كتب سعيد بن مسعود المعنى : سوريا الجديدة… اختبار جديّ لتعافي المنظومة العربية
#سفيربرس _ مسقط

مع دخول القرار الأميركي برفع العقوبات عن سوريا حيّز التنفيذ، تبدأ دمشق مرحلة جديدة في تاريخها المعاصر، بعد أكثر من عقد من الحرب والعزلة والدمار. هذا القرار ـ الذي جاء وفاءً لوعد قدّمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته إلى الرياض في مايو الماضي ـ يعيد الملف السوري إلى صدارة الاهتمامين الإقليمي والدولي، ويمنح السوريين نافذة أمل طال انتظارها.
ورغم عمق الجراح التي خلفتها الحرب، أظهر الشعب السوري قدرة استثنائية على الصمود، وإرادة حقيقية في استعادة دولته ومكانتها. فسوريا، بتاريخها السياسي العريق وعمقها الحضاري، لم تكن يومًا دولة هامشية في الخريطة العربية، بل كانت ـ وستبقى ـ إحدى ركائز التوازن الإقليمي. وغيابها خلال السنوات الماضية لم يكن مجرد فراغ، بل كلفة باهظة دفعها الجميع، من المشرق إلى المغرب.
منذ أن جعلها الأمويون عاصمة لخلافتهم، ظلّت سوريا قلب العروبة السياسي والثقافي النابض، تؤدي دورًا محوريًا في صياغة القرار العربي. واليوم، لا يمكن تصور مستقبل آمن ومستقر للمنطقة دون عودة سوريا فاعلة ومتماسكة إلى محيطها العربي. فاستقرار دمشق سينعكس تلقائيًا على استقرار لبنان والأردن والعراق، وسيسهم في تهدئة التوتر مع تركيا، وربما يُعيد بعض التوازن المفقود في المعادلة الجيوسياسية للمنطقة.
لكن النهوض السوري لن يكون ممكنًا دون خطة شاملة لإعادة الإعمار، وهي مهمة تفوق قدرات الدولة السورية بمفردها. وهنا تبرز أهمية الدور العربي، وتحديدًا الخليجي، بوصفه عنصرًا حاسمًا في دعم الاقتصاد السوري وفتح الطريق أمام انخراط دولي أوسع، من واشنطن إلى بروكسل، مرورًا بموسكو وأنقرة.
فرص الاستثمار في سوريا، رغم كل ما مرّت به، لا تزال واعدة، شرط أن تُدار مشاريع إعادة الإعمار بعقلانية، وبشراكات عادلة ومتوازنة. والأهم من كل ذلك، أن يدرك العرب أن عودة سوريا إلى الحضن العربي ليست شعارًا يُرفع، بل مشروع استراتيجي يتطلب قرارات جريئة وإرادة سياسية واضحة.
إن قرار رفع العقوبات عن سوريا هو بداية الفرصة، أما اختبار الجدية الحقيقية فيكمن في قدرة العرب على قيادة قاطرة الاستثمار في “سوريا الدولة والإنسان”.
#سفيربرس _ مسقط _ بقلم : سعيد بن مسعود المعشني