إعلان
إعلان

الفنان التشكيلي العراقي محمود شُبّر لسفيربرس : النقد الفنّي في الوطن العربي يمر بَحالّة منْ النكوص .

خاص سفيربرس

إعلان

ولد الفنان التشكيلي  محمود شُبّر في مدينة الحلّة العراقية ، ضمن عائلة فنية عريقة وكبيرة، عشق الرسم من نعومة أظفاره وتتلمذ على يد والده الفنان شاكر نعمة، ولكنه  يرى ذلك الإنتماء سلاحاً ذو حدّين، من ثم ابتعد عن استخدام أسم العائلة واتخذ لقب ” شُبّر ” كي يستقل بخطابه وأطروحاته البصرية والفنّية.

مارس الرسم على سبيل المتعة والتنفيس عن الكثير من الهموم والقضايا التي لم يجد منها مهرباً إلا من خلال اللوحة وما ينتج من خلالها من طروحات تكون خلاصة حقيقية لما يختلجه من مشاعر وأحاسيس حقيقية.

 لكنه بالإطار العام أشتغل ضمن المعايير التعبيرية والرمزية لما تتيح له من فسحة استطاع من خلالها التعبير بحرية وبدون قيود، كما وظّف الكثير من الرموز والشِفرات وحولها إلى مايشبه القصة أو الحكاية .

وفي حوار صريح وعفوي مع الفنان التشكيلي العراقي محمود شُبّر التقيناه قي سفيربرس وسبرنا أعماقه ونهلنا من فيض علمه وخبرته في الفن والحياه وكان معه الحوار ممتعاً وشيقنا .

محمود شُبّر لسفيربرس :

لم اكن اعلم أنه يأتي يوماً يطلق على محمود شُبّر فنان الحرب، وكل هاجسي هو السرد والتوثيق لما مر بي كإنسان يعيش في بلد مضطرب.

كانت وصيّة والدي أن اكمل مشوراه الذي ابتدأه في الفن العراقي .

القطيعة الثقافية التي مر بها العراق على قرابة الثلاثين عاماً التي مضت كان لها أثراً بليغاً في تدني المستوى النقدي في العراق

 

– هل أدى الفن التشكيلي برأيك هل أدى دوره في تجسيد الازمات التي تعرضت لها المنطقة العربية؟ .

أنا اعتقد أن الفن بالإجمال هو سابق للحدث ويتقدمه بخطوة او خطوات ،هذا اذا ما اخذنا بعين الاعتبار أن الفن يستشرف الواقع وينبئ بالمتغيرات.

أمّا بخصوص التجسيد فأنا لازلت أرى قصوراً واضحا في مواكبة الحدث اليومي للإنسان العربي وصياغة عذاباته وفق رؤى جمالية تملك ماتملك من صدقيّة التعبير وفعالية الأداء التقني، فلا زالت الإجترارات للمنتج الأوربي والأمريكي حاضرة في المشهد التشكيلي العربي

سفير برس ـ محمود شُبّر

– الفن والحرب .. عنوان عريض يحمل الكثير من المعاني أنت كفنان تشكيلي ما الذي يعنيه لك هذا؟ .

أنا وعلى الصعيد الشخصي لم اتعمد أن اقحم لوحاتي بهذا المفهوم ولكن وجدت نفسي فيه فعلى صعيد الفن كانت تلك مهنة والدي ووصيته لي بأن اكمل مشوراه الذي ابتدأه في الفن العراقي ومنذ عودته من دراسته في ايطاليا إلى العراق وكان طموحه الكبير ان يرسلني في بعثه دراسية إلى نفس الأكاديمية التي درس بها في روما ولكن ظروف الحرب الطويلة التي دخل بها العراق والتي قاربت السنوات التسعة .حالت دون استكمال دراستي خارج البلد وكما رغب والدي.

فصار الفن والحرب جزء من فاعلية الاقدام والإحجام في تشكلي الشخصي وأثرها النفسي الذي دام طويلا ،حيث دخلت الخدمة العسكرية الالزامية والتي قاربت سبعة سنوات من عمري عطلت كل ما كنت أطمح له من أن يكون لي حضورا فاعلا في الحركه الفنيه في بلدي.

سفير برس ـ محمود شُبّر

واعتقد هذا جعل ردة الفعل قوية بداخلي حيث أدى ذلك إلى اعتزالي عالم الرسم لمدة ليست بالقصيرة، رغم الوصية التي أخذت حيزاً أكبر بعد رحيله رحمه الله.

كانت أول عودة لي لعالم الفن معرض تنتمي لوحاته إلى النفس الصوفي أو الروحي الذي دعا إليه كاندنسكي في طروحاته الشهيرة عن ((الروحي في الفن)) والتي اخذت صدى كبيراً بداخلي كونه كان موضوع رسالتي في دراسة الماجستير الموسومة(( الإيقاع اللوني في رسومات ويسلي كاندنسكي))، حيث كان هذا المعرض الذي اسميته بضوء مقال نقدي مهم كتبه الدكتور عاصم عبدالأمير(مصفوفات متراكبة) حيث كان الاختزال والتقشف الواضح باللون والشكل هو السمة الغالبة على كل الأعمال التي كانت تقارب 25 لوحة، وكانت فيها تأثيرات واضحة لما تقدم من إدانة للحرب التي أوقفت طموحي الفني والثقافي.

بعد ذلك اردفت هذا المعرض بعد فترة من الزمن كان فيها التحول واضح من مغادرة التجريدية إلى التعبيرية التي تكون اكثر فاعلية في تحقيق ما أصبوا إليه من سكب كل ماهز ذاتي وبصدقيّة وعاطفة على خامة اللوحة فأسميت هذا المعرض (مذكرات رجل من مواليد (1965) والذي اعتقد وبلا تردد أو وجل  وأنني من خلال هذا المعرض أغير خريطة وملامح الحركة التشكيلية العراقية التي كانت مستغرقة بالمواضيع المجتمعية والمواضيع التي كان الضاغط الرئيس فيها هو التسويق ،حيث كان الجميع يرسم الخيول والبداوة ومواضيع تجذب المتلقي لشرائها وهذا مارسخّه الوضع المادي المتردي للفنان بعد الحصارالإقتصادي الذي مربه العراق إبان التسعينات من القرن المنصرم صعودا إلى فترة الغزو الاميركي للعراق.

كان معرضي هذا بمثابة الصرخة التي اطلقها(مونخ) عرّاب التعبيرية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية ولكنها كانت صرخة كل مستمداتها عراقية صرف .

وصار الجميع يتناولون تلك المفردات التي استخدمتها لتوثيق حياتي العسكرية من الملابس العسكرية والحذاء العسكري(البنطال) وغطاء الرأس (البيرية) وكل أدوات القتل والدمار التي كانت تحيط بي في تلك الفترة العصيبة من حياتي على الصعيد الإنساني والفني، ونظراً للظرف الذي مر بها العراق وكوني جزءاً من مجتمع عاش كل تلك الويلات كنت اجد نفسي اميناً لتوثيق كل تلك الاوجاع والعذابات التي انهكت وجداني وجعلتني خاوياً إلا من البوح الدائم وبشكل لايتعمد الرسم من أجل البيع وإنما الرسم من اجل الموقف ،  وهذا بدا واضحاً وجلياً في معرضي الأخير (سريعا إلى الأمام) في صالة آرت سبيس حمرا /بيروت، حيث عمدت من خلال هذا المعرض إلى إدانة الاحتلال الأمريكي للعراق والذي جاء تحت غطاء الديمقراطية وتحول شيئاً فشيئاً إلى لغة موت يومية لم ينجوا منها حتى تلك (القطع المرورية) التي تم تدميرها بشكل متعمد من جنود المارينز الاغبياء.

 

في ختام هذا السؤال لم اكن أعلم انه يأتي يوماً يطلق على محمود شُبّر فنان الحرب، وكل هاجسي هو السرد والتوثيق لما مر بي كإنسان يعيش في بلد مضطرب.

–  هل يستطيع الفن التشكيلي برأيك أن يؤرخ لحقبة ما من تاريخ الشعوب عبر تجسيد الحالات والأحداث من خلال لوحة ؟

بالتأكيد الفن هو وكما اشرت بالسابق هو نتاج شعوب ومجتمعات ، ونتاج متطور على العقلية الجمعية للمجتمع ، وقد يكون موجهاً او بوصلة يستدل بها المجتمع على مسيرته الحضارية،

اعتقد هذا هو الفن منذ فنان الكهوف الذي وثّق لنا الإنسان قبل عصر الكتابة وصولاً إلى كل المدارس الفنيّة عبر الحقب الجماليّة التي مرّت بها الإنسانية كنا ولازلنا نلاحظ الدور الكبير للفن في توثيق حياة الشعوب وافكارهم ومعتقداتهم.

– ماهو دور الفنان محمود شُبّر في الحِراك التشكيلي العراقي ؟.

” محمود شُبّر” هذا اسمي الفني الذي اشتغلت على صناعته لفترة تكاد تكون قصيرة بالنسبة للآخرين . هو الدلالة الأكيدة على أن الذي عمله هذا الفنّان كان اثره واضحاً وجلياً . وله ترددات على نتاج الكثير من الفنانين الشباب.

–  الحركة النقديّه في العراق تعد من أقوى المدارس في الوطن العربي ماهوانعكاسها على تقويم الفن التشكيلي وعليك شخصياً ؟.

اعتقد أن النقد الفني في عموم الوطن العربي يمر بحالة من النكوص وذلك بسبب تهافت المدن الحاضنة للمنتج الجمالي وتراجع دورها بسبب نشوء حواضر اخرى اعتمدت الناقد الأجنبي في رصد وتقييم وتقويم الأداء الفني،

وهذا أثر بشكل واضح في مستوى النقد ، كذلك يجب علينا أن نكون جريئين في تشخيص الخلل  فالقطيعة الثقافية التي مر بها العراق على قرابة الثلاثين عاماً التي مضت كان لها أثراً بليغاً في تدني المستوى النقدي في العراق، وغياب الأسماء الكبيرة بسبب الموت أو الهجرة كله جعل الضمور سريعاً في هذا الحقل الجمالي المهم،

ولكي لا أكون متشائماً أو سوداوياً أرى أن هناك عودة حقيقية في فهم دور النقد والتعمق العلمي بهذا الحقل الذي من شأنه يبرز لنا أسماء حقيقيّة وفاعلة في عالم النقد الفني،

واعتقد أيضا أن اهمية الفن العراقي كانت في الجيل الريادي والأجيال التي تلت من أهمية التنظير والطروحات النقدية التي كان يتصدى لها أسماء مهمّة أذكر منها الراحل  ” جبرا ابراهيم جبرا  وشاكر حسن آل سعيد “.

سفير برس ـ محمود شُبّر

كلمة أخيرة توجهها لمتابعيك من خلال سفير برس .

الكلمة التي أود أن اقولها هي الشكر لكم أسرة سفيربرس ، فليس سهلاً أن نعتمد طريق الثقافة في زمن الحرب ، زمن الموت، زمن الخراب، الذي يُراد فيه لأوطاننا من قوى ظلاميّة تأتي لنا بالوجه الجميل للثقافة لتعلن لنا النصر على الظلام.

شكراً لاستضافتكم وشكراً لسوريا عنوان الجمال الأكبر الذي نحتفي به اليوم.

حاوره رئيس التحرير

محمود أحمد الجدّوع

 

 

سفير برس ـ محمود شُبّر
سفير برس ـ محمود شُبّر
سفير برس ـ محمود شُبّر
سفير برس ـ محمود شُبّر
سفير برس ـ محمود شُبّر
إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *