على الرّصيف 2 ..بقلم : الإعلامّي عدي سلطان
سفيربرس

لا أحد ينكر وجود الواسطة والمحسوبية في ثنايا مؤسساتنا ووزاراتنا، إذ لا يخلو أي مكان من قريب أو صديق يستطيع أن «يمرر» المتسلقين إلى نقاط العبور بل إلى مراتب عليا في السلم الوظيفي.
وعلى الرغم من تململ المواطنين وشكواهم المستمرة من تأثير “الواسطة” إلا أنهم يجدون أنفسهم تحت ضغط الضرورة يستخدمون «فيتامين و» للحصول على خدمة وإن كان على حساب الغير. أغلب المواطنين يتذمرون من الواسطة ولكنهم يلجئون إليها لأنهم يجبروا على استخدامها أو يعتبرونها حقا من حقوق القرابة والصداقة، ولكن في مجتمع تسوده قيم المواطنة ينبغي أن يحصل المواطن على حقه بدون واسطة من أحد وألا يحصل على حق غيره بواسطة من أحد
علاقة وثيقة بين الفساد ومظاهر تعارض المصالح والمحسوبية والمحاباة والواسطة، التي تخلق جوا من عدم الثقة بسبب الاعتماد الروابط الشخصية والعائلية بدلا من معايير الكفاءة والخبرة في التعيين والترقية في الوظيفة العامة . وهنا تظهر «الفزعة» أي محاولة نجدة الأقارب والأصدقاء مما يغدو «فزّاعة» للآخرين بسبب الخوف من ضياع حقوقهم، لمن لا يستحق أو لمن يرون بأنهم أحق منه. هذه المظاهر تؤدي إلى ضياع حقوق الموهوبين من أفراد المجتمع الذي هو بواقع الأمر بحاجة لهم للتطوير والتنمية. ولا أحد يمكن أن يستوعب هذه المظاهر التي لها أثار سلبية على التنمية، وهي ظاهرة خطيرة تزيد من تراكم الفساد، وتخلق روح الانتهازية لأصحاب النفوذ والحظوظ، كما تخلق روح الحقد والكراهية والسلبية لدى الفئة التي لا تملك هذه المميزة.
ما خطر ذلك؟؟
الخطر يكمن في هجرة العقول والكفاءات والتي تفقد الأمل في الحصول على موقع يتلاءم مع قدراتها، مما يدفعها للبحث عن فرص عمل ونجاح في أمكنة أخرى. مما يساهم في إفراغ المؤسسات العامة من العقول الواعدة لصالح العلاقات العائلية والمصلحية في استمرار تخلف المؤسسات والجهات العامة عن الإصلاح الإداري..وربما ياعزيزي لو طلبت منك مثالاً لأعطيتني 200 من الأمثلة الواقعية في مؤسساتنا ووزاراتنا .
كل ذلك يقودني إلى قناعة تامة بأن هذا الاستخفاف والاستهتار في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب جعل المنصب والوظيفة مصدرا للثراء وبسط النفوذ وتركز الإدارة السلطوية في أيدي فئة معينة من الانتهازيين الذين أشبعوا هذ الوطن جراحاُ بفسادهم اللعين .
والسؤال الذي يراودني دائماً ..أين الإدارات الحكومية من توجيهات سيد الوطن الدكتور بشار الأسد حينما طلب منها اتخاذ الإجراءات الرادعة والضرورية لوقف مظاهر الفساد حين قال “لا يشرفنا أن يكون هذا المسؤول موجود فى مؤسسات الدولة”، والمقصود هنا هو المسؤول الفاسد و.. وقد بين سيادته عندما أطلق المشروع الوطني للإصلاح الإداري أن هناك سلسلة طويلة من الفاسدين تنتشر على مؤسساتنا.
لاغرابة في ما يجري ..أجل !
عندما ترى عاملاً يحمل شهادة التعليم الأساسي أو الثانوية العامة إن (وجد) وهو يتبوأ مكان رئيس دائرة أو شعبة أو حتى مديراً أحياناً في مخالفة فاضحة للقانون ..وهذا كثير في مؤسساتنا وتحت ستار(تسيير الأمور) وحجة (المصلحة العامة).
لاغرابة في ما يجري ..أجل !
عندما ترى عاملاً متسلقا وملقلقا لا يتمتع وفق القانون بأدنى المسؤوليات أن يصبح فيلسوفاً على أصحاب الخبرة القانونية والإدارية ممن يحملون الشهادات العليا من أصحاب الكفاءات
لاغرابة في ما يجري ..أجل !
عندما ترى ذوي العقول الفارغة إلا من التخريب وهم يسرحون ويمرحون فيما يغيب المبدعون ويهمشون .
لاغرابة في ما يجري ..أجل !
عندما ترى أحد الانتهازيين وهو يتقلد أكثر من 10 مهمات ..وهنا أتذكر أحد الأمثال العربية الشائعة “لابس أكثر من طاقية” وتقال للشخص الذي يتحكم بأكثر من مهمة في نفس الوقت، وقد تتعارض مصالح هذه المهمات فيما بينها وتحديدا إذا جمع الشخص بين الوظيفة الحكومية ومصالح أخرى في الدولة أو القطاع الخاص.
إذاً كل هذا يثير الشبهات والشكوك حول الأداء الحكومي وليس حول الموظف ، لذا يتحمل الجهاز الحكومي مسؤولية خاصة في رقابة الإجراءات وسلامتها، فسمعة الجهاز الحكومي تحدد مدى ثقة الجمهور بها تحديدا. ويتحمل مسؤولية تعزيز وتشجيع موظفيها الذين يحرصون على الشفافية والنزاهة في عملهم، وتتحمل أيضا مسؤولية تطوير وتطبيق ميثاق أخلاقي للإجراءات الإدارية التي تقع تحت مسؤوليتها
ولا تقل لي ما الآلية والحل .. لأن ذلك يكون سؤالاً غبياً أو أصبح ساذجاً لكل مواطن شريف ..
فهل من مستجيب؟؟؟؟؟
والله الهادي إلى سواء السبيل .
سفيربرس _ بقلم : الإعلامّي عدي سلطان
دمشق 23-12-2018