إعلان
إعلان

العنصرية الفكرية . بقلم : ميّادة سفر

#سفيربرس

إعلان

يمارس الكثير من الذين يمتهنون التعبير الفكري، سواء كان ذلك في الكتابة أو التدريس أو في النقاشات الخاصة، العنصرية الفكرية، يتعصبون لأفكارهم، ويمارسون قمعاً وإقصاءً للآخر، والنظر إليه بنظرة دونية كإنسان لا يرقى لمستواهم، سواء في الوسط الموازي لمهنتهم كالكتاب والصحفيين وسواهم، أو أثناء التدريس بمستوياته العليا، أو حتى في اللقاءات والحوارات العابرة.
وكثيراً ما تظهر في التزمت الفكري عنصرية تجاه الطروحات الأخرى التي يقدمها الآخرون، وهذا يعد واحداً من أفدح أخطاء الفكر العربي، الذي لا يميز بين المبنى الفكري، وبين الانتماء العقائدي أو الديني، وتنتشر في كل مكان حتى في أكثر الأماكن التي غايتها التعليم وتهيئة جيل المستقبل كالجامعات والمدراس، التي تحتشد بالعديد من المتزمتين المتعصبين لأفكارهم، الذين يعارضون الأخر ويقمعوه، لأنهم يرون فيه قلة نضج، ولا يمت لمنهجهم القديم بصلة، رافضين أية أفكار جديدة قد يبديها الجيل الجديد، الأمر الذي يؤدي إلى التأخر في مجال التطور العلمي، ولجوء الكثيرين بل هربهم إلى دول أخرى لتجد أفكارهم سبيلها ليس فقط للاستماع بل والتنفيذ أيضاً.
تكمن الخطورة الفتاكة في الطرف الآخر الذي تمارس عليه العنصرية والقمع الفكري، والذي يبادر هو نفسه لمواجهتها بذات الطريقة والأسلوب واللغة، وأمامنا عشرات الأمثلة التي تطالعنا بها شاشات التلفزة، في حوارات تحمل عناوين رنانة عن احترام الرأي وفتح باب النقاش، لتنتهي الحلقة بحلبة مصارعة وتكفير وتخوين وما إلى ذلك.
علينا أن ندرك أن تقبل الأفكار المخالفة والاستماع لها واحترامها، لا يعني بأي شكل كان تبنيها واعتناقها والإيمان بها، بل هو إفساح المجال للآخر ليطرح وجهة نظره ويعبر عن مكنوناته، وحقه بالاختلاف والتمايز ولو تعارض معنا.
إن ممارسة العنصرية الفكرية من قبل البعض لا تشي إلا بتفشي التخلف واستفحاله، لذا علينا إذا ما أردنا التطلع إلى مستقبل مشرق ومتطور، أن نؤمن بأحقية الغير بالاختلاف، فلربما كانت الفكرة المخالفة مصدر إلهام لنا أو لغيرنا لأفكار جديدة أو صقل أفكارنا وتحسينها، أما أن نصم آذاننا وننغلق في قوقعة الفكر الواحد، فهذا سبيل للنكوص والتراجع، وسدّ الطريق أمام تلاقح الأفكار وتطور المجتمعات.

# سفيربرس بقلم:  ميادة سفر _ صباح الموصل

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *