إعلان
إعلان

كتبت ميرال حسن : الشرق الأوسط.. من الماضي إلى الحاضر – تطور المواقف العربية عبر ملوكها ورؤسائها تجاه إسرائيل

#سفيربرس

إعلان

الجزء الثاني: مفترق الطرق: رحلة دولة الإمارات من دعم فلسطين إلى العلاقات الدبلوماسية مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلي

في ساحة السياسة العالمية، و عندما نتحدث عن التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، و عندما يُذكر اسم الإمارات العربية المتحدة في ساحات السياسة الخارجية، يقف المرء أمام مشهد مشحون بالتناقضات والصراعات الخفية التي تتشابك فيها المصالح والولاءات. فكيف لدولة شابة، تأسست على يد قائد عربي أصيل، أن تتحول تدريجيًا إلى ساحة للعبة السياسية الكبرى في الشرق الأوسط، بل وتصبح من بين القوى الدافعة لتطبيع العلاقات مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، ذلك الكيان الذي وُلد من رحم الصراعات والنكبات؟ هل كان هذا التحول نتيجة استراتيجيات عقلانية مدروسة تهدف لتعزيز دور الإمارات الإقليمي؟ أم أنه جاء نتيجة انزلاق في دهاليز الصفقات التي غيّرت خريطة الولاءات والعداوات في المنطقة

الامارات العربية المتحدة، التي كانت تتخذ في العقود الأولى من وجودها موقفًا ثابتًا يدعم القضية الفلسطينية، تشهد اليوم تحولات جذرية في موقفها تجاه دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، مما يفتح بابًا للنقاش حول مدى ارتباط هذه التغيرات بمصالحها الوطنية والإقليمية. فما الذي دفع الإمارات لاتخاذ هذا المسار؟ كيف استطاعت الانتقال من مواقف الصدام والمقاطعة إلى معاهدات واتفاقيات تعاونية مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية؟ وكيف لعبت شخصيات بارزة مثل محمد دحلان دورًا محوريًا في إعادة صياغة العلاقات بين الإمارات و دولة (الاحتلال) الإسرائيلية؟ كل هذه التساؤلات تدعونا لاستكشاف رحلة طويلة ومعقدة مليئة بالقرارات التي إما طعنت القضية الفلسطينية أو ادّعت الدفاع عنها بطرق جديدة.

1. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (2 ديسمبر1971 – 2 نوفمبر 2004):

كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أبرز القادة العرب في القرن العشرين، ومؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، و أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، حكم من عام 1971 (سنة تأسيس الاتحاد) حتى وفاته في 2 نوفمبر 2004. قاد الشيخ زايد الدولة بخبرة وحنكة، معتمدًا على رؤية مستقبلية جعلت من دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجًا للاستقرار والتنمية في المنطقة. كان الشيخ زايد مؤيدًا قويًا للقضية الفلسطينية ومناهضًا بشكل صريح لدولة (الاحتلال) الاسرائيلية. خلال فترة حكمه، التزمت الإمارات بمقاطعة دولة (الاحتلال) الإسرائيلية ورفضت أي شكل من أشكال التطبيع أو التواصل معها.

حافظ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على موقف حازم ضد الاعتراف بدولة (الاحتلال) الإسرائيلية، مشددا على ضرورة انسحابها من الأراضي العربية المحتلة، خاصة القدس الشرقية، باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة.

النشأة والتأثير المبكر (1918-1966)
ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1918 في مدينة العين، إحدى أكبر مدن إمارة أبوظبي. ترعرع في بيئة بدوية بين القبائل، وكان لهذه التربية تأثير كبير على شخصيته القيادية وتفهمه لاحتياجات شعبه. كان زايد ابنًا لأسرته الحاكمة في إمارة أبوظبي، وتلقى تعليمه الديني منذ سن مبكرة، متأثرًا بقيم الإسلام والعدالة التي ظلت توجّه سياساته المستقبلية.

أصبح الشيخ زايد حاكمًا للعين في عام 1946، حيث بدأت تظهر براعته في إدارة شؤون المنطقة وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية رغم التحديات. كان هدفه الأساسي تحسين الظروف المعيشية لسكان المنطقة، فركز على بناء أنظمة الري والزراعة، التي كانت مصدر الرزق الأساسي لأهالي العين. قاد عدة مشروعات في مجالات التعليم والصحة، ووضع أسس الإدارة الحكومية التي كان يطمح إلى توسيعها في وقت لاحق.

فترة توليه الحكم في أبوظبي (1966-1971)
في عام 1966، تولى الشيخ زايد حكم إمارة أبوظبي بعد تنحية أخيه الأكبر شخبوط بن سلطان آل نهيان. فور توليه السلطة، أدرك الشيخ زايد أن إمارة أبوظبي الغنية بالنفط يمكن أن تكون حجر الأساس لتطوير المنطقة بأسرها. بدأ فورًا بتوجيه عائدات النفط نحو مشاريع تنموية، محققًا تحولات جذرية في البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية. أسس دوائر حكومية لتنظيم التنمية الاقتصادية والإدارية، وسرعان ما أصبحت أبوظبي تحت قيادته واحدة من أسرع المناطق نموًا في العالم العربي.

ولكن طموحات الشيخ زايد لم تكن مقتصرة على إمارة أبوظبي فقط؛ بل كان يطمح لتوحيد الإمارات السبع الأخرى (دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين، رأس الخيمة، الفجيرة) لتشكيل دولة قوية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية والاستفادة من الثروات الطبيعية.

تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة (1971)
مع انسحاب القوات البريطانية من المنطقة في أواخر الستينيات، رأى الشيخ زايد فرصة كبيرة لتوحيد الإمارات السبع. وفي 2 ديسمبر 1971، نجح الشيخ زايد بالتعاون مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، في إعلان تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة. كانت هذه الخطوة بمثابة بداية جديدة للمنطقة، حيث أصبحت الإمارات دولة مستقلة ذات سيادة، مستفيدة من ثروات النفط لتحقيق التنمية والازدهار.

شهدت السنوات الأولى بعد التأسيس تحديات عديدة، أبرزها بناء مؤسسات الدولة الحديثة وتطوير البنية التحتية الأساسية. قاد الشيخ زايد جهودًا واسعة لبناء الطرق، المدارس، المستشفيات، والموانئ، كما وضع سياسات لدعم التعليم وتطوير القوى العاملة المحلية.

الدور السياسي والدبلوماسي (1971-2004)

القضية الفلسطينية
كان للشيخ زايد موقف مبدئي ثابت تجاه القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. حيث دعم الشيخ زايد الشعب الفلسطيني ماديًا ودبلوماسيًا في نضاله ضد دولة (الاحتلال) الإسرائيلية. فكان دعمه للقضية الفلسطينية أحد أبرز سمات سياسته الخارجية. وقدمت الإمارات خلال فترة حكمه مساعدات مالية كبيرة للسلطة الفلسطينية والمنظمات الإنسانية التي تعمل في فلسطين. كما كان له دور بارز في دعم المواقف العربية خلال حرب أكتوبر 1973، حيث شاركت الإمارات في الحظر النفطي على الدول الداعمة لدولة (الاحتلال) الإسرائيلية. كان هذا الموقف علامة بارزة في دعم الإمارات للقضية الفلسطينية والعربية. بالمقابل عارض الشيخ زايد بشدة اتفاقيات أوسلو 1993 التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، معتقدًا أنها لا تلبي حقوق الفلسطينيين الأساسية. كما عارض الشيخ زايد بشدة اتفاقية كامب ديفيد التي وقع عليها الرئيس المصري أنور السادات مع إسرائيل في عام 1978. ورأى في تلك الاتفاقية تخليًا عن حقوق الفلسطينيين. ولم يتغير هذا الموقف طوال فترة حكمه، حيث ظل ملتزمًا بمبادئ الوحدة العربية ومناصرة الشعب الفلسطيني.

قدمت الإمارات مساعدات مالية وإنسانية كبيرة للشعب الفلسطيني، ودعمت جهوده في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. كما كانت الإمارات تحت قيادة زايد من أوائل الدول التي نددت بالعدوان الإسرائيلي في الحروب المختلفة، خاصة في عام 1973، حين دعمت الإمارات الجهود العربية أثناء حرب أكتوبر.

اتفاقية كامب ديفيد (1978)
كانت اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في عام 1978 أحد أهم الاتفاقيات التي أثرت على العلاقات العربية. وعلى الرغم من موقفه الداعم للقضية الفلسطينية، لم يرفض الشيخ زايد المبادرة المصرية، بل اعتمد سياسة موازنة بين دعمه للقضية الفلسطينية والحفاظ على الوحدة العربية. كان يؤمن بأن السلام يجب أن يكون شاملًا وعادلًا، وقد عبر عن أمله في أن تقود هذه الاتفاقية إلى حل شامل للصراع العربي الإسرائيلي.

مجلس التعاون لدول الخليج العربية (1981)
كان الشيخ زايد من أبرز القادة الداعمين لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 1981. كان الهدف من هذا المجلس تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الدول الأعضاء، وضمان استقرار المنطقة في مواجهة التحديات الخارجية مثل الحرب العراقية الإيرانية، والتهديدات الأمنية التي تواجه الخليج.

اتفاقية جدة (1974) مع السعودية
من أهم الإنجازات الدبلوماسية للشيخ زايد توقيع اتفاقية جدة عام 1974 مع المملكة العربية السعودية، والتي أنهت النزاع الحدودي بين البلدين. ساعدت هذه الاتفاقية على تقوية العلاقات بين الإمارات والسعودية، ما انعكس إيجابيًا على التعاون الاقتصادي والسياسي بينهما. كان الشيخ زايد يؤمن بأهمية العلاقات الأخوية بين دول الخليج، وسعى جاهدًا لحل أي نزاعات بطرق سلمية.

المشاركة في تحرير الكويت (1991)
عندما غزا العراق الكويت في عام 1990، قادت الإمارات بقيادة الشيخ زايد حملة دبلوماسية وعسكرية لدعم تحرير الكويت. شاركت الإمارات ضمن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وقدمت دعمًا ماديًا ومعنويًا كبيرًا للعمليات العسكرية. عُرفت هذه المشاركة بموقف زايد الثابت ضد أي اعتداء على دولة عربية، وحرصه على الحفاظ على سيادة وأمن المنطقة.

التعاون العسكري مع الولايات المتحدة

خلال فترة حكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (1966-2004)، شهدت الإمارات العربية المتحدة تحولًا استراتيجيًا في علاقاتها الدولية، خاصة في مجال التعاون العسكري مع الولايات المتحدة. هذا التعاون لم يكن مجرد خطوة لتعزيز القدرات الدفاعية لدولة لإمارات، بل كان جزءًا من رؤية الشيخ زايد لبناء دولة مستقرة ومؤثرة على الساحة الإقليمية والدولية. هنا نعرض مجموعة من الأحداث والتواريخ التي تعزز فهم هذا الجانب من السياسة الإماراتية:

اتفاقيات التعاون الدفاعي في الثمانينيات: في عام 1980، عقب الثورة الإيرانية واندلاع الحرب العراقية-الإيرانية، بدأت الإمارات تبحث عن شراكات عسكرية استراتيجية لضمان أمنها في مواجهة التهديدات الإقليمية. كانت الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي سعت الإمارات لتعزيز علاقاتها معها، وذلك عبر اتفاقيات شملت تطوير البنية التحتية الدفاعية وتوفير الدعم الفني.

توقيع الاتفاقية الدفاعية لعام 1994: من أبرز المحطات في تاريخ التعاون العسكري بين الإمارات والولايات المتحدة كان توقيع اتفاقية الدفاع المشترك في عام 1994. جاءت هذه الاتفاقية بعد حرب الخليج الثانية (1990-1991)، التي شهدت غزو العراق للكويت وتدخل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لتحرير الكويت. لعبت الإمارات دورًا هامًا في دعم عمليات التحالف الدولي من خلال تقديم التسهيلات اللوجستية والبنية التحتية للقوات المشاركة. عززت الاتفاقية الجديدة الشراكة الدفاعية بين الإمارات والولايات المتحدة من خلال السماح بوجود قوات أمريكية على أراضي الإمارات بشكل دائم، وتقديم تدريبات عسكرية مشتركة تهدف إلى تحسين قدرات الدفاع الإماراتية.

التعاون في مجال الدفاع الجوي والتكنولوجيا العسكرية: في منتصف التسعينيات، شرعت الإمارات في شراء أنظمة دفاع جوي متطورة من الولايات المتحدة، مثل بطاريات صواريخ “باتريوت” لتعزيز قدراتها الدفاعية ضد التهديدات المحتملة من الصواريخ الباليستية، وخاصة من إيران التي كانت في تلك الفترة تطور برامجها الصاروخية بشكل متسارع. في عام 1996، أجرت الإمارات والولايات المتحدة أول تدريبات مشتركة كبيرة تحت مسمى “الرمال الذهبية”، والتي شملت مناورات برية وجوية لتعزيز التنسيق العسكري بين البلدين.

اتفاقيات ما بعد عام 2000: مع دخول الألفية الجديدة، استمرت الإمارات في تعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة من خلال اتفاقيات دفاعية جديدة. في عام 2002، وقعت الإمارات اتفاقية لشراء طائرات مقاتلة من طراز F-16، وهي صفقة بلغت قيمتها عدة مليارات من الدولارات وشملت تحديثات متقدمة تجعل الطائرات متفوقة تكنولوجيًا في المنطقة. هذه الخطوة كانت جزءًا من استراتيجية الشيخ زايد لتعزيز القدرة العسكرية للإمارات وضمان تفوقها في مواجهة التحديات المستقبلية.

دعم التحالفات الإقليمية والدولية: ساهمت العلاقات العسكرية القوية بين الإمارات والولايات المتحدة في تعزيز قدرة الإمارات على المشاركة الفعالة في التحالفات الإقليمية والدولية، مثل مشاركتها في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. حيث وفرت الإمارات الدعم اللوجستي والتسهيلات العسكرية للقوات الأمريكية، مما عزز من مكانتها كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

تظهر هذه الأحداث والتواريخ أن سياسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الخارجية لم تقتصر على دعم القضايا العربية فحسب، بل شملت أيضًا بناء شبكة من التحالفات الاستراتيجية التي تضمن حماية الدولة وتعزيز أمنها في مواجهة التحديات المتزايدة.

موقفه من التطبيع:
رفض الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رفضًا قاطعًا التطبيع مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية قبل حل القضية الفلسطينية، واعتبر أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستكون خيانة للفلسطينيين والشعوب العربية. في إطار ذلك، كانت الإمارات في عهده داعمة للقضايا العربية في المحافل الدولية، سواء على مستوى الأمم المتحدة أو الجامعة العربية، حافظت دولة الإمارات على حظر كامل لأي تعاملات تجارية أو اقتصادية مع إسرائيل. ولم تكن هناك أي علاقات دبلوماسية أو تجارية مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية طوال فترة حكمه.

علاقات دولية متميزة
تميزت السياسة الخارجية للإمارات في عهد الشيخ زايد بالتوازن والحكمة. سعى الشيخ زايد لتعزيز العلاقات مع دول الجوار والدول الكبرى، وفي الوقت نفسه حافظ على علاقات دبلوماسية إيجابية مع القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بهدف حماية مصالح الإمارات وتعزيز التنمية الداخلية. كان الشيخ زايد يؤمن بالحلول السلمية للأزمات الدولية، وسعى دائمًا إلى التوسط في النزاعات الإقليمية والدولية.

مجلس التعاون الخليجي
في عام 1981، كان الشيخ زايد من أبرز الداعين إلى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي كان يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين دول الخليج العربي. كان زايد يؤمن بأن قوة الخليج تكمن في وحدته، وسعى جاهدًا لتعزيز هذه الوحدة من خلال دعم المشاريع المشتركة والاتفاقيات الأمنية بين دول المجلس.

معاهدات واتفاقيات بارزة في عهد الشيخ زايد
معاهدة الحدود مع السعودية (1974): في عام 1974، حيث وقعت الإمارات والسعودية اتفاقية لتسوية النزاعات الحدودية بين البلدين. كان لهذه المعاهدة دور كبير في تعزيز العلاقات بين البلدين وخلق استقرار سياسي في المنطقة.

اتفاقيات التعاون العسكري مع الولايات المتحدة (1990s): خلال تسعينيات القرن الماضي، قامت الإمارات بتعزيز تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة من خلال مجموعة من الاتفاقيات التي هدفت إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الخليج العربي، خاصة في مواجهة التهديدات الإقليمية مثل الحرب العراقية الإيرانية.

المشاركة في تحرير الكويت (1991): لعبت الإمارات دورًا بارزًا في التحالف الدولي لتحرير الكويت من الغزو العراقي في عام 1991. كانت هذه الخطوة تعبيرًا عن التزام الشيخ زايد بالحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي.

الوفاة والإرث (2004)
توفي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في 2 نوفمبر 2004، مخلفًا وراءه دولة مزدهرة ومستقرة. ورغم وفاته، لا يزال إرثه حيًا في قلوب الإماراتيين والعرب، الذين يتذكرونه كقائد حكيم ورجل دولة صاحب رؤية بعيدة المدى. من توحيد الإمارات السبع إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، تاركا بصمة لا تُمحى في تاريخ دولة الإمارات والمنطقة. بإرث لا يزال حيًا.

2. موقف الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (3 نوفمبر 2004 – 13 مايو 2022):

مع وفاة الشيخ زايد وتولي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الحكم في 3 نوفمبر 2004، والذي كان انتقال السلطة إليه سلسًا، بفضل استقرار النظام السياسي والهيكل الاتحادي الذي وضعه الشيخ زايد. ومع ذلك، كانت هذه الفترة حاسمة، حيث كان على الشيخ خليفة أن يواصل الحفاظ على إرث والده من جهة، وأن يواجه التحديات الجديدة في البيئة الاقتصادية والسياسية العالمية من جهة أخرى.

أولى الشيخ خليفة اهتمامًا بالغًا لتعزيز الاستقرار السياسي الداخلي في الإمارات، حيث واصل العمل على تمتين الاتحاد بين الإمارات السبع وتوطيد العلاقات بين قادتها. كما ركز على تفعيل دور الإمارات في الساحة الدولية، مما أدى إلى تعزيز مكانة الدولة كقوة إقليمية ذات تأثير واسع.

بقيت القضية الفلسطينية محورية في سياسة الإمارات العربية المتحدة الخارجية. وقد ورث الشيخ خليفة موقف والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان من أشد الداعمين للحقوق الفلسطينية، لكنه واجه تحديات سياسية واقتصادية جديدة تتطلب توجيهاً مختلفاً في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. حيث بدأت تظهر تغييرات طفيفة في السياسة الإماراتية تجاه إسرائيل، خاصة على المستوى الأمني والاقتصادي، وإن كان ذلك خلف الكواليس. حيث بدأت الإمارات في بناء علاقات غير رسمية مع إسرائيل، تركزت في مجالات الأمن والتكنولوجيا. هذه الخطوات ظلت سرية إلى حد كبير، ولم يتم الإعلان عنها رسميًا.

الدعم الدائم للقضية الفلسطينية

الموقف السياسي الرسمي

منذ تولي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الحكم في نوفمبر 2004، أكد على التزام دولة الإمارات العربية المتحدة الدائم بدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. كان الموقف الإماراتي ثابتًا فيما يتعلق بضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. في كل المحافل الدولية والإقليمية، عبّر الشيخ خليفة عن تأييده لحل الدولتين، داعياً إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل والشامل.

خلال حكمه، واصلت الإمارات دعمها السياسي والدبلوماسي للحقوق الفلسطينية، سواء من خلال دعم قرارات الأمم المتحدة أو عبر القمم العربية والدولية. كما دعت الإمارات بشكل مستمر إلى وحدة الصف الفلسطيني بين الفصائل المختلفة لتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني. بالإضافة إلى الدعم السياسي، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة في عهد الشيخ خليفة مساعدات إنسانية واقتصادية كبيرة للشعب الفلسطيني. تركزت هذه المساعدات في إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في قطاع غزة بعد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وتقديم المساعدات الصحية والتعليمية للفلسطينيين.

أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو دعم الإمارات لمشاريع إسكانية وإنسانية في فلسطين من خلال مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، التي نفذت العديد من المشاريع لدعم السكان الفلسطينيين المتضررين من الصراع. كما شاركت الإمارات في تمويل إعادة إعمار غزة بعد الحروب التي شهدتها خلال السنوات ما بين 2008 و2021.

الأحداث البارزة في فلسطين خلال فترة حكم الشيخ خليفة

الحرب على غزة (2008-2009، 2012، 2014، 2021)
خلال فترات الصراع المتكررة بين إسرائيل وحماس في غزة، لعبت الإمارات دورًا إنسانيًا بارزًا في تقديم المساعدات للفلسطينيين المتضررين من القصف والحصار. قامت الإمارات بتمويل مشاريع إعادة الإعمار في غزة، وبناء المستشفيات والمساكن، فضلاً عن إرسال مساعدات طبية وغذائية عاجلة.

دعم القدس الشرقية
ظلت الإمارات ملتزمة بدعم القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية. حيث قدمت مساعدات مالية لترميم الأماكن المقدسة في القدس، بما في ذلك دعم مشروعات ترميم المسجد الأقصى، والوقوف في وجه محاولات التهويد التي تقوم بها إسرائيل في المدينة.

مواقف بارزة:

2010: بدأت تتسرب تقارير عن اجتماعات سرية بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين، تركزت على التعاون الأمني، خاصة في مواجهة التهديدات الإيرانية.
رغم هذا التقارب غير المعلن، استمرت الإمارات في دعم المبادرة العربية للسلام التي قدمتها السعودية في 2002، والتي تدعو إلى التطبيع مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة.

بداية التقارب الأمني: مع تصاعد التهديدات الإقليمية، وخاصة تلك المرتبطة بإيران، بدأت الإمارات تنظر إلى دولة (الاحتلال) الإسرائيلية كشريك استراتيجي محتمل في مجال الأمن. شهدت هذه الفترة تعاونًا سريًا بين الجانبين في مجالات الأمن السيبراني والتكنولوجيا العسكرية، وهو ما اعتبره البعض خطوة تمهيدية نحو التطبيع العلني.

موقف الشيخ خليفة من المبادرة العربية: استمر الشيخ خليفة في دعم المبادرة العربية للسلام التي قدمتها السعودية في 2002، والتي تنص على التطبيع مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة. ورغم ذلك، بدأت الإمارات في تعزيز علاقاتها مع الدول الغربية التي كانت تضغط نحو التطبيع مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية. ففي السنوات الأخيرة من حكمه، بدأت الإمارات تنفتح على دولة (الاحتلال) الاسرائيلية من خلال تعاون غير مباشر في مجالات التكنولوجيا والأمن، وذلك بالتزامن مع تصاعد التهديدات الإيرانية في المنطقة. بدأت الإمارات تدرك أن التعاون مع إسرائيل قد يكون جزءًا من استراتيجيتها الإقليمية الأوسع لمواجهة التحديات الأمنية، وخاصة فيما يتعلق بالتهديد النووي الإيراني.

موقف الشيخ خليفة من التطبيع:
في عهده، لم تتخذ الإمارات العربية المتحدة أي خطوات رسمية نحو التطبيع العلني مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، لكن العلاقات بدأت تتحسن خلف الكواليس. ومع ذلك، ظلت الحكومة الإماراتية حذرة بشأن أي اعتراف علني بدولة (الاحتلال) الإسرائيليةأو تطبيع كامل للعلاقات، نظرًا للحساسيات العربية حول القضية الفلسطينية.

التنمية الاقتصادية والتحولات في البنية الاقتصادية
تنويع الاقتصاد

شهدت الإمارات خلال فترة حكم الشيخ خليفة تحولًا تدريجيًا في اقتصادها. كان الشيخ خليفة يدرك أن الاعتماد المفرط على النفط ليس مستدامًا على المدى البعيد، فبادر بتوجيه الاقتصاد نحو التنويع. تم التركيز بشكل كبير على تطوير قطاعات غير نفطية، مثل السياحة، التجارة، التعليم، والتكنولوجيا.

أبرز مثال على ذلك هو إطلاق رؤية الإمارات 2021 التي وضعت خطة طموحة لتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد معرفي مستدام يعتمد على الابتكار. كان الهدف من هذه الرؤية هو تنمية اقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على النفط بل على قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والسياحة، والخدمات المالية.

مشروع “مصدر” للطاقة النظيفة
من بين المشاريع الرائدة التي تم إطلاقها في هذه الفترة كان مشروع مدينة مصدر للطاقة المتجددة. أُنشئت هذه المدينة بهدف أن تكون نموذجًا عالميًا في الطاقة المستدامة والابتكار. تضم المدينة مراكز أبحاث ومؤسسات تعمل في مجال الطاقة المتجددة، مما جعل الإمارات رائدة في هذا المجال على المستوى العالمي.

السياسة الخارجية وتعزيز الدور الإقليمي والدولي
كان للشيخ خليفة دور بارز في تعزيز مكانة الإمارات على الساحة الدولية. تبنى سياسة خارجية متوازنة ترتكز على التعاون الإقليمي والدولي، والحفاظ على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز الشراكات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.

دور الإمارات في مجلس التعاون الخليجي
واصل الشيخ خليفة تعزيز التعاون الخليجي من خلال دعم سياسات مجلس التعاون لدول الخليج العربية. في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية، خاصة من إيران بعد عام 2006، لعبت الإمارات دورًا رئيسيًا في صياغة سياسات المجلس في مجالات الأمن والدفاع. كما دعمت الإمارات الجهود المشتركة لتعزيز التكامل الاقتصادي بين دول الخليج.

الحرب اليمنية (2015)
كانت الإمارات تحت قيادة الشيخ خليفة جزءًا من التحالف العربي الذي قادته السعودية في اليمن منذ عام 2015 لدعم الحكومة الشرعية في مواجهة المتمردين الحوثيين. قامت دولة الإمارات بتقديم دعم عسكري ودبلوماسي كبير في هذا الصراع، كما ساهمت بشكل ملحوظ في عمليات إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية في اليمن.

اتفاقية السلام مع إسرائيل (2020)
في عام 2020، شهدت الإمارات توقيع اتفاقية إبراهيم مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، التي تمثل خطوة تاريخية نحو تطبيع العلاقات بين البلدين. كانت هذه الاتفاقية جزءًا من تحولات إقليمية كبرى في الشرق الأوسط، حيث تبنت الإمارات نهجًا يعتمد على تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية بهدف تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. هذه الخطوة، رغم انتقاداتها من بعض الأطراف الإقليمية، كانت مدعومة بجهود لتوسيع التعاون الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي.

المعاهدات والاتفاقيات البارزة في عهد الشيخ خليفة

خلال فترة حكم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (2004-2022)، شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة مرحلة مهمة من التوسع والتطور على مختلف الأصعدة. تميزت هذه الفترة بإبرام العديد من المعاهدات والاتفاقيات البارزة التي شكلت السياسة الخارجية والداخلية للإمارات وأكدت مكانتها كقوة إقليمية وعالمية.

1. اتفاقية إبراهيم(ابراهام) (2020)
والذي تم توقيعها في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في عام 2020. ومع أن الشيخ خليفة كان رئيس الدولة حينها، فإن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي كان ولي عهد أبوظبي والقائد الفعلي في تلك الفترة، لعب دورًا محوريًا في توجيه السياسة الخارجية للإمارات والتوصل إلى هذه الاتفاقية.في أغسطس 2020، وقعت الإمارات اتفاقية تاريخية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، عُرفت باسم “اتفاقية إبراهام”. جاءت هذه الاتفاقية بوساطة الولايات المتحدة وكانت أول خطوة علنية نحو إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين دولة عربية و دولة (الاحتلال) الإسرائيلية منذ معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل في 1994. مثلت هذه الاتفاقية تحولا استراتيجيًا في السياسة الخارجية الإماراتية، حيث ساهمت في فتح مجالات جديدة للتعاون الاقتصادي والتكنولوجي والثقافي بين الدولتين، ما أسهم في تعزيز استقرار المنطقة وساهم في إطلاق حوار أوسع حول مستقبل التعاون العربي-الإسرائيلي.

2. اتفاقيات التعاون العسكري مع الولايات المتحدة (2000s)
استمر التعاون العسكري بين الإمارات والولايات المتحدة في التطور خلال فترة حكم الشيخ خليفة. شهد العقد الأول من الألفية توقيع عدة اتفاقيات عززت الشراكة الأمنية بين البلدين، مثل الاتفاقية الدفاعية لعام 2002 التي سمحت بتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الإمارات وضمنت إجراء تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة. هذا التعاون ساعد في تعزيز القدرات الدفاعية للإمارات في مواجهة التهديدات الإقليمية، وخاصة مع تزايد التوترات في المنطقة مثل البرنامج النووي الإيراني وتداعيات الغزو الأمريكي للعراق في 2003.

3. اتفاقيات اقتصادية مع الصين والهند (2010s)
في العقد الثاني من الألفية، تحولت أنظار الإمارات نحو تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع القوى الآسيوية الصاعدة مثل الصين والهند. في عام 2015، أبرمت الإمارات اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة مع الصين، تضمنت تعزيز التعاون في مجالات مثل التجارة والاستثمار والطاقة، مما جعل الصين واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للإمارات. كذلك، تعززت العلاقات مع الهند، التي أصبحت بدورها شريكًا تجاريًا رئيسيًا، وذلك من خلال اتفاقيات تضمنت تطوير مشاريع استثمارية مشتركة وتعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية.

4. اتفاقيات التجارة الحرة مع دول عدة
شهدت فترة حكم الشيخ خليفة توقيع الإمارات عدة اتفاقيات تجارة حرة مع دول مختلفة بهدف تعزيز مكانتها كمركز اقتصادي عالمي. كانت هذه الاتفاقيات جزءًا من رؤية أوسع لتوسيع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط، مما أسهم في تنويع مصادر الدخل ودعم التنمية المستدامة. كما دعمت هذه الاتفاقيات اندماج الإمارات في الاقتصاد العالمي وجعلتها محطة رئيسية للشركات العالمية في الشرق الأوسط.

5. اتفاقيات الطاقة المتجددة
في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة، تبنت الإمارات استراتيجية شاملة لتعزيز الاستدامة البيئية وتنويع اقتصادها. في عام 2009، أسست الإمارات “شركة أبوظبي لطاقة المستقبل” (مصدر) بهدف قيادة جهود الطاقة المتجددة في المنطقة. تضمنت هذه الاستراتيجية توقيع اتفاقيات دولية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والنووية، ما عزز مكانة الإمارات كقوة رائدة في مجال الاستدامة البيئية.

الخاتمة
كانت فترة حكم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (2004-2022) حافلة بالتحولات والتحديات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ورغم توقيع الإمارات على اتفاقية إبراهيم وتطبيع العلاقات مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، فإن الدعم الإماراتي للشعب الفلسطيني لم يتوقف، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني. حيث سعت الإمارات، تحت قيادة الشيخ خليفة، إلى اتباع نهج دبلوماسي جديد في التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يرتكز على التوازن بين الحفاظ على الحقوق الفلسطينية وبين تعزيز الاستقرار الإقليمي.

3. موقف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (14 مايو 2022 – حتى الآن): مهندس التطبيع والتحالفات الجديدة

تولى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم فعليًا منذ مرض أخيه الشيخ خليفة في 2014، حينها شهدت العلاقات الإماراتية الإسرائيلية تحولاً جذريًا. في أغسطس 2020، حيث أعلنت الإمارات رسميًا عن توقيع اتفاقية سلام مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، تُعرف باسم “اتفاقيات إبراهام”، برعاية الولايات المتحدة. . مبررة ذلك بأنها خطوة تهدف لتعزيز السلام في الشرق الأوسط مدعية أن الاتفاق سيساهم في منع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية من ضم أجزاء من الضفة الغربية. لكن المنتقدين رأوا في هذه الخطوة طعنة في ظهر القضية الفلسطينية. اذ جاء التطبيع كتحول استراتيجي رئيسي في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث فتحت أبوابًا للتعاون العلني في مجالات التجارة والسياحة والتكنولوجيا بين البلدين. فمنذ توقيع الاتفاقية، توسعت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات و دولة (الاحتلال) الإسرائيلية بشكل كبير، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات في مجالات التكنولوجيا، الأمن، والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، عززت الإمارات علاقاتها العسكرية مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، حيث شهدت هذه الفترة تبادلًا للتكنولوجيا العسكرية والأمن السيبراني، لتصبح الإمارات أول دولة خليجية تطلق رحلات جوية مباشرة إلى دولة (الاحتلال) الإسرائيلية.

التحولات الإقليمية: اتفاقية السلام مع إسرائيل (2020)
اتفاقية إبراهيم: خطوة جديدة في العلاقات الإقليمية

في أغسطس 2020، فاجأت الإمارات العالم بإعلانها توقيع اتفاقية إبراهيم مع إسرائيل، مما أدى إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. كانت هذه الخطوة غير متوقعة، خاصة أن الإمارات ظلت لعقود متمسكة بدعمها للقضية الفلسطينية، ورفضت الاعتراف بإسرائيل دون تحقيق تقدم في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

بررت الإمارات هذه الخطوة بأنها تهدف إلى وقف الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية، وحماية فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي بيان رسمي، أكد الشيخ خليفة أن الاتفاقية لا تعني التخلي عن القضية الفلسطينية، بل هي جزء من استراتيجية دبلوماسية تهدف إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.

رغم الانتقادات الكبيرة التي وُجهت للإمارات من بعض الأطراف الفلسطينية والإقليمية، دافعت الحكومة الإماراتية عن موقفها بالقول إن الاتفاقية ستمكن من فتح قنوات جديدة للحوار، ودفع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية نحو تقديم تنازلات فيما يخص حقوق الفلسطينيين وجاء في الاتفاق أن “التحديات المطروحة على الشرق الأوسط لن تجد حلها إلا بالتعاون وليس الحرب”، كما أن الطرفين “عقدا العزم على تحقيق السلام الدائم والاستقرار والازدهار لدولتيهما. بحسب بنود الاتفاقية:

1 – إقامة السلام والعلاقات الدبلوماسية والتطبيع الكامل للعلاقات بين الدولتين.
2 – مبادئ عامة نصت على استرشاد الطرفين في علاقتهما بأحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، مع اعتراف كل طرف بسيادة الطرف الآخر وحقه في العيش بسلام.
3- إقامة السفارات وتبادل السفراء وإقامة علاقات قنصلية ودبلوماسية.
4- السلام والاستقرار، يلتزم الطرفان بالتفاهم والتنسيق بينهما في مجالات السلام والاستقرار.
5- التعاون في مجالات الرعاية الصحية والعلوم والتكنولوجيا والاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، والسياحة والثقافة والرياضة، والطاقة، والبيئة، والتعليم، والترتيبات البحرية، والاتصالات والبريد، والزراعة والأمن الغذائي، والمياه والتعاون القانوني.
6- التفاهم المتبادل والتعايش وتعزيز ثقافة السلام بين المجتمعين.
7- أجندة استراتيجية للشرق الأوسط، وتنص على استعداد الطرفين للانضمام إلى الولايات المتحدة لتطوير وإطلاق “أجندة استراتيجية للشرق الأوسط” من أجل توسيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والاستقرار في المنطقة.
8- لا تؤثر المعاهدة على واجبات وحقوق الطرفين بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتطبيق أحكام الاتفاقيات المتعددة الأطراف التي تكون كلا الدولتين طرفًا فيها.
9- الاحترام والواجبات، ويلزم الطرفان بتطبيق التزاماتهما بموجب هذه المعاهدة، بغض النظر عن أي عمل أو تراخٍ من أي طرف آخر.
10- التصديق والدخول حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن عمليًا، بما يتوافق مع الإجراءات الوطنية الخاصة بكل منهما، التي ستدخل حيز التنفيذ بعد تبادل وثائق التصديق.
11- تسوية النزاعات بحل الخلافات الناشئة عن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق التفاوض.
12- تحال هذه المعاهدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة لتسجيلها وفقًا لأحكام المادة “102” من ميثاق الأمم المتحدة.

وكما جاء في تقرير بثته الجزيرة نت بتاريخ 31/08/2020 والذي عٌنون
رحلة التطبيع الإماراتي الإسرائيلي لحظة بلحظة

وصلت اليوم الاثنين أول رحلة تجارية مباشرة من مطار بن غوريون متوجهة إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وعلى متنها وفد إسرائيلي أميركي يترأسه جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، في أول خطوة عملية على طريق تنفيذ اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.

وفيما يأتي نرصد تطورات الرحلة لحظة بلحظة، حسب توقيت مكة المكرمة:

15:46 – كوشنر: بوسع أميركا الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي ومساعدة الإمارات في آن واحد

قال جاريد كوشنر -أحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره- إن بوسع الولايات المتحدة الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل وتعزيز علاقاتها مع الإمارات في آن واحد.

وأضاف أن السلام الذي أبرمه القادة الإماراتيون والإسرائيليون مرغوب فيه أيضا من شعبيهما.

وقال كوشنر إن الفلسطينيين لا يمكنهم الركون إلى الماضي، وعليهم القدوم إلى مائدة المفاوضات.

كما شكر كوشنر السعودية على موافقتها على مرور أول رحلة جوية إسرائيلية رسمية من تل أبيب إلى الإمارات في أجوائها.

15.05- كوشنر يلقي كلمة على أرض المطار، قال فيها إنه يحمل رسالة من الرئيس دونالد ترامب إلى الشعب الإماراتي، معتبرا أن هذه اللحظات تاريخية.

15.00 – فتح باب الطائرة، ونزول أعضاء الوفدين الأميركي والإسرائيلي إلى أرضية مطار أبو ظبي الدولي، يتقدمهم كوشنر ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات.

14.47 – هبوط أول رحلة علنية مباشرة بين إسرائيل والإمارات في مطار أبو ظبي بعد عبورها الأجواء السعودية.

12.51- دخلت الطائرة الأجواء السعودية متوجهة إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي، حسب معلومات الموقع المتخصص “فلايت رادار 24”.

11.53- المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم يعتبر استقبال دولة الإمارات الوفد الإسرائيلي الأميركي تأكيدا لاستمرار النظام الإماراتي في مخالفة توجهات جماهير الأمة، والإجماع الرسمي الرافض للتطبيع.

11.45- رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية يرى أن من المؤلم رؤية هبوط طائرة إسرائيلية في الإمارات تحمل اسم كريات غات، وهي المستوطنة التي بُنيت على أنقاض بلدة الفالوجة المهجرة، في خرق واضح ومفضوح للموقف العربي.

11.22- أقلعت طائرة بوينغ 737، وتحمل رحلة شركة إلعال الرمز “إل واي 971″، وهو رقم الاتصال الدولي للإمارات.

التوازن بين التطبيع ودعم فلسطين
بعد توقيع اتفاقية إبراهيم، حرصت الإمارات على تأكيد استمرارها في دعم الفلسطينيين. استمرت في تقديم المساعدات المالية والإنسانية للفلسطينيين، وأكدت في المحافل الدولية على أهمية الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. كما دعت الإمارات إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق حل الدولتين.

في هذا السياق، لعبت الإمارات دوراً في تقريب وجهات النظر بين بعض الدول العربية و دولة (الاحتلال) الإسرائيلية في محاولة لتجنب تصعيد النزاع وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

الردود الفلسطينية والعربية على التحولات الإماراتية
قوبلت اتفاقية إبراهيم بردود فعل متباينة من الجانب الفلسطيني. في البداية، عبّرت السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس عن استيائها من الخطوة الإماراتية، معتبرة أنها تخالف المبادرة العربية للسلام لعام 2002 التي اشترطت الاعتراف العربي بدولة (الاحتلال) الإسرائيلية بتحقيق انسحابها الكامل من الأراضي المحتلة.

في المقابل، رأت بعض الأطراف الفلسطينية والإقليمية أن الإمارات سعت إلى تحقيق مكاسب استراتيجية طويلة الأمد، بما في ذلك منع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية من ضم أراضٍ جديدة في الضفة الغربية، وفتح قنوات جديدة للتفاوض قد تؤدي إلى تحسين ظروف الفلسطينيين.

فيما نشرت وسائل الإعلام البحرينية النص الرسمى لإعلان تأييد السلام الذى وقعه وزير خارجيتها الدكتور عبداللطيف الزيانى وهو التالى كما نشره موقع اليوم السابع بتاريخ الأربعاء، 16 سبتمبر:

– نحن الموقعون أدناه، ندرك أهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في الشرق الأوسط والعالم على أساس التفاهم المتبادل والتعايش، وكذلك احترام كرامة الإنسان وحريته، بما في ذلك الحرية الدينية.

– نشجع الجهود المبذولة لتعزيز الحوار عبر الأديان والثقافات للنهوض بثقافة السلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاث والبشرية جمعاء.

– نؤمن بأن أفضل طريقة لمواجهة التحديات هي من خلال التعاون والحوار، وأن تطوير العلاقات الودية بين الدول يعزز من مصالح السلام الدائم في الشرق الأوسط والعالم.

– نسعى إلى التسامح واحترام الأشخاص من أجل جعل هذا العالم مكانًا ينعم فيه الجميع بالحياة الكريمة والأمل، بغض النظر عن عرقهم وعقيدتهم أو انتمائهم الإثني.

– ندعم العلم والفن والطب والتجارة كوسيلة لإلهام البشرية وتعظيم إمكاناتها، وتقريب الأمم من بعضها البعض.

– نسعى لإنهاء التطرف والصراع لتوفير مستقبل أفضل لجميع الأطفال.

– نسعى لتحقيق رؤية للسلام والأمن والازدهار في الشرق الأوسط وفي العالم.

وعليه، نرحب بحفاوة ونشجع التقدم المحرز في إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وجيرانها في المنطقة بموجب مبادئ إبراهيم، ونشجع الجهود الجارية لتوطيد وتوسيع هذه العلاقات الودية القائمة على المصالح المشتركة والالتزام المشترك بمستقبل أفضل.

دور محمد دحلان: أحد أبرز الأسماء التي ارتبطت بتعزيز العلاقات الإماراتية الإسرائيلية هو محمد دحلان، القيادي الفلسطيني السابق والمستشار الأمني المقرب من الشيخ محمد بن زايد. حيث لعب دحلان دورًا رئيسيًا في التنسيق بين الإمارات و دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، وأصبح حلقة وصل محورية في العلاقات بين الطرفين. يعتبر البعض دحلان الرجل الرئيسي للإمارات في الملفات الفلسطينية، وهو الذي سهل بناء جسور التواصل بين الإمارات و دولة (الاحتلال) الإسرائيلية على مر السنين.

و رغم المكاسب الاقتصادية والاستراتيجية التي حققتها الإمارات من خلال تطبيعها مع دولة (الاحتلال) الإسرائيلية، واجهت هذه الخطوة انتقادات لاذعة من بعض الدول والشعوب العربية التي اعتبرت أن الإمارات خانت القضية الفلسطينية. ومنها المرحبة أيضا حيث علق السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، في 15 يوليو 2020، على العملية المتعلقة بضم أجزاء من الضفة الغربية، وذلك بعد الإعلان عن الاتفاق التاريخي لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل في 13 أغسطس 2020. وأشار فريدمان إلى أن “الأطراف المعنية اختارت صيغة مناسبة تتيح توقفًا مؤقتًا، وليس استبعاد الأمر بشكل نهائي”.

تم التوصل إلى هذا الاتفاق برعاية أمريكية، حيث جاء في بيان مشترك من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اتفقوا في 13 أغسطس 2020 على تطبيع كامل للعلاقات.

لاقى هذا التطور ردود فعل إيجابية من بعض الدول العربية والدولية، حيث أعربت سلطنة عمان في 14 أغسطس 2020 عن دعمها للخطوة الإماراتية. كما هنأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولي عهد أبوظبي في 14 أغسطس 2020 بهذه الخطوة، وأكدت الخارجية الأردنية في 14 أغسطس 2020 تأييدها لأي جهد يساهم في تحقيق السلام الشامل والعادل.

من جانبها، اعتبرت البحرين في 14 أغسطس 2020 أن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي يعزز فرص الوصول إلى السلام، مشيرة إلى أهمية العمل من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية. وفي هذا السياق، رحبت فرنسا أيضًا في 13 أغسطس 2020 بتطبيع العلاقات، معتبرة أن القرار الإسرائيلي بتعليق عملية الضم هو خطوة إيجابية تستحق أن تكون دائمة، داعية لاستئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

رحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالاتفاق في 13 أغسطس 2020، واعتبره فرصة لتجديد الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل تحقيق حل الدولتين.

في المقابل، عبر الفلسطينيون عن إدانتهم لهذا الاتفاق في 13 أغسطس 2020، معتبرين إياه طعنة في نضالهم المستمر. كما أعربت إيران في 14 أغسطس 2020 عن استنكارها للاتفاق، واصفة إياه بـ “حماقة استراتيجية”. ومن جانبها، اعتبرت تركيا في 14 أغسطس 2020 أن جهود الإمارات في هذه الاتفاقيات تُعد مقلقة، وتتناقض مع خطة السلام التي وضعتها جامعة الدول العربية بدعم من منظمة التعاون الإسلامي في عام 2002.

و مع ذلك، ظلت الإمارات متمسكة بموقفها، معتبرة أن هذه الاتفاقية ستفتح الباب أمام حل سلمي شامل في المنطقة.

على الهامش:

1. التعاون الأمني غير المعلن:
على مدار العقدين الأخيرين، كان هناك تزايد في التعاون الأمني والاستخباراتي بين الإمارات وإسرائيل، وإن كان بشكل غير معلن. وفقًا لتقرير نيويورك تايمز بتاريخ 15 يوليو 2017، أشار إلى أن الإمارات وإسرائيل تبادلتا معلومات استخباراتية تتعلق بتهديدات إقليمية مشتركة مثل النشاط الإيراني. وازداد هذا التعاون مع تصاعد التوترات الإقليمية بعد ثورات الربيع العربي في 2011، حيث كان هناك مخاوف متزايدة من انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة وتهديد الاستقرار الإقليمي. ساعد هذا التعاون في تبادل الخبرات الأمنية لمواجهة التهديدات السيبرانية والعسكرية التي كانت تواجهها المنطقة.

2. تكنولوجيا المراقبة والأمن السيبراني:
إحدى أبرز أمثلة التعاون بين الإمارات وإسرائيل كانت في مجال تكنولوجيا المراقبة. في تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في 1 أغسطس 2018، تم الكشف عن استخدام الإمارات لبرنامج “بيغاسوس” الذي تطوره شركة NSO Group الإسرائيلية. وأكد تقرير Citizen Lab في 30 سبتمبر 2018 أن هناك نشاطات مشابهة تخص استخدام هذا البرنامج لاستهداف صحفيين ونشطاء حقوقيين. بدأ استخدام البرنامج في الإمارات بشكل غير رسمي عام 2016، وتكثف بعد ذلك ليصبح جزءًا من السياسة الأمنية لتعزيز السيطرة ومراقبة الأنشطة المناهضة للحكومة. أثار هذا الاستخدام تساؤلات وانتقادات دولية بشأن الخصوصية وحقوق الإنسان، خاصة مع استخدام البرنامج في مراقبة معارضين سياسيين.

3. لقاءات سرية واجتماعات غير رسمية:
وفقًا لتقرير نشرته هآرتس في 26 يونيو 2018، أشارت الصحيفة إلى وجود اجتماعات غير رسمية جمعت بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين منذ منتصف العقد الثاني من الألفية، بهدف تعزيز الحوار حول قضايا الأمن والتعاون الاستراتيجي. غالبًا ما تمت هذه اللقاءات في دول أوروبية أو بوساطة أطراف ثالثة لضمان السرية وعدم التأثير على العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الدول العربية الأخرى وإسرائيل. ساهمت هذه الاجتماعات في بناء الثقة وتبادل الأفكار حول كيفية مواجهة التحديات المشتركة في المنطقة.

4. الاتصالات التجارية والاقتصادية:
الاتصالات الاقتصادية بين الإمارات وإسرائيل لم تبدأ من الصفر بعد اتفاقية إبراهيم؛ بل كانت هناك اتصالات تجارية غير معلنة بدأت بشكل متفرق في العقد الأول من الألفية. في تقرير رويترز المنشور بتاريخ 20 سبتمبر 2019، تم التأكيد على أن العلاقات الاقتصادية كانت تُدار بشكل غير رسمي، غالبًا من خلال وسطاء أوروبيين. مع مرور الوقت، توسعت هذه الاتصالات لتشمل مجالات مثل التكنولوجيا المتقدمة والزراعة. على سبيل المثال، كانت هناك مشاريع مشتركة تتعلق بتحلية المياه والري في مناطق ذات مناخ مشابه للبيئة الإماراتية.

5. ردود الفعل من المقاومة الفلسطينية:
عند توقيع اتفاقية إبراهيم في 13 أغسطس 2020، ظهرت ردود فعل قوية من الفصائل الفلسطينية مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي، اللتين وصفتا الاتفاقية بأنها “خيانة” للقضية الفلسطينية وتنازل عن المبادئ العربية التاريخية التي تنص على ربط التطبيع بحل القضية الفلسطينية. غطت الجزيرة ووكالة الأناضول هذه الردود بشكل مكثف في تقارير منشورة في 13 و14 أغسطس 2020. واعتبرت القيادة الفلسطينية الاتفاقية بأنها تمثل تحولاً في التوجه العربي نحو القبول بإسرائيل بدون تحقيق أي تقدم في عملية السلام، مما أضعف موقف القيادة الفلسطينية في مفاوضاتها المستقبلية.

الخاتمة:
تعد رحلة دولة الإمارات العربية المتحدة من الدعم الحازم للقضية الفلسطينية في عهد الشيخ زايد إلى التطبيع العلني مع إسرائيل في عهد الشيخ محمد بن زايد جزءًا من التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة. وبينما يرى البعض في هذه الخطوة تحالفًا استراتيجيًا ذكيًا يعزز مكانة دولة الإمارات في الشرق الأوسط، يراها آخرون تنازلًا عن المبادئ والقيم التي لطالما دافعت عنها الأمة العربية. يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان هذا التحول سيؤدي حقًا إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة، أم أنه سيترك آثارًا عميقة على مستقبل القضية الفلسطينية والعلاقات العربية الإسرائيلية. لتستمر السياسة في تقديم دروسها المعقدة، وتجعل من العلاقات الدولية لوحة فنية تتغير ألوانها مع تقلبات المصالح والظروف. كما قال ونستون تشرشل: “لا يوجد أعداء دائمون، ولا أصدقاء دائمون، بل هناك مصالح دائمة فقط.

#سفيربرس  _ بقلم : ميرال حسن

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *