آخر قطرة حب .. بقلم : ربا أبو طوق

هذي دمشق مدينةٌ للطَّيبينَ
هواؤها سرٌّ يُبجِّلهُ الزَّمانْ
سربُ الحمائمِ سابحٌ في شعرها
و على يديها حنَّةٌ بيضاءُ
قد رُسمتْ بزهرِ الأقحوان ْ

هذي دمشقُ جميلةٌ
فيها الرُّبا فستانُ نورٍ
فاض عن خيطانه بردى
يُبشِّر بالجِنانْ

هذي دمشقُ عرفتُها من عرشها
من ريحةِ النَّارنجِ في حاراتها
من وشوشات الماء في بحراتها
من داليات الورد مسدلةً على حيطانها
من قاسيون يطلُّ كالجوديِّ
منتصراً على طوفانها

هذي دمشق سماؤها مخضلةٌ
تبكي دموعاً من جمانْ
هذي دمشق جريحةٌ و دماؤها
منذورة لشقائق النعمان ْ

عيناكَ … تلك الغوطة الغنَّاءُ
وشَّى سحرَها نثرٌ من المَيسان ْ
عيناك أغنية ترددها الليالي
في حنايا الشام ْ
نقر الدفوفِ
و رقصةُ الدّرويشِ مجذوباً
على كفِّ الغمامْ
ترنيمة القدّاس تشعل شمعها
لا تجرؤ الأخبارُ أن تأتي على ذكرٍ لها
هي فوق أسوارِ الجرائدِ
فوق أوزانِ القصائدِ
فوق ثرثرة الزّحامْ

روحي أنا … جنيّةٌ
كسر الصِّدامُ زجاجتي
فتسرَّبت منِّي وشاياتُ الغرامْ
و مضيتُ كلَّ العُمر ِ
أبحثُ عن سلامْ
و رأيتُ في عينيكَ تاريخ السلام ْ

إني أتيتك َ
من شتاءاتِ التَّفكّكِ و الخِصامْ
داري النَّدى في مقلتيَّ و ضمَّني
أنتَ المغمَّدُ بالهدى
أنتَ الذي نبتَت على كفِّيهِ
أحلامُ الوئامْ
خبّئني في أيِّ احتواءٍ ممكنٍ
روحي أنا …جنيةٌ
صفع الدَّمار براءتي
ودفاتر الأيام
ترفض أن تحوفَ حكايتي
من أين لي بوليِّ قلبٍ مُدنَفٍ
و أنا اليتيمةُ خيمتي سقفٌ
و ذاكرتي هبوبْ
سربُ الحمامِ
يطير في وضح الغروبْ
كالنَّاي يزفرُ لحنه
من بين أحزانِ الثُّقوبْ
روحي أنا جنيةٌ
هتك الدُّخانُ جنائني
و الشَّامُ في عينيك زاهرة الطّيوبْ
خبئني في دفء الفؤاد ِ
لتختفي من مفرداتِ الياسمينِ
جميع أوزارِ الحروبْ
خبئني في أيِّ احتواءٍ ممكنٍ
لم يبق في الريحِ
انتحالٌ سالكٌ إلا الهروب

إنِّي هربتُ من العيون من المرايا
من خربشات المفسدينَ
على كلِّ الزَّوايا
من صافراتِ الحربِ
من واجهات الكذبِ
من وحلِ الخطايا
روحي أنا جنيةٌ في جعبتي
صورٌ
سلاماتٌ
وصايا
خبئني في أيِّ احتواءٍ ممكنٍ
في الرُّوح
في صدقِ النَّوايا
فأنا الوحيدة من شعاع الشَّمسِ
آاااخر قطرةٍ …
.
.
لم يبقَ للحبِّ سِوايا

# سفيربرس _ بقلم : الشاعرة ربا أبوطوق