إعلان
إعلان

الشفاء من الخيبّة . بقلم : غالية اسعيد

#سفيربرس

إعلان

ترى هل يكون يوم الفراق هو بعينه يوم التلاقي، وهل يقال إن ساعة غروبي كانت في الحق ساعة مطلعي….
يقال إنه عند الفراق لمن نحب تتمزق روابط أرواحنا، ويدخل القلب في كهفه المظلم معلناً الحداد على الغيّاب، ولكن من منا لم يمر في هذه المرحلة في حياته؟ من منا لم يفارق أحداً يحبه وبشدة؟ أظنه أنه لا أحد، في نغمات الفقد والفراق أتوقع أننا نتساوى في المشاعر، في الحزن، في الفقد، في الحنين.
أحد الأسباب الشائعة التي تجعل بعض الأشخاص يعانون من خيبة أمل من الحياة هو أنهم لا يعرفون طريقة سيرها حقاً، إن كنت تعتقد أن الناس الطيبين لا ينالون الرفض وعدم الرضا على أعمالهم أبداً، وأنّ الجهد العظيم سوف يتم الاعتراف به على الفور أو أنّك سوف تنال دائماً المكافأة عن الأشياء الجيدة، فإذاً عليك إعادة التفكير مرةً ثانيةً.
إذا كان الفقد يلفت انِتباهنا لبعض الأشياء التي كنّا نَغفل عنها أحياناً، وتفاصيل صغيرة أهملناها، ونقدّر ونستحضر أموراً كنّا نجهلُها أو لا نُعيرُها اهتماماً، فإن خيبة الأمل ترسّخ فينا مبادئ الحياة العميقة ودورها وعظمتها وضرورتها، تعلّمنا قوة الاحتمال واتقان الصبر واحتراف الانتظار، نفهم معنى الرجوع إلى الله ونستشعره، نمارس الرضى بالمعنى الحقيقي ونتقبّل أمورا كنّا لا نستسيغها ونعزف عن التّذمر، كما أنّنا نُعيد ضبط وصياغة العديد من الأمور، مشاعرنا وتعابيرنا ومعاني الحياة المختلفة.
إن الخيبات قد تكون حوادث لم نشأ أن نعيشها، ولكن الأكيد أنّها مرّت كما شاء الخالق والتفكير الزائد فيها مَفسدة لحياتنا، يكفي أن نطردها بكل ما أوتيَّت قلوبنا من قوة ولا نعيش متحسّرين على أيّام مَضَت ولن تعود، وأنّها لا تتعدّى كونَها دروس تعلّمْنا منها ما يجب أن نتعلّمه، ولا خيبات نحملُها على عاتق حاضرنا نتوشّحها رداءً أسود عند كلّ ألم.
عندما تقرأ قصص النجاح العديدة عن الأشخاص المشهورين سوف تجد دائماً أنّ هؤلاء الأشخاص حصلوا على رفضٍ مراتٍ عديدةٍ في السابق حتى حققوا النجاح.
وبعبارةٍ أخرى، إنّ خط دفاعك الأول ضد خيبة الأمل هو نظام اعتقادٍ صحيٍ يساعدك على فهم أنّه من الطبيعي جداً الحصول على عدة خيبات أملٍ قبل أن تتمكن من النجاح.
لماذا يفشل بعض الأشخاص من التعافي بعد خيبة الأمل؟
تخيّل أنّ بطل الملاكمة في العالم يقوم بلكم وجهك في كل دقيقة، متى سوف تتعافى؟ يحدث الانتعاش والتعافي من الضربات عندما تنتهي، وهذا يعني أنّه طالما يتم ضربك بين الحين والآخر، سيكون من المستحيل تقريباً أن تقف مرّةً أخرى، ذات الأمر يحدث في الحياة الواقعية، طالما أنك لا تزال متعلّق بالأمر الذي يسبب لك الألم فإنّك لن تتعافى بسهولة، هذا هو السبب بأنّ فقدان الأمل هو الخطوة الأولى نحو التعافي، عندما تفقد الأمل فإن عقلك يبدأ بقبول ما حدث ويبدأ بالتعافي. كما لو كنت قد توقفت عن تلقي المزيد من الضربات.
يقع الكثير من الناس في خطأ عدم المحاولة مرة أخرى بعد أن يتعافى جزئياً من خيبات الأمل، وهذا هو السبب في عدم التمكن من التعافي تماماً، من أجل أن تتعافى من خيبات الأمل ، تحتاج إلى تحقيق الأهداف التي كنت تسعى لها باستخدام أساليب مختلفة ، دعنا نفترض أنك تريد أن تكون كاتباً وكنت قد قدمت مخطوطتك الأولى لدار نشرٍ وقد رفضت نشره لك، في مثل هذه الحالة إن السبيل الوحيد لاستعادة كامل تعافيك هو التأكد من نشر هذا المخطوط في مكان آخر، إنّ الاكتئاب يحدث عندما تفقد الأمل في الحصول على شيءٍ ما يهمك حقاً، و هذا هو السبب في أنّك يجب أن تبدأ على الفور بإيجاد طريقة أخرى للحصول على هذا الشيء و إلّا سوف تقع في الاكتئاب .
كيف تتمكن من التغلب على خيبات الامل في الحياة؟
كيف يمكن تطبيق هذه النصائح في الحياة الواقعية لمساعدتك في التغلب على خيبات الأمل؟
تأكّد من الحصول على الحد الأقصى من الضرر (تلقّى كل الضربات) بأسرع ما يمكن إذا أمكن ذلك، إن العيش على أم لٍضئيلٍ سوف يؤخّر من عملية التعافي ويمنعك من الوقوف مرة أخرى لا تعطي الأشياء أكبر من حجمها وتوقّف عن كونَك مخذولاً، فالشجعان فقط من يخوضون معارك الحياة، ومساكين من لا يملكون حكايات موجعة، فبِقدرِ ما حَمِلتْه من ألم بقدر ما يَتأتّى منها نضجٌ كبير، فالحياة لا تنتهي مع خيبة أمل يمكن أن نعيشَها، يكفي أن ندعس عليها بأقصى نضج نملكه ونضحك على خيباتنا، بل ونخيّب ظن من خذلونا فينا فلا شيء أقوى من قلوب تجرّعت مرارة الخيبات لأنّها تعلّقت بربّها فطوبى له
5 خطوات لتخطي خيبات الأمل
أحيانا نضع الكثير من الآمال على شيء معيّن، لكنه ينتهي بخيبة أمل، وقد تبدو نهاية العالم، لكن خطوات خمس ستجعلكم تخرجون من الأزمة إلى الراحة والرضا والتقدم نحو الهدف من جديد:
1. كن متعاطفاً:
والمقصود به هنا التعاطف مع الذات، فالنصيحة بعدم الضغط على نفسك أو تأنيبها في حالة الفشل، فلا تصف نفسك بالغباء أو سهل الخداع أو غير ذلك، وفي الوقت نفسه لا تسعى إلى الانتقام من الآخرين، بل خفف عنك القيود النفسية وهوّن على نفسك وارفق بها.
2. اسأل الأسئلة التحقيقية:
فاسأل نفسك أسئلة من قبيل بماذا أحس الآن فعلاً؟ ماذا تعني خيبة الأمل لي فعلاً؟ هل فعلاً الطرف الآخر مخطئ تماماً في تخييب أملي؟ ماذا كنت سأفعل الآن لو لم أكن أشعر بأية مشاعر سيئة؟ واصل طرح الأسئلة التحقيقية مع الذات حتى يتضح كل شيء، وتصل إلى أجوبة تعتبرها منطقية ومريحة ومهدئة لمشاعرك المضطربة .
3. تراجع قليلاً من أجل رؤية أوضح:
تعتبر لحظة خيبة الأمل لحظة انفجار داخلي من الغضب والحزن وغيرها من المشاعر التي تحجب الرؤية الحقيقية، اسأل نفسك ما الذي حدث فعلاً، وانظر إلى المشكلة من الجانبين، وتوصل إلى الصورة الكاملة، أي أن معظم مشاكلنا نراها عظيمة وجسيمة لأننا داخل إطار مغلق لها، ولكن من الممكن أننا لو سمحنا للهواء جديد أن يدخل من نافذة خارجية للعالم لعنا نرى أننا أخطئنا التقدير جداً في تهويل هذه المشكلة وأننا أعطيناها أكثر من حقها في كل شيء.
4. اغسل الحزن بالفرح:
إلى الآن، لقد قمت بكل التمارين الذهنية لاكتشاف الحقيقة، والآن حان وقت تخطي الأمر، ركز على الإيجابيات، وعيش حالات فرح مختلفة، وابتعد عن النقطة الساخنة ما استطعت حتى تسترد عافيتك، وتذكر أن لكل شيء في الحياة وجهان الإيجابي والسلبي، الأبيض والأسود، لذلك ركز على الإيجابي … الإيجابي .
5. غيّر ما استطعت:
لا تبكي على الحليب المسكوب، فما فات قد رحل ومات، والآن لم يبق لك إلا مداواة الجرح من جنس العمل، فإن كنت قد ضعفت فشجع الآخرين مثلاً، وإن أحسست بالتعب فاذهب إلى ممارسة الرياضة، أو أي شيء يعطيك الشعور بالهدوء، جرب فقط وهكذا، تذهب هناك احتمال كبير لتخطي الخيبات بلا رجعة، واستمرار الحياة.

#سفيربرس بقلم : غالية اسعّيد

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *