إعلان
إعلان

إشتباكات الخرائط.. والقواعد الصاعدة _بقلم: محمد فياض

#سفيربرس _ القاهرة

إعلان

هل أنت نادم بعد أن رأيت مافعله الأمريكيون في العالم.بعد فعلتك بتفكيك الإتحاد السوفييتي..؟ وُجِّه هذا السؤال إلى السيد جورباتشوف قبل وفاته.
فكانت إجابته: إن الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة ماسة إلى بيريسترويكا.أن تتجدد .أن تموت العقلية الأمريكية العقائدية المصابة بالعَفَن الآن.
لكن المتابع لممارسات الولايات المتحدة العفنة التي تجلت عبر سنوات وجودها وإلى اليوم يخلص إلى أن واشنطن تتمرغ في مستنقعات من العفن السياسي ولم تشأ أن تتعلم أن الٱخر يفرض وجوده وينبغي إفساح الطريق. فقد عاثت في البلاد تقتيلاً وتخريباً لما يقرب من 93٪ من عمر نشأتها.وانهزمت في كل معاركها في بقاع الأرض.. ذلك إذا ماوضعنا على الطاولة ونحن نناقش الغايات التي خرجت الجيوش الأمريكية لجهة تحقيقها.وقد عادت مهزومة من كل الشعوب.وإن دمرت الأرض وأشعلت الحرائق وامتلأت الشوارع بالدماء..إلا أنها إنسحبت مهزومة في النهاية ولم تحقق ماذهبت من أجله..وقد حاولت في الثلاث عقود الأخيرة أن تتعافى على الشعوب بأدوات محلية..في أول القائمة من هذه الأدوات كانت الحكام..وضعتهم تحت إمرتها.نجحت كثيراً خاصة في منطقتنا العربية في إنتاج حكام العواصم من مزرعة المخابرات المركزية فكان فيلق حكام المعمورة أقسى الأدوات التي استخدمتها واشنطن باحتراف ضد الشعوب.وجَهَّزَت للرافضين الدخول إلى بيت الطاعة..أو إلى تحت الخيمة كما وعد السيد وارين كريستوفر بُعَيد حرب ما أسمته بلادنا بحرب تحرير الكويت.حروباً مدمرة لتركيعه ضمن مخطط هجمة كبرى لإنجاز مشروع أكبر عنونته أجهزة الإستخبارات بصفقة القرن وقرر فيها السيد أوباما في حينه أن أمريكا لن تحارب في المنطقة بأبنائها.بل بأبناء العرب ولن تدفع دولارا واحداً للإنفاق على التدمير والتخريب وهي تسوق كامل المنطقة إلى المذبح..بل سيدفع النفطيون..وستجني واشنطن الثمار وحدها..لكن ولسوء الطالع الأمريكي وبعد تدمير ليبيا والعراق وتفعيل الحرائق في الجسد العربي..وقد ألقت بثقلها على بوابة الجيش الكلاسيكي قبل الأخير في الحرب..إلا أن الجيش العربي الأول وبقيادة الأسد أجهزت سوريا على المشروع الصهيوامريكي المدعوم من الوهابية السلفية.. وبعد أن أفرغت خزائن النفط مئات المليارات تحويشة عمرها في الرياض والدوحة ودويلات الخيام الخليجية..وبعد أن تأكد إنتصار سورية في الحرب في معاركها المختلفة قررت واشنطن كعادتها ترك المنطقة والتركيز على منطقة أخرى..جنوب شرق آسيا ففاجأت العواصم العميلة والأنفار الشغّيلة في مهمة إسقاط الأسد وتقسيم سورية والقضاء على الجيش العربي الأول..ليجد أردوغان نفسه عارياً في أنقرة وجنوده مكتوب عليها أن تموت قتلاً في حصار إدلب.وصبي الدوحة تلعب في رأسه ثعابين الهزيمة وفتى الرياض عارياً تماماً من الغطاء الأمريكي..وضاعت أموال الشعوب العربية في الخليج على إعداد وتجهيز داعش والنصرة وأحرار الشام وأكثر من مائة تنظيم إرهابي تقاسمت عواصم الأدوات الإنفاق عليها وتشغيلها وإدارتها بتعليمات البيت الأبيض في واشنطن..ولم تحصل دويلات الخيام الخليجية على الأمن الأمريكي لتنافر المصالح التي جعلت واشنطن تلقي بحلفائها من العربة وتذهب إلى إتفاق مع طهران…وستعود إليه في القادم من الأيام وسيتم رفع العقوبات المفروضة على إيران..حتى الولايات المتحدة وقد اتجهت استيراتيجيا إلى جنوب شرق آسيا فقد تركت وجوداً رمزياً لقوتها العسكرية في قاعدة التنف شرق الفرات لجهة حجز مكان على الطاولة لتفاهمات وانزياحات سوف يتم الذهاب إليها عند تقسيم الخرائط ووضع العناوين الرئيسة والكبرى وصياغة القواعد.
إن واشنطن في تقديرنا لاتعطي الأولوية لمنطقتنا العربية بعد فشل مشروعها للمنطقة العربية وانكساره على أعتاب دمشق.لكنها تبقي على بعض الأوراق مثل قاعدتها في شمال شرق سوريا.الحرب في اليمن.الأزمة في ليبيا والعراق.الملف النووي الإيراني الأزمة في لبنان.ملف سد النهضة الإثيوبي..ملفات عديدة في منطقتنا وأخرى في اليابان وسعي أمريكا الحثيث مضاعف الجهد لمواجهة روسيا في مجموعة العشرين وقمة التعاون الإقتصادي الآسيوي ( ٱبيك ) ورابطة جنوب شرق آسيا ( ٱسيان ) .كلها أوراق إقتصادية وعسكرية في مواجهة الأمريكي والأوروبي ضد موسكو
كأدوات تصلح في خناقات واشتباكات الخرائط الجديدة وعناوينها الصاعدة لامحالة.وتفهم واشنطن ذلك بامتياز..وتديره من اليوم الأول الذي ذهبت فيه إلى التحضير للإنقلاب ضد الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش في ماعرف بإسم الميدان الأوروبي والذي أرسلت إليه الصهيوني مهندس الإرهاب ضد سورية ديفيد ليفي لقيادة التحريض في ساحة الميدان في كييف في فبراير 2014 .الأمر الذي يفسر لماذا تقف اليوم واشنطن ضد موسكو إلى ٱخر مواطن أوكراني وإلى ٱخر شبر من أرض أوروبا العجوز.. ولماذا تدعم الولايات المتحدة الأمريكية كييف إلى الآن بما جاوز 16 مليار دولار..ولازالت وتدفع دول الناتو أن تستمر في نهج المواجهة مع موسكو.. فالولايات المتحدة الأمريكية تذهب وبسرعة كبيرة إلى اشتباكات الخرائط الجديدة..تدافع عن إمبراطوريتها..لكن على الطرف الآخر تقف روسيا التي قرر قيصرها الجديد العودة..ويحمل في ذهنية الإرادة الروسية شكل جديد لخرائط جديدة.
إن السيد بوتين في حقيقة الأمر لم يخرج للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا لهدف الأمن القومي الروسي مجرداً..ومالم ينتبه له الكثيرون أنه قد قرر الخروج لتحقيق هدف استيراتيجي بعيد وهو تقويض الهيمنة الأمريكية الأحادية على النظام الدولي من جانب واشنطن وقد أعلن بوتين قبيل انطلاق العملية العسكرية ضد كييف في خطاب الحرب.ولازالت تعلن ذلك موسكو عبر الخطابين السياسي والإعلامي..ويتابع العالم كيف أن بوتين يخوض الحرب بسياقاتها المختلفة في ميادينها المتعددة ضد أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية..يرفض لازال التدخل المباشر في معارك الحرب من كوريا الشمالية أوالصين..
والبيّن أن الحرب على الطرف الآخر تتشارك فيها أوروبا الناتو بقيادة واشنطن في العلن..بما يبرهن أن مانشاهد حلقاته وفصوله هو الحرب الكبرى..تستخدم فيها أمريكا وحلفها كل ماتملكه من أوراق.. وتستخدم روسيا أوراقها باحتراف وبخطط مدروسة تنبيء عن الإستعداد الجيد للمواجهة.وقد خرجت أصوات كثيرة في أوروبا والولايات المتحدة تدعو إلى ضرورة عدم دفع بوتين لحرق العواصم وكان كيسنجر على رأس من يحذرون من الإستمرار في دعم كييف.
وبفرض تحقيق بوتين لغايته الإستراتيجية التي خرج لأجلها بتغيير قواعد النظام الدولي ونسف أحادية القطبية والقضاء على الهيمنة الأمريكية _وهذا الهدف ليس سهلاً وليس مستحيلاً _ فإن الكثير من التوازنات الدولية والإقليمية المستقرة في العالم سوف تزلزلها النتائج زلزالاً عنيفاً خاصةً في بعض المناطق الحيوية والإستراتيجية في العالم مثل الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا ستجد نفسها تلك المناطق واقعة في خضم التحولات السياسية والإستراتيجية في مراحل قادمة ستشهد كثير من التغيرات التي تكفي في حينه للتعاطي مع التحولات التي تحدث في بنية النظام الدولي من الشكل الأحادي القطبية الغرب الرأسمالي إلى الشكل الثنائي أو الثلاثي القطبية بمشاركة الصين. وهذا بطبيعته يفرض حرباً كبرى واشتباكات حادة بين الخرائط المستقرة والخرائط الجديدة والتي تتجهز القواعد الصاعدة مرتكزات لها ورافعات لإقرارها.. وتنتظر منطقتنا العربية ماتجود به إفرازات الحرب على النظام الدولي وماتنتجه العسكرية الروسية.ولن نفعل بجوقة حكامنا الأشاوس مايحجز لنا مقعداً في إعداد الخرائط الإقليمية .وننتظر مايفعلونه بنا.

# سفيربرس _بقلم: محمد فياض _ القاهرة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *