الدعم الغربي.. مثال حي على إزدواجية المعايير في التعامل مع الأزمات الإنسانية..بقلم : رسلان داود
#سفيربرس
تتواصل فصول الصراع في السودان، مما يكشف عن أزمة إنسانية عميقة تتفاقم في مختلف أنحاء البلاد. مع احتدام القتال، يزداد عدد الأشخاص النازحين عن ديارهم، حيث أودى العنف بحياة الآلاف ودفع الملايين إلى الفرار، ما أطلق كارثة إنسانية تهدد بتصدير عدم الاستقرار إلى أفريقيا بأكملها.
إضافة إلى ذلك، يشير بعض النشطاء والحقوقيين إلى أن هذه الأزمة غير المسبوقة في السودان، بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا والأزمات الناتجة عنها، تكشف عن أزمة أخلاقية عميقة وازدواجية في المعايير الأممية في توزيع المساعدات الإنسانية. وهذا يبرز الحاجة الملحة لمطالبة الأمم المتحدة ودول الغرب بتعريف واضح لمفهوم الإنسانية.
أزمة إنسانية
في هذا السياق، تأتي التحذيرات الأخيرة من منظمة الصحة العالمية بشأن أزمة المجاعة الوشيكة في السودان كدعوة للتفكر. فقد أشار ممثل المنظمة في السودان، شبل صحباني، إلى أن الوضع الصحي في البلاد، بعد أكثر من 15 شهرًا من النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع، خطير للغاية. يُظهر هذا الوضع المعقد التحديات الكبيرة التي تواجهها جهود تقديم المساعدة الإنسانية ويؤكد الحاجة الملحة للتدخلات الفعالة.
وأضاف صحباني في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “نحو 80 بالمئة من المرافق الصحية في النقاط الساخنة للنزاع لم تعد تعمل، بسبب نقص القوى العاملة الصحية وتكاليف التشغيل ونقص الإمدادات الطبية والهجمات على المنشآت الصحية”.
وتابع: “المؤسف أن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية آخذة في الازدياد، وقد تحققت منظمة الصحة العالمية من 85 هجوما عليها أسفرت عن 55 وفاة وإصابة 104 من العاملين الصحيين والمرضى، منها 19 هجوما في الشهرين الماضيين”.
وفقًا لوكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، تتمثل السمة المروعة لهذا الصراع في الهجمات الوحشية على المدنيين، بما في ذلك قتل الأبرياء بشكل تعسفي، وعمليات القتل العنصري، وانتهاكات عديدة تتعلق بالعنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وانتشار الجوع. هذه العوامل جميعها أدت إلى تفاقم أزمة النزوح الأسرع نموًا في العالم. البلدان المجاورة قدمت يد المساعدة للنازحين، لكن بعض هذه الدول تعاني بالفعل من حالات طوارئ إنسانية حادة، خاصة تشاد.
بالإضافة إلى ذلك، في منتصف شهر مايو الماضي، أطلقت الأمم المتحدة تحذيرًا عاجلًا حول “النقص الكارثي” في تمويل المساعدات للسودان، وجاء ذلك عبر تصريح على لسان الناطق باسم مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايرك.
تسييس المساعدات الإنسانية
و في السياق ذاته، نقلا عن “سكاي نيوز عربية”، يقول أحمد عبدالله، الباحث في العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، إن للأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها دور محوري في الحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، حيث يتمثل أحد أهدافها الأساسية في حل النزاعات بين الدول وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحروب والأزمات، ورغم أن الدعم المالي من جانب الجهات المانحة الرئيسية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يشكل أهمية بالغة لنجاح هذه الجهود، فإنه يثير أيضاً المخاوف بشأن تسييس توزيع المساعدات.
ويُشير أحمد عبدالله، خلال تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي كشفت عن تمويل السودان بـ 6 % من أجمالي المبلغ المطلوب لمساعدة البلاد من الجهات المانحة، فالولايات المتحدة قدمت 4.95% من المبلغ المطلوب لمساعدة السودان، وفي ظل كل ما سبق، انقطعت المساعدات الإنسانية عن اللاجئين السودانيين في بعض دول الجوار من قبل واشنطن والمنظمات الدولية المدعومة غربيًا.
و يشير الباحث في العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم إلى أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد أوقف مساعداته لحوالي 559 ألف لاجئ سوداني في مخيمات أركوم في تشاد منذ أبريل الماضي، وذلك نتيجة لنقص التمويل. كما تم التطرق إلى وجود ضغط واضح على الأمم المتحدة من قبل كل من واشنطن وباريس لتعليق المساعدات الإنسانية للاجئين السودانيين في المخيمات التشادية، بالإضافة إلى اللاجئين من دول أفريقية أخرى، مما يهدد 1.5 مليون لاجئ بخطر المجاعة.
إزدواجية المعايير
وفقًا لتقارير إعلامية غربية وعربية، تم تقديم ما يزيد عن 100 مليار دولار أمريكي كمساعدات من الولايات المتحدة لأوكرانيا، بينما بلغت مساعدات الاتحاد الأوروبي أكثر من 65 مليار يورو. ووفقًا للمراقبين، شملت هذه المساعدات على معدات عسكرية وأسلحة وذخيرة بشكل أساسي، بالإضافة إلى موارد الطاقة ومعدات طبية ومواد غذائية.
وفقًا لموقع “سكاي نيوز عربية”، بالإضافة إلى المساعدات المذكورة سابقًا، تعتزم واشنطن تقديم حزمة مساعدات أخرى هذا العام بقيمة 6 مليارات دولار. كما أعلنت فرنسا عن تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 3 مليارات يورو وفق اتفاقية أمنية بين الجانبين.
من ناحية أخرى، أعلنت ألمانيا عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة تبلغ قيمتها 1.1 مليار يورو. ومن المتوقع أن يتجاوز إجمالي حجم المساعدات الألمانية المقدمة لأوكرانيا هذا العام 7 مليارات يورو، بالإضافة إلى تخصيص أكثر من 102.2 مليار دولار كمساعدات إنسانية خلال فترة الحرب.
#سفيربرس _ رسلان عبود