كتب الإعلامي أسامة الشحادة : هل يصلح الصحفيون ما أفسدوا
#سفيربرس
كثرت في الآونة الأخيرة المقالات الصحفية والأحاديث الجانبية التي تعرض لمشاكل الصحفيين في البلاد ، و تطالب بحلول ناجعة لها .. و خاصة بعد مؤتمرهم العام الأخير ، و انتخاب مكتب تنفيذي جديد ، و اجتماعه مع السيد رئيس الحكومة و الانطباعات غير الإيجابية .. بل و خيبة الأمل التي نتجت عن هذا الاجتماع الأخير ، ذلك أن كثيرا من مشاكل الصحفيين و أزماتهم سببها تجاهل دورهم الهام في بناء المجتمع ، و التنبيه على مكامن الخطأ فيه ، و حقهم في أن يكون لهم بيتهم الداخلي الحصين .. ما أنتج عدم جدية في التعاطي مع همومهم و أزماتهم المختلفة – و خاصة المالية – التي يعاني منها اتحادهم العتيد .
الكل يعلم أن الظرف اليوم على كل الأصعدة مختلف عنه في السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي ، و هي الفترة الذهبية التي عاشها الاتحاد ، مثله في ذلك مثل كل النقابات المهنية و المنظمات الشعبية ، و الكل يعلم – أيضا – ما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية خانقة ، ما شكل ذريعة سهلة لأولي الأمر و المتنفذين ، لينظروا بعين الريب و التردد و الإجحاف و الإهمال إلى مطالب الصحفيين بتحقيق حياة أفضل لهم أسوة بزملائهم في النقابات الأخرى ، سواء في ذلك ما يتعلق بتأمينهم الصحي و تقاعدهم ، أو برفع سن التقاعد أو غير ذلك .
هنا يطل برأسه سؤال منطقي – و بقوة – جارا مجموعة من التساؤلات الأخرى :
– ألم يستثمر الاتحاد الفترة الذهبية المذكورة آنفا كما فعلت بقية النقابات ؟
– و أين هي المكاسب العقارية و المالية التي حصل عليها آنذاك ؟
– و أليس المفترض أن هذه الاستثمارات قد توالدت و نمت و أضحت ذات ميزانيات كبيرة و أرباح ضخمة ؟
لكن الإجابة الصادمة هي … لا .. لم يستثمر الاتحاد ذلك ، و لا وجود لمثل هذه الاستثمارات لديه اليوم .. و السبب في ذلك كله ليست سنوات الحرب التي مرت على البلاد ، و لا نكسة حزيران ، و لا السفر برلك ، لكنه الاتحاد نفسه و المكاتب التنفيذية التي تعاقبت عليه خلال تلك الفترة و الفترات التاليات .. ذلك أن إهمالا عجيبا مورس على تلك الاستثمارات حتى بدأت تضمحل ، و لا مبالاة – أجزم بأنها متقصدة – عوملت بها حتى تلاشت شيئا فشيئا ، و قبل ذلك و بعده و أثناءه الفساد المالي من داخل البيت الصحفي نفسه ، لتصبح هذه الاستثمارات أخيرا في خبر كان .. و يجد الاتحاد نفسه على ( الحديدة ) تماما .. بلا قدرة على دعم أعضائه و منتسبيه ، و لا إمكانيات لتأمين حياة أفضل لهم ، و حتى بلا مقر لائق به أسوة بمقار الجمعيات و المنظمات الصحفية في دول الجوار و العالم .
الوثائق الموجودة – اليوم – تشرح ذلك كله بإطناب و تفضحه و تعريه ، و تشير بشكل سافر و علني بأصابعها المتهمة للمهملين و الفاسدين ، و الوثائق لا تجامل أحدا و لا تمسح لأحد جوخا ..
ثمة – اليوم – محاولات للاتحاد و لمكتبه التنفيذي لاستعادة شيء من مكاسبه التي خسر و غنائمه التي غرم .. لكن الأمر يبدو معقدا و في غاية الصعوبة ، ذلك أن الخرق اتسع على راتقه ، و بات إصلاح ما أفسد الأسلاف مهمة شبه مستحيلة .. و جاء أخيرا عدم الجدية في التعامل مع أوجاع الاتحاد من أصحاب الأمر و النهي ليتوج ألما يعانيه الصحفيون حتى يئسوا أو يكادون .. فهل يستطيعون أن يصلحوا ما أفسد أسلافهم ؟.
#سفيربرس _ بقلم: الإعلامي أسامة شحادة _عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الصحفيين السوريين _ تشرين