إعلان
إعلان

الثورات بين وهم الداء و علقم الدواء.بقلم : د. سناء شامي

#سفيربرس _ روما

إعلان

عندما انهارت الإمبراطورية العثمانية، كانت أولى الدول التي انهارت هي الدول البربرية في شمال إفريقيا، والتي كانت خاضعة اسميًا فقط لإسطنبول.

معاهدة سيڤريس 1920 الجزء الشرقي من جزيرة الأناضول مقسمّة بين الأرمن و الدولة الكردية الحديثة العهد، أما اليونان فقد تركوا لها منطقة تراقيا و منطقة إزمير. اعتبر البريطانيون أن اليونان قريبة جدًا منهم و لا بد الحد من توسعها، و الفرنسيون والإيطاليون دعموا ولادة الجمهورية التركية…
و فيما يتعلق بالحرب العالمية الثانية فقد قدموها للعالم و كأنها حملة شاملة ضد التوسع النازي و الفاشي، و بهذه الحجة سيطروا على شعوب عديدة، و فرضوا ثقافتهم الأوربية الإستعمارية عليهم، و البدء بنشر الوطنية و الحرية: الآباء الأوائل للأوطان العربية والأفريقية الآسيوية التي تم إنهاء الاستعمار فيها، لقد كانوا دائمًا شخصيات ذات طابع غربي في طريقة تفكيرهم.
بعد عام 1945، كان على فرنسا وبريطانيا العظمى التعامل مع قوتين عالميتين: آمريكا وروسيا، و بالتالي فأن مناهضة الإستعمار في خفاياه يحمل سلاح غير مباشر لفرض هيمنة الغرب، بطريقة غير مباشرة على آسيا و أفريقيا: فقد كانت موسكو تحارب فرنسا و بريطانيا المتحالفتان مع واشنطن في مستعمراتهما، وبدلاً من ذلك، كانت واشنطن حريصة على عدم الدفاع عنهما، بل دعمت الحركات التحررية لإنهاء الاستعمار… و من هنا نستنتج، بأن منطقة الشرق الأوسط منذ البداية كانت ساحة صراع جيوسياسي بين القوى الغربية ذاتها بما فيهم روسيا، و إن رقصة الڤالس في الجيوسياسة، هي مكوّن أساسي، و بالتالي الصداقة و العداوة يتساويان حسب لعبة الأمم التي تتحكم بها الجيوسياسية، و بأن لعبة الأوطان و إستعمارها من 1920 إلى لعبة إستقلالها حتى عام 1960 و كذلك صناعة الحكّام و الأعلام… الخ، جميعها مفبركة من القوى الغربية، لأن اللعبة الجيوسياسية للهيمنة يقودها الأدهى و الأقوى، و مثال على ذلك الموقع الجغرافي للشرق الأوسط خلال الحرب الباردة، من أجل إستمرار الهيمنة عليه، كان لا بد من لعبة الصراع بين قوتين متعارضتين: القوة الروسية تضمن الموقع القاري السوفييتي و الدفاع ضد الهجمات البحرية و القرب من مختلف المراكز التجارية و الديموغرافية، أي أوربا، شرق آسيا و الشرق الأوسط… بينما مثيلتها الأمريكية إستفادت من الدفاع الذي وفرته لها موقعها المنعزل، و هذا سمح لها الإستثمار في السيطرة على البحار، و بحكم بعد آمريكا عن القارة الأوراسية، فقد تزعمت اللعبة الجيوسياسة من أجل إحتواء روسيا، و الحد من نفوذها في أوربا و آسيا و الشرق الأوسط، و تزعّم هذه اللعبة كان بمباركة الدول الأوربية الغربية.
الغرب يتمم تشكيل الإمبراطورية في المنطقة لأسباب دفاعية، بقيادة إسرائيلية و أدوات عربية. يعتمد الكيان الصهيوني العالمي على بناء الإمبراطورية بتوسيع أراضي إسرائيل لضمان العمق الاستراتيجي. لاحقًا وبروح رجعية، يجعل من توسعه ملحمة يتغنّى به الجميع، و بذلك تتحول إسرائيل إلى دولة المركز… يبذل المركز قصارى جهده لتوفير الحماية والثروة للأطراف من أجل منعها من الصعود (وإجبارها على العيش على الرضا المادي فقط). لهذه الأسباب الرفاهية الإقتصادية في طريقها إلى سوريا، واثقين من أن الشعب بعد حرمان و ألام مزمنة سيستقبلون الرفاهية كنصر كبير .أمّا هذه الفئات التي تدير الآن المرحلة الإنتقالية، سيستمر دورها الوظيفي و المتمثل بهدم ما تبقى من أسس و مؤسسات الدولة السورية و الإشراف على إعادة التوزيع الديمغرافي و مشروع التقسيم على أرض الواقع، و بناء الأرضية الجديدة المنظمة و الفاعلة من أجل تدوير العجلة الإقتصادية، و تحويل سوريا لسوق ينتج و يعمل لصالح النخبة العالمية المالية الثرية (مثل حال دول الخليج و السعودية) و وسط صخب الرفاهية تذبل جذور السنديان و تنمو الأعشاب و الورود الإصطناعية الملونة… و الإعلام سيسمي ذلك بالإنتصار و التطور و التقدم، دون أن يصرحوا بأنه التقدم إلى الوراء، مثل مشية الجمبري… ماذا عن الشعوب العربية؟ أنظمة الإستعمار الداخلي الذين ولدوا من من رحم الإستعمار الغربي الصهيوني للمنطقة، لم يصنعوا شعباً، بل عبيد تجيد تجديد الولاء للخليفة الجديد و تحرق صور و تماثيل الطاغية القديم. العالم ليس للأقوى، و إنما لمن يفكر حقاً، و هذه ميزة تخلت عنها العرب حكومات و شعوب، بإسم الخيانات و القضاء و القدر.

#سفيربرس _ روما _ د. سناء شامي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *