خطاب مفتوح إلى السيد الرئيس _ بقلم : محمد فياض
#سفير_برس _ القاهرة

المُعاش اليومي الذي لايحتاج إلى تشكيل متخصصين للرصد ولايعوذ مختصين في السرد . بات تقيلاً واغتصب السلام الإجتماعي والعلاقات الأُسَرّية وصِلة الأرحام في الأسرة الواحدة..وقام دون مشورةٍ بتحزيمها ووضعها أمام الحائط.. إقتصادٌ مهلهل لاينتسب علمياً إلى أي نظرية إقتصادية.ولا يشبه في سلوكه أي تجربة أخرى. والواقع في حقيقته يدفع إلى ممارسة الغضب. والتزام المواطن سلوكاً بعينه متراصاً في فناءات الصمود كمجابهة قتال في ميادين الوطن.ليس معناه ثمة رضا في أيٍّ من درجاته _ وأنا هنا أعني المواطن _ إنما هي الوطنية التي يكظم الشعب غيظه وفقره وحاجاته الضرورية في مرحلة تماس لحماية البلاد من خطر الإنزلاق وهو يرى العربة تجري بأقصى سرعة فوق المنحدر الذي بمرور الضغوط الإقتصادية يزداد الإنحدار بما ينقل مشهد الإصطدام بالصخرة التي تذهب إليها عربة الوطن بسرعتها الفائقة مشهداً مرئياً ومرعباً..
ويخطيء كل من يكتب لقائد العربة رسائله المغلوطة بأن الركّاب بخير ينعمون ويتنعمون وما تأوهاتهم إلا عزفاً رومانسياً وأن قدراتهم باتت هائلة في الكسب والسهر والرفاهية..
وفي الواقع المُعَاش يتضورون وجعاً ويتندرون على أزمنةٍ مضت لم تعتصرهم الحاجة إلى هذه الدرجة من الإهانة.. ليس جديداً أن تمر على مصر السنوات العجاف لكن الجديد.. _والجديد لانج _ أن تكون بهذه الحُلكة ودون أسقف زمنية تُعِين أيامها التي تمضي..تمضي كما تمضي وبما تمضي..تُعِين بفواتها هذا الشعب على مايتبقى منها من وقت وإن كان لسنوات..لكن من المهم أن يتعرف الشعب على تعدادها ليتولى عدّها..لا بينه وبين ذاته المُجهدة ولكن ليُغلفها وعوداً لمن يعول..لرعاياه زوجته وأولاده..حتى هذا لم يعد بمقدورنا تحديده أو تقديره العددي..لانملك طريقاً أو طريقةً نتولى بها نحن ودون تدخُّل نظام الحكم في بلادنا أن نصوغ إجابة على السؤال المطروح علينا من أبنائنا وبقسوة..: ” متى يمكن أن نحصل على حقوقنا في الحد الأدنى من مستوى المعيشة اللائق ودون إهانة..؟؟ ”
السيد الرئيس..
إن ثقافتنا نحن المصريون وموروثنا منها لايدفعنا أبداً لجهة سؤال أعضاء الحكومة السادة الأشاوس.. حتى وإن مزقنا دستورنا وكتبنا دستوراً مغايراً ينزع كل السُلطات من الرئيس ويُرَكِزها في مكتب رئيس حكومة.فنحن لن نسأل الأخير بل نسأل الرئيس .. وهانحن نسألكم سيادة الرئيس..
تعلمون أن في مصر شعبين..شعبٌ مدلّل يحوز الحظوة والثروة والسُلطة..أي سُلطة..ولايزيد تعدادهم عن عدة آلاف موزعين على ثلاثة طبقات..نسميها نحن أبناء الشعب الحقيقي ثلاثة أحزمة.
يعتقد الساسة من هذه الطغمة أنهم يؤلفون للشعب أحزمة أمان..لكن الحقيقة غير ذلك..ومانحن عليه الآن يهدد السلام الإجتماعي ولا أعتقد أبداً أن أحداً من هؤلاء يضع في أولوياته المصلحة العليا للبلاد… وشعبٌ آخر تعلمونه.
يقيننا أن المتآمرين على هذا الشعب.العابثون في صحته ودوائه.المتاجرون في صناعة الأزمات والإستثمار فيها..الذين يكنزون الذهب والفضةوإن كانت في الغذاء والدواء هم بامتياز ليسوا منا..لاينتمون لهذا الوطن وبالتالي ليست لهم حقوق ولايجوز محاباتهم والتودد إليهم..من جعلوا من العملات الأجنبية سلعة للإتجار فيها إستفادة من السياسات الإقتصادية والإجتماعية الفاشلة المنحازة لطبقة المال هم ثلة لا تستحق أن تكون هي الأَولى بالرعاية.. اللهم إلا إذا كان نظام الحكم ذاهبٌ لتصفية الشعب تصفيةً عددية ..ولا أعتقده عليها.
نعم تمر مصرنا بأزمة طاحنة طالت الدنيء من سُبُل العيش. جاءت بالطبقة المتوسطة التي هي سبب إنضباط هارموني أي مجتمع.إلى مزاحمة الكتلة الغاطسة..المنسية دائماً في أجندات كل حكام مصر دون عبد الناصر..
نعم نفهم هذه الأزمة..ونتفهم مآلات مضت وأسباب تضافرت وتضفّرَت لإنتاج مانحن عليه الآن في مصر..
من هذه الأسباب ماهو دولي وماهو إقليمي..وهذا نتفهمه..لكن ماهو بفعل سياساتنا التي كُتِبَت أجندتها دون وضع الحسابات الإقليمية والدولية في الحسبان..هذا لانتفهمه.. وسياسات الإقتراض من الصندوق التي مادخلت إلى بلدٍ واحدٍ إلا وزادت من عثراته وأفقدته معطيات النهوض والمخزون الوطني المحلي..وهذا ليس رأينا بل رأي السيد جوزيف ستجلتز أحد أهم من ترأسوا إدارة صندوق النقد الدولي.في كتابه ” ضحايا العولمة”
لا أتفهّم أبداً سبباً واحداً يقبله العقل وقد أدى بمصر إلى أن يوقف شعبها الطيب أمام الحائط..مصر التي تملك خزائن الأرض.. ذهبنا إلى الصندوق ولم يكن هو الحل الأمثل..وكتبت قيادات وهامات إقتصادية عظيمة من أبناء هذا الوطن روشتة علاج تعفينا من الإستدانة..لكن أولي الأمر كان لهم رأياً أخر..
أعرف أننا لسنا في حضرة المحاسبة..وأن إستدعاء مواقف وسياسات وآراء فكرية لم تنل حظها من التعامل ربما يعتقده القراء محض ولولة وحسب..فلندَع كل هذا جانباً..
ولنقترب من المشهد المؤلم ولنبحث معاً عن ثمة حلول لتخفيف الوطأة على الغاطسين تحت نعال الطبقة.
السيد الرئيس.
إن الأوضاع المعيشية جد تشكل خطراً داهماً. فليعرف سيادتكم أن هذا الشعب يعلق مازال الآمال عليكم ويُحَمّلكم وحدكم دون الحكومة _ التي لايحسب تاريخياً لها أي حساب _ المسؤولية عن مآلات الحال في الهرم الإجتماعي الذي يتهدده قسوة الإنبعاج والتشوّهات الإجتماعية العنيفة التي طالته في السنوات الأخيرة وتزداد قسوتها يوماً بعد يوم.
هل هناك منطق يستطيع أن يلبي رب الأسرة حاجاته الأساسية لأسرته هو والزوجة وثلاث أبناء _ مثلاً _ لإطعامهم طوال الشهر وجبتين في اليوم والليلة ونوع واحد من الطعام وبالأسعار المتاحة ويدفع فواتير الخدمات ويعفي نفسه وأسرته من -رفاهية- علب الدواء. ويعفي أولاده من تكاليف التعليم…..كم يحتاج من النقود ياسيدي الرئيس..؟!
( وجبتان لكل فرد يكلف الأسرة 200 جنيه في اليوم ونوع واحد طوال الشهر.. وفواتير الخدمات مع درجات الرأفة 1000 جنيه.. وتكاليف المواصلات اليومية لرب الأسرة ذهاباً وإياباً إلى العمل الذي يتقاضي منه الأجرة _ وأنا هنا أعني الأجرة وليست الأجر والفارق كبير..!! .وبالطبع سيتخد هذا المواطن عهداً على الله أنه وأسرته سيحيون بلا مرض بلا طبيب بلا دواء.. يعفيهم مالك العقار من إيجار المسكن . كم سيحتاج من الجنيهات ليبقى وأسرته على قيد الحياة ياسيدي الرئيس..؟؟)
إن المواطن الذي أتخذه مثالاً ومثلاً أسوقه لسيادتكم هو نموذج لرب الأسرة المصرية المكلومة والتي لايقل تعدادها في الوطن عن 90% من أبناء هذا الشعب العظيم..
يعتقد الساسة أن هذا الرب لأسرته يرضى..وأنه سعيد بأدائه كراعٍ مسؤولٌ عن رعيّته.. ويعتقد كتبة التقارير لسيادتكم أنه مقدورٌ دائماً وأبداً عليه..في الدنيا..والآخرة أيضاً.وأنه مهزومٌ ومنكسرٌ والمهزومون في كل العصور وفي كل معارك ومعاركة الحياة لايٌمْلون شروطاً..بل يُملى عليهم..
ياسيدي الرئيس نستصرخكم..
البسطاء هم ملح الأرض وأصحابها..لم يذكر التاريخ ثرياً افتدى وطنه بحياته..ولم تعلّمنا المعارك أن المرفهّين المترَفين يصونون الوطن . لأنهم يحملون جوازات سفر لأوطان أخرى..إن المعارك في الحروب المسلحة والبناء والتنمية والفداء والذود عن الأوطان يتقدمها طوابير النبلاء الفقراء أعضاء الكتلة الغاطسة في المجتمعات.
إن الحاكم القائد في النفير العام يتوجه قاصداً هذه الكتلة ليقينه أنها السند والعضد وتتعلق عليها آمال الأوطان وأمانها في كافة المجالات..ويتخطى القائد هنا كل البطانة وحلقات طبقات الأحزمة العليا ويضعها كلها وراءه وينادي على الشعب نداء الوطن فتتم التلبية الفورية وتتوافد الجموع بثيابهم الرثة ربما وبحفاة الأقدام ربما وبطونٍ جائعةٍ ربما..وبأجسادٍ أنهكها التعب والمرض ربما..لكن القائد يرى بأم عينيه حضورهم دون تلكؤ .. دون أعذار..دون نقصانٍ عددي.. هم الشعب ياسيدي الرئيس..ألا يستحق أن يأخذ قسطاً لائقاً من الصحة وأبناء مصر في أسرته ألا يستحقون تعليماً جيداً دون تمايز يعتمد على أكياس النقود وهم ذخيرة مستقبل هذا الوطن الذي تحكم..؟!
ألا يستحق هذا الشعب..هذه الكتلة الغاطسة من شعبك أن تتدخل بمشرط الجراح لاستئصال الأورام السرطانية في الجسد الإجتماعي فتقرر قصاصاً إجتماعياً واقتصادياً له من سارقي قوته وتعليمه وصحته وحريته منذ عدة عقود مضت وللآن..؟!
ألا يستحق هذا الشعب أن تصدر باسمه التشريعات والقوانين التي بات موجوباً الآن إصدارها لحماية حق هذا الشعب في الحياة _ وهو مقدّم وفق كل شرائع الله على كافة الحقوق_ على هذه الرقعة من الأرض..مصر..
كأن يتم باسمه تغليظ عقوبة جريمة حيازة وتداول العملة الأجنبية خارج المصارف البنكية إلى عقوبة الإعدام..؟!
أتذهب التشريعات العقابية إلى تغليظ العقاب إلى حد الإعدام ضد من يقتل نفساً .. وتكافيء من يقتل مجتمعاً بترقيته إجتماعياً واقتصادياً وإفساح كافة الساحات لذاته..وتعلية شأنه وتسليمه باسم هذا الشعب _ ورغماً عن الأخير _ بوكيهاً من الورد..؟!
ياسيدي الرئيس..
مصر غنية بأبنائها..غنية بعقولها..بثرواتها..بموقعها.بدورها عندما تلتزمه وتتولاه..كبيرة عظيمة.تملك مفاتيح الدنيا..ليس كلاماً يتم تسطيره الآن..مصرنا قادرة..ولكن..!!.
… لايجوز…ولن يقبل شعب مصر أن تزهق الأوراح جوعاً وهي تملك كل مبررات الحياة بكرامة..فقط إنها السياسات والساسة.
فلتنظر في أمرهما يارئيس مصر
إننا لانملك رفاهية الإنتظار..ولانملك الرضا لنقدمه مقابلاً لحياةٍ بائسة تتطور يوماً بعد يوم لجهة الأصعب.. إفعلها فمازالت الحلول ممكنة
وعاشت مصر..
#سفير_برس _ القاهرة _ بقلم : محمد فياض