ما يتعرّض له قطاع غزة اليوم يأتي في سياق إستكمال مشروع الإخضاع والسيطرة الذي تمارسه الإدارة الأميركية وحلفاؤها وأدواتها في المنطقة، وكل كلام آخر خارج هذا الفهم لا معنى له، بل هو مجرد تسويق وترويج يقوم بهما الكيان الصهيوني او أدواته الوظيفية المشبوهة من صحفيين وإعلاميين، محمّلين المقاومة مسؤولية ما يتعرض له القطاع وأهله، ويصب ذلك في خانة خلق الذرائع والمبررات لنتنياهو وتشكيل مظلة حماية وشبكة أمان لهذا الكيان، لعدم مساءلتهم عن جرائمهم ومجازرهم التي أودت بألوف الشهداء والجرحى من أهلنا في غزة، ليكشف دعم الغرب اللامحدود لإسرائيل المعتدية ضارباً بعرض الحائط كل القوانين الدولية.
ويظهر العهر الدولي في إزدواجية المواقف، فإذا كان إطلاق صاروخ من قطاع غزّة على المدن الإسرائيلية أمر تدينه أمريكا وغيرها، فهل يعني هذا أنه مسموح للإسرائيليين أن يدمروا أحياء كاملة في قطاع غزة؟ وهل مسموح لهم إستباحة الدم الفلسطيني؟ وواضح أن غضّ النظر عن جرائم إسرائيل يقود شعبها الى مزيد من التطرف الذي يعزز إستمرار الصراع الشرق الأوسطي.
واليوم وصلت الوقاحة الأمريكية الى أعلى مستوياتها، حيث تؤكد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن دعم إسرائيل في دخول رفح وألحاق الأذى بالمدنيين في المدينة دون التعرض لأي عواقب من الولايات المتحدة، هل هناك أكثر من مثل هذه الوقاحة في زمن الهزائم الأمريكية؟
وفي سياق متصل تُظهر أمريكا وجهها القبيح من خلال ردود فعلها المؤيدة لإسرائيل، على ما يجري في قطاع غزة من قتل وتدمير، وكأن حماس هي التي تحتل أراضي الصهاينة وتقصف مدنهم وقراهم، فهي دائماً تقلب الصورة وتصبح الضحية جلاداً والجلاد ضحية، لذلك تكرر حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها كما عودتنا دائماً، بالرغم من أن اسرائيل هي التي تعتدي وهي التي تملك احدث الأسلحة والتي تزرع الموت والدمار وتملك مئات الرؤوس النووية وكأنها دولة مُعتدى عليها.
وقاحة ما بعدها وقاحة … وسفاهة لا نظير لها، فأمريكا تشاهد وتسمع يومياً تنكيل حكومة إسرائيل العنصرية بالفلسطينيين، وقتل أطفالهم في غزة، ورغم ذلك لم تقم وزناً للطفولة وحقوقها حسب ما كفلته القوانين والأعراف الدولية، لكن الوقاحة الأمريكية مرتدية ثوبها الديمقراطي الخاص بها، وحقوق الطفولة على طريقتها الأمريكية، في إطار ذلك تُعبر أميركا عن إنحيازها الفاضح لإسرائيل، وبكل وقاحة تقول بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وتقدم لها الدعم السياسي بإستمرار العدوان ودعمها في الأمم المتحدة وعدم إدانتها، وبلا شك يبدو إن حروب اسرائيل هي حروب أميركا دائماً.
وفي إطار ذلك تهدف إسرائيل من عدوانها على غزة هو تحقيق ضربة قاصمة للبنية التحتيّة للمقاومة، وكسر إرادة المقاومة، لذلك تطفو إلى السطح النبرة الإسرائيلية التهديدية، وتتصاعد مطالبتها لنزع سلاح المقاومة، في مقابل ذلك تبدو أطروحات مثل هذه في ميزان الفلسطينيين ضرباً من ضروب المستحيل.
ما فعلته اسرائيل وتفعله الآن في الأراضي المحتلة لا تقره شريعة ولا يقره قانون.. فالدمار الشامل صار المنهج الرسمي الذي تتبعه الحكومة الإسرائيلية منذ 1967.. وحتى يومنا هذا.. بالرغم من حملة الإبادة المستمرة لا تزال المقاومة صامدة وتطلق صواريخها التي تصل يومياً إلى مختلف أنحاء إسرائيل، وترفض القبول بمعادلة “تهدئة مقابل تهدئة”، وتطالب بأن يشمل أي إتفاق جديد وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة.
بالرغم من شراسة العدوان وضراوة التآمر والتواطؤ الإقليمي والدولي فإن المقاومة الفلسطينية صابرة وثابتة، فهي تقدم الدليل القاطع على أن هذا الشعب العظيم لابد وأن ينتصر، فالمقاومة أذهلت العالم بإبداعاتها وشجاعتها وطول نفسها، وستظل المقاومة هي الدرع الحصين لهذا الشعب الذي تخلى عنه الجميع، وأنها لن تساوم على سلاحها، ولن تستسلم لأنها مقاومة شعب لا يركع إلا لله.
وأختم مقالي بالقول : يبقى الرهان دوماً على المقاومة في الميدان، وقد حسمت أمرها في التصدي للعدوان ومواصلة القتال حتى تحقيق النصر الذي يُبنى على نتائجه الكثير في المشهد الإقليمي والدولي.
#سفير_برس _بقلم : الدكتور خيام الزعبي-جامعة الفرات
محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس.
صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في
مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.