حِـيـنَ يـغـفـو الـقـمـر .. _ بقلم : غـانـا أســعـد

في سهرةٍ تحتَ ضَوءِ القَمر استرسلتُ في حديثي لهُ
عنْ دُنيانا ..
كيفَ احتلََ الطَمعُ فيها عقولَ البَشَر
كيفَ ضَاعَ الأمان بِلحظةٍ
وأمسى الفَرحُ عابر سبيلٍ غير مُنتظر ..
كيفَ باتَ الحُبّ جَائعاً
وكيفَ أمست القلوبُ خاوية احتَلها الضَجَر
كيفَ تمضي سفينة العمر بِنا
أينَ نُسافر ، أينَ نرسوا ؟
ومَا مَصير هذا السّفر !

أسكَتَني بِقُبلة ..
قلتُ : دَعني أُكمل حديثي ،انتَظِر
قَالَ : دَعينا مِنْ كلّ البَشر
سَأخبركِ ماذا سيحدثَ حينَ يغفو القَمر …
سَأسهرُ على ضَوءِ وجّهَكِ
أُقطفُ عَسَلَ الخَدّينِ ، وأرشفُهُ كَمَا أشاء
أتوهُ بينَ صَمتٍ ، وضَجيج شَّغَفٍ
أستجمِعُ ذَاتي بينَ عِتّمَةِ الكّحلِ، وسِّحرِ النَّظراتِ
لا تُدققي لفَوضى إحسَاسي
لا تًسألي كيفَ ، ولماذا ؟
فَالدِّقةُ تُلغي عَظَمةَ الأشْوَاق
اشبكي زَنابقَ يَديّكِ بيديَّ
دعي شَفتايَّ تُداعبُ أحمرَ شَفتيكِ بشقاوة
فأثّمَلُ بِخَمرِ لهفَتكِ ، وتفيضُ بيَّ الأشوَاق
خُذُي مَابقيَّ مِنْ عُمري ، تَقَبَّلي هذا الرَجَاء
دَعيني أُسَافرُ في بحر عينيكِ السَّاحِرَتينِ
أهمُسُ لعطركِ المُتَمَردَ أنْ يترفقَ بيّ
لَكنّهُ مُشَاكِسٌ مُثيرٌ ، لا يَتَرفق بيّ !
حينَ يَغفو القَمَر ..
دُونَ تَفكِيرٍ ، تَتَحَولُ أناملي لنجومٍ
ٍ تُضِيءُ ليلَ شَعرَكِ المُبَعثر ..
أعبثُّ بِخصلاتهِ ، وأُرتِّبُها كَمَا أشتَهي
أعبثُّ بأزّرارِ قميصكِ وأُتركها كَمَا أشتَهي
دَعيني اليَومَ أعبثُّ كمَا أشَاء
مللّتُ رتَابةِ الأشياء ، مَلَلّتُ روتينَ الِّلقَاء
دَعيني اللّيلة أرسمُ طريقي
مَابينَ القرطِ المُعَطَرِ وعنقِ المَرمَر
أزرعُ قُبَلاً ، أجني ثمراً
أسرقُ يَاسَميناً وعِنَّاباً ، وعِطراً
تهمُسِينَ ليّ أحِبَّك ..
فيضيعُ الكلامُ مني ، وأضيعُ بكِ
أعودُ ألتقطُ قُبَلاً سَقطت مِنّي سَهوَاً ..
فأنثرها على مدِّ اشتياقي
أُبَعثرُ أقراطكِ ، وعقدكِ ، وكِحلَكِ
أُلَمّلمُ الوَقتَ ليَطُولَ أكثرَ وأكثر
حينَ يَغفو القَمر ..
سَأستسلمُ رَاضِيَاً
وأَدَعُ للخَافقِ حِكمهُ كمَا يَشَاء
هَدْهِدي لنَبضي بِتَرتيلِ نَبضكِ
لأغفو مُنَعَّمَاً بدفئكِ
كَطفلٍ مُدَلّل أتعبتهُ كلّ الأشيَاء .

– في سهرةٍ تحتَ ضوءِ القَمر
سَرقنا من الحُبِّ رشفة قبلَ أن يَسرقنا العُمر .

#سفيربرس _ بقلم : غـانـا أســعـد