طلال أبوغزاله.. رؤية استراتيجيّة لمنظومة الأمم وضرورة التحديث
#سفيربرس _غادا فؤاد السمّان _ بيروت

لأنّه المَعني دائماً بمتابعة كل صغيرة وكبيرة، ولأنه يمتلئ شغفاً متواصلاً لتقديم الأسمى، ولأنّه يملك ما يكفي من الهواجس للارتقاء على الدوام، لا تقف مساعي طلال أبوغزاله عند حدّ.. فهو لم يدّعِ يوماً أنه صاحب إلهام أو نبوءة بل هو صاحب جهد واجتهاد ورؤية ومتابعات، لا يتحدّث عن أمر من فراغ التجربة، بل من صميم وعمق الخبرة التي لم يتوصّل إليها إلا نتيجة استقراء لكل ما يدور من أحداث ومستجدات وثوابت إن كان على الصعيد المحلّي أو على الصُعُد الدول كافّة..
ففي الوقت الذي يُفاجئنا فيه العالم تِباعاً، بأزمةٍ هنا، وصراع هناك، ينهمك طلال أبوغزاله في إعداد كتاب لم يجرؤ على البحث فيه الا القليل. وربّما يكون هذا الكتاب الصادر عن مجموعة أبوغزاله العالميّة، باللغتين العربية والإنكليزيّة، والذي تقرر توزيعه في معظم أنحاء العالم، وهو صوت الإصلاح الهادف إن لم نقل الهادر، ففي عالم يعجّ بالأزمات لا هدير سوى للقذائف الصاروخية التي تتمادى يوماً بعد يوم في سموات عربية حيث يكون صوت الإصلاح فيه، أشبه بالهمس في مهبّ العاصفة، ومع ذلك طلال أبوغزاله امتلك الشجاعة الكافية ليجعل من هذا الهمس، خطّة طريق قابلة لتمهيد المرحلة القادمة من منظار أكثر دقّة، لأنّه صاحب نظرة ثاقبة بعيدة المدى، تتعدّى ما نعرفه، وتعمّق ما نعرفه، وتوثّق ما ينبغي أن نعرفه بتلميحٍ ذكيٍّ، أو بتوصيف ماهر دون مواربة أو طلاسم.
أقتطف من المحتوى العام للكتاب حيث أدرج الكاتب موجزاً شمولياً يتضمّن أبرز النقاط التي تصدى لها كتاب ” تحديث الأمم” بإيجازٍ شديد، لأضع نفسي والقارئ معاً قبالة هذا الإصدار الذي قارب المثول بين يدي القارئ المُستهدف وهو من مختلف الشرائح الثقافية، والفئات العمرية، والمستويات الإجتماعيّة حيث يتطرّق إلى أهم ما يمكن أن يُقال في الزمن الراهن لإعادة التأهيل والإصلاح اللازم لكثير من المعطيات التي تتلاءم ووعي الجيل القادم الذي ستحاصره التقانة الحديثة من كلّ حدبٍ وصوب، حيث لا مفر من المطالبة بالتمهيد لواقع يختلف جملة وتفصيلاً عن الواقع الحالي على عدة أصعدة وفق ما جاء: “وإذ تجد منظمة الأمم المتحدة نفسها أمام تحدّيات جسيمة، من تغيّر مناخي وتقدّم تكنولوجي سريع يكاد يفلت من السيطرة، إلى تصدّعات جيوسياسية خطيرة، فإنّها تقف اليوم عند مفترق طرق.
ويصدر هذا الكتاب ليقدّم خطة إصلاح شاملة وجريئة لإعادة تشكيل المؤسسة متعدّدة الأطراف الأهم في الع
وعبر عقود قدّم الدكتور طلال أبوغزاله، والذي يُعد من الشخصيات المرموقة في تاريخ الأمم المتّحدة
وأحد قادة الفكر، والعمل المعرفي على المستوى العالمي، إسهاماتٍ بارزةٍ في إنجازات المنظمة، نالت
تقدير الأمناء العامّين المتعاقبين. وفي هذا الكتاب، يوظّف أبوغزاله خبراته الواسعة ورؤيته العميقة،
المستمدة من عقود من الانخراط المباشر في قضايا التنمية العالمية والتحول الرقمي والحوكمة
الاستراتيجية، لتحديد طبيعة وشكل وحجم التغيير المنشود “..
كتاب طلال أبوغزاله إذاً.. هو ليس مجرّد كتاب يُضاف إلى المكتبة العربيّة أو الدولية، يقدّم محتوى قد يجد له آذاناً صاغية أو لا، بل على العكس هو كتاب “مشروع ” صادر عن خبرة حقيقيّة، لشخصيّة عالميّة مرموقة رفيعة المستوى يشهد لها الجميع، ويحترمها الجميع، وهو لا يهدف إلى انتقاد “المنظّمة ” بشيء، بل هو طرح عمليّ يعيد توجيه بوصلة منظّمة الأمم المتّحدة، نحو مصلحة الإنسان، وذلك من خلال الإصلاح المؤسسي، والحداثة التكنولوجيّة، والأخلاقية كذلك..
لا شكّ أن الكتاب لا يشير إلى التردّي الحاصل والهوّة القائمة بين أداء المنظّمة وطموحات الأجيال الجديدة، لكنه بالتأكيد يسعى لردم وترميم تلك الفجوة بالحكمة، والحنكة، التي يمتلكهما طلال أبوغزاله جيداً، من خلال الأدوار الطويلة التي تصدّر فيها رأيه تحت قبّة اللقاءات العلنية لمؤتمرات الأمم، إلى جانب الجلسات المغلقة التي كانت تجمعه بكبار الشخصيات العالمية، وأصحاب القرار، الذين كانوا وما زال البعض منهم يتصدّر المشهد العام العالمي حتى في الوقت الراهن.
الكتاب عموماً، ليس وسيلة من وسائل الضغط التي يعتمدها بعض المتنفذين في العالم، بل هو مفتاح للتأمّل، ودعوة للمراجعة، والوعي، والنهضة الإنسانية في سبيل الإنسانيّة فعلاً، وصونها من مزيد من الإخفاق، وهو سعي جاد للحفاظ على الإنسانية التي تتقهقر رغم كل التحضّر المجتمعي المنشود.
#سفيربرس _غادا فؤاد السمّان _ بيروت