النجمة السورية ليلى سمور لسفير برس: أنا زاهدة.. مسلمة أمري لربي.. وهذا دور الفن والفنانين في إعادة إعمار سورية…
#سفير_برس _ إعداد وحوار : هبة عبد القادر الكل

بسيطةٌ، نقيّةٌ، نذرت حياتها للقدر، وأسلمت أمرها للرّب ، فأبدعت ما يقارب اﻟ 150 عملاً فنياً مع كبار نجوم العالم العربي، أمثال الراحل سمير غانم، أحمد بدير، ناصر القصبي، أحمد منصور، غادة عبد الرازق، دريد لحام، حاتم علي، منى واصف والكثير من أعلام الفن السوري، المصري، اللبناني، الكويتين السعودي، الإماراتي، الأردني، الليبي وغيرهم.
حُفرت في ذاكرة كلّ سوري وعربي من رؤى حالمة وسحاب وحكم العدالة، مرورا بمسرح الأطفال والفتى الغريب المدلل، إلى البناء 22، مرايا، باب الحارة، قتل الربيع وصبايا 2023 وغيرها من الأعمال الفنية.
النجمة السورية ” ليلى سمور ” ضيفة حوار سفير برس:
س- البداية بسؤالي المعتاد: ماذا يعني الحوار ﻟ ليلى سمور؟
الحوار ابتداء فائدة للمحاوِر يُقدّم له شيئاً ثمّ يكون فائدة متبادلة، بمعنى فائدة لي ولكِ.
س- وما الفائدة التي يقدَمها لكِ الحوار؟
للصراحة حسب نوع الأسئلة، إن كان هناك جديدٌ يُحكى به غير التقليدي فحتما سيقدّم لي فائدة، كأن أتكلّم عن موضوع كي يصل، أو رسالة أريد أن تصل، أمّا الحوارات العادية فلا تفيدني حكماً، وأيضاً حسب الظروف، فهناك حوارات أخرج بها مثلاً لأتكلم عن كيفية التعامل معي في الوسط الفني، أو عن موضوع تم تناوله بطريقة مقززة عبر السوشال ميديا، فأوصل رسالتي بخصوص ذلك.
س- ما الرسالة التي تفضلين أن تقدميها في حوار اليوم؟
رسالة رجاء تحمل بعض المحبة والإنصاف في الوسط الفني لكافة الزملاء، وليس فقط في على المستوى الفني وإنما في كل الأوساط، الصحفية، الإعلامية والسوشال ميديا.. لأنّ تحقيق الإنصاف بين البشر بشكل كامل أمر صعب، ولكن بقدر ما تعطي بقدر ما ترتفع، لأنه يوجد إجحاف كبير بحق الكثير من الفنانين، بمعنى أن يخرج بعض المخرجين من حلقة “أصدقاءنا” لأن هناك من يستحق العمل ولكن كرامته لا تسمح له بأن يطلب العمل، فأرجو إنصاف المواهب التي لا تتكلم ولا تطالب ولديها موهبة وتاريخ جميل إبداعي، وفي حال لم نضع أيدينا بأيدي بعض فلن نكبر.
س- كيف تقدّم ليلى سمور نفسها للقارئ؟
إنسانة بسيطة، مُحبّة للحياة والنّاس، نقيّة واشتغلت على نقائي هذا كثيراً، فلم يستطع أي شيء بالعالم أن يخرّبه، لا الحياة ولا الناس ولا حتى الخذلان، وهذا أعتبره إنجاز حياتي ضمن هذا العالم الشبيه بالغابة.
محافظة على قوة شخصيتي وتوازني ومسالمة جداً جداً، مسلمة أمري لربي على أنه هو المتصرف في مفاصل حياتي وأموري.
س- من أين تستمدين هذا السلام الداخلي؟
من الإيمان، فأنا مؤمنة جداً، ولديّ تسليم كامل للرب والحياة والكون، لعلمي أن الرب موجود داخلي وداخل كل إنسان. هناك أشخاص ربّنا ينوّر لهم، فيستنيرون ويشعرون أن الحياة ليس لها قيمة للمقاتلة من أجلها ولا حتى تستحق التخريب أو الكره أو الانتقام، دعيها تمشي كما هي وحقك سيصل لعندك، ولكن تحتاج القليل من الصبر والتوازن والإيمان بأنّ الرّب معنا، فستجدين الطرق مفتوحة أمامك، فأنا أتبع مشيئة الرب في كل شيء، وأشعر أنّ حياتي قدرية وأستمتع بذلك.
س- لنبدأ من السويداء وأبرز محطات الطفولة والصبا؟
للتوضيح والتصحيح، أهلي من السويداء وأنا من مواليد دمشق. والدي من ضيعة سلطان باشا الأطرش ” القريا ” ووالدتي من ” صلخد ” من محافظة السويداء. والدي رحمه الله كان من المقربين جداً من السلطان الأطرش أثناء الثورة وكان له مغامرات كثيرة معه، وبينهما علاقة قوية جداً. كان ضابطاً ورئيس مخفر والتحق بخدمة العلم طواعية أيام الانتداب الفرنسي على سورية خلال فترة الثلاثينيات، وكان يتنقل مع رجاله للمهمات الصعبة من مدينة إلى أخرى، وعاش فترة جيدة في حلب، فأختي فيلدا وُلدت في السليمانية بحلب، ثم انتقل عمله إلى حمص، ثم إلى دمشق، فخلقتُ فيها. والدي خرج من ضيعته وهو بعمر 16 عاما، وتزوج أبي بوالدتي خارج الضيعة، كان والدي محبوباً كثيراً لدرجة أنه عندما توفي أذكر أنه جاء للعزاء مجلس مشايخ العقل من القريا علماً أننا مسيحيين، وعدّدوا مناقبه وعزّوا به.
أحبّ السويداء رغم أنني لم أولد فيها، الوالدة كانت ربة منزل، امرأة فاضلة، ودرست في مدرسة فرنسية أيام الفرنسيين. كانت حياة أبي وأمي أقرب إلى النظام الأوروبي الفرنسي من ناحية الإرادة والطعام والتربية، كان نظامهما نظاماً صارماً جدياً، وربيانا على هذا الأساس.
س- مواقف لا تنسى من طفولتك؟
اجتماع الأسرة، كُنّا كلّ سنة نخرج إلى مزارات بعيدة في الجبل كصيدنايا ومعلولا، كنت أشعر بهيبة فظيعة، لحظات كانت سعيدة بالنسبة لي، وأذكر تماماً عندما كان والدي يأخذنا ليتسوق من طالع الفضة جانب الكنيسة المريمية. أما عن اللحظات التي لا أنساها بطفولتي كانت عندما يكون هناك أجواء فرح كنت أنكمش على حالي وأحزن دون أن أعرف السبب، وعندما أسمع صوت الاحتفالات كنتُ أخاف، كان لديّ خوف شديد من كل شيء.
س- مع البدايات الفنية وأبرز التحديات؟
لم أدخل المعهد العالي للفنون المسرحية برغبة مني. تزوجت وأنا صغيرة بعمر 19 عاما، وكنت أدرس لغة إنكليزي وأعمل عند طبيب عيون في نفس الوقت، كان زواجي تقليدي برغبة أهلي، وبالصدفة كان زوجي ” جورج حداد ” خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، وأقترح عليّ الانتساب إلى المعهد ولولاه لم يكن ليخطر على بالي يوماً الانتساب حيث كنت قد قدّمتُ أوراقي للعمل مضيفة طيران.
س- حديثنا عن دراستك للنقد؟
عندما التحقت بالمعهد العالي بعد إصرار زوجي، أخبرته أنني لا أحب التمثيل وليس لدي رغبة فيه، فاقترح أن أختص بالنقد وقال لي: “المهم نكون بنفس وتيرة العمل”. وفعلا قدّمت على النقد، وقتها عميد المعهد ” غسان المالح ” أقنعني بأن أقدم على المسرح لحاجتهم إلى وجوه مثلي تكون معهم في المسرح على أن النقد والمسرح بذات الدراسة وقال لي غسان يومها: ” خدي الشهادة وقعدي بالبيت مو ضروري تشتغلي” وفعلا أقنعني فكانت صدفة.
بعد أول سنة زواج خلّفت ابني وحيدي طارق، وبعد ولادتي به كان عملي متوقفا، وقتها أقنعني جورج بالمعهد العالي، ولما ذهبت للمعهد كنت أرضع طارق وقدمت أوراقي مسايرة كما يقولون، وبعد أشهر تفاجأت بخبر التحاقي وقبولي بالمعهد. أخذت ابني معي الرضيع للمعهد وكان عمره تقريبا سنة وقلت للعميد بأنني من الصعب أن أداوم فسألني: “كم وقت تحتاجين؟” فأخبرته سنة فقال لي: “سأحفظ مقعدك سنة كاملة والسنة الجاية تعالي”، قدري والله .
خرجت من المعهد وأنا أقول “يلا فرصة لطنش” وبعد سنة عادوا وأخبروني بأنه حرام أن تذهب هذه الفرصة لا سيما وأنني قُبلت من أصل 700 طالب وقتها. رجعت قدّمت “رجل قدام ورجل ورا”. وابتدأت الحكاية هنا. كنت خجولة جدا وانطوائية وقليلة التفاعل. وفي السنة الثانية ابتدأت الانطلاقة والتحدي مع النفس، فأنا من البنات المجتهدات في المدرسة ودائما الأولى بالصف وعلى المدرسة. في السنة الأولى بالمعهد كانت علاماتي منخفضة وكنت مهددة بالفصل، هنا ابتدأ التحدي مع ذاتي على أنني لم أفشل يوماً في دراستي فهل أفشل الآن!
س- أول عرض مسرحي؟
أذكر أنهم أخذوني لعرض تخرّج قبل أن أدخل للمعهد كان اسمه ” الأمير طهبوب” في دور أميرة صغيرة تغني ولديها لعبة صغيرة وعايشة بقصر، وغنيت بصوتي الطبيعي، كان العرض بمساكن الزاهرة، وبعدما دخلت المعهد توالت العروض.
س- النجاح أمر نسبي ولكن، البعض يرى أن النجاح حلقة متكاملة، بمعنى لا يمكن لناجح على الصعيد الفني أن يكون فاشلا على صعيد آخر كالعائلي مثلا. هل ترين نجاحك متكامل؟
النجاح كما ذكرت نسبي ومقاييس من وجهة نظر كل إنسان، ونجاحي بالحياة أنني استطعت أن أنتصر على ذاتي وأتحدى نفسي وربحت التحدي واستطعت تجاوز قصص كثيرة لم أكن أريدها، وتجاوزت الكثير من الصعوبات.
س- مثل ماذا تلك الصعوبات؟
كان عندي بيبي ” ابني” عمره سنتان وأنا متعلقة بابني لدرجة مرضية كانت. كنتُ أتركه من الصباح وأقطع طريقي من السادسة صباحا من أول جرمانا إلى دمر البلد حيث المعهد بالباصات للمساء، كان صعبا عليي وأبكي بطريق الرواح والعودة .. ضحيت بأربع سنوات من عمر ابني وفقدت واتعذبت وكنت قول ” معليه هاد طريق نجاح”، وعشتُ بفقر قاس جدا لمدة ثمان سنوات بعد الزواج.
س- لو سمحت لي بسؤال على الصعيد الشخصي: في الوسط الفني على وجه التحديد نادرا ما نرى كوبل فني متزوج استمر لفترة طويلة من الزمن دون أن يحدث بينهما انفصال أو مشاكل.
ما سر ديمومة العلاقة الزوجية بين ليلى سمور وجورج حداد؟
أي صحيح. السّر في الاحترام بيننا، احترام الذات والآخر، وكلانا يدفع الآخر للنجاح، جورج إنسان محترم ومنفتح ولا يجبرني على شيء، يدفعني للعمل، وكلّ واحد فينا يعطي الدور للآخر، فعندما يكون دوري أن أكون في الأمام يدفعني ويساعدني والعكس صحيح، بالإضافة إلى كوني شخص قنوع جداً في الحياة، وكما قلت لك أنا مؤمنة كثيرا والحياة لا أركض وراءها وأشتغل على حالي بالشكل الصحيح لأتتطور، وأثق أن جورج يحترمني ويحبني كثيرا، رغم أنه كان فقيرا وكنت أستطيع أن أتزوج الأغنى، ولكن كان هدفي إنساني ولم أؤمن يوما أن الحب والغرام قادرين على أن يقدما لي شيئاً، فجورج إنسان بكل ما في الكلمة من معنى وطيّب وأنا امرأة غير متطلبة، ولم أفكر بأن أكون انتهازية في زواجي من رجل لأجل أن يصرف عليّ، والسبب أنني كنت أعمل وأنا بعمر اﻟ 15 عاما وأصرف على حالي واعتدت على ذلك وإلى الآن، لذلك لم يكن لدي أحلام أن أتزوج غنياً ليصرف عليّ ويصبح عندي قصور وسيارات، ولكن فيما بعد كل شيء لحاله أتى، من شهرة، نجومية، بيوت، سيارات وكله لأنني لم ألهث وراء كل ذلك.
س- إذن أنت زاهدة في الدنيا؟
نعم صحيح زاهدة، لا أركض وراءها ولست متعلقة بها، التخلي عندي سهل، ومتوكلة وماشية بنور الله على يقين.
س- حديثنا عن دفعتك بالمعهد العالي؟
في السنة الأولى والثانية درّسنا الدكتور فواز الساجر ويعقوب الشدراوي، وفي السنة الثانية توفي الدكتور الساجر، وفي الثالثة درّسنا الأستاذ فايز قزق، وطوال السنين الأربع كان معنا مدرب اللياقة البروفيسور ” نيكولاي كاربوف “، ومدرسة الحركة والباليه كانت ” نونا تين ” ثم استلمنا سنة التخرج البروفيسور البولوندي العبقري ” يان سكوتنسكي”.
ومن أبناء دفعتي كان: نجوى علوان، زهير العمر، نضال سيجري، أندريه سكاف وزوجته سوسن أبو عفار، ميادة درويش، بثينة معماري، كميل أبو صعب، والدكتور سامر عمران.
وكان معنا شاب وصبية من السودان توفيا أثناء الدراسة. أستذكر لحظة دخول الدكتور فواز علينا وعندما عدّنا فوجدنا 13 قال وقتها: ” أنتم 13 طالبا؟ قلنا له: نعم دكتور. قال لنا: بتعرفوا أنه هالرقم بيقولوا عنه رقم شؤم”! وللأسف أول السنة مات السودانيين ثم في السنة الثانية توفى الساجر الله يرحمهم.
س- ما رأيك اليوم بالمعهد العالي؟
تغيّر كثيراً، دفعتي كانت آخر دفعة بدمر البلد، وبعد انتقاله إلى ساحة الأمويين لا أعد أعرف عنه شيئاً. باعتقادي كان مختلفاً جداً، حتى الحياة والنظام كانا غير شكل.
س- مسيرتك الفنية متنوعة بين مسرح، سينما، تلفزيون وإذاعة، وكان الحظ الأوفر للتلفزيون. هل كان خياراً أم فرصاً؟
لا والله كانت فرصا، ولكن عندما قدّمت عدداً من العروض المسرحية شعرت أنه ليس هذا الذي أحلم، فكان من جملة الأسباب. قدمت مسرحيتين بعد التخرج للمسرح القومي وأيضا لم أشعر أنه بنفس المستوى الذي درسته فتراجعت نفسيتي فليس هذا الذي درسته وكان مختلفاً كلياً..
س- ما الذي اختلف عليك؟
النصوص العالمية أثناء دراستنا وطريقة العروض التدريبية مختلفة كثيرا عن العمل بالمسرح القومي، لا النصوص بالقوة ذاتها ولا الإخراج ذاته وحتى الأدوار ليست بذات القوة، فشعرت أن مكاني ليس هنا.
س- بين السينما والتلفزيون. إلى أيهما تميلين أكثر؟
السينما أحلى ولكن التلفزيون أقوى يدخل كل البيوت وأسهل.
س- بين الكوميديا والدراما الاجتماعية والتاريخي والبيئة الشامية. أين تجدين نفسك أكثر؟
الكوميديا لأنني أشعر أنها سهلة، بالرغم من قدرتي على كافة الأعمال، ولكن الكوميديا أستمتع فيها وقريبة لشخصيتي بالحياة.
س- اليوم الفن السوري بين فترة التسعينيات والحاضر ماذا فقد؟
اختلف كثيرا، ولا أريد أن أدين أحدا، في السابق لم أكن أطلب الشغل وكان يأتيني لأنني مختارة لهذا الدور ويناسبني.. وكنت موجودة في البيت والأدوار تعرض عليّ وأنا في البيت، لم أكن أخرج وأتكلم مع شركات وعلاقات وتواصل وحياة اجتماعية، كانت الموهبة تفرض حضورها.. وأنا شخص بيتوتي كثيرا.. ولكن لاحقا تغير الوضع وصارت الحياة كلها علاقات ومصالح.
س- هل هذا سبب التهميش؟
أنا ضد كلمة تهميش، ولا أعتبره تهميشا لأنني موجودة ولكن لديهم أسبابهم التي لا أعرفها، قد يكون السفر سبب ولكن لا أحد يستطيع أن يهمش الثاني لأنه موجود. أنا موجودة وفارضة حضوري والعالم تطالب بوجودي وأن لا أبتعد… في آخر فترة قُدمت لي أدوار ليست من قيمتي الفنية على مشهد ومشهدين فراغ، وكنت أرفض لأنني أحترم تجاربي مع أهم مخرجين بالعالم العربي وعمالقة كبار، لذلك كنت أرفض الأدوار التي لا تضيف لي شئيا، وسافرت لفرنسا وغبت عشر سنين دون عمل وصاروا يقولوا اعتزلت، لاتفاجأ وخلال فترة الانقطاع من أن الناس يتذكرون تفاصيل وأسماء أعمال أنا كنت قد نسيتها من زمان، إذن علّمت بالمكان الصح والوقت الصح، وفخورة بهذا الشيء، فالوقت السابق هو الوقت الصح، أما اليوم ليس زماننا ولكن من اللازم أن نعمل على شيء آخر كي نحقق التوازن بين الماضي والوقت الحاضر.
س- مثل ماذا؟
يعني من اللازم أن يتم التطوير باتجاه ما هو موجود الآن وكيفية الوصول والطريقة ولكن ضمن الكاركتر الخاص بك وطريقتك واحترام تاريخك ولا يصح أن أنعزل، فليس من الخطأ أن أخرج في بث مباشر وأحكي مع الجمهور لأن الكثير منهم محب. أذكر عندما خرجت يوماً في بث مباشر تفاجأت بالعدد الهائل من المتابعين ولم أجد أي تعليق أو كلام سلبي، وأنا مدينة لهؤلاء الأشخاص على أنني بذاكرتهم شخص حلو ومسالم.
س- على سيرة البث المباشر. رأينا ظهور عدد من الفنانين والفنانات على التيك توك ومؤخرا الفنانة السورية سوسن ميخائيل كيف خرجت بالدموع مبررة بالوضع المعيشي الصعب وقلة فرص العمل. ما رأيك بهذه الظاهرة وهل تؤيدينها؟
اليوم ووضع السوريين لا يمكن أن نلوم أحدا، ولكن أنا شخصياً لا أستطيع أن أعمل هذا الأمر ولا أقدر عليه، من الممكن أن أخرج لايف مع الجمهور وأناقش مواضيع لها علاقة بحياتنا، غير هذا من الجولات لا أراها من تركيبتي، ولكن لا أملك أن ألوم الآخرين والحياة بسورية القاسية وليس فقط على الفنانين وإنما على عامة الناس، لكن يمكن أن يجدوا طريقة ثانية غير هذه الطريقة ولا ألومهم أو أدينهم وغير مضطرين أن يبرروا فلا أحد يحق له التدخل بكيفية تحصيل رزقه، وبالنهاية لا أحد معصوم عن الخطأ ولا أحد يعلم بأوجاع الآخر وكيف يعيش.
س- لك تجارب فنية عربية مشتركة ﻛ CBM، طاش ماطاش وغيرهما. لم برأيك اليوم الأعمال العربية المشتركة وحتى المدبلجة عن التركي تواجه النقد والرفض الذي نرى ونسمع؟
ما أراه اليوم أن هناك نقدا قاسيا جدا وبكل الاتجاهات ولا أعلم لم. أما بالنسبة للأعمال المشتركة فقد شاهدتُ عملا لطيفا لعابد فهد ونادين نسيب نجيم “طريق”، طبعا هناك هفوات وفراغات بالنص والإيقاع والقصة، ولكن وبشكل عام لست ضد الأعمال المشتركة وأشعر بأنها تُغني الاثنين، ولي أعمال مع نجوم عرب مصريين وسعوديين والكويت والبحرين وقطر والإمارات.
س- هل يأتيك اليوم عروضا عربية؟
اليوم وبحكم ابتعادي قلّ الشغل، في العام الماضي بصبايا 2023م لأقتنعوا أنني عدتُ لعملي، والآن من اللازم أن آخذ فرصتي والمكان الصحيح لأنني مسلمة بأنه عندما يحين الوقت سيأتيك ما تريدين.
س- متى يفكر الفنان بالاعتزال؟
عندما يفقد القدرة على الوقوف والحركة والكلام والذاكرة، أي عندما ينتهي جسديا وغير ذلك لا تصدقي لأن هذه المهنة إدمان على صاحبها تجري بالدم.
س- كيف قاومت إذن هذا الإدمان بابتعادك عن الفن ما يقارب العشر سنوات؟
كثيرا ، كان صعبا علي وقاسيا، ولكن أشعر بجانب آخر باسترخاء على أنها رسالة من الرب أرسلها لي لأنني أعمل صح، وهذا التغييب له رسالة قد لا أعلمها ولكن سأبقى موجودة بالمكان الصح لأن آخر عشر سنوات من عملي لم أكن بالمكان الصح.
س- لك تجارب فنية مع الراحل المخرج هشام شربتجي والبدايات معه بعمل البناء 22. قد يتسائل البعض: أين ليلى من أعمال ابنته المخرجة رشا شربتجي؟
والله تساءلت أنا أيضا، وشهرتي كانت على يديه رحمه الله، وأذكر جملة قالها لي لن أنساها: “أنت ليلى بعد هالعمل لح يصير يتأشر عليك بالأصابع”، وكنت ورشا قبل أن تقوم بأعمال فنية ضخمة بسوريا نتدرب في النادي الرياضي ذاته والتقينا وكان بيننا الكثير من المودة، وأخبرتها بحبي لها ولوالدها الله يرحمه وأنني أحب أن أعمل معها. وراحت الأيام وسافرت لفرنسا وما زلت أتابع أعمالها الناجحة. ولكن إلى اللحظة لم يصدف وأرسلت لي شيئا لا أعلم السبب، ولكن أتوقع مع الأيام أنني سأشتغل معها.
س- بعد الحرب على سوريا اليوم والحديث عن إعادة الإعمار. ما دور الفن والفنانيين السوريين في إعادة الأعمار؟
أن يتم إنتاج أعمال لها علاقة بهذا الموضوع، أعمال تحفز على محبتنا ومساعدتنا لبعضنا، وكيف يتم البناء، رسائل عن حب الحياة والوطن والأطفال وترميم هذا الوطن، وهذا يتطلب كُتّاب يستطيع كتابة لم هذا الشتات السوري.
س- قبل الختام. وأنا أجري حواري معك لم أشعر بالفارق الزمني الذي تجاوز الثلاثة عقود من الزمن لا من ناحية الصوت ولا الرشاقة. باعتقادي أغلب النساء التي تشاهد ليلى سمور وتسمعها، قد تسأل ما سر هذه الرشاقة؟
( ضحكة) إذن لم يتغير صوتي ما؟ هل يعني أن صديقاتي قد تغيرت أصواتهن؟ أعتقد أن السر في التدخين، أنا وفي حياتي كلها لم أدخن ولم أمش بهذا التيار وأعتقد أن 99% من الزميلات يدخنّ، وحتى الكحول بكل أنواعه لا أتحمله، وكل المشروبات الغازية والعصائر الجاهزة، وألعب رياضة يوميا وأمشي 10 آلاف خطة يوميا، وأجلس للتأمل يوميا، وعندي صيام متقطع قد يصل ﻟ 20 ساعة بدون طعام وبكل راحة وعلى هذا النظام مكملة حياتي.
وأعتقد أن السلام الداخلي له دور، وموضوع المنافسة أرفضه إن لم يكن للبناء والتطور، فالورد على سبيل المثال لا ينافس ولا يخاصم بعضه، من أجل أن يخرج رائحة أكثر من الثاني أو يسحب الماء من الآخر، كل وردة لها رائحتها وجمالها وهكذا أتمنى أن يكون الناس مثل الورد يتنافسون على من يقدم جمالا أكثر.
س- ما الجديد؟
توجد مشاريع تُكلّم فيها معي في الشام ودبي، وعندي تصوير بالشام بعد فترة لوحات ﻟ حارة الشوف ولدي مسلسل ومنقول إن شاء الله خير.
س- رسالتك؟
بقدر ما تصنع الخير للآخرين بقدر ما يرجع هذا الخير إليكم بوفرة.
س- في الختام أود منك نصيحتين، الأولى لكل أم طموحة تحدّت ظروفها، والأخرى لكل من يود أن يسلط طريق الفن من جيل اليوم؟
الأم الطموحة هي أم جبارة وقيلت لي يوما، تلك التي أفخر بها وأقول لها: أحبي نفسك لأنك تستحقين النجاح فأنت حالة استثنائية، وهذا العذاب الذي أنت به سيكون في رصيدك فرح وسعادة للمستقبل، وأكملي لا تقفي وأنت قادرة على التوافق بين كل أعمالك الشخصية والمهنية.
أما للجيل، فأقول أدخلوا هذا الطريق بشكل جدي، ولا تصدقوا قصة الشهرة والنجومية، لأنها مؤقتة كفقاعة الهواء ومخيفة حال صدقتوها، واعملوا بها بمزاج عالٍ وعميق جداً لا مهنة فلوس وحفلات وحسب، وتواضعوا تواضعوا تواضعوا ..
وأشكرك على هذا الحوار وسفير برس وأتمنى كل الخير والتوفيق بطريقك.
#سفير_برس _ إعداد وحوار : هبة عبد القادر الكل