إعلان
إعلان

التجربة الإبداعية للأديبة الأردنية الكبيرة (بسمة النسور) تستظلُّ بظلِّ مهرجان بابل العالمي للثقافات والفنون

#سفير_برس _ بقلم : الأديبة السورية: ميرفت أحمد علي

إعلان

بدعوة من مهرجان بابل للثقافات والفنون العالمية في دورته الحادية عشرة، حلَّت الأديبة الأردنية الكبيرة بسمة النسور ضيفَ شرفٍ، وشهدت قاعة مردوخ في إطار فعاليَّات (تجربتي) إقامةَ أمسية للاحتفاء بتجربة النسور الأدبية وبحضورها الأنيق على الساحة الثقافية العربية. تناولت الشهادة مكاشفاتٍ صريحة حول النشأة وظروف تشكُّل الوعي الأدبي عند الكاتبة، التي أفادت في تصاريح شفَّافة أنها نشأت في مجتمع عشائري محافظ وكبير ضمَّ أفرادَ وعوائلَ آل النسور، ومن بينهم عددٌ كبير من الكتَّاب والمفكرين، إذ كانت البنت الوحيدة بين أشقاء ذكور، وأنوثتها ـــــ بعكس السائد ـــــ كانت سبباً في تميُّزها في مجتمعها، فلطالما اعتزَّ بها والدُها ما جعلَها واثقة الخطى قادرةً على مواجهة المجتمع الذكوري. وهذه الظروف الداعمة نفسياً واجتماعياً جعلتها تفهم الرجل وطبيعته، وتكون ندَّاً له في كل مكان وموقف، ما دفعَها إلى النفور من اللعب مع قريناتها من الفتيات والالتزام باللعب مع الفتيان. وفي سنِّ السابعة من عمرها تعرَّفت على طعم الموت إذ توفيَ الصبي رفيق الطفولة الذي كانت تشاركه لعب الأطفال في الحارة.
طفولةٌ محفوفةٌ بحسد رفاق الدراسة
في طفولتها عُرفت بهَوَسها بالقراءة حتى شاعَ عنها لقب (فأرة القراءة)؛ حيث زوَّدها الوالد بالكتب التي تكتظ بها أرففُ مكتبتهِ، وأدمنت منذ مرحلة مبكرة استعارة الكتب بحيثُ قرأت جزءاً كبيراً ومائزاً منها في سن المرحلة الإعدادية، وأبرزُها روائع الأدب العربي والعالمي، وهنا بدأت بواكير الكتابات الأولى تتوارد إلى خاطر أديبتنا وعُرفت بتفوُّقها في مادة الإنشاء، ما سبَّب لها عداوات الأتراب في المدرسة حيث كان من الضرورة أن تُقرأ موضوعات التعبير خاصَّتها في المدرسة أمام التلاميذ، وكانت تُسند إليها صياغة كلمات عيد العمال والشهداء وتغطية المناسبات الوطنية والاجتماعية فاحتكرتْ مكبرِّات الصوت في المدرسة على الدوام. ما جعلها مزهوةً وفخورةً بنفسها.
زواج،جامعة،واغتراب
جرتْ أديبتُنا مع نواميس الحياة وترتيباتها الاجتماعية، فتزوجت في سن السابعة عشرة وكانت ما تزال طالبةً في المرحلة الثانوية، واشترطَ الوالد إتمامَ الدراسة الجامعية على الصهر المستقبلي، وكان يراودُ النسور حلمَ العمل في حقل الإعلام وأن تُبرز قدراتها كمذيعة تلفزيونية. وبُعيدَ زواجها حصلت على منحة من الجامعة الأردنية، وبدا صعباً عليها إتمام الدراسة في جامعة رسمية متطلبة مُلزمة بالدوام؛ فالتحقت بجامعة بيروت العربية وانتسبت إلى كلية الحقوق.. لم يستمر مشروعها الدراسي إذ اضطرَّت إلى مغادرة الأردن إلى الولايات المتحدة الأمريكية برفقة زوجها والمكوث فيها مدة عامين، عادت بعدها إلى الأردن وأنهتْ دراسة الحقوق.
خطوات رصينة باتِّجاه الشَّغف القصصي
بدأت مرحلة التدريب على ممارسة المحاماة ومعها اتسعت آفاق النسور الفكرية، وبدأت بالتعرُّف على قضايا المرأة والسياسة وفهم طبيعة التفاعلات بين المكوِّنات الاجتماعية والمهنية وسواها، وأكسبتْها مهنة المحاماة الكثير من الشجاعة والقدرة على المواجهة، من خلال دخول حرَم المحكمة وقاعاتها والاحتكاك بالناس، فأحسَّت بأنَّ لديها ما تقولهُ، فبدأت بكتابة المقالات وبإرسالها إلى الصحف، وفُوجئت برئيس صحيفة الدستور وقد تبنَّى كتاباتها وخصَّص لها في الصحيفة الشهيرة زاويةً تعبرِّ فيها عن أفكارها وخلجات نفسها. ما كانَ بمثابة حلم كبير لدى المبدعة النسور خلالَ الثمانينات. وترى الكاتبة أنه في ذلك الزمن كان سهلاً أن يصبح الكاتب الجادّ نجماً.. ومن منصَّة الدستور بدأ اسمُها ينتشر، ونصحَها الأديب مؤنس الرزاز الذي كان زميلاً لها أن تتَّجه إلى كتابة القصص؛ فلديها نفسٌ قصصيٌّ يفي بالغرض. وركنَت الأديبة بسمة النسور إلى نصيحة زميلها وانقطعتْ لفترة تكتب القصص القصيرة حتى تكوَّنت لديها مجموعة نصوص قصصية نُشرت تباعاً في جريدة الدستور.
محاسن الصُّدف وإشهار التجربة القصصية
انطلاقاً من الأخذ بنصيحةِ الرزاز جاءَ دور محاسن الصُّدف، إذ التقتْ أديبتُنا بالأديب الكبير جبرا إبراهيم الجبرا الذي اطَّلع على المخطوطة القصصية التي أعدَّتها النسور للنشر، وأبدى إعجاباً ملحوظاً بها حدَا به إلى تبنِّيها ترويجياً بكتابة مقدمة لها، والنسور تعتز بمبادرة الأديب جبرا، الذي يرى بدورهِ ــــ كما النقَّاد ـــــ بأن قصص بسمة النسور تتَّسم بالجراءة وتبدُو مغايرةً للسائد، لذا تحمَّلتْ أديبتُنا وزر الشائعات المُغرضة التي كانت تستكثر على المرأة في مجتمع شرقي أن تكون أديبةً حقَّة، فطاردتْها التُّهم الظالمة بأنَّ رجلاً ما يقفُ خلف كتاباتها ويتقنَّع باسمِها وبشخصِها!
عشرونَ عاماً في خدمة الثقافة
قُبيلَ انتقال الأديبة بسمة النسور إلى المحطة الأخيرة من مُكاشفاتها في أمسيتها التكريمية في مهرجان بابل للثقافات والفنون ــــــ وهي قراءة قصة مُنتخبة من كتابها الجميل الشائق (أوجاعي كلُّها) ــــ تحدَّثت عن حياتها المهنية التي تصرَّمت في خدمة العمل الثقافي كوزيرةٍ للثقافةِ الأردنية، وما استوجبَهُ الأمر من إشرافٍ عام على إصدارات وزارة الثقافة وإقامة فعاليات وأنشطة ثقافية وفكرية ثريَّة، ما أكسبَها خبرة عريقة وأصيلة في إدارة الثقافة في بلدها كوزريةٍ لها، حيثُ سادت النزعةُ آنذاكَ في التطوير والتغيير لدى الحكومة المحلية التي تطلَّعت إلى آفاق إنسانية ووطنية منفتحة ومختلفة جوهرياً، بإحداثِ حكومةٍ تؤمنُ بالاختصاصات والكفاءات المتفرِّدة ووضعَتْها في قائمة الأولويات الوطنية. ورأت الأديبة بسمة النسور أنَّ العملَ في وزارة الثقافة هو الحيِّز المناسب لها ويقعُ ضمن مجالِ خبرتها، مع أنَّ المتعارف عليه بالنسبةِ لوزاراتِ الثقافة في البلدان العربية بأنَّها ليست وزاراتٍ ذات طابع سيادي مستقل، لكنَّ عملَها فيها كان له صدىً خاص في ذاتها التوَّاقة إلى الاشتغال بالثقافة وبشجونها.
اختتُمت الفعالية بقراءةِ قصة (حالات البحر الميت)، وبتكريمِ المُبدعة بسمة النسور بتقديمِ مسلَّة حمورابي عربونَ محبةٍ لها وتقديراً من مدير المهرجان الشاعر الدكتور علي الشلاه لدورها الرِّيادي كقاصَّةٍ وكأديبةٍ وزانةٍ تحملُ نفَحاتٍ عاطرةً ذاكيةً من عبيرِ وعبَقِ الزمن الجميل.

#سفير_برس _ بقلم : الأديبة السورية: ميرفت أحمد علي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *