إعلان
إعلان

ضرورات احتواء حركة طالبان من قبل دول أسيا الوسطى . بقلم : ساعود جمال ساعود

إعلان

رغم تعدّد الآراء حول الانسحاب الأمريكي من أفغانستان إلا أنّ الانسحاب مجهول الأسباب لأن ما خفي من الاتفاق الأمريكي مع طالبان أكبر بكثير مما نشر عنه، لذلك أغلب مقالات الرأي لا تخلوا من السطحية تارة والسخرية تارة أخرى.
هذا يحفز العقل للبحث في الأسباب الخفية إذ لا يمكن التصديق أن الجيش الأمريكي انسحب أمام طالبان لتلافي الخسائر الاقتصادية والبشرية التي لم يفكر بها طيلة 20 سنه، ولا استجابة للمطالب الداخلية بالانسحاب، ولا تطبيقاً للمبادئ التي اخترعتها لغزو الشعوب كيف هذا وقد تدخلت لمحاربه طالبان في أفغانستان، وهاهي اليوم يسلم أفغانستان لحركة طالبان إذا هي معادله ترتسم أطرافها كما يلي أفغانستان لطالبان مقابل شيء ما ، ما هو هذا المقابل؟
1. هل هو ضرب مصالح دول تعاديها أمريكا كإيران والصين وغير ذلك من دول أسيا الوسطى؟
2. هل هو اتخاذ أفغانستان مقر ومنطلقاً باتجاه الخارج لانجاز عمليات نوعية ذات أبعاد جيوسياسيه تخدم الأمريكي؟
3. هل تم سحب الجيش الأمريكي لنقله إلى مناطق أهم في العالم، حيث المصالح الامريكيه وبالتالي إغفال دول اسيا الوسطى عن التحرّكات الامريكيه؟
4. هل أمريكا مرهقة اقتصادياً ام أن الرئيس جو بايدن يحاول تحسين السياسية الأمريكية وكسب الرأي العام الامريكي؟
5. كيف وافقت حكومة الظل الامريكيه(دولة عميقة) على قرار باين الذي من المعروف لو أنه عارضته لما تم تنفيذ القرار؟
اذاً الاسئله والشكوك كثيرة، ولكن الثابت ان الخسائر الامريكيه، وقعت بالفعل ولم تكن تمثيلاً كما يجمع الباحثون، ومهما كانت المكاسب التي يحققها الأمريكي من أفغانستان، فالمؤكد أن هناك مكاسب ثابته لن تتركها لطالبان بدون مقابل، ومن الواجب أن يدور الاتفاق حول حمايه مصالحهم في أفغانستان مقابل تحوّل طالبان لأداه طيعة بيد الأمريكي، ولكن رغم هذه المبالغة إلا أنها احتمالٌ قائمٌ جداً، وعلى أساس ما سلف إن الضرورة الامنيه والعسكرية والسياسية والاقتصادية في الأمد الراهن والبعيد تقضى من هذه الدول أن تضع سائر الاحتمالات الواردة والمحتملة حول الانسحاب الأمريكي، وان تتخذ احتياطاتها وان تعمل على احتواء حركه طالبان بأسرع وقت ممكن لتلافي المفرزات السياسية لسيطرتهم، ولتجنّب أي سيناريو يمكن أن يكون قد رُسم امريكيا ، وذلك من منطلق العديد من الاعتبارات والاحتمالات التي نوردها كما يلي:
1. تكليف طالبان بضرب ايران من خاصرتها باعتبارها جارة حدودية لأفغانستان واستغلالها لبعض شرائح الشعب الإيراني كالاحوازيين وغيرهم لأثاره القلاقل الأمنية داخل ايران.
2. تهييج إقليم الايغور في الصين بما يشغلها بمشاكلها الداخلية، ويؤثر ولو بنسبه قليله على سياستها الخارجية.
3. التوسّع نحو الخارج وضم المتفقين معهم إيديولوجيا من الحركات المتطرفة والتنظيمات الارهابيه.
4. اجراءات عدم الاستقرار في اسيا الوسطى بالشكل الذي يهدد المضي قدماً بمشروع طريق الحرير عبر التدخّل في شؤون دول المنطقة وزعزعه الأمن والاستقرار فيها.
5. العمل على قلب الأنظمة بدعم أمريكي وهذا أمر صعب جداً، ولكنه احتمال وارد.
6. قطع الطريق على المحاولات الخارجية الاستغلال الأوضاع الداخلية في افغانستان بما يخدم أهدافهم مصالحهم السياسية التي تتمثّل بقلب الأوضاع في الداخل الافغاني، و بالتالي نقل الفوضى إلى خارج حدود أفغانستان بما يضمن تهديد الدول المعادية لأمريكا في أسيا الوسطى.
بالمقابل العمل على احتواء طالبان ومفرزات الانسحاب الأمريكي، يتميز بوجود عدّة عوامل تساعده وتحض عليه منها:
1. طالبان داخل افغانستان فقط ولا توسّع وانتشار خارجي لها، وهروب الجيش الرسمي، وعدم الدخول في صدامات داخليه دامية، وسيطرة طرف يحلم بالسيطرة السياسية سيسهم بترتيب الأمور كما يريدون، بالتالي سيكون لهم وجود رسمي داخل دولهم، وتمثيل خارجي رسمي، ليتقوقعوا داخل افغانستان ومثلما يمارس حياته السياسية جدوله مثل باقي الدول السياسية.
2. القنوات السياسية المفتوحة والجهود الدبلوماسية المقبولة من جانب طالبان وحتى مسألة الوساطات الدولية، فهي عامل ايجابي مساعد.
3. قوة الأطراف والدول في اسيا الوسطى فليس من السهل على 75000 طالباني الدخول في اشتباك مع دول أسيا الوسطى لا فرادى ولا مجتمعين، وهنا تنبثق ضرورة تشكيل تحالف من دول أسيا الوسطى(إيران صين باكستان ورسيا)، لبحث سائر الخطط الأمريكية، والتفرّغ لمتابعه شؤون هذه الدول، ومراقبه التحرّكات الأمريكية في بقيه مناطق العالم.
4. تميّز عالم اليوم بنزعة دولية لمحاربه الإرهاب هذا في حال الشطط والتمادي الطالباني.
5. العمل على تشبيك العلاقات معهم لا سيما بعد هروب رئيس دولتهم وانهزام الجيش على الصعد كافة، لا سيما دبلوماسياً واقتصادياً وثقافياً والاستفادة من حاله التداخل الاجتماعي والثقافة والديني الحاصلة لضبط الأمن، وتثبيت حالة الثبات والاستقرار في منطقه اسيا الوسطى ككل.
ومن باب التخمين، فإن الأهداف الأمريكية من الانسحاب يمكن أن تذهب الى التوفير الاقتصادي وتجنب الفشل العسكري، ولكن هذا غير مقنع والخطير بالأمر ما نجم عن الانسحاب من تغيرات أصابت الجغرافيا السياسية منطقه اسيا الوسطى.
إن الانسحاب الأمريكي نجم عنه تغيرات أصابت الجغرافيا السياسية في دول أسيا الوسطى؛ أبرزها حسب الظاهر عوده أفغانستان إلى ما كانت عليه قبل الغزو، حيث يعرف طالبان حسب تعريفهم عن أنفسهم أنهم أهل الأرض الأصليون، ومن انشق عنهم خارجيون متمردون خونه، وعلى هذا الأساس في الوضع طبيعي، وقد رجع الى ما كان عليه.
اما حقيقه القول أن طالبان مدعومة سرياً من مخابرات خارجية أمريكية فهذا ينطوي على خطأ جوهري لأنه طالبان عمل ضد الامريكي والجيش الرسمي المطيع للأمريكي والخسائر المادية والبشرية، الا إذا كانت في فبركه هوليوديه وهذا أمر محتمل جداً.
أظن أن الأفضل والأضمن للأمن والاستقرار في اسيا الوسطى تشكيل تحالف من دول اسيا الوسطى ذو طبيعة أمنيه حصريا، وذلك لردع أي خطر محتمل مستقبلاً سواء خططت أو يُخطط له امريكياً أو غير أمريكيا.
وبالنتيجة هذا المقال عبارة عن محاولة لتكوين نظريه تدعو لملء الفراغ في أسيا الوسطى، وصد الارتدادات والتصدعات الأمنية والعسكرية التي يمكن أن تنشأ كمفرزات لانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وتفرد حركة طالبان بالأمور فيها، وما يمكن أن ينشأ عن ذلك، وفي هذا الصدد لا بد من العودة والتشديد على تفعيل معاهدة شنغهاي ومعاهدة الأمن الجماعي أكثر وأكثر، على أن يتم عقد معاهدات جديدة في مجال الأمن بأسيا الوسطى لحماية أمن واستقرار دولها والدول المجاورة لها، وهذا يضمن لهذه الدول أن تتحرّك باتجاه إدارة شؤونها، وان تتلفت للتحرّكات الأمريكية الغير سليمة في مناطق أخرى من العالم.

#سفيربرس _  بقلم : ساعود جمال ساعود

دكتوراة في العلوم السياسية

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *