إعلان
إعلان

أحـــــلام اليقــظة مرض أم إشباع رغبات .. ؟! . غالية اسعــــــيد

خاص سفيربرس

إعلان

مصلح قد يكون مرادف لمصطلحات  نستخدمها يومياً، وقد تكون كلمة غريبة المعاني للبعض  .

قد تختلف مسميات الأحلام سواء كانت تتم عند النوم أو في الواقع  …لكنها بالنهاية وسيلة لتحقيق رغباتنا بكل أشكالها ومسامياتها ….

ظهر الاهتمام بالأحلام والخيال منذ العصور القديمة مروراً بالعصور الوسطى وحتى العصر الحالي، واختلف علماء الفلسفة قديماً وعلماء النفس حديثاً في تناولها ودراستها بالتفسيرات البدائية القديمة ومنها إلى التفسيرات العلمية الحديثة، أما أحلام اليقظة فتُعتبَر من الظواهر النفسية التي من الممكن أن يمارسها الجميع ضمن الحدود المعقولة دون المبالغة بها، فهي عالم واسع يفتح للفرد آفاقاً جديدة على رؤاه المستقبلية المجهولة ، أي أنّها العملية النفسية التي تسمح للفرد في عيش أفكاره البعيدة أو مستحيلة التحقيق، حيثُ إنّ أحلام اليقظة هي عملية استخدام المهارات الذهنية وتوظيفها للوصول إلى تحقيق الأهداف والرغبات، ممّا يُحقق للفرد حالة الإشباع على مستوى الخيال الشخصي، كما وعَرّف معجم المعاني أحلام اليقظة على أنّها الاسترسال في التأمُّل الخيالي بالرؤى أثناء اليقظة، ويعد من الوسائل النفسية التكيُّفية لعيش التجارب التي لم يتم المرور بها أو الأحداث مستحيلة الوقوع، والعيش بها كأنّها قد تحققت .

ويُعرّف طبيب الأعصاب الدكتور  <ميريان > أحلام اليقظة بأنّها عمل شاق يحدث في النهار وخلال الاستيقاظ، ويخدم بعض الوظائف المهمة، من خلال القدرة على تذكر الماضي، وتخيل المستقبل ضمن سلسلةٍ من الأفكار المعقدة، والتي يتمّ توليدها في الأنسجة الداخلية للدماغ، وتتغير هذه الأفكار نتيجة تغير المعلومات الواردة إلى المسارات العصبية في جسم الإنسان، وتشير الدراسات إلى أنّ ما  اليومية، والتي تنتج بسبب التذبذبات التي تحدث في العقل، حيث كتب عالم النفس الأمريكي  < لويليام جيمس > نظرية الوظائف العقلية، وأشار إلى أنّه بالإمكان تحول الاهتمام الفكري إلى أشياءٍ غائبة عن الذهن، أو ربما يقود التأمل إلى خلق حالة من الهفوات العابرة، والتي تؤدي بدورها إلى تحول الانتباه من العالم      الخارجي إلى الأوهام الداخلية…

تناول فرويد رائد المدرسة التحليلية في علم النفس أحلام اليقظة على أنّها تعبير الفرد عن أهدافه ورغباته المكبوتة، فهي الحالة الذي يُدخِل فيها الفرد نفسه لإشباع رغباته وتحقيق أهدافه التي قُمِعَت وكُبِتَت في الحاضر أو في الماضي في مرحلة الطفولة بسبب رقابة الأهل أو المجتمع، كما اعتبر فرويد أحلام اليقظة أنّها الحالة التي تقع بين النوم والاستيقاظ، أما حديثاً فقد قام العالم < إريك كلينجر> عام 1980م بالكثير من الدراسات التي تناولت موضوع أحلام اليقظة، ووجد أنّها تدور غالباً حول الأحداث اليومية العادية التي يمرّ بها الفرد، فمثلاً الأفراد العاملون في الوظائف المُملّة كسائقي الشاحنات، يستخدمون أحلام اليقظة للتخلُّص من حالات الملل والضجر التي يتعرّضون لها بسبب طبيعة أعمالهم الروتينية، وبشكل عام لم يُجمِع علماء النفس على تعريف ثابت لهذه الظاهرة …

 هل هناك وظائف لأحلام اليقظة ؟.

عالج الكثير من علماء النفس أبرز وظائف أحلام اليقظة بالكثير من الدراسات والاجتهادات، وجاء من أهمها:

تعتبر أحلام اليقظة هي الأرض الخصبة للأفكار الإبداعية المبتكرة، وقد تكون متطلباً ضرورياً لبعض أنواع الابتكار، أي أنّها انطلاقة القصة الأدبية التي يستخدمها الفرد في مخيّلته، وبما أنّ أحلام اليقظة هي بشكل أو بآخر تُشكّل عملية الاتصال بين الماضي والحاضر والمستقبل، فتظهر وظيفتها عبر محاولته استعراضها للأحداث المستقبلية من خلال التجارب والخبرات السابقة، بحيث يُعطَى الفرد الفرصة لاختيار أفضل البدائل، والتوجه إلى الاحتمالات والاستجابات الأكثر فائدة وإيجابية، وبالتالي التمكُّن من التخلص من الطرق والأساليب غير الفعالة في التعاطي مع الحاضر، كما من المكن استخدام الخبرات السابقة في توقع الأحداث المستقبلية والتنبؤ بها، فأحلام اليقظة في هذه الحالة تعتبر من الأدوات التلقائية لعملية التعلم والتخطيط، فالنظر في الاستجابات السابقة والحالة العاطفية أو الوجدانية التي يتّبعها تجعل الفرد أكثر انفتاحاً لإدراك أبعاد جديدة لتأثير الأحداث السابقة على الفرد وعلى الآخرين. تحدّث بعض علماء النفس عن الوظيفة التكيُّفية التي تقوم بها أحلام اليقظة من خلال تقديمها الإثراءات المطلوبة على خبرات الفرد، وإضافة بعض العناصر التي تُضفي بعض الإثارة على التجارب والأحداث المُملّة. كما تعد أحلام اليقظة أحد أهم الأبواب الفنية الأصيلة والمهمة، إذ تظهر من خلالها قدرات الفنان والأديب على تكييف إنتاجه الفني بإخراج حسّي بليغ، من خلال سد الفجوات والعثرات الفنية، والمقاربة بين الواقع الذي يُجمّله العمل الفني وبين أحلام اليقظة الملهِمَة للأفكار الإبداعية والفنّيّة.

 كيف تتشكل أحلام اليقظة؟ .

ترتبط أحلام اليقظة بروابط قوية بالشبكة الافتراضية في الدماغ، حيث تربط هذه الشبكة أجزاءً من القشرة الأمامية، بالعديد من الأجزاء القشرية الأخرى في الدماغ، ويلعب نشاط هذه الشبكة في توليد التحفيز، الذي يُسمّى بتحفيز التفكير المستقل، وبالتالي فإنّ أفكار التحفيز المستقلة هي التي تشكل الأوهام أو ما يُسمّى بأحلام اليقظة.

 هل هناك لأحلام اليقظة أنواع؟.

تُصنّف أحلام اليقظة إلى نوعين، وهما كالتالي:

أحلام اليقظة الإيجابية: هي الأحلام التي يظهر أثرها الإيجابي على الفرد من خلال عملية التحفيز الذاتي والتخطيط المستقبلي وتدعيم الاستقرار النفسي، بحيث تعمل على تنشيط الشق الأيمن من الدماغ وتقوية الروابط العصبية، بالإضافة إلى المساعدة في تقوية الذاكرة، وبالتالي فإنّ الاستثمار السليم لها يساعد الفرد على الإبداع وتنمية مهارة حل المشكلات، حيثُ أثبتت الدراسات من خلال التصوير المغناطيسي للمخ أنّ المناطق التي لها صلة بمهارة حل المشكلات تصبح أكثر نشاطاً أثناء حالة حلم اليقظة. أحلام اليقظة السلبية: هي الأحلام التي يستخدمها الفرد بشكل مبالغ فيه بحيث يعيش في عالم من الخيال المتواصل بعيداً بشكل كبير عن العالم الواقعي والحقيقي، بالإضافة إلى الغرق في عالم الأفكار والصور الخيالية السلبية منها، والتي تؤدي في مراحلها المتقدمة إلى نتائج غير سوية.

هل لأحلام اليقظة فائدة؟

طبعاً لها فائدة … وهي ممتعة جداً تعال معي لنتطلع عليها …

استراحة الدماغ، أو استراحة المقاتل …. حيث تساعد أحلام اليقظة على إعطاء الدماغ فرصةً لكي يستريح، حيث يحتوي الدماغ على نظامين رئيسيين، وهما: الجزء التحليلي لصنع القرارات، والجزء التعاطفي، وبالتالي يسمح حلم اليقظة على توازن العمل بين هذين الجزأين.

زيادة الإبداع: حيث تلعب أحلام اليقظة دوراً مهماً في زيادة إبداع بعض الناس، وذلك لأنّ أحلام اليقظة تولد أفكاراً إبداعيةً جديدة.

تحسين عمل الذاكرة: تُعزّز أحلام اليقظة من عمل الذاكرة، حيث تساعد هذه الأحلام على تقوية عمل الذاكرة، وقد أثبتت الأبحاث الأخيرة في جامعة  <ويسكونسن > و< معهد ماكس بلانك> للعلوم الإنسانية وجود علاقة قوية بين أحلام اليقظة وبين قوة الذاكرة

الحفاظ على الصحة، حيث أثبتت الأبحاث أنّ أحلام اليقظة هي نوع من التنويم المغناطيسي الذاتي، ولكنّها ذات مستوى منخفض، وتساعد على تقليل التوتر، وتُعزّز الصحة من الناحية الفسيولوجية، كما تُقلّل من التعب ولإجهاد، وتساعد على النوم بشكلٍ أفضل.

حلّ المشاكل بطريقةٍ خلاقة: كما تعمل على تعدد مهام الدماغ، حيث وجد العلماء أنّ أحلام اليقظة هي الأفكار العفوية التي تنشأ ذاتياً، وتقوم بتنشيط مجالات الدماغ، وتحفز من الإبداع، وتزيد القدرة المعرفية، وتحسن الحالة المزاجية

 هل  لأحلام اليقظة ضرر على الإنسان؟

من الممكن أن تصبح أحلام اليقظة ظاهرة أو سلوك مُضرّ على السير الطبيعي والمستقرّ على حياة الفرد إذا ما تم استخدامها بشكل مبالغ به ومتواصل، ويظهر ذلك عند استغراق الفرد في هذه الأحلام أثناء أداءه لمهامه المختلفة أو أثناء عملية التعلم، مما يؤدي إلى فقدان التركيز وضعف الانتباه وبالتالي فقدان المعلومات والتعليمات المهمة، وبذلك فإنّ التداخل الذي يحصل بين أحلام اليقظة والوظيفة التي يقوم بها الفرد قد يؤدي إلى تدنّي مستوى الإنجاز الشخصي، كما يظهر ضرر العيش في أحلام اليقظة على الصحة النفسية من خلال التعاطي مع الأفكار السلبية غير السوية بشكل كبير؛ ممّا قد يجعل الفرد يميل للانتحار ….

نهاية الحديث … أحلام اليقظة يجد فيها بعض الناس هروب من واقع يشبع رغباتهم وأهوائهم ….

 

سفير برس ـ غالية اسعــــــيد

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *