إعلان
إعلان

عمالة الأطــــفال ـ بقلم: د. رولا الصـــيداوي

#سفيربرس

إعلان

أسباب عمالة الأطفال وأهم النصائح للحد منها
مقدمة:
في الآونة الأخيرة بدأت تنتشر وتتوسع في المجتمع العالمي ظاهرة تشغيل الأطفال التي أصبحت تترك أثاراً سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص … ولقد أخذ هذا الاستغلال أشكالاً عديدة أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسدياً ونفسياً للقيام بها ، علما أن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال و تعترف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أوأن يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أوأن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي .
مفهوم عمالة الأطفال تنقسم إلى قسمين الأول سلبي والثاني إيجابي : مصطلح عمالة الأطفال السلبي هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل ، العمل الذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته ، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه ، العمل الذي يستغل عمالة الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار ، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال وألا يساهم في تنميتهم ، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله .
2/شرح هذه الظاهرة:
يتزايد استغلال الأطفال حول العالم بشكل رهيب بحيث تتمثل أغلب أشكال الاستغلال في التشغيل و الإجبار على الأعمال الشاقة الخاصة بالكبار و الاستغلال الجنسي و الجسدي و الاستغلال في الحروب، غير أن المثير للاهتمام في هذه السنوات الماضية هو ظاهرة تشغيل الطفل.
وتنص القوانين والتشريعات الدولية والمحلية الخاصة بتشغيل الأطفال على منع تشغيل الأطفال أكثر من ست ساعات عمل يومياً للأطفال الذين أعمارهم 15 عاما فأكثر. أما الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ذلك فلا يجوز تشغيلهم بأي حال من الأحوال ومع هذا لا يتم التقيد بتلك القوانين في أغلب الأحيان ولقد أبرزت النتائج أن 57.2% من الأطفال العاملين يعملون أكثر من 6 ساعات عمل يوميا ، إضافة إلى عدم حصول هؤلاء الأطفال على أجر مناسب للطاقة التي يبذلونها . هذا في حال الطفل الذكر أما في حال الطفلة الأنثى فلا يحق لها اخذ معاش .

أسباب توجه الطفل العامل للعمل من وجهة نظره :
لقد أظهرت النتائج أن أسباب توجه الأطفال العاملين للعمل تعود لعاملين أساسيين :
وهما العامل الاجتماعي والعامل الاقتصادي ، حيث تبين أنه من بين الأطفال المتوجهين لسوق العمل ، 67,7% منهم يقومون بذلك لأسباب اقتصادية أي بدافع الحاجة المادية ، وتعود الأسباب للمشاركة في رفع دخل الأسرة(31,1%) أو لأسباب اجتماعية ، توزعت بين الاستغلال والاعتماد على النفس بنسبة 10,8% وملء الفراغ بعد ترك المدرسة بنسبة 12,4%.
وقد بدأ المصلحون الاجتماعيون ينتقدون بشدة تشغيل الأطفال لما في ذلك من تأثير سيء على صحتهم وعلى تنشئتهم التنشئة الملائمة. وربما كان أقوى الانتقادات وأنجحها ما كتبه الروائي تشارلز ديكنز في روايته أوليفر تويست( 1837*1839م). حيث انتشر الكتاب على نطاق واسع في بريطانيا ومنها إلى كافة أنحاء العالم ووجه الأنظار إلى ما يعانيه الأطفال بسبب تشغيلهم. ثم بدأت البلدان تدريجيًّا في سنّ قوانين لتصحيح هذا الوضع وعدم الإساءة إلى الأطفال بسبب تشغيلهم. إلا أن المشكلة لا تزال قائمة، فلا يزال تشغيل ملايين الأطفال يتم بشكل غير قانوني في الدول الصناعية وفي الدول النامية وفي ظل ظروف قاسية. وفي الدول النامية يعمل الأطفال في المصانع والمناجم بل حتى باعة متجولين لحسابهم الخاص.و العديد من الأطفال في الدول الصناعية لا يزالون يعملون في إطار قوة عمل الأسرة. وقد يعملون إما الوقت كاملاً أونصفه في مصانع صغيرة أو حتى في البيت.
أما في كثير من الدول النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فلا يزال ملايين الأطفال من الأولاد والبنات يعملون الوقت كاملاً بصفة غير قانونية، ففي بعض الدول يشكل الأطفال ممن تقل أعمارهم عن الخامسة عشرة نسبة كبيرة من مجموع القوى العاملة ويعملون في ظل ظروف قاسية خالية أو تكاد من أي رقابة أو تنظيم. ويُستخدم هؤلاء غالباً في المناجم والمحاجر والمصانع والمزارع. كما يعمل بعض الأطفال مع أهلهم أعمالاً بسيطة ولكنها تساهم في زيادة دخل الأسرة. كما قد يعمل بعض الأطفال إما لموت والديهم أو تعرضهما للعجز أو فقدان العمل. عشرة،
ورغم أن القوانين في كثير من الدول النامية تمنع تشغيل الأطفال، إلا أن ضعف الإمكانات المادية في هذه الدول يعيق تنفيذ القوانين كما أن حاجة العديد من الأسرفي الدول النامية بسبب انخفاض مستويات المعيشة، تجعل من عمل الأطفال مصدر دخل إضافي لسد حاجات أسرهم الأساسية.
الاستغلال في الحروب يمثل أخطر أشكال الاستغلال التي تهدد أرواح الأطفال وتدفع بهم لمعارك دامية اكبر منهم بكثير، فيكثر انتشار التمرد، و الطفل مرغم على منح جسده و حياته.
وهناك نوع آخر من أنواع الاستغلال وهو الاستغلال الجسدي أو الجنسي، حيث تشير الدراسات أن54 %من الأطفال المشغلين يتعرضون للاعتداء الجنسي مرتين في العام على الأقل، و هذا لسوء أحوالهم و وحشية أرباب العمل و المصانع، و كذا مخالطتهم للمنحرفين و المتشردين، وما ينجم عن الضياع و النوم فوق الأرصفة في الشوارع الخطرة. أما الأمر الأكثر غرابة هنا هو بيع الأولياء لأبنائهم من أجل الاستغلال جسدياً و ذلك مقابل مبالغ زهيدة و هذا مؤسف فعلاً
و أشارت الإحصائيات أن أكثر من 14مليون طفل أعمارهم أقل من خمسة عشر عاما بيعوا من قبل أولياء أمورهم لأسباب اجتماعية قاهرة أغلبها و أبرزها الفقر، الحرمان، المعاناة و عدم القدرة على إعالتهم بعد. يبيعون أولادهم مقابل أسعار مغرية في نادر الأحوال من أجل الاستمرار في إعالة الأصغر سنا ليبيعوهم لاحقاً، و ما أكثر هذا الاستغلال .

وأهم الأسباب لعمالة الأطفال:
•أولاً: المستوى الثقافي للأسرة :
فائدة التعليم غير معروفة لهم.
• ثانياً: الفقر : الأطفال يرغبون بمساعدة أسرهم، عجز الأهل من الإنفاق على أولادهم.

• ثالثاً : قلة المدارس والتعليم الإلزامي .

• رابعاً: نقص بمعرفة قوانين عمالة الأطفال.

• خامساً: العنصرية.

• سادساً: الاستعمار والحروب والأزمات التي تخلق عبء اقتصادي.

•سابعاً: النظام التعليمي السائد الذي يسبب ترك المدرسة مثل سوء معاملة المعلمين أو الخوف منهم ، عدم الرغبة بالدراسة ، عدم المقدرة على النجاح في الدراسة ، قد يكون توقيت الدراسة غير متناسب مع أوقات عمل الأطفال(كما في الزراعة مثلا) قد يكون موقع المدرسة بعيداً بالنسبة للأطفال ، الفتيات بشكل خاص، وقد يضاعف من هذه المشكلة فقدان تسهيلات نقل الأطفال في المناطق النائية .

• ثامناً: الاقتصاد العالمي بنقص برامجه لتخفيف الفقر.

ماهي التأثيرات السلبية المدمرة لعمالة الأطفال : يوجد أربعة جوانب أساسية يتأثر بها الطفل الذي يستغل اقتصاديا بالعمل الذي يقوم به وهي :

1) التطور والنمو الجسدي: تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة ، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية ، الوقوع من أماكن مرتفعة ، الخنق من الغازات السامة ، صعوبة التنفس ، نزف وما إلى أخره من التأثيرات.

2) التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل ، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى انخفاض بقدراته على القراءة ، الكتابة ، الحساب ، إضافة إلى أن إبداعه يقل.

3) التطور العاطفي: يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه .

4) التطور الاجتماعي والأخلاقي: يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين ، القدرة على التمييز بين الصحة والخطأ ، كتمان ما يحصل له وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل.
ماهي أهم النصائح الموجهة لمنع استغلال وتشغيل الأطفال:

إن مجمل ما ننصح به في ظل الارتفاع و التصاعد المقلق لهذه الظاهرة السيئة السلبية لهي بضع نقاط جوهرية علها تحد أو نأمل أن تنقص من الازدياد الهائل لاستغلال الأطفال الأبرياء هي وضع الحد الفاصل لكي يتمكن الأطفال من عيش حياة طبيعية لائقة لا تؤثر في نموهم الجسدي و لا الذهني و لا العاطفي، كما ونرجو من الجهات والمنظمات المسؤولة عن رعاية حقوق الطفل أن تسعى جاهدة لإبطال هذا الاستغلال الدنيء الذي يعكر صفو حياة الطفل البريء، و يجعله يلج عالم الكبار مبكراً، فيشتغل و يتعرض لأخطار جمة، و يمارس جنس الباغين و يميل للعنف. وهناك عدة نقاط مهمة نذكرها للتقليل من عمالة الأطفال:
1-دمج الأطفال في حياتهم العادية و عدم إرغامهم على العمل بأي شكل.

2- تعليم الأطفال يشغل وقتهم و يحول دون استغلالهم بأي طريقة كما أنه يجعلهم مثقفين و واعين تجاه أخطار تتعرض طريقهم.

3-الحرص الشديد على ضمان أدنى حد من العيش الكريم للأطفال و منحهم الحق في التعبير و الغذاء و الدراسة و اللعب الذي يُسلب منهم مبكراً و كذا البقاء في كنف الأسرة التي تمثل الغطاء الحامي للطفل و المتنفس الآمن له.

4تثقيف الاهل وتوعيتهم .

5- وضع القوانين الرادعة و المتوعدة للذين يستغلون الأطفال و معاقبتهم.

6- نشر الثقافة التربوية و الصحية للطفل و منعه من التشرد و الضياع و الانحراف المبكر.

7-احترام السن القانونية للطفولة و عدم إدخال الطفل عالم الكبار جنسياً و جسدياً و ذهنياً.

8-السعي الحثيث لسن تشريعات و وضع اتفاقيات بين الدول لتنسق الجهود لمنع الاستغلال بشتى ألوانه للأطفال.
9-ضم و تبني الأطفال الذين بدون مأوى و العمل على إعادة دمجهم في المجتمع.
أطفالنا أمانة في أعناقنا هم شباب المستقبل وهم القوى التي يمكن بها أن نؤسس لمجتمع صالح متطور.

#سفيربرس ـ بقلم: د . رولا الصيداوي
أخصائية علم النفس

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *