إعلان
إعلان

بلا متاع..! بقلم : سعاد زاهر

#سفيربرس

إعلان

نظرت إلى بقايا الطعام المتروكة في البراد الفضي الأنيق اللامع، امتدت يدها إلى قطعة شوكولا أخيرة، وضعتها في فمها، ولم تنتبه أنها لا تشعر بمذاقها ولا حلاوتها إلا حين اضطرت إلى فتح الباب مجدداً، للتأكد أنها أقفلت باب غرفتها.

اليوم مساء سيأتي زوار جدد، سيدخلون إلى البيت الذي اعتاد أن يضم بين فترة وأخرى شخصيات، من بعيد تبدو مترفة، ولكن حين تقترب منها، تكتشف كيف بعثرها الزمن وبدد كل جهدها…

أحياناً تشعر أنها خرجت من مزرعة، نائية تعلقت بها، وترفض مغادرتها، صحيح أنها بلا سياج، مجرد سور حديدي بسيط، لكن كل المشاعر التي أحست بها منذ اقتربت من هذا المكان قبل عشر سنوات كل اللحظات المميزة التي عاشتها… مقيدة، مبتورة… مشلولة تماماً… كأنها وضعت نفسها ضمن سور حديدي حين تخرج منه تخاف أن تخسره، وحين تعود تتمسك به، وما بين العودة والذهاب، تتطاول الحياة، وتطول الأوقات.. وتتسرب اللحظات ولا شيء له معنى، مجرد قفزات زمنية، تتهاوى معها كل الذكريات، وتفتقر لأبسط الأحاسيس.

يتصلب كل ما فيها، تتسمر.. لم تتمكن يوماً من الانقلاب على هذا المكان، حتى تلك الأخبار السيئة، أو الضربات التي عاشتها في وقت مضى…، وأصوات البعد ولواعج الغياب..وكل أسباب الفقد.. تتلاشى بمجرد أن تجلس على شرفة ذاك المطبخ ذي الخشب البني المعتق، ولا شيء يعادل فنجان قهوة على صينية بسيطة، مع حبات الشكولا ذات المذاق الغريب… حيث تبدو تلك الحشائش الصغيرة كأنها منظر فريد في جزيرة لا يمكن ليد البشر الوصول إليها..

لم تحاول الانفراد، ولم تفكر بكل هذه الحال الموحشة، ولا بأن تمضي إلى أبعد نقطة..كلها مجرد انفلاتات.. أتت إليها ولم تبحث عنها يوماً..

وها هي تغلق الباب، موقنة أنها الرحلة الأخيرة إلى هذا المكان النائي..

كان لابد من التغيير…

كان لابد من حياة أخرى.. بعيداً عن كل هذا الجمال الخلاب…

وها هي تدرك أنها لن تتمكن أبداً من الشعور بكل تلك المذاقات التي لطالما شعرتها فريدة..

حين استدارت لتلقي نظرة أخيرة.. انتبهت إلى أن الحشائش صفراء.. أقفلت الباب جيداً ومضت بلا أي متاع..!

# سفيربرس بقلم  : سعاد زاهر

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *