إعلان
إعلان

جنون العظمة .. بقلم : د. غالية اسعيد

سفيريرس

إعلان

ألا تعرف من أنا ؟؟؟؟
ألا ترى مع من تتحدث ؟؟؟؟
مهلاً انتبه إلى حديثك …
جملٌ وعباراتٌ كثيراَ ما نسمعها من أشخاصٍ مروا خلال حياتنا بشكلٍ متكرر، هذا الشيء الذي يزعجنا جداً ويجعلنا نبتعد عن هؤلاء الأشخاص ونحن نصفهم بالمجانين … هو والحق يقال هم ينتسبون إلى أحد أنواع الجنون ألا وهو ما يقال عنه جنون العظمة.
بعض الأشخاص لديهم شعور بالعظمة نابعٌ من مرضٍ، وهذا المرض هو مرض الزهو، أي يشعر الشّخص أنّ لديه قدرات خاصّة،
حسناً… رافقني عزيزي القارئ ضمن هذه السطور لنرى رأي علم النفس عن اضراب جنون العظمة ….
عرفه علم النفس على أنه : حالة مرضية ذهانية ، أي مرض عقلي يتميز بالهذيان الواضح والمستمر ، يميزه مجموعة ثابتة منتظمة من الهذيان كما و يسيطر على المريض مجموعة من المعتقدات الثابتة ، يتركز هذيان مريض )البارانويا( على مشاعر العظمة ، ومشاعر الاضطهاد ويعيش أفكاراً متسلطة تسبب له الهذيان ولكنها لا ترتبط بالهلوسات.، ويبدو كلام المريض منطقياً حتى … فالبارانويا عبارة عن اعتقاد جازم بفكرة خاطئة، فهو حالة نفسيّة مرضيّة يملك المصاب بها جهازاً عقائدياً معقّداً وتفصيلياً، يتمركز حول أوهام واقعية لها، هذه الأوهام تقنعه بأنه مضّطهد من قبل الآخرين وبأنّ السبب الرئيسي لاضطهاده من قبلهم هو كونه شخص مهمّ للغاية، تابع هذه المقولات ….
هذا ما قاله حاكم إفريقي عن نفسه: “أنا رئيس إلى الأبد، أنا المشير، أنا الحاج، أنا الدكتور، أنا صليب النصر، أنا قاهر الإمبراطورية البريطانية”. ؟؟؟؟
وهكذا هتف أحد الحكام: “أنا طبيب بعرف أوصف المشكلة، ربنا خلقني كده، أداني نعمة إني أعرف الحقيقة فين…”، ولم يكتفِ هذا الحاكم بوصف نفسه بهذا النعت، إنما أضاف صفة الإلوهية إلى ذاته المقدسة فقال: “اللي يقدر على ربنا يستطيع أن يقدر علينا “، فهو بهذا القول يريد أن يقول “أنا ربكم الأعلى والأعظم والأكبر…”. ؟؟؟
لعلك تعرف أهم الشخصيات التي أصيبت بمرض جنون العظمة (الحاكم الليبي معمر القذافي، الزعيم الألماني أدولف هيتلر، رئيس الدولة الإيطالية بينيتو أندريا موسوليني ….)
بعيداً عن التعريفات الفلسفية تعال لنرى ما يحاكيه العقل عن هذا الاضطراب:
يشير اضطراب جنون العظمة إلى اعتقاد الشخص الخاطئ بسموّه، وذكائه الخارق، وعظمته، فمريض جنون العظمة لديه تقدير مبالغ فيه للذات، ويؤمن بعظمة، وأهمية شخصيته، حتى مع وجود دليل قاطع على عكس ذلك، ومن الجدير بالذكر أنّ ما يعتقده مريض جنون العظمة لا علاقة له بخلفيته الثقافية أو الدينية أو مستوى ذكائه، وكان أول من تحدث عن جنون العظمة هم اليونانيين القدامى، فعلى ما يبدو أنهم كانوا يستخدمونها لنفس معنى مصطلح “الجنون”، حتى نهاية القرن التاسع عشر، حيث أصبحت بمعنى اختلال عقلي بسبب الأوهام، الذي تتطور فيه الأوهام ببطء حتى تصبح نظام معقد، وأحيانًا يكون صاحب الشخصية البارونية لا يعاني من أي اضطرابات سيكولوجية أخرى، ويسمى بالهذاء النقي Pure Paranoid، وأحيانًا أخرى يعاني من أمراض أو اضطرابات نفسية أخرى مصاحبة للبارانويا مثل النرجسية، ويوجد نوع من جنون العظمة المعدي للغير، حيث تنتقل أوهام جنون العظمة من المريض إلى شخص متعلق به أو قريب منه مثل الوالدين والزوج والزوجة والأخ والأخت، ويحدث التأثير من الشخصية القوية إلى الشخصية الأضعف.
إذاً بعد ما أردفت من تعريفات هل لي أن أعرف كيف يحدث جنون العظمة في عقولنا؟ ولماذا؟
طبعاً سأخبرك كيف تابع معي القراءة لو سمحت …
أوضح العلم أعراض لهذا الاضطراب ألا وهي:
o الشك بوفاء وصدق الآخرين، واعتقاده الدائم بمحاولة استغلالهم له.
o التردد وعدم الحديث عن المعلومات والحياة الشخصية، خوفاً من استخدامها ضده.
o عدم القدرة على مسامحة الآخرين فيحقد عليهم بشكل دائم.
o الحساسية المفرطة للنقد، فلا يحب أن ينتقده أحد.
o البحث في تفاصيل الحوارات، وعن المعاني الخفية باستمرار.
o البحث عن الثأر حتى بأبسط الأمور، والعصبية المفرطة في ردود الأفعال.
o الشك الدائم بخيانة الزوج أو الحبيب، حتى دون وجود أي دليل.
o محاولة السيطرة على العلاقات التي ينشئها، وقد يرافق ذلك الغيرة.
o صعوبة في الاسترخاء والهدوء.
o العدائية والعناد خلال الحديث، والبحث عن الجدل باستمرار.
حدثني عن أسباب جنون العظمة كيف يحدث؟
جنون العظمة ليس واضح جداً للأطباء، ولكن هناك اعتقاد بأنها أسباب مشتركة بيولوجية ونفسية.
o الاسباب البيولوجية: تجعل فرصة إصابة الشخص بجنون العظمة تزداد، في حال كان أحد أقاربه يعاني من انفصام في الشخصية، وذلك لوجود ارتباط جيني بين هذين المرضين.
o أما بالنسبة للأسباب النفسية: فتتمثل في تعرض المريض لصدمات عاطفية في مرحلة الطفولة، قد تكون ناتجة عن إيذاء نفسي أو جسدي للشخص نفسه، أو حتى مشاهدتها تحدث للآخرين.
أطباء الطب النفسي يعالجون مريض البارا نويا بمضاد الاكتئاب وأدوية أخرى مثل (benzodiazepines وantipsychotics).
والشخص البارانوي طموح وهو يُسخِّر كل شيء في سبيل الوصول إلى غايته، ولا يعتقد أنه مريض حتى يقبل فكرة العلاج، وهو يدافع بحماسة عن أفكاره الخاطئة أو اعتقاداته المريضة، فالهذاء المرضي يتداخل بعمق في تكوين الشخصية المصابة به.
المشكلة الكبرى في العلاج هي عندما يصل أحد المصابين بجنون العظمة إلى سدة الحكم، فكيف تعالجه مما هو فيه؟! وكيف تعالج منْ يقول عن نفسه أنه طبيب يشخص أي حالة وفيلسوف الفلاسفة وأنه ربنا الأعلى والأعظم والأكبر؟!
أما عن العلاج النفسي:
يستخدم لتخفيف حدة قلق المريض وتجديد قدرته على الاتصال مع الآخرين، ومريض الهذاء لا يستجيب للتأثر بالإقناع المنطقي لذا لا يجب أن نضيع الوقت في مناقشات منطقية لديه، ويجب على المعالج ان يكون حريصا في تعامله مع المريض لان المصاب بالبارانويا مثقف موسوعي عدواني تجاه الآخرين والمعالج خصوصاً فهو يجر المعالج إلى موضوع يجهله ليثبت قصوره فتزداد مشاعر العظمة لديه، ويستغرق التحليل النفسي لمريض البارانويا وقتاً طويلاً لأن المريض يغرق عادة في التفاصيل والمواضيع الفرعية إلى أن ينسى الموضوع الأصلي ولا يعود إليه .

سفيريرس. _ د. غالية اسعيّد

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *