إعلان
إعلان

كتبت سماهر الخطيب : بعد خسراتها المستمرة في إفريقيا.. فرنسا تحاول زيادة نفوذها في ليبيا عبر توحيد الجماعات المسلحة

#سفيربرس _ بيروت

إعلان

تصاعدت في الفترة الأخيرة التحركات الإقليمية والدولية في المشهد الليبي، في محاولة لمساعدة ليبيا على الخروج من الأزمة السياسية والأمنية عبر تحقيق توافق بين الفرقاء يفضي إلى استكمال مسار المصالحة الوطنية الشاملة، لكن مراقبين يرون أن تحركات تلك القوى، وأبرزها فرنسا، تعكس صراعا محتدما من أجل التموضع في ليبيا وبسط نفوذها هناك.

وفي هذا الصدد، صدرت دراسة عن مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية تتحدث عن الدور الفرنسي في الملف الليبي
وبحسب الدراسة المذكورة، فإنّ أحد النظريات الهامة لإدراك السياسة الخارجية الفرنسية هذه المرة، هي أنها دولة طرفية لا تتبع لأي توجهات أنجلو سكسونية أو فرانكونية، وأن التدخل الخارجي في السياسة الليبية عادة ما يكون لأسباب لا تتعلق بليبيا، إنما بموقعها الجغرافي الذي يشكل أهمية خاصة لكثير من الدول الاستعمارية.
وأشارت الدراسة الصادرة عن مركز المستقبل إلى مساعي فرنسية لتأكيد حضورها في ليبيا من خلال تنشيط دورها السياسي والاقتصادي، ولا سيما بعد الإعلان عن استعداد باريس لاستضافة قمة أمنية مصغرة تركز على ليبيا، بمشاركة ممثلي بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا، فيما سيكون على رأس جدول الأعمال خطة إنشاء وحدات عسكرية مشتركة في ليبيا من أجل تأمين حدودها.
وبحسب الدراسة فإنّ القمة ستعقد في غضون أيام برئاسة بول سولير المستشار والمبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى ليبيا، بحضور مسؤولين كبار من وزارات الخارجية والدفاع من بريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، وتحاول فرنسا الدفع بخطة لتشكيل الوحدات المشتركة مع رئيسي الأركان العامة الليبية في الشرق والغرب، إلى جانب ضم ضباط من اللجنة العسكرية المشتركة “5+5″؛ بهدف الوصول إلى جيش ليبي موحد، وطرح برنامج لنزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج للمجموعات المسلحة.
بالإضافة إلى مساعي فرنسية للدخول بقوة على خط الأزمة الليبية عبر البحث عن دور في إقناع الفرقاء الأساسيين بالمضي قدما نحو تنظيم الانتخابات خلال العام الحالي، وهو ما أكد عليه مبعوث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بول سولير، والسفير الفرنسي في ليبيا مصطفى مهراج، خلال لقائهما مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، بحديثهما عن “حرص فرنسا على استمرار الاستقرار في ليبيا ودعمها الكامل لجهود المنفي في معالجة الأزمة السياسية الراهنة بهدف إجراء انتخابات شاملة ونزيهة”.
وتقول الدراسة بأن لقاء باريس هو دليل على عدم احترام فرنسا لسيادة الشعب الليبي، خاصة بعد تأكيد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص، عدم دعوة أي جهة ليبية لحضور الاجتماع المزمع عقده، مما يأكد على أن هذه القمة تبحث أموراً تتعلق بمصلحة فرنسا والولايات المتحدة والغرب، ولن تبحث عن مصلحة ليبيا.
وتشير إلى أن أحد أهداف هذا اللقاء هو تضييق الخناق على النفوذ التركي الروسي في ليبيا، حيث أن الدول الغربية يسعون إلى طرد القوات التركية المنتشرة في الغرب الليبي، بالإضافة إلى القضاء على قوات المشير خليفة حفتر المدعومة من روسيا والتي تشكل عائقاً أمام أطماع الغرب بالسيطرة على الجنوب الشرقي من ليبيا الغنية بالنفط والغاز الطبيعي.
كما أن مشروع توحيد الجماعات المسلحة في جيش ليبي موحد، وفق الدراسة، ماهي الا خطة أمريكا في الأصل، حيث تحاول واشنطن زيادة سيطرتها على الجانب العسكري عبر مرتزقة شركة “أمينتوم” الأمريكية العسكرية التي تشرف على تدريب الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، بهدف دمج هذه العناصر في جيش موحد، وذلك بعد سيطرتها على صناع القرار في طرابلس.
كما أن هذا المشروع الذي تدعو إليه باريس وفق مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية وتقييم المخاطر، يتعارض مع الخطة التي صاغها أعضاء مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بما أنه يفتح الباب لمبادرات عسكرية خاصة، هذا بالإضافة إلى أن الخلافات الميدانية بين هذه الأطراف تعطل التوصل إلى اتفاق حول حلّ للأزمة الليبية.
وتخلص الدراسة إلى أن الجهود الفرنسية تأتي في ظل انتكاسة الدور الأممي في ليبيا، وتأزم الأوضاع في منطقة الساحل والصحراء بعد أن فقدت باريس تأثيرها التقليدي في عدد من مستعمراتها السابقة، ومنها النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهو ما يمكن تفسيره برغبة الرئيس ماكرون في القيام بدور من داخل الملف الليبي لتعويض جزء من خساراته في الفضاء الافريقي. ويضيف المراقبون، أن فرنسا لا تزال تحاول إيجاد موطئ قدم لها في الساحة الليبية، لاسيما بعد تشكل ملامح خارطة لتقاسم النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا، وفي ظل التوافقات الجديدة التي بدأت في الظهور بين تركيا ومصر والتي يبدو أنها ستكون على حساب الدور الفرنسي بالخصوص والأوروبي بصفة عامة.

#سفيربرس _ بيروت _ بقلم : سماهر الخطيب

المصدر: مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية وتقييم المخاطر.

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *