إعلان
إعلان

لصوص الشمس … بقلم : فاتن بركات

#سفيربرس

إعلان

احقأ رسمت مرورك العوسجي بريشة طفلة، سألتها يوما ما: ماذا ترسمين؟
_حسنا ارسم رجلاً مُتعباً ،يمشي على رصيف مدينةٍ مُتعبةٍ،سأرسم خلفه شمسا دافئةً.
ومرة أخرى تسألها: ضعي على كتفي معطف حنان ، ولفاحا من مودة ونقاء….ارتبكتُّ بخوف الطفلة، على رجل مُتعب بردان في مدينة متعبة باردة…
تُرى أيّ الألوان نبعا للحنان الدافئ ؟ مرّت أقلام الأحمر ،الأخضر،الابيض تلوح بخدماتها…رفضتُ الفكرة، فالحنان فقط في القلوب الدافئة…
بكى الرجل الكهل الذي صار كائنا مُلونا على الورق، مكررا بحزن: انا بردان …كل هذا الثلج ومساحات الورق الأبيض البارد يهطل فوقي، صقيعُ الأرصفةِ يلف خطواتي.جوع قديم يحتلُّ ذاكرتي..
_حسنا ايّها الرجل الذي لايبوح بأسراره، وعدتك ان ارسمَ شمسا تمحي الخيانات من حولك…
بعد لحظة،ستكون الشمس مرسومة فوق إنحنائكَ الجليل..ولن أسمح لها بالغياب، لكن احترس!..فاللصوص يسرقون الشمس من لوحات الرسامين.
_والبرد؟..
_ لن تعاني منه بعد الآن. برد اطفال بدون بيوت..و مطار الأمنيات في طابور الانتظار الطويل..لن يقلقك بعد اللحظة، ألم الفُراق ولا صقيع الغياب. فقط انت والشمس معا…..
_ إذاً لابرد بعد شمسك هذه..
فقط لو تَدعين الجداول تذهب للحقول..والحدائق تنبتُّ في القرنفل..وكوني احبُّ الشِعر، اخضعي كل القوانين للقصيدة للشعر…
تتبدل اللوحة..
رجل مُتعب،يمشي على رصيف مدينةٍ مُتعبة يلفها اليباس،يُلوح برايته القُرمزية، أمام اكواخ الفقراء، كي يخرجوا ملوحين ببقايا ارغفةٍ من عفنٍ،مطالبين، بمساكب أمل تنبت في حقول ايامهم.
والأن ماذا ترسمين ياطفلتي:
أرسم حلمي إليك، أرسم حقول عوسجٍ بري نبت على سفوح الأودية،وحين يشتد وهج الصيف بعد طول شتاء،لن يبقى من العوسج سوى بذوره التي ستنبت في مواسم حبلى بالحُب، على امل القيام…

#بتصرف عن قصة للراحل الكبير وليد معماري/ مرور العوسج/ من مجموعته القصصية _أختي فوق الشجرة .

#سفيربرس _ بقلم  : فاتن بركات 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *