جـــنّية الحـــروف : بقلم : غادة النحــــلاوي

في ليلة صيفية اختبئ فيها القمر
فتحتُ دفاتري .. لأبدأ بالكتابة ِ عنك
لأرسم صورتك على الورق ..
بألوان الطيف..
كان عليّ َ أن أستعيد ملامحك
لأصبها بلمسة أناملي فوق أوراقي
وأعلقها كلوحة على جدار قلبي
فجأة تغير كل شيء ، الجو ، الملامح،
وحتى صدى أنفاسي
ارتجف القلم فجأةً بين أصابعي
فجرح َ الورق ونزفت ْحروفي ،
وتألمت كلماتي ..صار حبره ُ بلونِ الدم ..
وبدأ برسم ِ ملامحٌ غريبة عنك ،لا أعرفها ،
لم أراها يوماً
واستبدل كلماتي بكلمات ٍلا معنى لها ..
ولا وجود…
واستبدلها بأحداث أخرى
ٍ من و لونها بألوان من صنع الزمن …
لا أدري كيف اقتحمت دفاتري؟؟!
وتصدرت عناويني وأولى صفحاتي و مقالاتي..
ْكلمات تكادُ لاتشبه شيء من الكلمات
كُتبتْ بحروف ولغات غريبة..!!
لم أفهمها!! لم أجيد ترجمتها
ولم أفلح بفك رموزها
دخلتُ لقاموس أفكاري
لأتفقد معانيها ْ!! لعلي أحلُّ
هذا اللغز
فكانت جنية الحروف تترصدني ..
وتقف في وجهي كلما تقدمت بخطوة للأمام ..
تترصد كلماتي تطاردني بظلها
جنية متخفية خلف جدار الوهم
اقتحمت كتاباتي لتقتل كلماتي
وتلوي يدي..
انتزعت من رحم الحرف كلمات
كتبها لك ..!!
كانت مازالت نطفة لم تتكون وتولد بعد …
ارتكبت ذنب قتلها ..
وأجهضتها ْ قبل أوانها
جنيةٌ ٌغريبة َ الشكل والأطوار
اغتالت خلوتي
وسرقت قلمي اقتحمت أفكاري
ومنعتني من الكتابة لك !..
قطعت عني الطريق في ممرات الورق
بدهاءٍ ومكر فلم تصلك أفكاري
قاومت ذاك القرين الذي يقف حائل بيني وبينها ويمنعني من الاقتراب
منها ومقاومتها
وحاولت .. وحاولت ولكني بلا
تردد عنك َ ابتعدت ْ
ومن حبك َ هربت ْ
عدت ُ لأصيغ حروفها من جديد..
فتحت ُ الصفحة الأولى
ارتجف الورق والقلم معاً
تساقطت الكلمات
على طاولتي وحاولت اعادتها حرفا تلو الحرف !!
غبش انتابني وحجب عني الرؤية !!
واختفت ملامحك من مخيلتي
وتلاشيت من أمامي كشبح
في ليل ٍحالك السواد..
وانتظرت ُ هناك مطولاً
وكلما حاولت ُ تهئجة تلك الحروف..
وأنطقها يتعثلم لساني ..
أتمتم بعض الكلمات ..والتعويذات
علها تنصرف عني .. وتدعني لشأني
فلم يفلح معها شيء ..
لاتزال ُ هنا ..تتنقل بين حروفي
تقف حاجزاً بيني وبينك ..
وبين الحرف والكلمة
تحيط نفسها في بخورٍ من مشعوذي
محيطها ..
وتسحرك وتسحرني بسحرها الأسود
وها أنا هنا
أقف على ناصية الذكرى
بانتظار قطاري
الذي سينقلني الى المحطة الأخيرة
لطريق رسمه لي القدر
وجنية الحروف لاتزال تطاردني
تمنعني من العودة..
بيدي دفتر وقلم مرصود
لايزال يعاني شلت حركته
ولا يتوقّف عن النزف ،
ولا عن جرح الورق.!!
💔
#سفيربرس ـ غادة النحلاوي ـ نيورك