إعلان
إعلان

في يوم الطيران المدني الروسي..ما الذي تكشفه مضيفات الطيران ” جنّيات السماء ” عن أسرار الرحلات الجوية؟!

سفيربرس ـ ترجمة : رهام يوسف ـ موسكو

إعلان

يتم الاحتفال بيوم الطيران المدني في روسيا يوم 9 فبراير، حيث نشأ الأسطول الجوي الروسي قبل 96 عامًا، في عام 1923 .

والآن أصبح من غير الممكن أن تتخيل رحلتك الجوية من غير سماع الطلب بربط حزام الأمان الخاص بك، وعدم التدخين خلال الرحلة، والأهم من ذلك كله من غير الممكن ألا تسمع السؤال المؤلم “السمك أم الدجاج؟”.

الفتاة ذات الوشم

أيام عمل مضيفات الطيران تتسم بالتزام صارم بالتعليمات، الراحة بين الرحلات الجوية يوم واحد فقط، ونادراً ما يكون يومين أو ثلاثة، وفي بعض الأحيان لا تتجاوز الفترة بين الوصول والمغادرة ساعة واحدة.

أسلوب العمل صارم جداً، فهنّ يسجّلن كل شيء: لون دبابيس الشعر – طول الشعر – كم خاتم يوجد في اليدين – كم حلق يوجد في الأذنين – ومن المفترض أن يكون الصليب المعلّق بالرقبة مخفياً تحت القميص فالدين أمر شخصي.

تقول المضيفة يكاترينا اوسوفا: ” هناك مضيفات يسمحن لأنفسهن بالقدوم في أحذية بيضاء، ولكن المسموح لنا به هو الأحذية السوداء الموحّدة”, لذلك من المهم جداً الالتزام باللباس الرسمي، كما تتحكم شركات الطيران بكل ما يقوله موظفوها وبذلك فالتلاعب بالأسماء والأخطاء العفوية ممنوعة، فإذا خالف الموظف القواعد وكان من الممكن إصلاحها فيتم إصلاحها على الفور مع كتابة ملاحظة بالمخالفة، لأن أي انتهاك أو مخالفة للتعليمات ينطوي على عقوبات، كالطرد من العمل أو الحرمان من المكافآت أو الإحالة إلى المعنيين الأمر الذي غالباً لن يكون ساراً.

كل ذلك يستحق قضاء عطلة واسعة الأفق، حيث تهرع المضيفات للتمتع بالحرية، فيصبغن شعرهن بكل ألوان قوس قزح، وينسجن الضفائر والجدائل، ويضعن وشوماً جديدة، الأمر الذي يُرعب أعضاء ВЛЭК (اللجنة الطبية لخبراء الرحلات الجوية)، حيث يتم إخفاء اليدين والساقين والظهر والصدر الموشومة بشكل آمن من عيون الركاب الفضوليين.

“أخضع مع كل فحص طبي إلى فحص نفسي، لأنهم يعتقدون أن الشخص الطبيعي سوف لن يصنع وشماً، وبمجرد أن يظهر على جسدي وشم جديد أسمع تنبيهاً يقول: يكاترينا لا نريد أن نرى هذا مرة أخرى”.

ترجع جذور هذه اللجنة الطبية إلى العهد السوفييتي ومعاييره التي تركها وموظفيه الحازمين.

تضيف يكاترينا: “سُئلت في إحدى المرات: الوشوم يصنعها فقط البحّارة وعاهرات الميناء، فمن تكونين من هؤلاء؟، وأنا أوضّح بأن العالم قد تغيّر والآن محافظو المدن ورؤساء الدول يضعون وشوماً. لكن بلا جدوى”.

الشرق الأقصى.. مسألة حساسة

في العام الماضي، أٌعطيت شركات الطيران الحق في وضع قوائم سوداء خاصة بالمسافرين عبرها، بحيث تتصدّر هذه القوائم أسماء أصحاب المشاكل والمشاغبون، ولكن لابد من محاولة التعرف على المشاغبين المحتملين للمرة الأولى، وبذلك تستقبل المضيفة الركاب بشكل ودود عند المدخل لكن في الحقيقة، وخلال ثانيتين، يتم إجراء مسح ضوئي لكل الركاب الداخلين.

تقول المضيفة ماريا يرماكوفا: “أذكر مرةً أننا انتظرنا ولم نقلع بسبب مسافرة واحدة، بدا الأمر على ما يرام، كنا ننظر إلى المدخل، حينما بدأ الركاب يشتكون ويطلبون تغيير مقاعدهم، ولكنه لم يكن هناك أي مقعد فارغ، فقد كان الوقت صيفاً والطائرة ممتلئة، وعندما بدأت الطائرة بالحركة والالتفاف سمعنا امرأة تصرخ: “شبه جزيرة القرم لنا..شبه جزيرة القرم ليست لنا”, في مثل هذه الحالات عادةً نقوم بالتنبيه, وإن لم يرتدع الراكب نقدّم تقريراً للقائد, وبالفعل هذا ما فعلناه آنذاك, كان من المستحيل تحمّل هذه المسافرة وإلا فستنتهي الرحلة بشكل سيئ, اتّصل القائد بالجهات المعنية الأرضية فجاءت الشرطة وأخرجتها من الطائرة”.

ليس بشكل دقيق، لكن بطريقة ما لاحظت ماريا أن معظم الرحلات عنفاً من الشرق الأقصى، (ماغادان -خاباروفسك -كومسومولسك – آمور) على ما يبدو، فإن الظروف المعيشية القاسية هناك تركت بصمة لا تُمحى على الشخصيات أو العادات.

وتضيف ماريا: “لا أستطيع قول أن ذلك يجري في كل رحلة، لكنه مُلاحظ حقاً، ففي درجة رجال الأعمال يشرب الركاب من الشرق الأقصى جميع المشروبات الكحولية. كان هناك حالة مسافر على متن الطائرة ومعه صديقه، لقد كان يتعثر حتى وقع قُرب سلّم الطائرة، فقررنا فوراً استدعاء الطبيب لإجراء اللازم، وأصبح الرجل يصرخ لصديقه ويقسم عليه”خذني إلى زوجتي وابني”، وحتى نهاية الرحلة أصبحت الطائرة كلها في حال حزن، وكان وضع الرجل ليس على ما يرام فاضطررنا لتخصيص مضيف طيران خاص له”.

الفضيحة على متن الطائرة يترتب عليها دائما لجانٌ وتقاريرٌ ورحلاتٌ متأخرة، لذلك ليس في جميع الحالات، يقرر مضيفو الرحلة إيصال الأمور إلى أقصى الحدود.

تقول يكاترينا: “تنص التعليمات على أنه في حالة قيام شخص ما بهذا أو ذاك، علينا الاتصال بالشرطة، لكن الناس يأتون أيضاً إلى الطائرة متعبون فهم يعبرون 25 حاجزاً، ألاحظ هذا بنفسي: آتي إلى المطار وأمرّ عبر العديد من الأماكن التي تضرب على أعصابي وأريد التخلص من كل هذا الغضب في النهاية”.

فئات متنوعة من المسافرين

تقول ماريا “هناك فئة معينة من الركاب، يعتقدون أن طفلهم هو مركز العالم، لا يريدون الامتثال لمتطلبات السلامة، نقول لهم أنتم بحاجة لربط حزام الأمان، يرفضون، ولا يريدون خفض مسند الذراع، ثم نخاف فإن لم يقوموا بتنزيل المسند لن يتمكنوا من الإمساك به وقت الإقلاع وسيقع على رأس الطفل وتكون العواقب وخيمة”.

“هؤلاء الأمهات لا يخالفون من حيث الأمن فقط، فهم على سبيل المثال يعتقدون أنه من الطبيعي إعطاء المضيفات حفاضة قذرة, هناك أيضاً آباء مضحكون يسمحون بكل بساطة لأطفالهم بالتجول في أرجاء الطائرة وهم على يقين تام بأن طاقم الطائرة ملزم بمراقبة أطفالهم, وبطبيعة الحال هذه ليست من واجباتنا, علاوةً على ذلك فإننا نُقِلّ عرباتٍ ثقيلة وزن كل واحدة منها 100 كغ, ومن الخطر أن نُواجَه بطفل, إلى جانب أننا نحمل غلايات ساخنة على هذه العربات, فإذا اهتزت الطائرة وسُكب الماء المغلي وحدثت حروق – وهذا من الممكن أن يحدث بالفعل – فإن مسؤولية السلامة تقع علينا”.

وتضيف ماريا: “هناك فئة أخرى وهي الركاب مع الحيوانات ومعهم من الممكن أن تحدث عدة سيناريوهات، كأن يتجول الحيوان في الطائرة ولا يجلس بمكانه المخصص, أو الروائح والأفعال الكريهة, وطبعا هذا سيئ جداً فالطائرة مساحة مغلقة والروائح تنتشر بسرعة كبيرة, وهذا ما حدث معنا في إحدى المرات برحلة من كوريا, فاضطررنا للاعتذار للركاب طويلاً”, وتردف كاتيا:” وهناك سيناريو مأساوي يكمن في حدوث أذى وضرر على الحيوان في حال تم إخراجه من المكان المخصص له للجلوس, فالناس يخالفون القواعد التي بموجبها يُمنع للحيوان أن يتحرك من مكانه وأن يزعج أحد, لكنهم ولكي يخففون عنه الضغط يدعونه يخرج فيهرب ويختبئ في المطبخ أو في أي مكان آخر على متن الطائرة فيحدث له مكروه وقد يموت في وقت الخدمة وحركة العربات, وفي هذه الحالة فصاحبه هو المذنب”.

مجموعة النجوم والمشاهير

الركاب المشهورون على متن الطائرة تلك قصة أخرى، وكما تقول المضيفات، فإن المشاهير يتصرفون في معظم الأحيان بهدوء وبكرامة.

تقول ماريا: “بعض الفضائح مع النجوم هي أقرب إلى استثناءات أكثر من أن تكون قواعد، فالنجوم غالباً لا يسببون متاعب لا داعي لها، فعلى سبيل المثال طلبت منا تاتيانا تاراسوفا -وهي مدربة تزلج على الجليد -كثيراً تذكيرها بتناول حبوب منع الحمل، هذا طبيعي تماما ويمكن للراكب العادي أن يطلب ذلك أيضاً”, أما ركاب VIP يطلبون بانتظام الحصول على عصائر طازجة أو استبدال طبق جانبي أو طهي شيء جديد مستحيل على متن الطائرة، ويحاولون تناول الطعام خارج الموعد المحدد, أما لاعبو كرة القدم أحياناً يضعون حقائبهم في الممر معرقلين بذلك مرور المضيفات وعمال النظافة”.

شاغر في درجة رجال الأعمال

تقول ماريا:” نحن كمضيفات ليس لدينا الحق بنقل الركاب من الدرجة الاقتصادية إلى درجة رجال الأعمال، لكن ليس كل شخص يفهم ذلك، فيمرّ أحدهم من خلال درجة رجال الأعمال، ويرى أن هناك أماكن فارغة، فيقول: “هل لديك حرية في عملك؟ لماذا لا يمكنك تغيير المقاعد؟”.

قصتنا مع الجمارك

تقول يكاترينا: “سابقا عندما لم يفكر أحد في العقوبات، كانت متاجر موسكو التجارية تبيع الأشياء التي يحضرها المضيفون أما الآن فالزمن قد تغير، يتم التشديد علينا بشكل حازم، في السابق كانت البضاعة التي نحضرها مصدراً إضافياً للدخل أما الآن فالوضع مختلف نحن نخاف حتى من أن نشتري أجهزة آيفون. بشكل عام العلاقات مع أمريكا ليست بسيطة، إنهم يبحثون في كل شيء عن سبب يدين روسيا، ومضيفات الطيران هي واحدة من الأمور المشدّد عليها، يتصرفون معنا بشكل قبيح، يبحثون عنا عند المدخل، ويستجوبون لعدة ساعات، ويتحققون من الهواتف، وجهات الاتصال، ومشاهدة الرسائل القصيرة بمساعدة مترجم … أي أنها تنتهك حقوق الإنسان بالكامل، لكن لا يمكنك فعل أي شيء -أنت تجلس في غرفة مع ضباط أمريكيين”.

تقول ماريا: “نحن نحاول جلب المزيد من الصين فالصينيون يصنعون لأنفسهم أشياءً جيدة كالالكترونيات وألعاب الأطفال، ونجلب زيت الزيتون من إسبانيا، لكنّ القائمة تتقلّص على مدار السنين، (ليس أكثر من 3 لترات كحول – ليس أكثر من ثلاث قطع من مادة واحدة) أصبح لدينا لكل شيء حدود”.

تعترف المضيفات بأن هذا العمل شاقّ جداً، وتهمس ماريا: “كم أكون سعيدة عندما أعود إلى المنزل وألتقي زوجي وهو يقول لي: هذه المرة الأخيرة التي تطيرين فيها. لكني حتى اليوم أتحمس وأتوق شغفاً للطيران…شئنا أم أبينا فالسماء هي من تسحبنا”.

سفيربرس _ـ رهام يوسف  ـ موسكو ـ عن صحيفة إزفيستيا الروسية

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *