وطنية الحوار..والحوار الوطني _ بقلم: محمد فياض
#سفيربرس _ القاهرة
ويخطيء من يعتقد أننا نعارض الحكم وحسب..وأننا نرفض السياسات وفقط..فبين التأييد والرفض تتجلي فلسفة الرؤية وتقف ثقافة الموقف على أظافر قدميها.
وبينما تمتليء سرادقات العناوين.حيث رابطات العنق الأنيقة والألبسة الفاخرة الأليقة وحركة الكاميرات التي تنقل بشاشة الوجوه وعناقات الشخوص المتخاصمة في الفكرة والفكر..الأيديولوجية والمنهج..الطريقة والطريق..رائحة البرفانات التي لاتصل بالتأكيد إلى مسامع المشاهدين عبرة تلفزة المواقف وبالمنطق استحالة الدلوف إلى الأنوف..حوالي أربعة عشر شهراً ويزيد مرت على الأدمغة منذ خطاب الرئيس ودعوته الذهاب الى الحوار الوطني.وباشت في الذهنية الشعبية وتبخرت طاقة التمسك بزهو الحوار والإمساك بتلابيب منتجات..ثمة منتجات.
بسبب بُعد المسافة بين الدعوة والذهاب إلى الطاولة..
حوارٌ وطني يتشارك فيه كل الداخلين إلى المستقبل..كلهم وجميعاً. ولايهتم سوى رديف الذاهبون إلى هناك..وبين هناك وهنا تكتظ ميادين الرؤوس بالصرعى.تزدحم الأزقة الفقيرة والشوارع رثة الثياب بالخارجين عن المشهدية كلها..من البدء إلى النهاية..مبتدأٌ وخبر..تنفجر تفجيرات السقوط والرسوب الإجتماعي وتحدث الإنزياحات العميقة الكبرى بمشرط من حرير..
يتشكل الحاضر من كتيبة الذاهبون إلى هناك..وكتائب المحجوبون إلى هنا..
لست ضد الحوار..ها أنذا أقرر وأعلن..أقرر حتى لايتهمني الرفاق والأصدقاء أو ثلة العارفين ببواطن الأمور أنني أقف في خندق المؤامرة ..على العزم والعزيمة في إنشاء جمهورية جديدة في بلادي..
وأُعلِن أنني لست ضد الحوار.
وهاهو مركب الحوار يتحرك..فللحوار غايات نبيلة نحسب مايدور في طريق الذهاب حواراً . لكنه في حقيقته تجربة..تجربة ربما تحمل مأسسة حوار وتؤسس للإعلاء من شأن العقل..وربما تجربة لاتبتعد كثيراً عن كونها مظاهرة تحت عناوين أُريدَ لها الإرتباك قبلاً..تخطيطاً وترتيباً ومواءمة..جزوة فكرة وتنطفيء دونما أي التفاتٍ أو إنتباهةٍ أن المظاهرة بدأت واحتشدت وتقلّصت الأعداد…ولا أقصد هنا تقلّص أو تناقص أعداد المشاركين بالإستدعاء..بل أقصد تراجع أعداد العناوين الرئيسة التي كانت على الطاولة الماسّة بمصلحة الطبقات المعتدى عليها..وانزياح العناوين الرئيسة المسكونة بالطموحات والحقوق.. إنزياح لصالح مصلحة الطبقة المشمولة بالقداسة السياسية والإقتصادية والمستعمِرة للهرم الإجتماعي..والأَولى بالرعاية المالكة لحقوق الإمتياز..
ولأن المظاهرات دائماً يحكمها قوانين البدء والإنفضاض أو الفض..تأتي ساعة إخلاء الميادين والشوارع من الأدمغة..وتسليم القاعة ورحيل المدعوون جميعم..
يتركون دائماً في بلادي على الطاولة بعض الأقلام البِكر والنوت بلوك المُهمَل رغم رشاقة أغلفته وأوراقه المستوردة بغية حُلم حل المشكلات الوطنية وكتابة خطط الحل على الأوراق المستوردة دون الوطنية..وبأقلام دون الوطنية وظلت بِكراً ولم تكتب حرفاً.
وربما أيضاً يذهب بنا الحوار إلى تأسيس مدرسة أو مدارس للفكر..وإلا تساءلنا : هل ثمة حوار بدون فكر متباين..؟ .وهل يأتي الفكر من عشوائية الممارسة والسطو على أبجديات غايات التعليم..؟؟ .
وربماً نخلص من تظاهرة الحوار بثمة رصيد يمكن البناء عليه مستقبلاً..وربما نخرج بالمشهد إلى إبداع _ مدروس أو غير ذلك _ باختراع سلطة سادسة في شكل وعناصر مكونات الدولة الوطنية..لتصبح السلطات الثابتة الدائمة للدولة هي ( التشريعية والتنفيذية والقضائية…. الإعلامية. والتنسيقية. والحوار الوطني ) .
نؤمن أن الذهاب إلى المستقبل يحتاج إلى حوار وطني..ونؤمن أن الحوار الوطني يحتاج إلى خاصية ليست بالسهل التصريح بحضورها أو حتى إستحضارها ..خاصية الوطنية..
ولمن يكيد لرؤيتنا نعلن أننا لسنا من يعطي الصكوك..هذا وطني وهذا دون ذلك..
إن وطنية الحوار تفترض الإنصياع إلى حاجات الشعوب الحالّة.. وفوراً
والحاجات العاجلة للشعوب لخصها بدقة الدكتور رفعت السعيد في الخطاب الحزبي إلى رأس السلطة السياسية في البلاد..مؤتمر إقتصادي ومؤتمر سياسي..يضع الأول من خلال حوار متخصص ازماتنا الإقتصادية بشجاعة على الطاولة وبكل عفونة ناتج إهمال الإقتراب منها وتضع الدولة الرسمية كافة المعلومات وبشجاعة ودقة ليخرج المؤتمر الإقتصادي بأجندة إقتصادية وطنية تدخل مراحل الإنجاز ويُحدَّد لها زمن تصل فيه مصر بشعبها إلى منطقة الأمن الإقتصادي الوطني..
ويضع الثاني – المؤتمر السياسي خارطة طريق جادة لإنجاز تجربة سياسية وحزبية تليق بمصر وتُحَصِّن الوطن من رؤية ضبابية تحجب المستقبل وترهنه للمصادفات وتغلق عليه طريق التطور الطبيعي وتُسلّمه لمدارس العنف لصناعة الإرهاب..
ذهبت مصرالعليا إلى الحوار الوطني..وتوسعت في الدعوات وأفسحت المقاعد واسترضت فريق و أشخاص وزاحمت الطاولة بالعناوبن..كل العناوين مطروحة على طاولة الحوار..كل الأفكار والأطروحات..كل شيء دون إستثناء واحد تم وضعه على طاولة الحوار الوطني.. تم استدعاء صُنّاع بدايات ماوصلنا إليه..منتجو نتائج الحالة وكانوا معطياتها..فصاحة تغيير الألسنة ورشاقة التحول لصلاحية الصرف في كل العصور… كلماتهم النمقة وإن أثلجت صدور المعتدى عليهم من الطبقات الإجتماعية والمجهدون من دوائر الحكم..أي حُكم …
وفي النهاية يبقى السؤال : هل الحوار الوطني هذا يكفي للخروج بالبلاد من أزمتها..؟! . أم أن الحوار في كل شيء ينتهي إلى كل شيء أيضاً دون ناتج يظهر ( على طبلية الفقراء) ..؟!
هل وطنية حوار غلفت في مشهدها الحوار الوطني بما يصنع ثمة أمل في الغد لدى شبابنا وبناتنا الذين يفكرون بجدية في ترك البلاد وإخلاء الوطن للطبقة..؟؟!
أكرر لست ضد الحوار كمنهج..لكنني متوجس خيفة ودون قدر من تفاؤل في منتجات تذهب إلى تطبيق يظلل المصريين ويحميهم من كابوسية الإصرار على المضي في نفق الديون وفلسفة الإقتصاد الريعي..ويفسح الساحة لتجربة حزبية وسياسية تحتاج إلى مراجعة دقيقة وعميقة وجادة من نظام الحكم في حزمة مهمة من العناوين..الحزب السياسي.. الإنتخابات..شكل الدولة..فلسفة الحكم.. الإنحياز..العاجل والٱجل..الدولة المدنية ومعطياتها..دولة الثيوقراط وتجهيزاتها المعلنة والمتخفية..
نعم مع الحوار الوطني وننتظر من نظام الحكم الإجابة على تساؤلاتنا المشروعة…
الحوار الوطني تعوذه وطنية الحوار لتدفعه إلى قضية الإقتصاد وإنجازها…
أؤيد الحوار قناعة بأن البدائل نرفضها…نعم مع الحوار..ودون الإسهاب في التفاؤل.
ربما لا أنتظر منه شيئاً لبني وطني على طاولة الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية.
ولننتظر…وربما لا أنتظر منه شيئاً لأبنائي..وأجيالهم..لكنني مع أن يكون حواراً…
# سفيربرس _ بقلم: محمد فياض