إعلان
إعلان

قراءة في قصيدة ” غيرة ومزاج ” … للشاعرة : بسمة مرواني بقلم – نورالدين المباركي-

#سفيربرس ـ بقلم : نور الدين المباركي ـ تونس

إعلان

غيرة ومزاج
العيون اختزلتها في ورقٍ من عجائنِ الماءِ
و قلت في في سري االمُفتَضح :
قد مسني الحب – نار الله المقدسة-
وفي علياءِ جسدي
جرى عرقُ الآلهةِ بلا وردٍ
لغة أمى في جوانيات عيني
وتراتيل الغيم في شعري من لغة قبيلتي
دثرتنى تلك النار
خلت مراياها بالهدوء مكتملة
غمدت لروحي نقاط ضوء
غمستها في لوحة من طينة الشمس
وتوضأت بدم العشق
صليت في المحراب المقدس بلحن الصدق
حتى ذبحني الشوق
كنبرة مرتجفة فِي حلق الْمُصَلِّين !
وكصوت الكرامة في حناجر الثائرين
سمعت صوت الحدس ..
اتكأت على جدار..
عانقت بكعب خيالي طيفه
كعناق تحت الرماد لجمرتين متوهجتين
وآهة تشهدٌ عَلَى لِسَانِ الطِّين
واعترفت دون بيان ، ان الحب اِلحاد بغيرِ أسفارِ سفور
اظهرت شقوق غطرستي
فجعلت السكون ملمس سراب
ولمست الغيرة في القلب
كقلق عبّاد الشمس
موقظ اغفاءة المآذن
يفيض منه روح الكون وجعا
صهيله في الحواس
كلحظة خروج من مغاطس الموت
حِينها ناديت ماياكوفسكي –أشعاره-
شاهرا بلاغة الحزن الشديدة.
وعند سدرة الصوت لحشرجة حروف
على اللسان ثقيلة وعنيدة
لوّح لي درويش في مرافىء الضوء
وله في الروح منصات الغبطة بالمجاز :
يا أنتِ
ألاَصفر مقطوع من الشمس الغير المحتلة
الاصفر صوت
عبّاد الشمس الذي لا يغيِّرُ دِينَه .
انصتت لهسيس العبارة …
وبيقين الله بعيدا عن هتافات الصدى :
الأصفَر غيرة ومزاج
له ايماضات بتجاوز للحد
له النشاز في مدن القلب
والقلب المحب يمرق من طواسين الغيرة
يسيل حبه في العروق قصائد ا
تسقط عند الاقدام ،على الارصفة
تنبت في رفوف القارّاتٍ الخمس
وتينع حدائق ورد في قلب شاعرة
هي جذلى من بدايتها في الحب عنيدة !
وخجلى لكن لها منابت اللغة
تقتل بها كل حراس ا

 

أنشأت من الحرف لفظا ونفخت في اللفظ من روحك فآل خلقا طائعا ملبيا رهن بنانك يخدم بأمانة معاني حبّ عميق مقدس داخلته الغيرة وسربلته ، كصفة دالّة تلازمه اعلانا عن قوة ومدى توهجّه وصدقه، فالحب الصادق تحرسه الغيرة ، فلا حيادية الا لمن جبل من بعض المخلوقات على عدمها ..حملتها دلالة ايحائية الأصفر وعباد الشمس وَ تصريحا كذلك وفي الصورة يشمخ اللون ويدل ويتعالى الذوق ويسمو ، وتتجلى الفخامة ويزهو الحضور والاناقة في تناسبيّة الداخل وَالخارج ..عشق بلغ مداه فتوضات بدمه للصلاة في محرابه ، افلم يتوضأ الحلاج بدم العشق فناء في الحبيب.. جرأة الطرح وَ الاصداع بحقيقة خلجات الوجدان ونبض الحب -حبّها صادق عن قناعة وتروّ ومهل غير تقليدي- مستأنسة، مسنودة بكونية الحب ؛ّ واعراض واع عن السائد وَ سطوة العرف الملجمة لنثر الاحاسيس وَ المشاعر..ولّدت من صراع الطرفين معاناة فحبّرتها تنفيساوتفريحا..

اختزلت وظائف العيون المتعددة في اختمار دموعها، فغلبت عليها لحظة انفعال بمشاعر الحبّ العميق فانفجرت تعمدتها محبة وشوقا بلغ مدى حتّم الشعور بالغيرة التي اضفت عليه حيوية وتعزيزا لصدقه وَ عمقا وجدانيا وَرومانسية ، دموع فضحت الكتمان والاخفاء والكبرياء لتهب لحبّ خالص اسباب التجدد والحياة وَالنماء وَ تمتين العرى وَالصلابة وَ الطهارة تابى ان يشاركها فيه غيرها..فالدموع ماء و الماء هنا أعطى ثبوت حضور المحبوب وقد امتلأ به فضاء القلب والوجدان حياة وتجددا وَ التصاقا وَقداسة…فهو هبة الاهية لها طاهرة شريفة مهداة وعت من خلال آثاره بأنه حب قد مسها ، طاهرا مطهّرا بقداسة عنصري الماء وَ النار مما مكنها من شروط الدخول الى جنة الحب والعشق بعد ان تجرد من تلك الموانع التي لا مقام فيها الا للقلوب النقية الطاهر

حبّ سرى في شرايين القلب وانساب في العروق وعمر الوجدان وتتدفق ذاتيا ليغمر العقل، حبّ عاطفة لازمه وعي ..يؤكد وعيه بوجوده وَ خلوده يهتف لهاانا في العاطفة والعقل فأنا جوهري موجود افكر مستقل ..ليس حب المظاهر الشكلي المسقط الذي يراد له أن يعيش في ظلام التقليد الاجتماعي وإرضاء الخواطر حتى وان جرّد من الذوق ومن قيمته ومعناه..

مشاعر جوانية حرّى متوهجة جرى بها القلم مدادا على سطح الورق ينسجها اشعارا وَ نثرا اين الملجأ للتحرّر- كتحررها الذي تجده في قصيدة النثر فتجد فيه الفضاء الارحب لاستيعاب افاق التخييل وَ الابداع – من قيود واكراهات العقليات السائدة التي ترى الاصداع بالحب وتداعياته تمردا على العرف المألوف المتواضع عليه كانه ذنب اقترف أو سيئة اجترحت.. وما بين ذلك وحفظ المراعاة يكتنفها الم وَ تعتصر كلها نار المعاناة ..

خلت مراياها بالهدوء مكتملة

غمدت لروحي نقاط ضوء

غمستها في لوحة طينة الشمس ..

مرايا اخترقت حاجز الكتمان فكشفت عاكسة لانفعالات جوانية روحانية تباركها موضوعية العقل وَيضبط عفّته وايقاعه وصيانته وَالذي وصله صداه من عمل القلب كانت تسرّها اخفاء عن عيون الرقباء والعذال وَ تحجبها وتسدّ عنها الإضاءة وَ تعزلها عن الإشاعة لدى النابذين لطبيعة حقيقة الحب وفلسفته وَكونيته وإشهاره ليبقى في درج العتمة والظلام ،تحت وطأة التقليد والموروث الشعبي الذكوري المنحرف ، عاطفة حامية حارة تصهرها لتتشكل بمزيد من الصلابة والمتانة والدوام وحفظا من التصدع والتشقق… فنيت روحها في عشق المحبوب فاختزلت كل الوجود في حضوره فلا غيره له وجود عندها ، ولهالة قداسته توضات بدمه تتطهر من كل رجس وخبث لتستغرق روحها في صلاة بخشوع الحب وطمأنينة ينعدم فيها الاحضور طيفه..اداء صلاة في مكان رمزية قداسته اين لا يقصد غيره..لتضفي عليه النقاوة والإخلاص، وتنعم بسكينة الروح وسموها وهدوء القلب ومتعة الامتلاء … تناجي الهة الحب واقفة بين يديها صادقة الشعور والاحساس، مناجاة بتراتيل سمنفونية خلود العشق وابديته حتى اشتدّ بها الوجل والوجد لمهابة حضرته وَ اعتمال الشوق المبرح في الصدر وَ لا ينطق به اللسان ، كشوق العابد القائم في المحراب ، المتأوه بلغة الصدر ، المنقطع بكليّته الى رؤية المعبود، مع الامعان في حفظ كرامة الحبّ بالغيرة والتعبير عنها بالصوت الصارخ، عربونا للاخلاص للاخلاص له، والذود بهمّة عن المساس منه في وجه من تطوع له النفس المشاركة فيه، حبّ مطلق لا يتجزأ فتذهب وحدته وَ جلاله ، وحتى لا يؤتى من قواعده ف فسد حكمه ويفقد جوهره وقيمه وسحره.. يتناهى إلى وجدانها صوت الحدس، صوت الفراسة و الفطنة ليساورها هل أنه الحبّ بذاته ، فينتابها الاعياء من هذا الالهام فتستند إلى جدار تسترد الأنفاس… تقلب الأمر لدفع الشك وَ الظنّ ولجلاء الحقيقة فاذا طيفه يحضر مهيمنا على الخيال والذهن ليقطع الشك باليقين ، فزادها حضوره مضاعفة الشدة في الحرارة وَ العنفوان في استعار متبادلين في انسجام يكنفهما غشاء من الستر والخفاء..فانبجست اهات منطوقة مسموعة تهليلا بالوصال وَ فرحا بطيّ ضناء البعد..فادركت ع الخوض في الايضاح أن الحب ميل القلب وَ احساس بالهوى يجريان في خفاء وَتواصل وتجسير بين قلبين وروحين في السرّ ، حال وجداني ميتافيزيقي يجلب المتعة واللذة الروحية ولا يخضع إلى معايير منطق الملموس وحتى لا يلوثه خبث المادة.. نوع من القلق ثقيل استفزّ الحواس فسرى في كامل الجسد ، لشدّته يضيق الصدر حرجا ، كلحظة شارفت فيها الأنفاس على الاحتباس ، وانقطاع التنفس وَ الاختناق وتعلق الروح مأزومة، حينها استلهمت من الشاعر” ماياكوفسكي” من اشعاره تحديدا دون موقفه من الحياة وَاليأس الذي انهى حياته تراجيديا ، استهلمت منه فقط التوتر العاطفي وما يحمل من الم وحزن وقلق استدعاه حال الذات…وعند ضيق الصدر وانعقاد اللسان عن الانطلاق، والتيه في بحور القلق وضغطه يسعفها درويش يبعث فيها الأمل وَ يوجهها إلى الخلاص، ومن صفة الدراويش تجربة الفناء في عشق المحبوب وَحالةالوجد وَالتماهي فلا يرى دونه فيبلغ مراحل من الرضا والغبطة الروحية وراحة البال.. والبوح في عرفهم بمشاعر العشق مجازا واستعارة ليستغلق عن العوام والمتطفلين على الحال والمقام…فارشدها وَهي مؤهلة للتلقي إلى المجاز وَ الرمز للتعبير على الغيرة ، بالاصفر ، الغائب عن الشمس الملتحفة برداء سحب يحجب اشعتها الصفراء فلا يصل إلى الأرض إلا الرمادي أو سواد العتمة، فالاصفر له الفضائل والأمل ، والاصفر زينة ولون لازم عباد الشمس وَ التي منذ الازل لم تغيّر عشقها للشمس فهي مدينة لها بوهب اياها النماء والحيوية والاستمرار..

اهتمت بانتباه إلى ايحاء الهاتف الخفي وتوصياته ، بشأن رمزية الأصفر فلم يكفها الا يقينها و َ قناعتها بفضل التجربة وَ النظر في الطبيعة ، بأنه مرادف الغيرة تلك الخصلة الفطرية الدالة على قيم الحب الكبير والعشق العميق ، فهو لغة تواصل بين المحبين وتعبير عما يجيش اذن ، وهو له التأثير المحمود في المزاج فيعدله وَ يلقي فيه الدفء وَ السرور والحبور ، فهو دال على الأولى: الغيرة ، وَعامل مؤثر في الثاني : المزاج ؛ والغيرة إن تجاوزت حدا مناسبا الت هوسا وشكّا هادما للحب موتّرا على العلاقة وَعلى شائجه وَعراه وَ على جوهر ادائه في الانسجام الروحي …فتصير إحساسا شاذا وهاجسا لا يألفه القلب ولا يستسيغه لانه محلّ الحب الخالص وَالوئام وَ العشق المعتق من غير شوائب تفسد المودة والأنس ، فالقلب المحبّ المفعم بحقيقة الحبّ وجلاله ، ينسلخ من محرقة الغيرة الطاحنة مخافة تداعيات الشكوك والظنون وَ مخافة وأد المشاعر والاحاسيس الطبيعية المعتدلة.. فيجري منسوبه من الحبّ الهاما لبناء مضامين قصائد حيّة وَ خالدة في الزمان ، ممتدة في المكان تتلى وتكتب …وينبثّ في كل ّ مكان ليغزو الآفاق ويعمّ حغرافية الأرض ، يفرض الامتداد وَ يكرس مبدأ كونية قيمه ومبادئه

.. ما في قلب الشاعرة فهي حدائق ورد يانعة غنّاء مبعث الحسن وَ الجمال وَ الزينة وَ البهجة وَ الحياة ، تسقى بماء الحبّ وَ تقطف ورودها لتقدم عربونا للحبّ وَ نبل العلاقات الإنسانية….فهي منذ كنهها أسرار وقيم الحبّ سعدت به وسُرّت ، لكنها صعبٌ مراسها لا تقبل به جزافا غير ثابت غير متّصف بالعفّة وَ الفضيلة فلا تنازل عندها عنهما ولا تزحزح.. وَخجلى لتكوين فيها فطري ذاتي وَ لاكراهات موضوعية ، لكنها تصيغه برقي وَ ذوق شعرا وَ ادبا َبفضل امكانياتها اللغوية وتعبيراتها البلاغية وَ تتجاوز به- باعتداد وَ ثقة في النفس وَ جهرا وبصوت عال يبلغ مداه- حراس أدعياء شرف البلاغة المثبطين وَ الموهنين لعزائم المجدد وَ المبدع ، وَالذين ليس لهم نصيب منها، فالحارس ليس من جنس المحروس، فهم على هامش أسوار اللب وَ الجوهر..لكن هي قلب الأمر تطوع وتشكل وَ تبني بوسائل اللغة وفنياتها..  رسالة قيمية اخلاقية في الحبّ وكونية الحب وَ العشق النقي الخالص وقداسته رابطا شعوريا وروحيّا وحبلا متينا لدوام العلاقة بين طرفيه واستمراره بدون تصدعات بائنة ؛ الحب وفق أصوله الإنسانية الهادفة إلى النبل وَ السموّ ، الحب كحقيقة شعورية واحساسية وَروحية تمكن الانسان ان وعى بها من حقيقة كينونته وَوجوده، وَارتباطه بالغيرة كشعور طبيعي ضروري لا ينمّ الا على اهتمام من شأنه تعزيز الحبّ وَتوطيده وإضفاء حيوية وتجدد ورومانسية عليه ، ما لم تتجاوز الحدّ المبالغ فيه الذي يحيل إلى قلق وخوف من تهديد كيان الحبّ وإلى هوس وشك مدمر…فالحب حقيقة شعورية وَخصوصية ذاتية سامية يفسدها التقليد الاجتماعي السلبي الموروث في المجتمعات يجردها من معانيها وَسحرها وَاسرارهاوَ تفرض عليها رقابة وَ تصنفها بين حلال وَحرام وَمباح وَممنوع وَ ترى الجهر به واعلانه مناف للاخلاق وتمرّدا يلحق العار بالعفة وَ الشرف، يختزل أساسا في ما إ ن اتته المراة من منطلق نظرة يوجهها سلوكه الذكوري وكأنه يمسك بزمام الأخلاق وحده وَ يتوقف على اذنه وحكمه.. حبّ في زمن اللاحب.

#سفيربرس ـ بقلم : نور الدين المباركي ـ تونس

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *