إعلان
إعلان

روسيا مديرة الأزمات.. وسورية بوابة الحياة – بقلم : سماهر الخطيب

#سفيربرس

إعلان

تابعت روسيا الاتحادية مجريات الأزمة السورية منذ بداياتها بحذر وكانت مراقبة لأحداثها متوجسة من عواقبها حيث بدت الولايات المتحدة بالنسبة لها كمن فتح صندوق باندورا في سورية، فتحدثت روسيا منذ بداية الأزمة عن ضرورة البحث عن سبل لتسوية النزاع دبلوماسياً على أساس القانون الدولي وتحت مظلة الأمم المتحدة، منطلقة من أن الدور الأكبر في هذه العملية يجب ألا يمارسه اللاعبون العالميون الكبار وحدهم بل دول المنطقة أيضاً.

ولم يخرج الدور الروسي في بداياته عن الإطار القانوني كما في نهاياته فقد بدأت بإدارة الأزمة عبر استخدامها لمبادئ ووسائل إدارة الأزمة وتحديد أهدافها الاستراتيجية ووجدت روسيا في سورية فرصة لتحقيق تلك الأهداف فكانت الأزمة بالنسبة إليها فرصة، عبر تحويل التهديد إلى فرصة ونقاط الضعف إلى قوة على طريقة (تاوز) و(سوات).

وقد اتخذت روسيا قراراتها حول السبيل الأفضل لدورها بعد أن توضحت أمامها الاتجاهات والخيارات عندما حددت فرص النجاح في سياق التهديدات التي قد تواجهها وبتحديد مواقع التغيير الممكن في كل مفصل تقف أمامه قامت روسيا بجرد لنقاط القوة والضعف ليتبين لها الأولويات والاحتمالات فباتت قادرة على تعديل الخطط في منتصف الطريق حين يقفل عليها تهديد ما طريق مسيرتها وفتحت الآفاق لطريق جديد عبر تعديلاتها لخططها.

بالتالي كانت بداية الدور الروسي هو وفق (سوات) بقراءة الأزمة وفق نقاط الضعف والقوة وتحديد الفرص والتهديدات والسعي لقلب الضعف قوة والتهديد فرصة.

ووفق (سوات) تعتبر روسيا أن سورية بموقعها الجغرافى المتميز بمثابة حجر الزاوية في أمن منطقة الشرق الأوسط، وعدم استقرار الوضع فيها سيؤدي بدوره حتماً إلى زعزعة الوضع فى البلدان المجاورة وإلى صعوبات فى المنطقة بأكملها وأن سقوط الدولة السورية وبالتالي سقوط تحالفاتها الإقليمية سيؤثر حتماً فى التوازن الاقليمي بما يمثل تهديداً حقيقياً للأمن الأقليمي في الشرق الأوسط بشكل عام.

ورأت أن “الحماية” الروسية للدولة السورية وكبح الجهود الأميركية والغربية لـ”إسقاطها”، سيوفر حضوراً روسياً قوياً فى مختلف ملفات وقضايا الشرق الأوسط، وفي التسويات التي يمكن أن تحصل عليها فى المستقبل وفى بناء سلسلة تحالفات جديدة.

وجلّ ما أرادته روسيا هو تفعيل مبادئ سياستها الخارجية برفضها التدخل الخارجي وخاصة العسكري في سورية، والتخوف من تكرار النموذج الليبي، حيث نظر القادة الروس مثل الجنرال فاليري غيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، إلى الحرب الليبية كمثال على طريقة الولايات المتحدة الجديدة في الحرب، حيث تجمع بين عمليات الضرب الدقيقة باستخدام القوات الخاصة والدعم الاستخباراتي للجماعات غير الحكومية – وهو ما أشار إليه غراسيموف بأنه “الاستخدام الخفي لـ(الفرض)”.

كما لاحظ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أيضاً، “أن اللاعبين الأجانب (مثل الولايات المتحدة) سيشبعون هذه المشكلة ولن يدينوا العنف فقط (في سورية)، بل سيكررون لاحقاً السيناريو الليبي، بما في ذلك استخدام القوة”.

لذا ساندت روسيا الرئيس الأسد وقامت بتدعيمه. ووفقاً لما سبق ذكره بدأت السياسة الروسية بتفعيل دورها الدبلوماسي عبر ثلاثة أتجاهات الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.

كما منحت سورية لروسيا الحياة الدولية بعودتها إلى الساحة الدولية من البوابة السورية فلازَم الدعم الروسي لحليفه السوري طيلة سنوات الحرب على سورية في الاتجاهات كافة، فكان كل نصرٍ للجيش السوري في ميدان المعارك يُصرف بنصرٍ سياسي في ميدان السياسة التي تلخصت في مؤتمرات جينيف وسوتشي بين الأطراف السورية ولقاءات القمة التي انعقدت ما بين الرئيسين فلاديمير بوتين وبشار الأسد، بالإضافة إلى لقاءات الرئيس الروسي مع نظرائه التركي والأميركي والإيراني وغيرهم وجميع تلك اللقاءات كان يتمخّض عنها تقدم ملحوظ على الأرض السورية، بدءاً من تحرير الأراضي السورية من دنس الإرهاب وليس انتهاءً بالانتخابات الرئاسية السورية التي شكلت ضربة قاضية لمشروع تقسيم سورية بعد أن أثبت الشعب السوري للقاصي والداني ألتفافه حول شعبه وقيادته ورئيسه الذي أحب، مروراً بالسياسات السورية وكذلك الحلفاء التي واجهت العقوبات الأحادية الجانب المفروضة عليها والمتمثلة بـ”قانون قيصر” متوجهة نحو إعادة الإعمار بعد أن حررت الأرض وأسقطت مشروع التفتيت الذي أرادته أميركا لسورية.

وفي سلسلة اللقاءات التي كان فيها الملف السوري الأبرز انعقد مؤخراً لقاءً ما بين الرئيسين التركي والروسي والذي يعتبر استكمالاً للقاءات سابقة أجراها الرئيس الروسي مع نظيريه الإيراني والسوري، ففي القمة الأخيرة ما بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين كانت واضحة بأنها قمة النصر الدبلوماسي والاستراتيجي حيث وضع خلال هذه القمة خطوات لمرحلة جديدة وإنهاء مرحلة سابقة بمعنى أنه اجتماع استراتيجي لتحديد مسار خطة ثانية وتحوّل مسارات من – إلى، وبالتالي مسار الحل السياسي قد بدأ من جديد مع تحرير درعا والتوجه نحو أدلب وهو ما تمّ مناقشته مع الرئيس التركي أن انتهى الجيش السوري من تحرير درعا والتحضيرات ستكون نحو أدلب فماذا ستفعل؟ إما أن توقف دعمك للإرهابيين هناك أو أن تلقى العواقب، طبعاً هذا ليس بالحرف ما حدث إنما مضمون ما كان هناك في سوتشي بين بوتين وأردوغان.

فأحياناً، لا تكون المفاوضات سهلة لكنها تُختتم بنتيجة إيجابية، وفق ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أكد أن الأجهزة الروسية تعلمت إيجاد تسويات مناسبة للطرفين.

هكذا بدأت قمة سوتشي بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، الذي اعتقد من جانبه بوجود فائدة كبيرة في مواصلة تركيا وروسيا تعزيز علاقاتهما.

وإذا ما أردنا التحدث عن النتيجة الإيجابية التي تطرق إليه بوتين أو استبشر فيها خيراً فأنّها ستكون على أرض سورية.

وتبدو أنّ محادثات سوتشي انعكست فورياً على العلاقات التركية الأميركية فما أن أنهى أردوغان محادثاته مع بوتين، حتى انتقد واشنطن، في حين أن هناك وحدة مع موسكو في جميع القضايا تقريباً، بحسب تصريحات الرئيس التركي الذي لم يكتف بمطالبة الولايات المتحدة بتحرير الأراضي السورية من قواتها، إنما وأطلق على أحد مساعدي بايدن الرئيسيين اسم “مخرج الإرهابيين”.

ورغم أن أنقرة ليست شريكاً سهلاً لموسكو، لكن التعاون الثنائي ما بينها مستمر، وإذا توصلت مع موسكو إلى اتفاقيات ما، فمن المؤكد أنها تنفذ.

في حين يتزايد الانتقاد لأردوغان داخل تركيا بسبب هشاشة النظام المالي في البلاد إذ يدين كثيرون السلطات لتوريط تركيا في أربع حروب في وقت واحد: في “سورية وليبيا والعراق والحرب الأهلية في أراضيها الجنوبية الشرقية”. على هذه الخلفية، سيحتاج أردوغان إلى استعراض النجاح في سياسته الخارجية.

وكان الرئيس التركي، ببساطة، في حاجة إلى وقوف موسكو معه، وسبب تحوّل أردوغان نحو موسكو هو سلوك سيد البيت الأبيض، جو بايدن، الذي يتجاهل عملياً الرئيس التركي.

وكان دعم الولايات المتحدة يمنح أنقرة حججاً لتعزيز موقفها في المحادثات مع موسكو، في حين كان من الواضح لموسكو أن الأميركيين يقفون وراء طروحات أردوغان، لكن بايدن تخلى عن حلفائه كعادته وترك أردوغان بمفرده مع بوتين.

وهذا السبب في أن الاجتماع في سوتشي كان مهماً في المقام الأول بالنسبة للجانب التركي، وهذا يفسر حقيقة عدم الإعلان عن أيّ قرارات مهمة عقب الاجتماع. إنما الأهم هو أن تحرير إدلب بات قاب قوسين أو أدنى وسنحتفل بالنصر على الإرهاب.

حيث توصّل الرئيسان إلى قرار واحد على الأقل – بشأن سورية – على الرغم من أنهما لم يعلناه. ففور اجتماع بوتين مع أردوغان، بدأت الوحدات التركية في الانسحاب من إدلب – وهي عدة آلاف من الجنود والعديد من المركبات المدرعة.

# سفيربرس _ سماهر الخطيب – كاتبة صحافية وباحثة في العلاقات الدولية_ بلدنا

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *