إعلان
إعلان

فضيحة “منى زكي” المفبركة والمفتعلة.. بقلم : د. فؤاد شربجي

#سفيربرس

إعلان

قامت الدنيا ولم تقعد ضد الفنانة المصرية “منى زكي”، بدعوى أنها تقوم بمشاهد جريئة مخلة بالآداب العامة في فيلم “أصحاب ولا أعز” ، فهل يستحق ماقامت به “منى زكي” في الفيلم ، كل هذه المعركة من الهجوم عليها ، أو الدفاع عنها باسم الحرية ؟ وما حكاية هذا الفيلم الذي انتجته “نتفليكس”، ويعرض بالتدفق الرقمي على منصتها؟.

ومامعنى انتاجه، ومبرر المعركة حوله من وجهة نظر الحالة الثقافية العربية المعاصرة ؟
قبل كل شيء ، كان الممثلون في الفيلم ، كلهم مبدعون ، وعلى رأسهم “منى زكي”، التي قدمت تعبيرا مؤثرا عن الزوجة المهملة ، والمخدوعة بزوجها ، والتي تشعر بالذنب تجاهه ، لأنه تحمل عنها مسؤولية دهسها لأحد الرجال في حادث سيارة ، كذلك فإن (اياد نصار ، عادل كرم ، فؤاد يمين ، جورج خباز ، وديموند بو عبود ، ونادين لبكي) ، كل منهم ، قدم آداء معبرا وجميلا ، ومبدعا بمستوى عالمي ، بادارة (وسام سميرة) في إخراج سلس معبر ، وكاشف للمشاعر والانفعالات في حركة حيوية ضمن صالون مغلق . الفيلم فنيا ، جميل ، وجذاب .
أما إذا عدنا إلى فضيحة “منى زكي” المفبركة والمفتعلة ، فإن المشهد المهاجم ، يصور مريم (منى زكي) ، وهي تقوم بخلع سروالها الداخلي من تحت فستانها دون أن يظهر أي شيء من جسدها ، وهو مشهد محافظ ، قياسا لما يعرض في السينما العربية القديمة ، والحديثة.
فلماذا كل هذه الضجة ؟ وأين الجرأة فيما فعلته (مريم) ؟ وهل يكون الهجوم على “منى زكي”، واتهامها بمشاهد جريئة للترويج للفيلم ، باعتبار أن (كل ممنوع مرغوب)، أم لتمرير قضيته ورسالته الأخرى ، حول (الهوية الجندرية) المثلية ، التي هوجمت هي أيضا ، إلا أن التوجه ضد “منى زكي” ، كان هو الأساس ؟
الفيلم، عبارة عن نسخة عربية (لبنانية- مصرية) من فيلم ايطالي ، انتج عام 2016 ، والنسخة العربية ، هي النسخة 16 من النسخ ، التي صنعت منه في العالم.

في سهرة بين أصدقاء على عشاء ، تقترح زوجة أحدهم ، أن يلعبوا لعبة ، يتسلون بها ، وذلك بأن يضع كل منهم (هاتفه المحمول \ الموبايل) على الطاولة ، وأن يفتح أي رسالة تأتيه ، ويرد على أي مكالمة يتلقاها بشكل يطلع عليها الجميع . وهكذا ، تبدأ الرسائل والمكالمات القادمة ، تكشف اسرار كل منهم ، وتصبح اللعبة ، لعبة فضح أسرار ودواخل كل شخص ، وتتركز الاسرار كلها على العلاقات الجنسية ، سواء خيانة الزوجة ، أو الزوج ، أو تعدد العلاقات ، أو المثلية.
وتحتل هذه الاخيرة – المثلية – مركزا في البناء الدرامي ، ويصطدم الاصدقاء مع بعضهم ، ويتصارع الزوج مع الزوجة ، ويتضح ان الكل يمارس الخيانة بشكل من الاشكال ، لكن في نهاية الفيلم ، يعود كل منهم لاستئناف حياته مع شريكه ، وكأن شيئا لم يكن ، ويستأنف كل منهم خيانته كما كان يفعل من قبل . أي انها تجربة تفضح ، دون ان تعلم أي منهم شيئا من فضيحته ، ودون أن يغير اي شيء من سلوكياته ، وخياناته.
والسؤال الثقافي، الذي يطرح حول هذا الفيلم ، وتسبب به من نقاش ثقافي واسع ، هو :
هل يجيب الفيلم على أي سؤال مطروح في المجتمع العربي (اللبناني – المصري) ؟ وهل العلاقات الجنسية في مجتمعنا ، هي المشكلة الاساسية ؟ وهل صحيح ان الخيانة تنتشر لدينا بهذا الشكل ؟ وهل تعالج المشاكل بلعبة تسلية ، تعتمد المفاضحة، وهتك الأسرار ؟
ان مايعانيه المجمتع اللبناني من أزمات معيشية ، ومن احباط سياسي ، وخيبة وطنية ، وخيانات الحكام ، تجعل اثارة مشكلات العلاقات الجنسية ، أو الزوجية ، أو الهوية الجندرية ، هروبا ثقافيا من مواجهة أسئلة الواقع ، والانسان.
كما ان مايعانيه المجتمع المصري المهاجر من بلده الى لبنان كـ(مريم وزوجها) ، مضاعفا ، لانه هروب من مشكلات مجتمع مصري في المعيشة والعمل والحريات ، الى المجتمع اللبناني ، الآيل الى الانهيار. أليست هذه المشكلة متقدمة بالحاحها على أصحابها ، أكثر من موضوع البحث في الحرية للمثليين الجنسيين ؟!!
باختصار ، الفيلم ، عبارة عن شخصيات ايطالية تنطق بالعربي ، وقضايا غربية مطروحة على عشاء عربي. صحيح ، هو فيلم جذاب فنيا ومسلي ، لكن من الناحية الثقافية ، هو فيلم يعالج قضية ايطالية ، وهموم غربية.
والسؤال الأصعب : هل باتت السينما (كجزء من ثقافتنا) ، تخدم قضايا غربية ؟ ولماذا لا نجد هذه الطاقات الابداعية العربية ، التي رأيناها بالفيلم في أفلام تجيب على اسئلة الواقع العربي ، وتعالج قضايا الانسان العربي ، المقهور معيشيا ، اقتصاديا ، اجتماعيا ، وسياسيا ، والذي يتحكم به رجال دين متعصبون ، ويهدده ارهابيون تكفيريون ، ويسيطر عليه حكام متفردون ، مستبدون ؟
أم أن العلاقات الجنسية ، هي قضيتنا ؟!
مع التحية والاعجاب لكل كوادر الفيلم ، وخاصة (منى زكي) ، التي اتهمت ظلما وبهتانا ، وهي المستحقة للثناء والتقدير على ادائها.
الفيلم ، يطرح من جديد ضرورة اهتمام الجهات العربية بتناول قضايانا ، والانتهاء من الهاء الشعوب بتسلية تلهيهم مما يصيبهم ، وما يفعل بهم حكامهم.
فمتى نرى أعمالا سينمائية وتلفزيونية عربية بحق ، وأمينة للانسان العربي عن جد ؟

#سفيربرس _ بقلم : د. فؤاد شربجي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *