الجوع العاطفي.. بقلم : د. غالية اسعيد

يأتيك على حين غُرة.. ذلك الشعور الغريب المتطفل على مسير يومك، فينبه لديك إحساس الجوع ويوقظه بقوة طالباً أنواع مختلفة من الأطعمة والحلويات، قد تسأل نفسك لماذا أنا جائع مع أني تناولت طعامي في وقته وحصلت على حاجتي منه حتى شبعت.
وبكل عفويتك تلبي ذاك النداء الخفي، وتساير تلك الرغبة المتطفلة وتعطيها ما تشتهي من الطعام، وهكذا يتكرر هذا الشعور بكل شجاعة ليصبح أحد المكونات الأساسية معك.
ولكن ياترى ألم يراودك أي سؤال عن هذه الرغبة وهذا الشعور الذي يعتريك.
ألم تلاحظ أنك تهرب أحياناُ إلى مصيدة الطعام؟؟
ألم تلاحظ أنك تتوتر في حال عدم تلبية تلك الرغبة في طعام معين في غير وقته وحاجته؟؟
ألم تلاحظ أن جسمك بدأ في التغير وأن نظامك الغائي يتراجع؟؟
ألا يراودك سؤال أن تعرف ما هذا الشعور الذي يحتل نظام غذائك؟
دعني أجيبك عزيزي بأنه الجوع العاطفي …
وسأعرفك به الجوع العاطفي هو استخدام الطعام ليشعر الشخص بالتحسن من أجل سد الاحتياجات العاطفية، مثل الشعور بالتوتر أو عدم الراحة أو بالمشاعر السلبية، فيميل هذا الشخص إلى تناول الوجبات غير الصحية حتى ولو لم يكن جائعاً. ولسوء الحظ فإن الأكل العاطفي لا يحل المشاكل العاطفية، وإنما يجعل حالتك أكثر سوءاً، إذ يمكن أن تشعر أيضاً بالذنب للإفراط في تناول الطعام.
وعن أول خطوة في التفريق بين الجوع العاطفي والحقيقي تكمن في التعرف على النقاط التالية:
• الجوع العاطفي يأتي فجأة بطريقة ملحة وكحالة طارئة، بينما الجوع الحقيقي يأتي تدريجياً فتشعر أن تناولك للطعام يكون لإرضاء شعور ما وليس للحاجة.
• الجوع العاطفي يجعلك تتوق لتناول نوع محدد من الطعام: في حالة الجوع الحقيقي أي نوع من الطعام يبدو مناسباً لك بما فيه الطعام الصحي من الخضار والفاكهة، بينما في الجوع العاطفي ستتوق لأنواع محددة من الطعام وتحديداً الأكل غير الصحي والحلويات.
• الجوع العاطفي عادة سيقودك للأكل بدون وعي: بحيث يمكنك تناول علبة كبيرة من المثلجات بدون أن تعي ذلك أو حتى بدون أن تستمع بها، حيث أنك في حالة الجوع الحقيقي ستكون مدركاً للكميات أكثر وستأخذ حاجتك لا أكثر.
• الجوع العاطفي لن يشبعك حتى لو امتلأت معدتك بالطعام الزائد عن الحد لأنك ستبقى تطلب المزيد حتى تشعر بعدم الارتياح والشبع المفرط، بينما في حالة الجوع الحقيقي ستبقى تأكل إلى أن تأخذ احتياجك من الطعام.
• الجوع العاطفي لا يتركز أو يبدأ من المعدة: حيث أن الجوع الحقيقي يبدأ بتقلصات في المعدة، بينما العاطفي يكون على هيئة حنين ورغبة نفسية بالطعام.
• الجوع العاطفي عادة يؤدي إلى الشعور بالندم وجلد الذات، بينما في حالة الجوع الحقيقي لن تشعر بهذه المشاعر السلبية.
وقد أشارت دراسة علمية أن حاجتك لنوع معين من الطعام يحدد مشكلتك النفسية:
إذا أردت تناول الجبنة وقطع البسكويت الرقيقة، فأنت محبط ومرتبك.
إذا أردت تناول اللحم، فأنت غاضب.
إذا أردت تناول المعكرونة، فأنت وحيد.
إذا أردت تناول الشوكولا وشرب القهوة، فأنت حزين وبحاجة لمساعدة.
إذا أردت تناول البوظة، فأنت متعب ومرهق.
إذا أردت تناول البطاطا المقلية، فأنت متوتر.
والآن ماهي أسباب الجوع العاطفي:
قد يؤدي ضغط العمل والمخاوف المالية، والمشاكل العائلية أو المشاكل المرتبطة بالصحة إلى تناول الطعام بشكل عاطفي، كما أنها قد تكون وسيلة يتبعها الجنسين للتفريغ عن مشاعرهم ولكنها أكثر شيوعًا عند النساء.
وقد تؤدي المشاعر السلبية والفراغ إلى الجوع العاطفي إذ يعتقد أن الطعام هو وسيلة لملىء هذا الفراغ، ويوجد هناك عوامل أخرى تؤدي إلى الجوع العاطفي وتشمل:

عدم الحصول على الدعم الاجتماعي في أوقات الحاجة العاطفية.
عدم الانخراط في الأنشطة التي قد تخفف من التوتر والحزن.
عدم فهم الفرق بين الجوع الطبيعي والعاطفي.
الحديث السلبي للذات، إذ يمكن أن يخلق دورة من الأكل العاطفي.
تغيير مستويات هرمون الكورتيزون استجابة للضغوط، مما يؤدي إلى الرغبة الشديدة في تناول الطعام.
بنهاية ما ذكرت لك من تعريف وأسباب الجوع العاطفي، أظنها فرصة لا بأس بها لمراجعة نظامك الغذائي والاطمئنان على حالتك النفسية حتى تتأكد أنك لا تأكل إلا فعلاً ما يحتاج جسمك لا كما تريد حالتك العاطفية

# سفيربرس _ بقلم : الدكتورة: غالية اسعيّد