صناعة العصر الأنيقة. بقلم : ميسون حمزة غزلان
#سفير_برس

اليوم ننهي يوما طويلا ًمليئاً بالتعب تراقب فيه عيوننا الحافلة الأخيرة المغادرة لأرض مدينة المعارض الدولية بدمشق الزائر الأخير… المشارك الأخير.. مودعاً …. يتخامد صوت الموسيقا و تتوقف شاشة العرض العملاقة عن الرقص صورة جماعية لفريق العمل وبعدها نهرول مغادرين حيث تنتظرنا إجازةُ لابأس بها تزدحمَ في رؤوسنا آلاف الأفكار والخطط كيف وأين سنمضي الوقت وماذا سنفعل.. والكثير من الأعمال التي مازالت معلقةً ريثما ننتهي من معارضنا هذا العام وهي الكثيرة والمتتابعةً مواعيدها لدرجة أنها التهمت كل دقيقة من الوقت في التحضير والاعداد لها دون رحمة.
هذا العام الذي مر سريعاً ولم ننتبه أنجزنا فيه الكثير من العمل وثَقنا فيه الكثير من الصور والمواقف والأحداث وأعلنا عن الكثير من البصمات التي تناقلتها وسائل الإعلام والصحافة بأنواعها تقدمنا دون أن نشعر خطوات وخطوات ووتصاعدت القمم أمامنا واحدةَ تلو الأخرى حتى طالعنا قاسيون شاهداً شامخاً مبتسما لكل الأنامل والعقول التي دبرت وخططت ونظمت باحتراف بأمانة ووفاء المحارب القديم الذي عاهد الله ووطنه ونفسه أن يبقى في أرضه ثابتاً متابعاً الطريق نحو انتصار عظيم تنحني له القامات احتراماً للصنعة التي أتقنها وللعهد الذي اوفى به.
في بلدي صناعة المعارض شاقة لكنها ممتعة مثيرة تعج بشغف العمل وتخلق عندك حالة من التحدي المستمر عليك أن تروج وتسوق لخدمات تبدومستحيلة في بلد محاصر مرت عليه حرب طاحنة كادت تفتك بكل شيء لولا عناية الله ….عليك أن تبيع مساحات للعرض ستُملئ بالبضائع والديكورات سيتنافس و يتحاور فيها العملاء من أصحاب الشركات والمعنيون بصناعة القرار الاقتصادي ممن يتقاسمون الهموم والمشقة يومياً حضور مؤقت يمتد لعدة أيام يعولون عليه كثيرا ً لانتشالهم من ركود مفروض لم يعتادوه ولكنهم ألفوه ..الوقت يمر جميلاً ممتعاً تتصدره التكريمات والندوات وحيث الحماس لتوقيع الاتفاقيات المشتركة وهي الجسور الخضراء التي ستبث الأوكسجين في حياتهم القادمة وتنعش الأرواح المتعبة يعم الفرح والصخب كأنه ضجيج الحياة الذي يولد فينا على حين غرة حتى تجدهم جالسين في أجنحتهم مستمتعين لايشعرون بالوقت الذي انتهى للتو يوثقون كل اللحظات بالصور والفيديوهات فتعج بها مواقع التواصل الاجتماعي كرسائل الحب والحرب معلنةَ عن شعبِ حي لم تقهره الازمات مصراً على العيش يجعل من مهنة التسويق كأنما سباقا بلا خطٍ للنهاية والتنظيم عالماً لاحدود له من الابداع
اليوم ونحن نغادر القاعة ثم المدينة نعلم أنه بعد أيام علينا أن نعود من جديد بمخزونٍ كبير يملئ القلب والذاكرة نعدُ العدة لقادم الأيام وما أصعب القادم وكم يبدو مخيفا ونحن نمر تباعاً على الصفحات والمقالات والاخبار المنشورة عبر المواقع آلاف الكلمات تسبح في فضاء رقمي لاينعدم بل يسجل شهيقاً مع كل مرورٍ لأحدهم وما اكثرهم وما أجمل مرورهم الراقي.
في العودة من جديد سيكون هناك عناوين جديدة ومعارض جديدة ستختلف الحدود وتتبدل السماء ستدرك أنك بحاجة لخطط جديدة وبرامج مختلفة ستتعلم أن النجاح وصعود القمم ممتعاً لكن أن تحافظ على نجاحك وتبق مستمراً وثابتاً فيه هو الأصعب والأمتع وأن الشغف الحقيقي هو أن تعبر الحدود وتتكلم بلغة عالمية وتبيع وتسوُق بلغة عالمية وتقدم خدماتك العالمية ستخطط كيف تجعلهم يأتون اليك و كيف تبقي الأبواب مفتوحة والقلوب مفتوحة
في عالم التسويق والمبيعات لا للغلبة وفي خطط التنظيم لا احتمالات للخطأ سفراؤك في إعلانك الطرقي ولوحاتك المضاءة وتحالفاتك في دروع الرعايات ولحظات قص الشريط الحريري معلنا الافتتاح في نفسها لحظات ولادة حكايتك الجديدة والشريان الذي يمدك بالحياة عاما أخروفي جولات العبور بين أجنحة العملاء نستعرض نفحات من عوالمهم بنفس الوقت نستعرض اياما واياما قضيتها ومحطات من الخيبة تارة ومن الامل تارة اخرى كم حاولنا وفشلنا وكم انتصرنا كيف تغلبنا وتعلمنا ان نقود الازمات وكيف عشنا احساس اللحظات الاخيرة مع المخططات والملفات والتصاميم قبل ان تعلن الانطلاق هؤلاء جميعا هم شركاء اللحظات وقصة النجاح هؤلاء من نمر باجنحتهم هم من وثقوا بنا وتحملوا معنا اوزار التحدي وصمموا على المضي في بناء قلاعهم الخاصة هم ايضا ملؤوها بالشغف والحماسة برسائل اقتصادية مفادها هنا لنا نحن اصحاب المكان واصحاب الزمان ومن له الحق في اطلاق صفارة البدء ومن يبق حتى حفل الختام
ولعلي أختم بالقول أن أهمية العمل في صناعة المعارض والمؤتمرات على اختلاف مذاهبها يكمن في جوهره باستثمار مقدرات الانسان الحقيقية و قدراته على التكيف والتفاعل وخلق الظروف المواتية للنجاح وتحقيق الجدوى الاقتصادية من كل عمل ينظمه وأيضا في طموح البشر اللامحدود في الابداع والسيطرة وتذليل العقبات والتصميم على خلق حوار متنوع لاينضب من سيل الأفكار الخلاقة كل لحظة حيث يتواردها العملاء ويتشاركونا وكأنما نعيد صياغة العولمة من جديد فتكون هذه البقعة من الأرض ملتقى يختصر بعض العالم الكبير يسافر فيه العملاء عبر منصات المواقع الرقمية والمباشرة يبيعون ويشترون يتفاوضون و يتفقون ويختلفون كل هذا ببعض من الوقت يكون عالمهم الصغيرالآمن ضمن العالم الكبير وبرغم كل شيء ستظل صناعة المعارض صناعة سورية الانيقة والمرآة التي تعكس حضارتها والتي تتداخل مع كل مفردات الحياه وستظل حدود الابداع فيها مفتوحة برغم كل المعوقات الخاصة والعامة المحلية والعالمية لان قوانين الحياه تنص على البقاء للانقى والانقى هو الاقوى والاقوى هو الاقرب للقلوب والاجدر بامتلاك سوق العمل ولكل فارس نبوة.
#سفير_برس _ بقلم : ميسون حمزة غزلان
مشهداني الدولية لتنظيم المعارض والمؤتمرات
دمشق 13/11/2023