إعلان
إعلان

الرّهاب الاجتماعي ـ بقلم : الأستاذة فاتن نظام

#سفيربرس

إعلان

تعد التربية أو التنشئة الخاطئة للفرد خاصة في المجتمعات التي يسودها التحفظ أو تطغى عليها الأبوية والتسلط والبيئة التي ترفض إبداء الرأى والتعبير عنه ,فينشأ الفرد وهو يراقب كل حركاته وسكناته، فهذه نتيجة حتمية للتخويف من الناس ومن المجتمع “حذار أن يراك الناس “،” ماذا يقول الناس عنك” فلا يتصرف بكامل الحرية ويشعر دائما بالخوف ولا تكون له الإرادة المطلقة في هذا التصرف ولكن يبقى يراقب أعين المجتمع باستمرار وهكذا ينشأ مرض الرهاب الاجتماعى لدى الفرد ، إضافة إلى ذلك فقد يتعرض الفرد إلى التعنيف اللفظي والجسدي المبالغ فيه سواء داخل الأسرة أو في المجتمع، في المدرسة مما يزيد الأمر تعقيدا، ومن أهم العناصر التي يهملها الآباء أثناء عملية التربية هي العمل على زرع الثقة في نفوس أبنائهم والعكس فلربما وجدنا بعض الآباء والأمهات يسخرون من أولادهم ويذكرونهم بقبائحهم باستمرار- لجسدية منها والمعنوية – فتجد الأب يقول لابنه : ” أنت كسول، أنت جبان أنت غبي ” وتقول الأم لابنها أو لابنتها ” أنت قبيحة الوجه ” ” أنت أسنانك كذا… أو أنفك… أو .. ” دون مراعاة للمشاعر البريئة خاصة في فترة الطفولة وخلال العشر السنوات الأولى من العمر وخلال سنين المراهقة، وينشأ عن هذا نوع من الخجل المبالغ فيه خاصة أمام الناس بمعنى أن يصير الفرد ينظر إلى نفسه نظرة دونية ومن هنا يبدأ الداء أيضا، ومن مضاعفات ذلك أن ينشأ قلق تنطبع به شخصية الفرد دون معرفة أي سبب له ثم يولد ذلك حب الفرد للعزلة والانطواء على النفس ويدخل الفرد في صراع مع نفسه لا يدري له أي مبرر……
أعراض الرهاب الاجتماعي وبعض تأثيراته على الحياة السليمة للفرد أحب هنا أن أركز على بعض الأعراض غير المعروفة لدى كثير من الناس لأن أعراض الرهاب كثيرة ومنها : – إضافة إلى الخجل والخوف من الناس وخاصة التجمعات لأكثر من شخصين والانطواء والكآبة المستمرة والملل الدائم والقلق والوساوس والشرود والهم الدائمين والنحافة الجسدية عند أكثر المصابين بالرهاب هناك أيضا :

النظر بتوجس وريب إلى الناس

النظر إلى الأشخاص دائما يكون حاداً

التعامل بطريقة محدودة مع الناس والمجتمع في العلاقات الاجتماعية حتى الضرورية منها

المصاب بالرهاب غالبا يخاف من التعبير عن رأيه وهو شديد المداراة للناس (هذا ناتج عن عدم ثقته بنفسه وأيضا الخوف من محاسبة الناس له)

تصرفات المصاب بالرهاب تتسم بالتناقض فهو يحب ويكره في نفس الوقت مثلا…

مع مرور الوقت تضعف الذاكرة وينحل الجسد

ومن أعراض الرهاب الاجتماعي الجسدية بالإضافة إلى النحافة هناك تسارع للنبض ، الشعور بالغثيان أحيانا خاصة امام الجمهور، في الحفلات والمناسبات أو الأسواق… إضافة إلى فقدان الشهية، والحاجة إلى الجنس، وكل هذا يرجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي الذي برمجة صاحب المرض على ذلك بمرور الوقت ‘.

يشعر المريض بالندم دائما نتيجة تصرفاته فهو شديد المراقبة لها مع الناس ويقول دائما ” ليتني ما تكلمت… ليتني ما فعلت… ”

لا يستطيع الفرد على ذلك بناء علاقة اجتماعية قوية وصادقة مع أي إنسان حتى مع أقاربه… فهو يشك في كل شيء…

يميل المريض عادة إلى إعطاء الأمور حجما يفوق حجمها نتيجة خوف من مراقبة الناس له , وأحيانا يقع في التناقض كما أسلفنا فقد يرى الشيء التافه أمرا في غاية الخطورة ويرى المصاب الجلل تافها

العلاج

لا تزال كثير من أمراض النفس البشرية قيد البحث والدراسة ورغم تطور علم النفس الحديث إلا أنه لم يجد الحل النهائي للكثير منها كالرهاب الاجتماعي، ورغم تصنيف الأطباء لهذا النوع من المرض على أنه نزول خفيف أو اكتئاب خفيف يمكن السيطرة عليه خاصة عند البداية إلى أن كثيرا من الدراسات تحذر من تعقد حالة المريض الذي لم يستطع العلاج وتحذر من الإهمال أو التفريط في العلاج.

العلاج الأنجح هو العلاج السلوكي الذي يبدأ بتصحيح نظرة المريض الخاطئة وأحكامه على نفسه وتصحيح نظرته إلى الناس ،وإلى المجتمع، يجب على المريض أن يخالف خوفه، أن يقتحم العالم الذي يخاف منه بالتدريج، وأيضا للبيئة التي يعيش فيها الفرد دورا رئيسيا في العلاج فهي تمد الفرد بما يحتاجه من شعور نفسى واجتماعى يساعده على استرجاع ثقته بنفسه وتحقيق ذاته,فوجود أشخاص بجانب المريض وتشجيعهم له يعطيه مزيداً من الثقة والقدرة على التحدث والمناقشة وبالتالى يشعر الفرد بالثقة تدريجيا إلى أن يتخلص من ذلك المرض.

وبالرجوع إلى الموضوع أن أهم شيء في مثل حالة الرهاب الاجتماعي أن يساعد الإنسان نفسه ويغير حاله، أن يصحح نظرته إلى الناس وإلى نفسه وأن ينظر إلى نفسه نظرة تقدير لها ، من المهم أن يعلم المريض أنه يتوهم ويخاف من أشياء لا مبرر للخوف منها وأنه عندما يقدم على هذه الأشياء لن يحدث له ما يتوهمه، أن يكون صادقا مع نفسه ومع الناس، أن يخالف نفسه في أمر الخوف ويكسر حاجز الخوف الذي يمنعه من تحقيق ذاته.

تمنياتي لكم كل التوفيق والنجاح بكل اعمالكم.
لكم مني كل الحب والتقدير والاحترام .

” خليكم بالبيت “

#سفيربرس ـ بقلم : أ. فاتن نظام

اختصاص تنمية بشرية وعلاقات عامة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *