إعلان
إعلان

إلى طهـــران أعــــود ..اليوم الثاني ـ بقلم : ليلى صـــعب

إعلان

صبيحة اليوم الأول في طهران، ساعات قليلة من النوم كانت كافية لتبعث في أوصالنا الحيوية والنشاط، ربما هو التشويق والتطلع إلى معرفة كل جديد. في مطعم الفندق الأنيق وردهة الاستقبال فيه التم؟ شمل أعضاء الوفد، بعضهم يعرف بعض والبعض الآخر يتعارف.

في الساعة الثامنة انطلقنا، طهران مدينة تستيقظ مبكرة، وتبدأ دورة جديدة للعمل والكفاح. الزينات والأعلام الوطنية في كل مكان، الجسور والمباني وحدائق الطرقات ترتدي حللا من الزينات، الساحات الأساسية بدت جاهزة لليوم المنشود، إلا أن مسحة من الحزن وغلالة من الشجن؟ تلفها، وترشح من صور شهيدها الكبير التي تنتصب في كل مكان، بنظرة الصقر التي أوقعت الرعب في قلوب الأعداء وهو حي، ولازالت ترهبهم بعد ارتقائه وانتقاله كي يصبح رمزاً ومنارة.

في شارع وسط طهران انعطفت الحافلة وتوقفت أمام مقر ثقافي هو “مركز الفكر والفن” يشبه مراكزنا الثقافية، ويحكي قصة تلازم الكفاح الفكري إلى جانب القتال العسكري في معركة واحدة، دخلنا البناء بعد إجراءات أمنية بسيطة وسلسة، أحد مسؤولي المراسم رحب بنا ورافقنا إلى الصف الأول في القاعة الرئيسية المكتظة بالضيوف الأجانب، للحقيقة القاعة تشبه قاعة الأوبرا في دمشق، ولذلك اعتقدت أن الضيوف المهمين في المنصة الوسطى وليس في الصف الأمامي، وهو أمر بدا عاديا بوجود شخصيات مهمة من دول متعددة، اعتقادي هذا سرعان ما تبدد وأنا أرى السيد علي أكبر ولايتي وإحدى الشخصيات العسكرية البارزة يدخلان ويتوسطان الوفد السوري في الأمام، إذا الوفد السوري في صدارة الوفود، وهو موضع احترام جم؟ وتقدير، وهذا يليق ببلدين تربط بينهما أواصر الصداقة والدم المقدس.

تحدث السيد ولايتي أمين عام الصحوة الإسلامية مستشار القائد الأعلى عن “عشرة الفجر” أو “أيام الله” كما يسميها إخوتنا في إيران. رحب بالمشاركين في المناسبة التي تتخذ خصوصيتها في عامها الواحد والأربعين من انبعاث نور جديد للتضحية متزامناً مع أربعينية الجنرال الشهيد “قاسم سليماني”. هذه الثورة التي غيرت المعادلات الدولية والإقليمية، والتي يأتي الاحتفال بها فرصة لإعلان نتائجها الداخلية والإقليمية التي وضعت إيران في مصاف الدول المتقدمة علمياً وتكنولوجياً وعسكرياً، مثلما حققت منجزات داخلية تمثلت بالوحدة الوطنية والحفاظ على كرامة الشعب الإيراني، وحققت رغم العقوبات والحصار والتحديات تقدما في كافة المجالات، وبعثت الأمل في نفوس المستضعفين والمظلومين، وقفت إلى جانب الفلسطينين في قضيتهم العادلة، ودعمت مقاومتهم في سبيل التحرر وعززت فكرة الدفاع المقدس والمقاومة في مواجهة قوى البغي والعدوان والاستكبار.

الجلسة الأولى بدأت بكلمة الوفد السوري التي قدمها الأديب مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب ارتجالاً، كلمات خرجت من القلب ولامست القلوب، قائلاً: أحييكم وأشد على أياديكم …..السلام عليكم ورحمة الله جئنا من سورية كي نشارك الشعب الإيراني العظيم احتفالاته بالذكرى الواحدة والأربعين لانتصار ثورته التي كانت إحدى ثلاث ثورات شعبية حقيقية منتصرة في العالم، الثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة الإسلامية.

العلاقة بين سورية وإيران هي علاقة قديمة جدا منذ قال الرسول الأعظم: “سلمان منا ال البيت” وهذا يعني أن العلاقة وطيدة، وأن الأمة الفارسية جزء منا، وهذه العلاقة التي توطدت بعد انتصار الثورة الإسلامية، التي عاضدها الكبير حافظ الأسد مخالفا كل العالم، ومعاكسا الغالب الأعم من الدول العربية التي دارت في فلك أمريكا، فوقف إلى جانبها ضد صدام حسين، الثورة التي كان أهم انجازاتها إغلاق سفارة الكيان الصهيوني وافتتاح اول سفارة لفلسطين في العالم، وتابع قائلاً : نحن نكبر بكل إنسان، وبكل ثوار العالم .

أقمنا في دمشق ملتقى تأبينياً ثقافياً إحياء وتحية لهذا الشهيد الذي اختلط دمه بدمنا، في سبيل تحرير آخر بؤر الإرهاب المدعومة من أمريكا والصهاينة . أن نجتمع هنا لنحيي ثورة كبرى … يعني أن الدنيا لازالت بخير … وأن المقاومة لازالت بخير … وأن النصر قريب …. توالت الكلمات المقاومة ,من مندوب روسيا واوزبكستان وتركيا وصربيا واوكرانيا واليمن والبحرين ولبنان والعراق والجزائر وجنوب افريقيا على مدى جلستين.

إحساس غريب انتابني وأنا أتقاسم القاعة مع قادة مقاومين، رجالاً ونساء من جنسيات مختلفة، وحتى لغات مختلفة، الانكليزية والفرنسية والروسية والفارسية والعربية، شعور بأهمية هذا التبادل الثقافي المقاوم في تفتح الرؤى مثلما تسهم نسمات ربيعية بتفتح أزهار الربيع واكتمال ثمارها، وهو عمل يضاف إلى الأعمال الهامة التي تقوم بها إيران في إطار توحيد المحور المقاوم.

رسل المقاومة هؤلاء هم أيضاً رسلاً لوحدة المسار ووحدة الهدف ووحدة العدو. من ثقافات عريقة يأتون وعلى أرض حضارة يلتقون فيكون النتاج غنياً بالتعدد كبيراً بالاختلاف (وهي عبارة أستعيرها من أستاذي الدكتور عاطف البطرس).

هذه الجموع تهتف بخطاب مقاوم واحد رغم تنوع اللغات، من قال أن الخطابة عربية فقط، وأي قوالب جاهزة غرست في عقولنا، لقد اهتز المنبر وارتجفت القاعة لصوت ممثل جنوب افريقيا وهو يصيح “إن الظلم زائل وإننا مع الحق ,وإن النضال لابد أن يسفر عن فجر جديد”، مستشهدا بأقوال وأفعال المناضل العظيم نيلسون مانديلا.

كانت روحي ترقص فرحاً كنت أصرخ في داخلي، وعبر مايكروفون قناة العالم أننا على حق وأن المقاومة بخير وأن “اسرائيل الى زوال” ليس مجرد شعار .

لن يفلح أحد بزرع الشك في قلبي الآن …وليسقط المشككون على الطريق فالمسيرة تمضي إلى هدفها بكل قوة ومضاء. أرواح شهدائنا تهتف بنا أن جئنا وسنبقى، ولن نسمح للغزاة أن يدنسوا طهر أرض جبلناها بدمنا.

نحن أكثر ثقة بالله …وأكثر ثقة بالحق …وأكثر ثقة بالقوة التي تحمي الحق ..الكلمة أخت الرصاصة ..ولم يكن مجرد كلام .. يا كل جنود جيشنا الباسل ….يا أرض الجنوب الطاهر وأرض القدس .. يا كل مقاوم على وجه الأرض .. نحن بخير ….المقاومة بخير ..

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *