إعلان
إعلان

” مرايا نوران ” للرّوائيّة التونسية بسمة المرواني .. بقلم :سهيلة بن حسين

#سفيربرس ـ تونس

إعلان

رواية  ” مرايا نوران ” تأتي في خمسة فصول، قسّمتها الرّوائيّة إلى عدّة مشاهد معنونة، يغلب عليها التّرميز، جاءت في 21 مشهدا .في شكل لوحات و تقطيعات مشهديّة سينمائيّة أضفت روحا على الرّواية

*العنوان : مرايا نوران
العنوان كبوّابة أولى لفضاء الرّواية يفضي بنا إلى مجموعةِ مرايا لأنثى إسمها جاء في العنوان، نوران حامل لدلالة على ما يبدو فالإثارة حاضرة.
و مثيرة للجدل …..
*الغلاف : تبدو الفتاة من خلال الرّسم، أنّها شابّة في مقتبل العمر، تتطّلع أو تتأمّل، في مرآة منقّطة في ذهول .. يتدلّى قرط من أذنها اليسرى تغطّي رأسها و تلفّه بطريقة تونسيّة تسمّى ” التّقريطة” على خلاف طريقة الحجاب و كأنّها إشارة و دعوة إلى إعادة التّأمّل في حقيقة الدّين من جديد، إذا، تلفّ رأسها بتقريطة بيضاء كالثّلج، مشوّهة بظلّ أسود ، و بعض الخطوط ” الرّمادية ” ترتدي صدارا أحمر، ترفع يدها إلى مستوى عينَها اليمنى، و كأنّها تتلمّس آثار الزّمن، على جفونها، لعدم و ضوح الرّؤيا، فتبرز من يدها اليمنى أربعة أصابع، علّها ترمز بها إلى الفلسفة، و العلم، و الدّين، و الأدب، أو ترمز بها إلى فصول الحياة الأربعة، و أن إخفاء الإبهام، عوّضه وجه نوران، لتشكّل خمسة، أو لعلّ بسمة المرواني تريد أن تضيف فصلا جديدا في التّأمّل في الحياة المعتّقة، بخبرة تجربة بطلتها نوران، من خلال فعل التّذكّر، باستدعاء ذاكرة، عبر الزّمن الدّائري …
أو الاستعانة بنهر فصل ذاكرة من خارج الزّمان، و اللّامكان، في الامتداد حيث يتّخذ الزّمن البعد الأفقيّ حيث بداية المشهد، تنطلق من النّهاية، إلى البداية، كما هو الشّأن في الحلم …
مرايا نوران، قد تكون صورا من الحياة، لشخصيّات و انعكاسات ظلٍّ في مرآة، للجسد، و للوطن، و لبَريق نور
روح، يجعل من الشّتاء، رمزا لِانتظار الانتصارِ، بدلَ الانكسارِ، و قد لا تقصد فصولا، بقدر ما تقصد انبلاج صبح، و كسر قيود الجسد، المتجسّدة في جوف الأرض المتأجّجة، التي في حالة مخاض للإنذار بقرب انفجار، بركان ثورة يثري بسيلانه، أديم الأرض، لتحتضن أفضل البذور، لضمان استمرار السّلالة ..
علّها مرايا الأهلّة، أو مرايا الماء، أو مرايا العمر، و في هذا تأكيد للحياة، فالظلّ لا يوجد إلا في الدّنيا أتذكّر هنا ” رواية لا مفرّ ل” جون بول سارتر” رجل وامرأتان استفاقوا بعد الموت فلم يجدوا مرايا …
فوق رأس الفتاة، مستطيل ، يذكّرنا بتسجيل تخطيط القلب، أو الدّماغ في وضع عمودي عوضا عن الوضع الأفقي، و كأنّه يشير إلى الزّمن المعكوس، يمرّ منه خطّ دائري، لم يكتمل، كأنّه هلال مقلوب ، (معكوس بمرايا الأهلة)ص 316 يُرى من هناك …بنور التّنبؤ بنبوءة أنثى في الزّمن القادم ..
كذلك حبتَا كرز، حمراء أسفل المرآة و شكل زهرة، قلبها أسود و حدودها رماديّة غير واضحة ..
إضافة إلى خطّ عموديّ أسود معوجّ ينزل من الفضاء ..
*التّصدير
نراها استدعت:
-كونديرا
-جلال الدّين الرّومي
-وجورج باتاي
التّصدير يشدّ فضولنا، و يوحي بأنّنا مقدمون، على رحلة ممتعة، مليئة بالمفاجآت فلنربط الأحزمة و لنزيد في الانتباه و لنوقظ أذهاننا …
التّيمة :
العنوسة، و تتفرّع عنها تيمات…
الخيط الرّابط في الرّواية، الزّمن و هموم المرأة، و علاقتها بالآخر، بالجسد، بالرّغبة بالقدر، و المقدّر، و بفعل التّهذيب، بالوطن، بالأرض، بالعهر، بالفضيلة، و الرّذيلة، بالخيبة، في ما آلت إليه الثّورة، بالثّقافة، و تراجع القراءة، بالطّفولة المهدّدة بالتّشرّد، بالدّواعش بالإرهاب و بالإغتيالات.
رحلة و جوديّة، لأنثى في عمر النّبوّة، بنت الأربعين إسمها نوران، معتّقة الفكر، فاتها ركب الزّواج، تصرّ على وصف نفسها، بالعانس في بلاد الشّمس و الطّبيعة الخلّابة، تونس، مهد الثّورة و الشّرارة القادحة للرّبيع العربي، قطعت تذكرة، إلى بلاد الثّلج و البرد باحثة عن الدّفئ، عن حضن، عن ماهيّة الحبّ، لم تكتف بتعريف ابن حزم في طوق الحمامة :
(وفي باب علامات الحبّ. و للحبّ علامات يقفوها الفطن و يهتدي إليها الذّكيّ، فأوّلها إدمان النّظر، ….فترى النّاظر لا يطرفُ، يتنقّل بتنقّل المحبوب و ينزوي بانزوائه و يميل حيث مال كالحِرباء مع الشّمس و في ذلك يقول شعرا منه :
فليس لعيني عند غيرك موقفٌ
كأنّكَ ما يحكونَ من حجَرِ البَهتِ
أصرّفُها حيث انصرفت و كيفما
تَقلّبْتَ كالمنعوت في النّحو و النّعت)،
خرجت نوران تبحث عن الحقيقة، عن سرّ الحياة، و حقيقة العشق، تريد أن تكتشف الآخر فيها بالتّجربة الحسّية، لتكتمل المعرفة لديها ، و تدخل الصّيرورة، صيرورة الحياة، شأنها شأن كلّ خليقة، من أجل إشباع الرّغبة، و تحقيق اللّذة، و المتعة التي تؤسّس الكينونة، التي قرأت عنها في الكتب لتحقّق التّوازن بين الرّوح و الجسد، كتجربة أبي هريرة … غير أنّها كانت تتصارع مع الأخلاق و الدّين و الصّوت العميق للذّات المحكومة بال”أنا المثاليّة”، رمز الأخلاق السّائدة و الأعراف المعمول بها و الدّين، التي يعبّر عنها فرويد ب”الضّمير”، فجسّدته في شخص “كلاود آريس” الذي يحاورها، و تحاوره، لا تراهُ إلّا هي، حتى أنّها اتخذته صديقا مرشدا، عن وعي، باحثة في طبقات اللّاوعي، في أعماق أعماقها، عن سبب تأخّر فعل الالتقاء بالآخر، ليذوب فيها و تذوب فيه، مع المحافظة على كنه ذاتها، تتيه خيلاء بخبرتها التي اكتسبتها خلال الأربعين عاما ..
تعرّفت أثناء الرّحلة، على السّيّد منهل، في تونس، الذي وعدها هنا، بعقد عمل هناك، و الذي انجذبت إليه، و اعتقدنا خطأ، أنّها فعلا، قد هامت به، و حادت عن مبادئها، بعد أن لحق بها هناك، و وفّر لها العمل، والسّكن، غير أنّنا نكتشف في النّهاية أنّه كان مجرّد حلم، هناك تعرفت على الكثيرين .. الكلّ انجذب إليها، و عبّر عن رغبته في ممارسة العشق معها، غير أنّ أخلاقها، و تربيتها العربيّة الإسلامية، منعتها، بل احتقرت بعضهم، و مع ذلك واصلت التّعامل معهم باحترام، و حذر، تريد أن تبرهن، أنّ الفتاة قادرة، أن تصون عرضها بإرادتها، و قوّة شخصيّتها، التي لا تقلّ، عن مقدرة الرّجال، و أكثر، فهي المتحكّمة في الفعل ما دامت لم تأذن للجسد، بالاستسلام. إلّا لمن احترمها. فهي مستعدّة للتّضحية باللّذة، بالتّحكّم في رغباتها، إلى حدّ امتلاء الجسد .ليس في واقعها فحسب، و إنّما حتى في أحلامها، و لا تسمح له أن يبلغ الذّروة ، ف(أنا)ها الأعلى رقيب، سليط، متحكّم، يمكن له أن يقطع الحلم في أيّ لحظة، أو أن يغيّر مجرى أحداثه. فهي من ناحيّة لا ترضى لنفسها، بأن يكون الفعل خارج إطار الشّرع، و الدّين و الأخلاق، لذلك اكتفت بالتّعرّف على قصص الأخريات، متّخذة منها العبرة، و الاستنتاج، و المقاربة فانتهت، إلى أنّها لن تقبل بمن لا يحترم علمَها، و معرفتها التي تفاخر و تتباها بهما، في كل ّمرّة . كأنّها بذلك، تقوم بعمليّة تعويض و تغطية، للفقد، و للنّقص الذي تشعر به، لذلك نراها في كلّ مناسبة، لا تتأخّر في أن تذكّر القارئ، بأنّها على قدر من المعرفة، التي تغنيها عن شريك، يستعبدها، و الحقيقة أنّ زلّات اللّسان من خلال المحبّر، تؤكّد أنّ الرّغبة عندها متوهّجة…كلّ ما في الأمر أنّها محكومة، بالعرف، و الشّريعة، و الأخلاق، و قيود العقود، التي تورّط المرأة، و تدخلها دوّامة التّبعيّة، في صورة فشل الزّيجة، و كذلك إحساسها، بالمسؤولية التي تنتج عن كل سلوك، و فعل، و قرار، قبل، و بعد الزّواج ….
هي عانس، تمثّل الكثيرات تكلّمت بكلّ الأصوات و رصدت كلّ الأفعال الظّاهرة لكلّ الشّخصيّات.
الزّمن:
زمن هلاميّ، سرمديّ، يبدأ منذ بدإ الخليقة، إذ اعتبرنا الضّيوف الذين تمّ استدعاؤهم. و أمّا بالنّسبة لأبطال الرّواية فالزّمن، استرداديّ دائريّ للبعض، و سرمديّ أفقيّ لأولائك الذين جاؤوا من هناك، من عالم الغيب، و الحلم، و البرزخ و الميتافيزيقا، أفقيّ منبسط لا يعرف بداية، و لا نهاية، كأولائك الذين اجتمعت بهم نوران في الحلم، و “كلاود آريس”، الرّقيب، الحامي من الانزلاق، المُرشد الرّفيق، المُرافق الأمين، الأنيس المُؤنس، بوصلة الأخلاق، الذي تستنجد به نوران، من حين لآخر ، لفهم بعض المواقف، و هو المحذّر، من المجازفات، كابح الجماح.. هو الضّمير الصّوت الدّاخليّ، الذي ينضاف إلى “الأنا ” المتكلّمة نوران، المُنسِّقة في وعي و تماه، التي افتكّت مقود الحكي، من السّارد، بجرأة، في سلاسة، لتعبّر بواسطة مونولوج، عمّا بداخلها، عن طريق الحلم من دون خجل، و لا وجل، متباهيّة بما وصلت إليه من وعي، و إدراك، لفهم محيطها بما يكفي لكي تهزم ال”هو”، تلك ال”هي”، الرّاغبة، التي لها “الأنا المثاليّ ” الأخلاق بالمرصاد. ليكبح جمامحها، التي تحاول في كلّ مرّة، فهم ما يجري على أرض الواقع، في المشرق و المغرب و الغرب، في الهنا، في الضّفة الأخرى، و في الهناك، عند أرضنا حيث انقلبت الموازين، واختلط الحابل بالنّابل، (وغابت شمس الحقّ)، و غُيّبت القيم، و تاهت لترصد الأخطاء، على أرض الواقع، في مسرح الحياة، وراء البحار، و حتى وراء الجدران و تحت الشّراشف، لتفهم لتقارب و تقارن بين الدّين و الأخلاق، لترى انعكاس صورة العربيّ، في حدقة الآخر الغربي، صورتنا في الزّمن المعكوس، نتيجة انسياق الذّوات وراء النّفوس الضّعيفة . لم يفتها حتى المقاربة بين الدّيانات و البلدان، لتكتشف أنّ النّفس أمّارة بالسّوء. تحت العمائم، و في الدّير تجربة، تذكّرنا بتجربة بطل المسعدي ، “أبي هريرة”، في بحثه عن (تأصيل لكيان الإنسان)، الإنسان العربيّ ذاك الذي تدحرج، نحو قاع عميق، في الدّرن، و كأنّها تحاول أن تكمل، ما بدأه فرويد، في إخضاع التّحليل النّفسي إلى الاختبار، و إلى الاستماع إلى صوت الأنثى ال”هي” التي تناساها فرويد، لذلك تحاول بسمة بطريقتها، من خلال مخبرها، أن توصل صوت ال”هي”، لتعبّر عمّا بداخلها، بكلّ ما حدث لها، عن وعي و اقتناع و بعد اطّلاع على ما كتبه الأسلاف .. امتطت مركبة الزّمان و النبوّءة و النّبوغ، ذكّرتني في تيهها بالمنتنبّي الذي لم يفتها أن توجّه له دعوة.
فما فتئت تفاخر، و تباهي بالقلم، و القرطاس، و العلم، فقطعت تذكرة للذّهاب و الإيّاب، للتّجوال بين الحاضر و الماضي، لهضم الأخلاق و الدّين، لاستشراف الزّمن القادم، للتتهيأ لاستقبال توأمها، نصفها الثّاني، الذي يستحقّها ..، فالعلم و المعرفة، بالنّسبة لها شيئان مقدّسان، كذلك كرامتها، فهي لا تقبل عنهما بديلا، لذلك خاضت التّجربة من خلال مرآة الآخر، الظّل المعكوس، المعكوسة عليه، كل الشّخصيّات، التي أثّثت بها روايتها، و كأنّها بذلك تؤكّد، بأنّ المعرفة و الحقيقة، لا يمكن أن تكونا خارج الكتب … و هكذا أخذتنا معها في موكبها، إلى كوكبها و جالت بنا في خبايا نفسها، و طيّاتها، و طبقاتها، التي لا تراها عين، إلّا إيّاها، و كانت في كلّ مرّة تتحصّن و تؤكّد تقواها، و ورعها كالبتول في عفّتها، حتى خلنا أنّها قدّيسة، تنقّلت بنا بين الزّمن المجزّء و المقطّع بالطّول تارة، و بالعرض طورا آخر، كملّاح فضاء، يقرأ خارطة الفضاء، من أجل عدم التّوهان، عند التجزئء والانشطار، الفالت المنفلت، الزّئبقيّ المخاتل، ذاك الزّمن الحاضر، الذي للحظة كان الآن، و في لمح البصر انفصل عن مركبة الحاضر، فصار ماضيّا يبتعد رويدا رويدا، تاركا وراءه غبار معركة الوهم، عند الآن، الذي رحل يركض نحو الماضي، يأخذه الحنين إلى الأرض إلى الهناك في الزّمان، إلى الزّمن الجميل، و ذاك المكان الذي يربطه إليه حنان، و يشدّه إليه الأمل، نحو الزّمن المنتظر، الغامض الذي يغلب عليه الضّباب، و عدم الوضوح، ينتظر ذات إشراقة،( ذات غفوة)، تخلّص الحاضر من شوائب الماضي، الذي بات يعيق الحركة عن معرفة الحقيقة، تتيه بذاتها، بعلمها، بجمالها، بإحكامها و تحكُّمها و تطويعها لأبجديّات الحروف و التّعبير بكلّ اللّغات قادرة على تحدّي الكلّ في التّعريف بأنّها إنسانة، كاملة، فصيحة، لها رؤى و مواقف.
السّرد:
من خلال نسيج الحكي،الذي ارتكز على التّوصيف المكثّف، و الدّقيق و المدقّق في التّفاصيل الحسّيّة للأنا، و للآخر، و من خلال التّنقيب في طبقات اللّاوعي، للذّات نرى أنّ دور البطولة في الرّواية تقاسمه، الجسد و الحواسّ، و البحث عن اللّذة في تلبيّة الرّغبة، و المتعة في البحث عن تحقيق كيان إنسانيّة الإنسان، كما جاء على لسان نوران (أنّ طموحي القراءة و الفكر و الوعي و الشّعر و الكتابة في تحسين ظروف المرأة و الإنسان عموما) من دون أن ننسى الحلم و الضّمير و الهو و “الأنا” بشقّيه “الأنا المثالي” و “الأنا الوسيط” بين “الهو”المنغمس و “الأنا” المتعالي، باختصار شديد “للتّحليل النّفسيّ الفرويدي” و باحتراز “لنظريّة التّطوّر و النّشوء و الارتقاء” “لدّاروين و للا مارك” .. و للنّتائج …
وللأسباب …و للتّناصّ …ذلك أنّ تركيز الرّوائيّة كان على “الشّفاه” بدرجة أولى، و كأنّها دلالة أيقونيّة على أنّ الفعل في الدّنيا لا يستقيم إلّا بالحركة و بالتّزاوج، و أيضا باعتبار أنّ الشّفاه هي البوّابة الأولى للجسد، و للحياة، من خلال أفعال الأكل، و الشّرب، و التّذوّق و النبوغ و الخلود و التّواصل، عبر انتاج لغة الكلام، للتّعبير عن الفرح و الصّياح و الحزن و الهمس بأعذب الكلام و للحكم باللّام “له” أي (الآخر ) و بعَلَى” عليه”.. و كذلك للتعفّف بالصّيّام و بالانتقاء ….. و لولا أهميّة هذا العضو، لما اهتمّ به فرويد، و صدّره في المرحلة الأولى، لنظريّته التّحليل النّفسي، التي أسماها “المرحلة الفمّية” التي يطلق علبها أيضا “المرحلة الفمويّة “التي تبدأ منذ الولادة إلى غاية الثّلاث سنوات …
فمن خلال احتفائها بالحواسّ، صوّغت لنا بسمة المرواني، رؤيتها للحياة، و للمجتمع لمفهوم القدر و الدّيموقراطيّة، و المسؤوليّة، و دكتاتوريّة الأنظمة و الأفراد، و نتائجها الوخيمة على تصحّر المشاعر و الأوطان . كما بيّنت من خلال العيّنات، التي انتقتها، ورصدت تجربتها الإنسانيّة الجدليّة مع الآخر، أنّ الإنسان عموما حيث ما كان، هو إنسان له نفس الرّغبات، و الطّموحات، و الاحتياجات الرّوحيّة والماديّة، فكما حاجته للعلم و للمعرفة تكون حاجته للآخر، من أجل قصوره على الاستمرار بمفرده، من دون التّشارك للتّفاعل، للمؤانسة بقصد التّكاثر ، كما أكّدت أنّ استمرار الإنسان و خلوده، يكمن في المحافظة، على الموجود، بالبناء و بالإعمار و بإرساء ثقافة الاحترام و بتقدير الآخر لذاته لإنسانيّته، لما اكتسبه من تطوّر إيجابي، في الطّفرة، و العمل على تنميّة ثقافة تثمين الإنسان، و العلم، و المعرفة، و التّاريخ، بالبحث و المقاربة، لانتقاء الأفضل، و الرّمي بالفاسد، و اكتساب الخبرة، من دون الحاجة إلى إعادة التّجربة الفاشلة، كما فعلت عندما استعرضت بعض النّماذج المجتمعيّة، التي تختلف، تركيبتها و انتماءاتها الفكريّة، و الحضاريّة و الجغرافيّة، للتطّلع إلى ذاواتنا من خلال انعكاس صور من الحياة، من خلال، مرايا نور الفكر، والقلب، بقصد دراسة تفاعل هاته النّماذج، من الذّوات، مع بعضها البعض، في خضمّ التّغيّرات، التي طرأت على المجتمعات، و الصّراع الذي لا زال قائما بين “الأنا” و “الآخر”، النّاتج عن التّجاذبات السّياسيّة، و التغيّرات الاجتماعية، و التّطوّر الحاصل في المجتمعات. فبعد خروج المرأة للعمل نلاحظ أنّ الصّراع القائم بين ذات “الهي” و ذات “الهو” تطوّر و أنتج سلوكات جديدة، تدعو الرّوائيّة إلى ضرورة تأمّلها و دراستها و تقييمها و ربطها بالأسباب و النّتائج، و تحديد مدى إدراك الذّوات لمسؤوليّتهم، عند اتّخاذ أيّ قرار لتقييم انعكاساتها و تأثيراتها على الأفراد و المجتمعات.
هي رؤية، لقيس، و لقياس، مدى تماسك الأفراد، و نسبة نجاح و خيبة هذه التّجارب، في تحقيق التّوازن الذي تبحث عنه، بطلتها نوران، من خلال رصد تجارب تعايش هذه النّماذِج، و نسبة اندماجها، مع بعضها البعض. هي وقفة تأمّل بقصد فهم الذّوات منفردة، و مجتمعة من أجل ذلك هيّأت كلّ الظروف في مختبر روايتها، و أثّثتها بشكل جيّد، حتى أنّها استحضرت أرواح القدّيسين و الفلاسفة و المفكّرين ليكونوا شهود عيان ، و وتد لحكيها لدعم التّفضيّة النّصيّة، و الفكريّة . فمن خلال روايتها، تدعو الجميع، و تحثّهم على احتواء الأفراد ، شيبا و شبابا، بدءً من الأطفال لفهمهم قبل فوات الأوان و التّواصل معهم قبل انقطاع الحبل السّري الذي يربطهم بالإنسانيّة و بالأوطان، حتى لا تتطوّر طفرة سلبيّة، في المجتمعات، كالدّواعش مصّاصي الدّماء، فتطغى و تستبدّ بالطّغيان و الدّمار، كما فعل الماغول و التّاتار ، و هتلر و ما قامت به الأنظمة الفاشيّة، في كلّ العهود ..و ما صارت إليه…
🦋
كما بيّنت، أنّ الهناك كما الهنا، فرغم تغيّر الأصوات، و تعدّدها، يبقى الحنين إلى حضن الأمّ، و إلى دفئ حنان أرض الأوطان هما المنشودان، لتقبيل أديمها بالشّفاه، و لتذوّق خيراتها بلسان، تتمنّى بسمة المرواني أن يكون ناطقًا بالصّدق، لا يراوغ كما فعل السّيد منهل الذي صدمها في الحلم، عندما اكتشفت أنّ له ابنة، ضحيّةُ علاقة غير شرعيّة، تقوم بتربيتها عجوز فلسطينيّة، كأنّها إشارة لأرض فلسطين الحاضنة للتّائهين، و هي أيضا دعوة لإنقاذ الطّفولة و الأوطان من براثن الاستهتار، و تخليصهما من الشّوائب، لتجنّب فعل البكاء على الأطلال و التّلذّذ بقضم الأظافر، بدل الاستمتاع بامتصاص نعيم خيرات الأرض قبل أن تنقرض السّلالات الطيّبة، و تستفيق الإنسانيّة على أنقاض حلم تبدّد، قبل أن يتحقّق و على انكسار آمال ذوات و تدمير أوطان و تذمّر الكلّ من العنف، و حصاد تشرّد الطّفولة، و النّدم و التّحسّر على ما فرّطت الإنسانيّة، بسبب الأنانيّة المفرطة، و الدّكتاتوريّة التي تكشف عن مرحلة نموّ و نضج لم تكتمل، لدى الأفراد، في مرحلة الطّفولة الأولى. هي دعوة إلى تطوير الإنسان بالمعرفة، و بكسب الخبرات بالتّعرف على ما فات و بالاطّلاع على تجارب الآخرين، لاكتساب القدرة و المقدرة على صياغة رؤية و نظريّة تخدم الإنسانيّة في بعدها الشّمولي، توازي بين الحدس و الحس و العقل و المعرفة، بواسطة نور القلب و نور العقل، لتصير المعرفة نوران، تستطيع استيعاب الظّلال و تحليل الظّواهر بحكمة، و كذالك للبحث في الأسباب و النتائج و الانتهاء بالتّعليل، و من ثمَّ حسن قراءة الماضي و الحاضر و استقراء المستقبل، بنظرة واقعيّة استشرافيّة ثاقبة، تضمن الرّفاه و الرّفاهيّة للذّوات و تعدّل الرّغبات الجامحة بتعويدها على التّأقلم مع كلّ الأوضاع، و حسن التّصرّف في الأزمات في أوقات الذّروة و الطّفرة، حتى لا يتلف الحصاد أيّام الرّخاء و لا تجوع الشّعوب عند الجفاف ….
فالحنين دائما إلى الأمّ، إلى الفم ، إلى الرّحم إلى الوطن، فرغم تغيّر المناخات يظلّ العنف و الغدر و الخيانة منبوذة بكلّ اللّغات ….
🦋🦋
الرؤيا:
البحث في التّغيير، و التّجديد، في اللّذة تعدّى التّعدّي على الحرمات، باختراق أجساد الحيوانات كزوج ماريّا المذيعة الأمريكيّة ذات الأصول السلوفاكيّة الممشوقة القدّ، طويلة الرّقبة، التي شبّهتها بالزّرافة، و كأنّها أرادت أن تذكّرنا بنظريّة لامارك، المتعلّقة بتطوّر الأعضاء، بالاستطالة أو الضّمور، على حسب الاستعمال أو الإهمال، مع إمكانيّة توريث الصّفات المكتسبة… و هي بذلك تهيّئنا إلى الاستعداد لنظريّة الإنزياح، ببقاء الأصلح بعد أن أحيلت على التّقاعد المبكّر الإجباري بعد الصّدمة ….
مريا المعروفة بمدينة “ويسكونسون” ، حيث مكان عملها، الملقبّة بالفنّانة، و الرّسامة، المتأثّرة بمنجزات، “مايكل أنجلو” الإبداعيّة المشهور بفلسفته الفنّيّة، التي تدعو إلى( تحرير الشّخصيّة المحبوسة في رخام التّمثال ) ص117
ماريا التي تقول عن نفسها بعد انكسارها ( أنا المرأة الأولى و الطّعنة الأولى )، ص 118، في حياة الرّجل الأمريكي الثّريّ، الذي كان يدفع ثمن لذّته، ماريا التي عشقت زوجها لدرجة الاتحاد به، و حقّقت معه (جنسانيّة الجنّة ) غير أنّ زوجها فاجأها (بانسلاخه ) عن إنسانيّته، بغدرها باستبدالها باختيار كلبة تؤنسه، في وحدته المزعومة، فوجئت به في بثّ تلفزيونيّ، يحتفلون بحريّة الإنسان، و ينتصرون كعادتهم للحرّيات، متناسين من يُدكّون ، هنا و هناك بقنابلهم في العراق و لبنان و فلسطين وغيرها … رجل يلبس الوشاح الأبيض لكلبته، في حضرة وجود عشيرته، زوجته المخلصة، الشّيء الذي أفقدها تركيزها، وصوابها فكان منها أن خلعت (نفسيّتها عنه بسبب حيوانياته ) ص 119
وإن كانت لا تتعارض مع فكرة “جورج باتاي” إلّا أنّها تألّمت، أن تكون (ضحيّة الإيروسيّة التي تمكّنت من زوجها الرّجل المثقّف إلى النّزول إلى مرتبة
الحيوانيّة… )ص 120.
ممارسات أخرى تتنافى مع الأخلاق، تطرحها للدّرس، صاحبة الرّواية، تمثّلت في إكراه حماة، لزوجة ابنها، و تحريضها على التّمرّد على الفضيلة، بعرض جسمها في المزاد، مقابل بعض المال، بعد أن مرض زوجها الخاضع لأوامر أمّه المتسلّطة، التي انتقلت للعيش معهما، حيث نغّصت حياة كنّتها، و ضيّقت عليها الخناق، إلى أن فاض بها الكيل، ففرّت الكنّة بعد عراك من البيت، و انتقلت للعيش مع نوران، لفترة وجيزة، ذلك أنّ هذه الأخيرة، أخذها صديقها للعيش مع عجوز في مكان آمن حسب تقديره …
مأساة أخرى تنضاف إلى هؤلاء، يئن فيها جسد امرأة، رماها زوجها بالفجور، و صفعها، لمجرّد أنّها تأنّقت و تغنّجت وتدلّلت، تداعبه فكان منها، أن هجرته، تاركة وراءها ابنة ضحيّة زمن ضاعت فيه الطّفولة، بل صار الطّفل على رأي أحدهم ( يبيع حلمه …).
لم يفتها أن تكتب عن تلك التي غادرها زوجها ، بحثا عن اللّقمة لتحقيق حلمه، وحلمها حسب زعمه، في الضّفة الأخرى .
وهؤلاء الذين باعوا ذمّتهم، و جاؤوا من أجل تنفيذ عمليّة إرهابيّة و المتاجرة بالدّين …
و أولائك الذين فجّروا حافلة أمنيّة، تابعة للرّئاسة، على مقربة من الشّارع الرّمز، في العاصمة التّونسية، في إحدى دورات أيّام قرطاج السّينمائية ..
ولتضفي روحا لبعض المشهديات أتت بلوحات لرسامين كبار كلوحة “دانتي غابريل” _”روزيتي _”
فزيّنت بها (التّفضية الضّدّية)، لتظيف بعدا جديدا لا مرئيا ذهنيّا و فكريّا ٠ لتفضيّة النّص المرئيّة. فدعّمت بذلك الأبعاد المتعارفة الرّباعيّة (الفوق، والتحت، واليمين،والشّمال)، بأبعاد ذهنيّة، لا مرئيّة، فكريّة، ثريّة، تتشابك مع أزمنة غابرة، و أخرى حاضرة، تتعانق و تتعالق، مع أساطير، من هنا و هناك، كقصّة الخطيئة الأولى، و تحمّل ياسوع لوجع النّاس أجمعين بالإيحاء عن طريق ريموس المصريّة.. المتمرّدة على الفعل وعلى الصيرورة وعلى الدّين (التي ترى في وجع النّاس أجمعين وجع الله ) ص 195

لذلك، نراها مرّة، تتعمّد الإشارة
باستحضار بعض الأساطير و الملاحم كملحمة جلجامش الأولى في تاريخ الإنسانيّة،و تستلهم بعض الأقوال.. ( كما جاء في التّصدير بقصد توجيه القارئ،. طريقة اعتمدتها، للإيحاء لمشاغبته و السيطرة عليه لحثّه على تركيز زوم عدسته نحو اللّوحة التي اختارتها له )…كما نراها تستنجد ببعض العظماء “كبرتراند راسل” و”فرويد” و “نيتشه” و “نابوليون” و”دوستوفسكي” و غيرهم للاحتماء بهم، تارة للدّعم أو للتّفنيد .. و مرّة تستشهد ببعض الأمثال لمعالجة بعض الأمراض و المعتقدات، و السّلوكات، و الأنماط، و الممارسات، لتّرصيع حكيها في شكل تناص للدّلالة باستخدام كلمات و عبارات من القرآن في سياقات مختلفة من ذلك مثلا ما جاء على لسان نوران، في شكل مونولوج:
(لو كنّا في زمن الأنبياء لكفّرونا، لأنّنا أمم خرّبتها التّكنولوجيا و أفسدت أخلاقها، و لعاد موسى بعصاه هاشّا، و لعادت سفينة نوح تشقّ البحار…
ولعاد سيدنا سليمان مسخّرا الجنّ لخدمته حتى يضمن لكلّ دولة أمنها وسلامها و يفكّ الإنسان من هذا الابتلاء و يجعل من حياة جنّة مجموعات من الشّياطين )
ص 191
أو تضمين لمثال شعبيّ ك (كل يوم عند العازبة عُرس)*
الأسلوب

ولئن وفّقت في إدارة أحداث الرّواية ، و برزت لنا مقدرتها في إخضاعها إلى التيّارات و النّظريات الفلسفة التي أثّثت بها روايتها إلّا أنّني كنت أفضّل لو أنّها استدعت بعض الشّخصيّات، و كذلك بعض الأعلام، و النّظريات و أرجأت البعض الآخر لقادم أعمالها الرّوائيّة و القصصيّة، حتى لا تضطر إلى تكرار نفسها..
ذكّرتني تجربتها بالمخرج الذي يستعمل كلّ تقنياته، في فلمه الأوّل.
و لكن هذا لا يقلّل من أهمّيّة المواضيع المطروحة، إذ، ما قامت به بسمة المرواني، حقيق بالإطلاع عليه من العامّة و خاصّة من الخاصّة لتسليط الضّوء عليه، بالتّحليل و بالنّقد، لدراسة الأمراض الاجتماعيّة النّاجمة عن التّغيّرات المتتالية، التي ذبذبت الذّوات، و أدخلتها في دوّامة الغربة و الاغتراب لا في الوطن فحسب، بل باغتراب الروح عن الجسد، و في اغتراب المثقّف المختلف، و أقصد الأنثى في المجتمع، بعدم تثمين فكرها، و كذلك العاطل و المتدين نتيجة التجاذب،بين الحداثة و الأصالة بين الجسد الممزق بين الممكن و اللّاممكن والمستحيل .
جميل ما قمت به الرّوائيّة فمختبرها، قد يستوجب فريقا من الطّلبة للقيام بدراسة شافيّة و كافيّة، تبحث في كلّ هذه التّفاصيل التي اهتمت بها، و لعل أهمّها تحليلُ الملفوظِ، من وجهة نظر علم الإجتماع، لتحليل تلكم الظواهر، التي تشرّبتها الأديبة و صاغتها بدقّة رهيبة. فهي لم تترك شاردة و لا واردة إلا و دوّنتها، من الثّورة إلى حُرقة الحرقة و اغتراب أصحاب الشهائد بالبطالة و العنوسة إلى الإغتيالات فرادى و جماعات في الأحياء و في الشّوارع العموميّة في تراكيب، تليق بمراسم الحدث مبتكرة صورا رائعة تتميّز بالإيقاع و الإبداع لصور و مشهدية على غاية من الجماليّة.

مرايا نوران رواية بين السير ذاتي واليوميات والحكي السردي :
وضعت أساس الرواية بين تونس و دولة كندا وهي رواية تتحدث في فصولها عن المرأة، التي تنتهك حقوقها بفعل الموروث التقليدي غالبًا وبعض العادات التي طبعت باسم التعاليم ، لترسخ في ذهنها بأن الاستقلالية والسلطة قريبان من الإثم وتستوجب فرض العقوبات الصارمة عليها. مرايا نوران غوص في أعماق السفر، في الوجع الأنثوي، حالة من الاستهجان والتمرد لامرأة قوية وواثقة سقت شتلات أفكارها ووعيها من أنهار العلم والثقافةوالقيم ، فتصرخ في وجه مجتمع ذكوري الذي يرى في المرأة الجسد والمتعة فقط دون النظر إليها ككيان مستقل أو أي اهتمام بها ككائن له ذهنية متقدة
فالمرأة لها قدرتها على المشاركة وصناعة الأحداث والتاريخ! تعالج الرواية الألم الأنثوي من خلال شخوص متعددة،
رحلة الأنثى المثقفة العانس إلى كندا، هناك وضعت المقارنات والتوازنات في الحقوق والواجبات والدساتير بين المرأة الغربية والعربية. نوران التي هي بطلة الرواية تواجه العقبات،في بلدها قبل رجلة الهجرة تتخبط، تهتز في وسط زوابع المتاهة لكنها تظل الرافضة المكابرة بذات الكبرياء الاعمى وعزة النفس فلا تقع في قيد الواقع المؤلم لرجاحة عقلها ودأبها على تحقيق الأهداف…منتقدة تشظى السلوكات الانسانية والاخلاقية
… تيماتها الجسد بلغة المتصوفين دون السقوط في الابتذال ، السفر في الموت عبر السفر الغير شرعي وما نسميه بتونس الحَرقة ، السفر في البحث عن الذات ،الحب البقاء ومع الغربة والاغتراب ماذج مصغرة من المجتمع ، التعايش بين الأفراد رغم اختلاف الجنسيات والأديان واللون والعرق والكلام في دولة كندا بطريقةيليق الحكي عنها و معترضة وساخرة من مجتمع اغتيلت فيه الانسانية ،همشت فيه الطفولة تفشت فيه االديستوبيا في كل تمظهراتها حيث وقع تعريتها أي هذه الديستوبيا وسلخ الخواء من المعنى وتجلياته الباطنية الا من عزة نفس الانثى التى جعلها الله راهبة وقديسة وعابدة متنسكة. .

#سفيربرس ـ بقلم : سهيلة بن حسين ـ تونس

 

دار فضاءات للنشر والتوزيع المركز الرئيسي عمان شارع الملك حسين مقابل سينما زهران ص ب 20586 عمان 11118 الاردن

Da [email protected]

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *