إعلان
إعلان

العُقم أرحم من الولادة في غزة

#سفير_برس _رهف مُهنَّدْ علي _ دمشق

إعلان

بينما تجلس سناء ذات الواحد والعشرون عاماًمرتديةً خماراً يُظهرُ نصف وجهها ، تحمل على ظهرها حقيبةً مدرسيةً / ربما كانت تخبئها لمولودها الأول / وضعت فيها ثقلَ وزنها من متاعٍ شخصيّ يوازيه منَ الأمام جنينٌ مازال يختبئ بينَ أحشاء أمّه خائفٌ أكثر منها ، أيقظته دقاتها المتسارعة الممزوجة بصوت القصفِ والغارات وهي تركض باحثةً عمّن يأخذ بها إلى أقرب مركز صحيّ لتلد طفلها الذي تُراقب قلبه الضعيف وتقف في صمتٍ مذهول كلمّا ابتعدت الدقة عن الدقة ثانية .

حكايةُ سناء التي نعت جميع أسرتها بما فيها زوجها الضائع منذ أيّام تحت الأنقاض ليست سوى لمحة من رواية تعددت فيها البطلات .. رواية ” الأمّ الفلسطينيّة ” ، أيستطيع أحدٌ أن يُقدّر حجم الألم عقبَ هذا العنوان !
أو أن يجلس في محضرٍ من النساء الفلسطينيات ويسمع حكاية كل واحدة تلو واحدة !
ماشعوره أمام سناء وهي تنتظر قيصريتها بدون مخدر وبدون أم تخفف هول الموقف ولا أب يواسي ولا حتى زوج يتشارك معها المصاب .. فقط مع طفلٍ حُكِمَ عليه باليُتم قبل أن يأتي حتى .

ماذا عن هدى التي كادت أن تخسر طفلها ذو الشهرين لأنها لا تستطيع إرضاعهُ هذا إذا لم تسبقهُ هي .

ماذا عن ياسمين التي تعثّرت قدمها أثناء النزوح من منزلها فسقطت على ظهرها وتضطرُّ على ولادة مُبكرة في وقتٍ تضطرُ فيه المستشفيات إلى علاج المصابين بجروح خطيرة سبّبتها الغارات الجوية قبل النساء الحوامل .

وماذا عن هذا الطابور .. أراهن أنكم ظننتموه طابوراً لتوزيع المساعدات أو الطعام أو الأدوية . إنه طابورُ النساء الحوامل اللواتي ينتظرن استخدام المرحاض المليئ بالجيراثيم . بجواره مغسلة من المفترض أن تكون لتطهير اليدين إلا أنَّ الإرتشاف منها بات حُلماً لكل من تواجد بجوارها .
وَ وَ وَ قصصٌ كثيرة تشكل كل منها رواية مأساوية تساوي مجموعها كارثة إنسانية لا تصدق .

الظروف في غزة يُصعب على الرجال تحملها .. فكيف تتحملها أنثى ؟ وحامل !
ووفق الإحصائيات هناك أكثر من 50 ألف امرأة حامل في غزة بلا خدمات 5500 منهن سيلدن هذا الشهر ، غير أنه ليس لديهم أي مكان يذهبن إليه . فقط ينتظرن حدوث مضاعفاتٍ محتملة من دون معرفة ما سيحدث لهن في اللحظة القادمة ، تماماً كحال سناء التي كانت ولادتها عثيرة للغاية لكنها رُزِقت بطفلة وأسمتها ” فلسطين ” ليكملا حياتهما بمصير مجهول تحتارُ أن تفرح بأمومتها أم تبكي قهراً على يُتمها ويُتم ابنتها .
صدقتَ يا درويش ( قد تدخل المَلهاة في المأساةِ يوماً ) .

#سفير_برس _رهف مُهنَّدْ علي _ دمشق

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *