التأثير السياسي على نفسية الأطفال في ظل الأوضاع السورية وكيفية التعامل معه
#سفيربرس ـ بقلم : د. غالية اسعيد
على مدار السنوات الماضية، عانى الأطفال في سوريا من آثار نفسية كبيرة نتيجة الصراع السياسي والحرب، إذ أصبحوا يعيشون في بيئة مليئة بالخوف والاضطراب.
وفقاً لتقارير Save the Children، يعاني حوالي 84% من الأطفال السوريين من القلق والتوتر المستمر، كما أفادت Human Rights Watch أن 60% من الأطفال النازحين يُظهرون أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة، وهو ما يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي بشكل مباشر.
ومع تغير النظام السوري وفتح المجال أمام حرية الرأي، تظهر فرصة لتخفيف حدة تلك الآثار النفسية وتعليم الأطفال قيماً جديدة، فالقدرة على التعبير بحرية تُعد جزءاً أساسياً في تعزيز الثقة بالنفس وبناء جيل واعٍ.
دراسة من جامعة هارفارد أكدت أن الأطفال الذين يعيشون في بيئات تدعم حرية التعبير يظهرون قدرة أكبر على التكيف مع التغيرات وتجاوز الصعاب.
ولمساعدة الأطفال على التعامل مع هذه التغيرات، يجب على الأهل والمربين تبني أساليب مرنة، تبدأ بشرح الأوضاع السياسية بطريقة مبسطة تتناسب مع أعمارهم. يمكن استخدام القصص أو الأنشطة الفنية لتقديم أفكار إيجابية عن الديمقراطية وأهمية الحوار، بالإضافة إلى ذلك من المهم توفير بيئة آمنة تُعيد للأطفال شعورهم بالاستقرار وتساعدهم على التخلص من مخاوفهم.
تشجيع الأطفال على التعبير عن آرائهم بحرية، سواء بالكلام أو بالرسم أو الكتابة، يمنحهم إحساسًا بالقوة والسيطرة على حياتهم.
إن التغيرات السياسية يمكن أن تصبح فرصة لتعليم الأطفال قيم التفاهم والتسامح، وبناء مستقبل أفضل لهم بعيداً عن صدمات الماضي.
وعن الأثر النفسي والاجتماعي:
فالأطفال الذين عاشوا الحروب يعانون غالباً من مشاعر الخوف، فقدان الأمان، وصعوبات في التواصل الاجتماعي.
التغيرات السياسية، بما في ذلك الانتقال نحو نظام جديد وفتح المجال لحرية التعبير، قد تكون فرصة لتخفيف هذه الأعباء النفسية إذا أُحسن التعامل معها.
وعن الحلول النفسية والاجتماعية للتعامل مع الوضع:
1. التواصل المفتوح والمبسط:
يجب على الأهل شرح التغيرات السياسية للأطفال بطريقة تتناسب مع أعمارهم دون إثارة قلقهم.
استخدام القصص الإيجابية والرسومات يمكن أن يساعد في توضيح مفاهيم مثل التغيير والأمل في المستقبل.
2. إعادة بناء الروتين:
الروتين اليومي يعزز الشعور بالأمان لدى الأطفال.
تخصيص وقت للأنشطة مثل اللعب، الدراسة، والجلوس مع العائلة يساعد في إعادة بناء الشعور بالاستقرار.
3. تشجيع التعبير عن المشاعر:
الأنشطة الإبداعية مثل الرسم، الكتابة، أو اللعب تتيح للأطفال التعبير عن مشاعرهم بحرية. أظهرت دراسة من جامعة هارفارد (2019) أن هذه الأنشطة تقلل من مستويات التوتر بنسبة تصل إلى 50%.
4. إشراك المجتمع المحلي:
تنظيم أنشطة جماعية للأطفال، مثل الرياضة أو الفنون، يعزز الروابط الاجتماعية ويساعدهم على تطوير مهارات التكيف.
5. الدعم النفسي المتخصص:
توفير جلسات دعم نفسي للأطفال الذين يعانون من صدمات شديدة، من خلال مختصين أو برامج نفسية موجهة، يُعد ضرورياً لضمان تعافيهم على المدى الطويل.
6. تعزيز حرية التعبير:
تعليم الأطفال أهمية حرية التعبير واحترام آراء الآخرين، وتشجيعهم على التعبير عن آرائهم في بيئة داعمة.
التغيرات السياسية قد تكون فرصة لتعليم الأطفال قيم الحوار والديمقراطية بطريقة مبسطة تناسب مستوى وعيهم.
الخلاصة:
الأطفال في سوريا يحملون عبئاً نفسياً كبيراً بسبب الأحداث السياسية، لكن بتوفير الدعم المناسب نفسياً واجتماعياً، يمكن مساعدتهم على تجاوز هذه المحن وبناء مستقبل أكثر إشراقاً.
وكذلك تعزيز حرية التعبير، وخلق بيئة آمنة، وإعادة بناء الروابط الاجتماعية هي خطوات أساسية لضمان صحتهم النفسية.
#سفيربرس ـ بقلم : الدكتورة غالية اسعيّد