الإعلانات التجارية السّوريّة.. بين مهنية التسويق ومهنة التعليق .بقلم : مريم الجراقي
# سفيربرس

يقول العالم الكندي ستيفن بتلر ليكوك في وصف الإعلان بأنه علم اختطاف عقل الإنسان لفترة وجيزة, ووفقا لذلك يتخذ صانعو هذه الإعلانات مسؤوليّة منطقيّة في مخاطبة الجمهور بمنظومة إعلاميّة حيويّة كما اسمتها المؤسسة العربية للإعلان من خلال التّعريف عن نفسها في موقعها الإلكترونيّ , والذي تحدثت من خلاله عن مهمتها في مواكبة أحدث فنون صناعة الإعلان في العالم ،والتي لم يراه المشاهد السّوريّ على ما يبدو.
وهذا ما انعكس من خلال الانتقادات الساخرة التي تداولها رواد مواقع التّواصل الاجتماعي من حيث المقارنة بإعلانات عالمية أو حتى عربية معلقين بالعبارة الشهيرة ( متل عنا بفرد شكل) فأصبحت جملة اعتياديّة عند رؤيتنا لأي إعلان أجنبي أو عربي متّفوق
موجة السخرية التي لم تنحسر بالإعلانات التلفزيونية فقط بل بكل طريقة تسويقية يلجأ إليها منتج محدد سواء عن طريق إعلان مسموع أو طرقيّ أو أيّ فكرة مبتكرة ، حيث ترى فيها جمهور الإعلان يستعين به في كل مرة أراد فيها جمع الإعجابات و التعليقات على صفحاته , مبررا ذلك بأن هذه الإعلانات مبتذلة بشكل يعتمد على التهريج السّاخر أو الربط الغير المنطقي من الناحية التّسويقية ,فيحصل أن يصبح الإعلان محط انتقاد لسخافة الفكرة والمحتوى بدلا من تحقيق الغاية منه وهي التسويق للمنتج و إظهار مزايا استخداماته لدفع الناس لشرائه.
ومن المظاهر الأخرى لهذا الانتقاد التهكم من الاستخدام المبالغ لعناصر إنجاح العمل التسويقي في هذه الإعلانات مثل الموسيقى الصاخبة أو السريعة, الحركة في المشهد, بإضافة لإخراج العمل ككل دون دراسة دقيقة للمحتوى.
فبين مؤيد ومعارض، يرى البعض أن هذه الإعلانات لا تواكب شروط الإعلان الحديث بسبب أفكارها المبتذلة كما هو رأي راما الشيخ نجيب وهي طالبة جامعية قالت ” أن الفكرة في إعلاناتنا ضعيفة لا يوجد رسالة تخاطب عقل المتلقي لتستثيره , نحن في عصر يجب أن نتجاوز به إعلان الصورة المتحركة وموسيقا الأطفال”
وافقتها ريما حسني ربة منزل وأم لثلاثة أطفال التي أكدت أنها تتذكر الإعلانات منذ الثمانينات وهي لم تتغير تقريبا و بنفس طريقة الطرح.
وتابعت :”لا يوجد شيء جديد حتى إعلانات رمضان لهذه السنة هي إعلانات قديمة , ولفت إلى الذائقة الفنية التي يفتقدها القائمين على الإعلان ”
وأضافت بابتسامة ساخرة :” قد يكون السبب في رأي هذا أننا اعتدنا رؤية الإعلانات الأجنبية على صفحات الفيس بوك والانبهار بها لما تمتلك من أفكار مميزة وعنصر المفاجئة الحاضر فيها بشكل كبير.”
بينما اختلفت وجهة نظر السيد محمد صالح بالإعلانات التجارية السورية وقال ” ليس من الضروري نقد كل عمل وطني هناك إعلانات تحترم المشاهد والذوق العام , أما الإعلانات التي تتحدث عنها الناس وتصفها بالمبتذلة فهي قليلة مقارنة مع غيرها , وحتى هذا النوع من الإعلانات يحقق الغاية من الانتشار بسبب الحديث المبالغ عن سخافة فكرته، وأضاف علينا ألا ننسى أن الإمكانيات المتاحة متواضع ويستحيل معها صنع عمل منافس.
وهنا كان لابد من وقفة مع أحد المختصين للحديث عن شروط الإعلان التّلفزيونيّ الجيّد فكان لنا لقاء مع السّيدة بيان حلباويّ المتّخصصة بعلم التّسويق وصناعة الإعلانات , والتي بدأت الحديث عن أن الهدف الأساسي للإعلان وهو الترويج للمنتج بطريقة صحيحة مع الحفاظ على هويته البصريّة والسّمعيّة التّي نراها في الإعلانات العالميّة وتفتقدها معظم الإعلانات السّوريّة , مثل اعتماد اللّون والخلفيّة الموسيقيّة المحدّدة التي ترافق الإعلان النّاجح لربطه مع ذاكرة المستهلك بطريقة سليمة , وعند سؤالنا لها عن مستوى تحسّن الإعلانات خلال الموسم الرمضاني مقارنة بالفترة التي سبقته قالت : ” لا يمكننا الحديث في هذا السّياق بالمنطلق ولكن يوجد أمثلة لإعلانات تداركت الخطأ الذي نراه عادة في إعلاناتنا وهو التركيز على مزايا المنتج, والصحيح في الإعلانات النّاجحة هذه السنة أنها ركزّت على القيمة الإنسانية مثل جمعة العائلة قصص نجاح المشاهير وهذا ما تتوجه إليها دائما إعلانات المنتجات العالميّة
وفي إجابة لسؤالنا عن الثغرات التي يمكن ملؤها في الإعلانات السّوريّة لتبدو أكثر احترافيّة , قالت السّيدة بيان: أنه لابد للإعلان السّوريّ الاعتماد على عناصر محددة مثل عنصر الفكاهة الغير مبتذلة أو الصّدمة والمفاجأة وعرض النّتائج السّلبية المرافقة لعدم اقتناء المنتج , واختتمت حديثها بأهمية وجود سياسة إعلانية مترابطة مثل التغذية الراجعة أو ما يسمى بتقييم الجمهور للعمل حتّى يتسنى للقائمين على الإعلان تدارك نقاط الضعف في المرات القادمة .
بينما تبقى بعض الأسئلة ليست بحاجة لإجابات لأنها حكر على المستقبل فقط , فهل سيأتي اليوم الذي ستبصر فيه إعلاناتنا مستوى
منافس يعكس معه احترام الجمهور وجهود أساتذة التّسويق والإعلان؟!
#سفيربرس. بقلم : مريم الجراقي