إعلان
إعلان

نحو روح مطمئنة.. بقلم: د. الهام محمد التهامي

#سفير_برس _ الكويت

إعلان

يعيش الإنسان اليوم في عالم سريع التغير مليء بالضغوط والتحديات، مما يؤثر لا محالة على صحته النفسية ويهدد استقراره الداخلي. في ظل هذا الواقع المضطرب، لم يعد بناء روح مطمئنة أمرا هيناً ولكنه أيضًا ليس مستحيلاً. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، فالذكر يهدئ النفوس ويطرد الهموم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يا بِلالُ، أَقِمِ الصَّلاةَ بِرَاحَتِكَ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِكَ ضَعِيفٌ وَمَرِيضٌ وَذُو حَاجَةٍ”. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يراعي المرضى وذوي الحاجات في أداء العبادات، مما يوفر الطمأنينة النفسية.

يحكى أن امرأةً من الأنصار جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال لها: “خُذي مِنْ سُبُلِ الخَيْرِ وَلاَ تَعْجَلِيهِ كُلَّهُ” فنهاها برفق عن الإسراع في العبادة مما قد يضر بصحتها. وهكذا نرى في الشريعة الإسلامية ما يحفظ صحة الإنسان النفسية ويوفر له الطمأنينة في دينه ودنياه. فالإنسان يعيش في عالم سريع التغير ومليء بالضغوطات والتحديات والتي بدورها توثر سلباً على صحته النفسية وتهدد استقراره الداخلي، ولا سبيل له من التحرر من هذه الضغوط إلا باللجوء إلى الله واتباع سنة نبيه، والعمل على ملء وقته بالنافع من شؤون الحياة ويبتعد عما يعكر صفوه.

إن رسالتنا في هذه الحياة أكبر وأعمق من مجرد النجاة من تقلّبات الدنيا وأمواجها العاتية. نعم، العالم مليء بالفتن والاضطرابات، لكنّ هدفنا ليس فقط بناء سفينة تحمينا من أمواج البحر الهائج، بل استغلال تلك الرحلة لتحقيق الرسالة التي خُلقنا من أجلها. فالإنسان لم يُخلق عبثاً وإنما ليعبد الله وحده كما أمرنا بذلك والعبادة هي غاية وجودنا؛ فهي التي تملأ القلب بالإيمان وتهدئ النفس وتطمئن إلى ربها.
وفي رحاب العبادة نجد السكينة التي تغمر القلب كله، فتسمو به فوق أمواج الهموم. تلك هي “الروح المطمئنة” التي وعد الله أصحابها بالجنة يوم القيامة.

أشارت دراسة حديثة إلى أن 60% من البالغين يعانون من أعراض الاكتئاب أو القلق، و10% فقط يتلقون العلاج. وفي ظل هذه الظروف أصبح من الصعب المحافظة على الصحة النفسية السليمة، إلا أن هناك طرقاً بسيطة يمكن من خلالها بناء روح مطمئنة منها:

* الاعتدال في العبادات واجتناب الغلو.
ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أن الدين الإسلامي دين الاعتدال والوسطية، فالمسلم مطالب بأداء واجباته الدينية دون إفراط أو تفريط. وقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم من الغلو في العبادة الذي يؤدي إلى الملل والسآمة، لذا فالاعتدال في العبادات من صلاة وصيام وغيرها من العوامل المهمة لبناء الروح المطمئنة.

* التوكل على الله وتفويض الأمور إليه.
من الأمور التي تزعزع استقرار الإنسان القلق الزائد تجاه مجريات الحياة والشكوك حول المستقبل؛ لكن على المؤمن أن يتوكل على الله ويفوّض أموره كلها إليه، كما قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]. فالتوكل الصادق يمنح النفس طمأنينة كبيرة.

* مجالسة الصالحين.
إن مجالسة الأشخاص الصالحين وذوي الأخلاق الحميدة من شأنه أن ينعكس إيجاباً على نفسية الإنسان ويزيد من طمأنينتها، فيتعلم منهم كيف يواجه التحديات بصبر وجلد. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”.

* تنظيم الوقت.
مثل تحديد ساعات النوم وفترات الراحة بين المهام اليومية.

* ممارسة الرياضة.
كالمشي نصف ساعة يومياً أو التمارين الرياضية في المنزل.

* الابتعاد عن مواقع التواصل لفترات محددة يومياً.

* قراءة القرآن والاستماع للأذكار لطمأنينة القلب.

* مصاحبة الأصدقاء المقربين المتفائلين.

باتباع مثل هذه النصائح، والاعتدال في جميع الأمور، يمكن تجاوز التوتر اليومي والعيش بسلامٍ وطمأنينة نفسية، فلنجعل من حياتنا كلها عبادة واتّصالاً بالله، تلاوةً لكتابه وتدبراً وتأملاً، وصلاة خاشعة وذكراً ودعاءً. حينها ستجد نفسك في سلام وطمأنينة لا يعكرها شيء، حتى وإن هاجت حولك الأمواج واشتدّت الرياح.

#سفير_برس _ الكويت _ بقلم: د. الهام محمد التهامي
#المدرب الجدير

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *