إعلان
إعلان

مِنْحتُك في مِحْنَتِك فاغتنمها.. بقلم المدرب الجدير :د. إلهام التهامي

#سفيربرس

إعلان

خَلقنا الله تعالى بلا حول منا ولا قوة، حمِلنا الأمانة مع ثِقلها، وسعى كل منا لأداء دوره الذي خلق من أجله، اتجهنا في طرق متعددة نتلمس الحقيقة التي تثبت لكل منا أنه على الطريق القويم الذي يأمل أن يجد بنهايته السعادة المحققة، أكرمنا الله بشتى مناهل العلم والمعرفة ليبحث كل منا عن ضالته المنشودة؛ فاستوقفتنا دعوات مختلفة لحب الذات والاهتمام بها والسعي لإسعادها، ولشغفنا بالغاية أعجبنا بالدعوة فتحمس الكثير لها،  بل وعملوا على القيام بها فعاشوها بحروفها لا بمعانيها. لم ينتبهوا للكلام المبتور فبادروا بتطبيق حب الذات بتركيز منقطع النظير بحثاً عن سعادتهم والشعور بأهميتهم في الوجود. وفي طريقهم لإثبات ذلك فُقِدت الكثير من العلاقات وسقطت العديد من الحقوق، بل ودخل البعض في سباق مع الحياة فلا مجال للراحة ولا وقت للتراحم، وإن جمعتك بأحدهم اللحظات فسألته كيف أنت؟ رد عليك لسان حاله قبل لسانه بإجابة خاوية من معنى الشكر وفقدان الشعور بقيمة النعم والافتقار إلى عبادة الرضا.

الأخ يتصارع مع أخيه والصديق مع صديقه وزميل العمل مع زميله وابتكر كلٌ بطريقته الحيل للانتصار لذاته بطرق مشروعة وغير مشروعة؛ فكانت النتيجة صراعات داخلية وخارجية اتسعت شيئا فشيئا لتصيب الجميع ويتأثر بها القاصي والداني.

وهنا يطرح السؤال نفسه: هل حققت بحب الذات وحدها غاية السعادة وأداء الأمانة وحق العبادة؟
ألم نرى نفوساً أصابها من الإحباط ما أصابها بل ومنها ما أصابه اليأس والقنوط؟ واعتادت أسماعنا على سماع أخبار حوادث الانتحار وانهيار العلاقات وانتشار العداوات بعد أن كنا نستهجنها!

من أجل حب الذات طالب الكثير بالحقوق وانكروا الواجبات، هموا بالأخذ ومنعوا العطاء، اعتادوا النعم فغفلوا عن الشكر، فتأثرت القيم والمبادئ ولم تسلم العبادات والطاعات من أذى التقصير والإهمال. لقد بخل الغني بماله وحقد الفقير بسبب سوء حاله وجهل العالم بعلمه وتبدلت الأدوار فتاهت الخطى.

كيف تتوه الخطى ويحزن الفؤاد ويضل العقل وخالقه رب رحيم كتب على نفسه الرحمة وإليه يرجع الأمر كله؟
هنا تتجلى رحمة الله بعباده فيبتليهم بمحنة توقف نمط الحياة الذي صنعته أيدي البشر ليدبر الله تعالى الكون بحكمته ويصلح لنا ما أفسدته أيدينا فيسخر جند من جنوده ليضع كل منا أمام ذاته ليراها كما هي بوضوح تام في مشهد ترتجف له القلوب وجلاً وخشيةً، فقد ينتهي العمر فهل أعددت الزاد؟ هل اطمأن قلبك للإجابة أم ارتعد من شدة التقصير؟ مالذي قدمته لنفسك وأحببتها ودللتها به؟ لتتساءل وتجيب هل حقا أحببتها؟ ومع إجابتك أقبل على المنحة الربانية التي ساقها الله إليك في محنتك لترجع حيث نقطة البداية فالزم دارك – اشكره على نعمة الأمن في الديار، فكم من نعمة أزالها الاعتياد ونسيان الشكر؟ وعليك بنفسك فإن وجدت صلاحها فاحمده على نعمه واسأله الثبات على الحق وحفزها للمزيد، فالإيمان يزيد بالطاعة وإن وجدت ما فسد منها فاغتنم منحتك وعدل خطتك لدنياك وآخرتك واسأل الله الرحمة.

مرت السيدة مريم بنت عمران سلام الله عليها بابتلاء شديد جعلتها تتمنى الخلاص بالموت فقال لها ربها “كُلى واشربى وقري عينا” وأخرج لها سبحانه من المحنه منح و عطايا.

لنا رب رؤوف عطوف جواد كريم فكيف لا نكون به طامعين وعلى أعتابه واقفين وله رافعي الأكف سائلين العفو والكفاية لكل هم وغم!!

قال صلى الله عليه وسلم: “لن يدخل أحداً عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: لا، ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة..” رواه البخاري

تمهل قليلا أيها الإنسان! فقد صدق قوله تعالى فيك “خُلق الإنسان من عجل“ الأنبياء ٣٧ فمنظومة الحياة لن تستقيم بذاتك فقط، وهنا كان لزاماً علينا أن نكمل العبارات المبتورة لتكتمل المنظومة، فلحب الذات أصول وقواعد وآداب وجب الالتزام بها. جمعت كلها في حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه”

أولاً: لكي يسعد الإنسان بحب الذات وعلاقته بها، فعليه بعلاقته بربه. فأصلح ما بينك وبين الله يصلح الله لك كل شيء “وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون”. (علاقتك بالله)

ثانياً: علاقتك بالآخرين، فالحق مقابله واجب والأخذ مقترن بالعطاء، فإن أتممت الأولى والثانية فحتما ستحقق الثالثة.

#سفيربرس ـ بقلم المدرب الجدير :د. إلهام التهامي
#في_كل_محنة_منحة

مديرعام مركز الخليج للتدريب والإستشارات

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *