إعلان
إعلان

الإنزياحات والحرائق والفرص الضائعة _ بقلم : محمد فياض

#سفيربرس _ القاهرة

إعلان

تمر منطقتنا بمرحلة خطيرة جدآ من عمر الفوضى والتي أُريدَت أداةً أمريكية غربية لمحاصرة زغب التعدد القطبي الذي لاح سريعاً وقدم أدلة ثبوتية قاطعة لقدومه على الطريق.وقدم الغرب الأمريكي وسليلتهم إسرائيل أقذر تجارب البشرية خلال الثلاثين عاما المنصرمة ضد مصالح الشعوب بعد تفكك الإتحاد السوفييتي..وإن كنت أرى أن سلام الشعوب وأمانها يستوجب التخلص من أردية القطبية الواحدة أو المتعددة..وإن لزمت الأخيرة فلتكن ضرورة مرحلة يتم من خلالها حرق مراحل السيطرة والنفوذ والإستبداد..لنصل بالشعوب إلى الحق الأصيل في تقرير المصير..وبالٱلية المحلية التي تراها الشعوب لازمة دون غيرها لصياغة ذلك المصير… وكثيرة هي الحروب والقتل والتدمير التي أفقدت البشرية عشرات الملايين ضحايا محطة..تقرير المصير..وإن وردت العبارة وصيغت في المواثيق الدولية في العهدين الدوليين..عصبة الأمم.والامم المتحدة..لكنها مجرد صياغة ونصوص تتراص مع مثيلاتها في الدساتير والتشريعات الداخلية والتي صيغت في داخل الدولة القطرية دون إحاطتها بما هو أهم من الصياغات دستورية كانت أم تشريعية..أتتها اللجان التأسيسية ام البرلمان..فقد افتقدت تلك النصوص لثمة ضمانة التطبيق كقاعدة عامة مجردة وباتت بدلاً من سيف في يد الشعب..ساطوراً في يد الحكم يمزق به كل أبجديات المواطنة والحقوق والحريات..بمطلقاتها وتنوعها لصالح حزمة من شلل المنتفعين بخيرات البلاد في كل قُطر ..
ودولة السودان وشعبها الطيب لايختلف عن مثيله في أي بلد عربي..ودولة السودان ونظم الحكم الرخوة ربما أيضاً لا تختلف كثيرا.
فلم تشتعل الحرائق ألكبرى في السودان بين فريقين رئيسيين فيها لذات الأسباب التي ذهبت وتصمم على الذهاب إليها فرقة التحليل السياسي والديموجرافي والطبوغرافي والاستراتيجي والكثير من العناوين الرئيسة في مشروع فصل الشعوب عن تربتها والإمعان في تغريبها ..ولم تملأ الفضائيات صخباً وتحليلاً ثلة المحللين عن وعي أو حتى عن جهل أو معرفة إلا لتبرئة الأدوار الإستخباراتية الهائلة لقوى إقليمية ودولية وعالمية إختارت الموقع,- السودان -لهذا الحريق الهائل..
ثم وبمراجعة ذات الفضائيات وذات الأشخاص المحسوبين وفقاً لأنصبة تركة العمالة وتوزيعاتها يمكننا ببساطة مراجعة مواقفهم من ذات الحرائق في الجغرافيا السورية واليمنية والعراقية والليبية..واللبنانية..وعند التدقيق لايخفى على المتابع غير المتخصص الإمساك بالقوى العربية والإقليمية والدولية التي تدير المحارق وتغدق في الإنفاق عليها بتعليمات الأجهزة الإستخباراتية ذاتها..ذاتها في سورية وفي اليمن.والعراق وليبيا..وفي السودان.
وليس خافياً أو مختفياً أو متخفّياً الدور الخليجي العربي من إشعال الحرائق وتمويل إستمرار أوارها وتوسيع رقعتها لغاية إسقاط الجيوش الكلاسيكية وإدارة الفوضى وتطوير مراحلها . إلى تجفيف الأنهار الدولية ..دجلة والفرات وتمويل السدود لتعطيش شعوب بلدان الحضارات لمساعدة واشنطن والغرب العجوز وربيبتهم اسرائيل لغاية محددة وبدقة..
وتظهر القوى الإقليمية حاضرة بلا أدنى ضبابية تدير الفوضى في بلداننا لمنع مؤسسات الدولة أو على الأقل لإضعاف قدرتها على السيطرة الكاملة خاصة على المناطق الحدودية.
مورست ولازالت هذه الفوضى في سورية في الجنوب في درعا والسويداء والقنيطرة..وشاهدناها في اليمن وڤي ليپيا والعراق ولبنان والصومال وفي مصر.سيناء والعمق الجنوبي والجبهة الغربية والشرقية ولاتزال..
لكن الجديد هو تأكيد الفشل الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي من 2011 حتى الآن في صياغة تماسك مناطقي داعم وتابع كلي للإدارة في البيت الأبيض..وتجلى الفشل الأمريكي الإمبريالي في الانسحابات الضخمة من أفغانستان والعراق ولبنان والصومال وفي الهزيمة في الجغرافيا السورية وتحطم مشروع الشرق الأوسط الكبير..وخيبة تحصيل النتائج من مئات المليارات والعتاد العسكري الضخم الذي تم إنفاقه في تشغيل الأدوات والإستثمار في إدارة الإرهاب على الأرض السورية واليمنية والعراقية والليبية دون تحصيل النتائج المحددة سلفاً والمعنونة بصفقة القرن والتي تم إفشالها..وبانتقال الدب الروسي للعمل في المياه الدافئة وماتلا ذلك من ضم القرم 2014 والانتقال إلى الأرض السورية في 2015 وتحرير مثلث داعش في الرقة والموصل وحلب في 2016 والقضاء على الحلم الأمريكي الصهيوني الوهابي.وتطهير سيناء وحصار الإرهاب في سيناء وتجفيفه..
كل هذا أصاب المشروع الأمريكي بخيبات كبرى.وبانتقال السيد بوتين للعمل في الأرض الأوكرانية ومواجهة الجيش الروسي 50 دولة تحارب على الجغرافيا الأوكرانية..والعمل الدولي الجاد الجريء لإنزال الدولار عن عرشه وإهانته والاستغناء عنه..فلا انتصرت الولايات المتحدة الأمريكية في البلقان.. أو أفغانستان ولا انتصرت في العراق أو سورية ومن قبل تم هزيمتها في الصومال وتأديبها في ثمانينيات القرن الماضي في لبنان…
تتساقط الولايات المتحدة الأمريكية..وتتداعى..وترغب استعادة هيبتها فتم تركيب الملف السوداني فوق فوهة المؤامرة..لا لأنها السودان الأرض الغنية والشعب الطيب.فالأرض الغنية والشعب المالك لها وفقاً لقواعد المصالح يمكن الأخذ منه والمبادلة معه..والشعب الطيب كغيره من الشعوب العربية لايختلف في تنوعه حيث القبائل والعشائر..الديانات والإثنيات..مراكز القوى والإصطفاف الإتفاق والإختلاف..التوافقات..السرقة والنهب والفساد..تأليه الحكام وبطش أنظمة الحكم بالطبقات وإحراقها وإذلالها ربما..ولصالح طبقة المقربين واصحاب الحظوة..صبر الشعب وجلده وحزمة أوجاعه وٱلامه..الشعب في السودان ليس كغير الشعب في أي بلد عربي..
إذن لماذا الآن..وإشعال الحرائق الكبرى بين فريقين رئيسيين فيه والإحتراب الحاصل..؟؟ لم يعد ينطلي علينا..وينبغي على القاريء أن يصل إلى هذه القناعة.أن نقل الحرائق من جغرافيا إلى غيرها هو لغاية مصالح الشعوب وحقوقها في الحرية والعدالة ابدأ..تلك مغالطة وحياكة للمؤامرة وتوزيع الأدوار..ولنسأل أنفسنا ونحترم قناعاتنا الذهنية..: هل دويلات الخليج..المملكة.والإمارة..والسلطنة تتنعم شعوبها في الحريات العامة والنقابية والحقوق..وهل لديها دساتير وبرلمانات وتشريعات وقضاء يرتكز على درجات للتقاضي..؟!! .بالقطع الإجابة: لا …
إذن لماذا تم توزيع أكثر من 150 تنظيم إرهابي مسلح على الخزائن ونظم حكم الخلايجة للعمل في الجغرافيا العربية السورية وتولت هذه الأنظمة تمويل وتسليح الإرهابيين ضد الجيش والشعب السوري..؟! .أهي حقوق الإنسان أيضاً..؟!! . وهل قدّم الشعب السوري أو الشعب اليمني أو الليبي أو العراقي واللبناني شكواه الرسمية ضد حكوماته إلى مجلس التعاون الخليجي..؟! .وهل يملك الأخير إعطاء الشعب العربي في هذه الدول وفي السودان حقوقاً مازال بين الشعب الخليجي وبينها عدة سنوات ضوئية.؟!!..خاصة إذا ماعلمنا أن شجيرة صغيرة تم غرسها في أحد شوارع دول الحضارات المستهدفة هذه يزيد عمرها أضعاف عمر تكوينات دويلات الخليج كلها مجتمعة..
كل القضايا يتم تلخيصها في تقديري الآن أن هزائماً متكررة وفاضحة في السنوات الأخيرة مُنِيَت بها الولايات المتحدة الأمريكية خاصة والقاسية منها قد أصابتها في الثلاثين عاماً الأخيرة.وأن المشروع الصهيوأمريكي الوهابي والذي تولى جاريد كوشنر التسويق له والمنعوت بصفقة القرن قد تحطم بفعل الجيش العربي الأول والثاني والثالث..وأن الولايات المتحدة الأمريكية قد هُزِمَت في المنطقة.وأن البيت الأبيض حين أعلن ترك منطقتنا _ لفشله الزريع فيها _ وذهابه إلى منطقة جنوب شرق آسيا..ليُفاجأ بالقيصر يضع واشنطن والغرب كله في الزاوية.
ويتشكل بنك البريكس ومجموعته لإعلان وفاة الدولار..فتتجرأ بعض الدول في منطقتنا الخروج من بيت الطاعة الأمريكي ولو باستنتاج العزم على ذلك..وبينما الثابت أن العالم يتشكل الآن متعدد القطبية.. وأن العالم قبل 24 فبراير قد أصبح من الماضي انتهى ولن يعود _ كما قال قيصر روسيا _ .ونشهد بأم أعيننا أن آل سعود يتصالحون مع إيران..ونشهد دور تركي صاعد ومتنامي مع الدور الذي تلعبه طهران وترسي قواعده منذ عشرات السنين وتنامى في خضم الصراع بين طهران وواشنطن.. ونشهد أن آل سعود يبذلون كل الجهد لقطع الطريق على الدور الريادي المصري..وليس غريباً موقفهم أبداً _ لمن يقرؤون التاريخ _ .. إذن فنحن أمام خرائط صاعدة إقليمياً ودولياً..وأمام تحولات جذرية وعميقة وربما باتت قواعدها الحاسمة مُعلَن عنها وليست سراً خافياً على متابع مبتديء.. فالنظام العالمي يتشكل..وبالتالي النظام الإقليمي الجديد يمر بإرهاصات الترتيبات وٱلام الولادة..ومن يرغب في أن يمارس العَمَى فليمارس..ومن يرغب في ممارسة الغباء السياسي والاستيراتيجي فليمارس..ومن تعجبه لعبة تفاخر القرعة بشعر بنت أختها فليفعل..ومن يطفيء أضواء الدماغ ويمارس طحن الأدمغة الشعبية العربية لصناعة قطعة من الٱيس كريم لسيده المهزوم في البيت الأبيض فليراجع نفسه وبسرعة..
إن أموال الخليج تلعب ذات لعبتها التي ثبت فشلها في سورية وعادوا للحج في دمشق الأسد..يلعبون نفس اللعبة في تمويل طرفي الصراع في السودان..ومارسوها لتعطيش الشعب العراقي..ولتعطيش الشعب المصري…لم يعد سراً أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا العجوز والأدوات الخليجية يشعلون النيران فى السودان لتحقيق أهداف صهيونية لحجز مقعداً في الترتيبات الإقليمية الصاعدة لتشكيل النظام الإقليمي لغاية حجز مقعداً في الترتيبات العالمية الصاعدة..
كل هذا لقناعة الأقطاب الإقليمية والدولية أن إنزياحات كبرى سقطت في النظام العالمي..ومثلها في النظام الإقليمي..وإن لم يتم الإعلان رسمياً عن سقوطها حتى الآن..لكنها إنزاحت وأصبحت من الماضي… والحرائق الكبرى في ملف أوكرانيا..لاينفصل عنها الحرائق الصغرى في الملف الإقليمي..فما حدث ويحدث هو إرادة واشنطن تركيب الملف السوداني والإستثمار فيه للحضور في ترتيبات العناوين الرئيسة الصاعدة إقليمياً..للحضور في ترتيبات العناوين الرئيسة الصاعدة عالمياً….
وتنطفيء هذه الحرائق فوراً وتنفتح السدود لتمرير المياه إلى أنهار النيل ودجلة والفرات..وفوراً..الٱن وفقط عندما يتوقف الممول الخليجي ويتم تجفيف مصادر النقد وبالتالي السلاح وحصره فقط في الجيوش الكلاسيكية العربية..مصر..سورية..العراق..
وثمة فرص ضائعة كثيرة منذ كامب ديفيد حتى الآن أضاعتها الإدارة المصرية..ونرجو أن تنتبه أن الحرائق في السودان هي حريق في قلب العاصمة المصرية..
وأن الأخيرة هذه هي حجر العثرة في كل الترتيبات..هل نكون..؟!!!.. الإجابة لها أمارات في الترتيبات الداخلية في بلادي..لم نشهدها حتى الٱن .

#سفيربرس _ بقلم :  محمد فياض _ القاهرة 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *