إعلان
إعلان

كتبت أ. فتون عبدالله الصعيدي : متى سوف ينتهي كابوس الامتحانات في مدارسنا؟

#سفيربرس

إعلان

في الوقت الذي نشهد فيه نتائج الأزمة الاقتصادية وتفشي البطالة في صفوف الخريجين، وتراجع الحماسة لدى كثير من الطلاب وشعورهم بعبثية التحصيل والاضطرابات النفسية التي تحصل بسبب الامتحانات المضغوطة، وتطويق المدارس وقطع الاتصالات، والجو المنزلي المشحون، وتراجع إنتاجية الأساتذة والمعلمين، ألم يحن الوقت لإنهاء كل هذه المعاناة و استعادة الشعور بالشغف للتعلم من خلال المتعة لدى الطالب والأستاذ معًا التي تخلقها طرائق جديدة تواكب المستجدات العالمية والتطورات التقنية والتربوية؟!
هذا الأمر إن أردنا فعلًا التطوير فهو يحتم على أصحاب القرار في المؤسسة التربوية إعادة دراسة الأنظمة والبرامج المعمول بها منذ عقود بما يخدم واقعنا التربوي الوطني ومستقبل أجيالنا القادمة.
إن حاجتنا للامتحان الآن لم تعد بنفس مستوى حاجتنا له سابقًا، في الماضي كان هذا الاختبار لقياس القدرات التحصيلية لدى الطلبة، أنا لا أنكر انه أداة جيدة لقياس بعض المهارات والمعرفة – وإن توجب تطوير مهارات الطلاب لإنجازها والنجاح فيها، وتقديم الدّعم أو/ البدائل لمن تُشكّل الامتحانات تحديًا حقيقيًا بالنّسبة إليهم مِن ذوي صعوبات التعلّم أو مشكلات القراءة والكتابة أو الذين يواجهون حالات نفسيّة تؤثّر بشكل كبير في أدائهم في الامتحانات – على لا تكون الامتحانات الهدف والحكم الوحيد على القدرات والمهارات، إذ إن معظم الامتحانات تنجح في قياس قدرة الطالب على الحفظ والتذكر والدراسة بهدف تقديم الامتحان فحسب، ولا تعمل على إعداده للحياة العمليّة.
فغالبًا تتأثر نتائج الطالب بالعوامل الخارجية مثل ظروفه أثناء إنجاز الامتحان، وصعوبات التعلم لدى البعض، وطرائق التعلم المختلفة، ما يجعل الامتحان أداة قياس غير دقيقة لمستوى التلميذ وقدراته، ولأن الامتحان يشكل حكمًا على أداء الطالب خلال الساعة التي ينجز فيها الاستحقاق من دون الأخذ في الحسبان أداءه اليومي والمهارات التي يملكها ولا تقيّمها الامتحانات، فهو يشمل تناقضا مع مبدأ العدالة
لذا يجب أن نستعيض عنه باستراتيجيات بديلة لاختبار الطلاب، تحاكي الواقع، وتسهم في دمج المتعلّم كعنصر أساسي ومحوري في العمليّة التعليميّة، وتطوير المهارات والمعرفة والمفاهيم لديه وليس تقييمها فحسب ومن هذه الاستراتيجيات عرض ونقاش ملف مهني للطالب يشمل أعماله وتعلّمه خلال فترة زمنية محددة، التقارير المكتوبة والعروض التقديمية المحددة المعايير، اختبارات الكتاب المفتوح، تقييم الأداء أثناء العمل الفردي أو الجماعي داخل الصف، والتعلّم القائم على المشاريع، (كأن يُعطى للطالب سيناريو أو يوضع في ظرف أو مشكلة ما ويُمنح دوراً ليلعبه، فيتخيّل نفسه مهندسًا أو كاتبًا أو طبيبًا أو عالمًا، ويُطلب منه العمل والبحث والتفكير والكتابة والرّبط بين الأفكار المختلفة ضمن معايير واضحة ومحددة تتم مشاركتها مع الطالب وتدريبه عليها مسبقًا)، هذه الاستراتيجية يمكنها قياس مهارات اللغة، والتفكير، والإدارة الذاتية، والمهارات الاجتماعية والبحثيّة عند الطالب، كما يمكنها قياس المعرفة، مسبوقة طبعًا بتدريب الأساتذة لتحضير الطلاب لهذا النّوع من التعلّم والتقييم قبل تنفيذه بصورة فعّالة.
وتقديم الامتحانات للشهادات بصورة مؤتمتة بعد تجاوز كل العقبات التي يمكن أن تثار حول ضعف البنية التحتية من خلال تجهيز عدة شاحنات مجهزة بحواسيب كافية مرتبطة بالإنترنت ( مختبر حاسوب متنقل ) لإجراء هذه الاختبارات حتى تصل إلى تعميم البنية التحتية المطلوبة خلال السنوات القليلة القادمة.
إن اعتماد استراتيجيات تقييم بديلة عن الامتحانات لقياس المعارف والمفاهيم، يمكن أن يحصل في أي دولة وتحت أي ظرف، لأنّه لا يرتّب تكاليف على العملية التعليمية أكثر من الذي تتطلبه طرائق التقييم الحالية، بل هي أوفر منها
نحن منذ عقود عدة نعتبر الامتحان وسيلة عادلة لتوزيع الطلبة على التخصصات المطروحة من قبل الجامعات الحكومية وفقًا لمعدلات الطلبة ورغباتهم، ولكن هذه الوسيلة قد تم إيجاد بديل عالمي لها حيث انيطت هذه المهمة بالجامعات وكلياتها الإنسانية والعلمية المختلفة وبما يحقق التكامل بين نتائج الطلبة في الصف الثاني الثانوي المدرسي والاختبار الذي يؤديه الطالب وفق التخصص الذي يتلاءم مع قدراته وميوله واستعداداته في الجامعة.
وأخيرًا إن الآثار السلبية الاجتماعية والنفسية المتشابكة التي يسببها هذا الاختبار على الطالب والأسرة والمجتمع مدعاة لإعادة النظر و دراسة إلغائه كسبب رئيس بالإضافة إلى الأسباب التي تقدمت لكي ننطلق إلى المستقبل وقد تخلصنا من عبء كبير يثقل كاهل الوطن والمواطن.

#سفيربرس _ بقلم : أ. فتون عبدالله الصعيدي.

#باحثة وأخصائية تربوية 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *