقية: كيف نواجه البطالة، كيف نُصالح الإدارة العامة مع الناس، كيف نجعل التعليم قاطرةً لا عبئًا، وقادرًا على توليد فرصٍ جديدة تُعيد رسم علاقة الناس بوطنهم؟
إنّ رهان الأردن على التكنولوجيا هو في جوهره رهانٌ على الشباب والنجاح، وعلى قدرتهم على تجاوز الصعاب، وعلى إرادتهم في أن يكونوا شركاء حقيقيين في صناعة مستقبل مشرق. ومن هنا، يصبح منتدى “تواصل 2025” خطوةً مهمة في طريق بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، عبر حوارٍ وطنيٍّ صريحٍ يربط بين الطموح والواقع، وبين التكنولوجيا والتنمية.
إنه رهانٌ على المستقبل، وأملٌ بأن يكون الغد أقلّ قسوةً على الشباب الذين ينتظرون أن تُفتح أمامهم الأبواب، لا أن تُغلق في وجوههم. فهم لا يملكون ترف الانتظار، بل يحملون في قلوبهم توقًا لا ينطفئ لصنع الفارق.
#سفيربرس _ الأردن _ بقلم. د. طلال أبوغزاله