أول الغيث في سورية.. متى يأتي دور اليمن ؟.بقلم : الدكتور خيام الزعبي
#سفيربرس
حققت القمة العربية الـ32 المنعقدة في جدة أهدافها تماماً، وأن عودة سورية هو أهم القرارات الصادرة عنها، وبذلك تكون هذه العودة بداية لانخراط عربي أكبر في حل الأزمة السورية، واستعادة دورها في المنظومة العربية.
اليوم تصب المتغيرات السريعة في المنطقة في مصلحة سورية حيث بدأت أغلب الدول الغربية والعربية بتحفيز سياسية الحوار بدل سياسية السلاح في سورية وهذا ناتج عن قناعة تلك القيادات بأن خطوتها الدموية تجاه سورية قد فشلت وإن صناعتها للإرهاب قد كُشفت، لذلك ليس أمامهم إلا الخضوع الى الإرادة السورية وبالتالي فإن بعض الدول التي كانت سابقاً شريكاً أساسياً بالحرب على الدولة السورية بدأت بالإستدارة والتحول بمواقفها لهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية.
كما ظهرت مؤشرات سياسية عديدة لحل الأزمة السورية، منها على سبيل المثال تبني الأردن مبادرة من أجل إيجاد وسيلة لتسوية سلمية للأزمة التي عصفت باستقرار البلاد، وهي مبادرة حسبما تحدث عنها وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي ذات طابع عربي مشترك ينخرط مع الحكومة السورية، بالتنسيق وموافقة الأمم المتحدة، وتقوم على مبدأ الخطوة مقابل خطوة.
ان الأفكار الأردنية للحل ليست جديدة، وانما تم طرحها من الجانب الأردني على القيادة السورية سابقاً، ولكن اليوم يبدو ان البيئة السياسية الإقليمية والدولية ساعدت الأردن في اعلانها عن طرح هذه الأفكار على شكل مبادرة، وبالمقابل تدعم المملكة العربية السعودية هذه المبادرة وتدفع بها قدماً لتكون أساساً للحل في سورية، خاصة بعد أن فعّلت مسار التواصل مع دمشق، للخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص من الإرهاب والقضاء عليه، وخطوة مهمة باتجاه فتح الطريق للحوار بين مختلف المكونات السورية.
في إطار ذلك لا يمكن أن نفصل ما يجري في اليمن عما يحدث في سورية من تدمير ومن قضاء عليه كبلد عربي موحد، ولا يمكن أن نفصل ما يجري في اليمن عما يجري في مصر أو ليبيا والسودان والصومال وغيرها، كما لا يمكن أن نفصله عن مخططات إشاعة الفوضى والصراعات الداخلية في الدول العربية، إذاً هو مخطط واحد يشمل المنطقة العربية كلها، وليس هناك من مستفيد منه إلا أمريكا وحلفاؤها والقوى الطامعة في الهيمنة على مقدرات المنطقة، ولهذا ليس من الغريب أن نلاحظ أن أمريكا والغرب كلهم يقفون اليوم بكل قوة بجانب داعش والمجموعات المسلحة في الحرب التي تشنها على اليمن، ولهذا فإن ما جرى في المنطقة وما يزال هو مصلحة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى وإعادة ترتيب جديد للمنطقة، في هذا السياق إيقاف الحرب في اليمن ومحاسبة الفاعل ليست من أولويات بايدن فأولويته الأساسية هي استمرار حلب اموال الشعب اليمني وضخ أمواله في السوق الأمريكية التي تتعرض لخسائر كبيرة أمام السوق الصينية.
الأبرز من كل ذلك، يستطيع اليمن التحكّم في مضيق باب المندب، الذي يعتبر أحد أهم الممرات البحرية لطرق التجارة العالمية، إضافة إلى مخزونه النفطي والغازي، وتموضع حكومة صنعاء ضمن المحور الممتد من حدود أفغانستان إلى شرق المتوسط إلى بحر العرب، في مواجهة المشروع الأميركي، الذي تتمحور حوله الدول الخليجية ومصر وتركيا، وفي المقدمة “إسرائيل”.
بالمقابل، جددت القمة العربية المنعقدة في مدينة جدة السعودية التزاماً عربياً بوحدة اليمن واستقلاله وسيادته وسلامة أراضيه، وانطلاقا من ذلك باتت الظروف الحالية مواتية للانخراط في محادثات سلام والتوصل إلى حل سياسي يُخرج البلد من دوامة الحرب والاقتتال إلى واقع جديد يرفض الحرب وينبذ الاقتتال، بالإضافة الى كسر شوكة الولايات المتحدة الأمريكية بعد فك الارتباط السعودي الأمريكي، وتوجه الرياض الى الصين وروسيا قائدتي النظام الدولي الجديد.
مع عودة سورية الى الصف العربي وترأس الرئيس الأسد مقعد سورية بقمة الرياض، هناك مشاورات ومبادراتٌ سورية- عربية، وحراك دبلوماسي لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحة اليمنية خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة اليمنية بما يلبي طموحات الشعب اليمني بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية.
وبالموازاة مع ذلك، أصبح اليوم الشعب اليمني يدرك جيداً من هم أعداؤه ومن هم أصدقاؤه، ودور الولايات المتحدة في تأجيج الحرب في اليمن، والتي كانت جزءاً أساسياً في إطالة أمدها، في مقابل هامشية حضورها ودورها في محادثات السلام الأخيرة.
مجملاً… إن الوحدة الداخلية اليمنية ضرورة وطنية لمواجهة التدخل الخارجي والتيار التكفيري، لحفظ وحدة اليمن وإحباط المشروع الأميركي لبناء الشرق الأوسط الجديد، لذلك لا بد لليمنيين من إقتناص الفرصة المناسبة لإنقاذ اليمن من الارهاب والتقسيم خاصة بعد صمود سورية ومحور المقاومة في المنطقة.
وأختم بالقول لن يغيب عن أذهان أبنائنا أن من يعدّون الحرب على سورية هم أنفسهم من عادوا الإرادة الوطنية في اليمن، وأن سياسة التخبط والتردد التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية فشلت في هزيمة الشعب السوري من خلال توجيه بوصلة حب الوطن ضد كل ما تقوم به واشنطن ومحاصرة كل مغامرة تؤدي الى ضرب هذه الوحدة وزعزعة السلم الأهلي، إلى جانب مشروع اليمن الواحدة الموحدة لأنه لا سبيل غير هذا الطريق في الخلاص.
وأخيراً: ستكون سورية واليمن بخير، ليكن شعارنا هو وحدة سورية واليمن خط أحمر حاضراً قوياً مع مجابهة التحديات مهما كانت والخروج منها أكثر قدرة وعزيمة وتصميما على المضي قدماً، فكثيرون راهنوا على أن يسير مستقبل البلاد في غير ما آلت إليه الأمور، ولكنهم فشلوا في النهاية.
#سفيربرس _ بقلم: الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات