إعلان
إعلان

كتبت صبا أحمد يوسف ـ كورونا.. الشيطان و جيوشه .

#سفيربرس

إعلان
إعتنق الانسانية، ثم إعتنق ما تريد من الأديان..هل أظهر كورونا الوجه
الآخر لماهية بعض البشر.. وجوه كانوا يخفونها بغربال وقرروا تحت جناح
كورونا ثقبه للنهاية.
لفتني وبشدة بعض مما قرأته عبر مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات
الكثير من ابناء العرب عامة، والسوريون خاصة، ممن يعيشيون بيننا في
أوطاننا، أوببلاد الغرب “الاغتراب”، وبشكل خاص تلك السلوكيات التي تظهر
الشماته والتشفي تجاه ما يجري في البلدان التي يعيشون بها ، ويأكلون من
خيراتها، ويتمعون بحرياتها و”ديمقراطايتها” التي طالما حلموا وتغنوا بها، وكل
النعم التي كانوا يحلمون بها هاربين من أوطانهم او مهاجرين غير آسفين على
شيء او آسفين على اشياء.
فعند اعلان هذه الدول الاجنبية عن ارقام الوفياة بفيروس كورونا نجد البعض
من هؤلاء (المغتربين) وهم كثر يتشفون فرحين مهللين للارقام، معبرين عن
آمالهم بحصول المزيد، ناسين او متناسين ان الجميع “بالفلقة سوا” وانهم
يعيشون مع أولئك، ويستنشقون نفس الهواء ويتشاركون نفس الجغرافيا
ويشربون من بئر واحدة وياكلون خير نفس البلاد.
يحضرني هنا قوال الفيلسوف أرثور شوبنهاور: “ان تشعر بالغيرة فذلك طبيعي
لكن حينما تشمت فذلك شيطاني.. ليكون السؤال الى اولئك “الشماتون” هل ما
تتناولون من ملح وخبز في دول الاغتراب، غيرخبز وملح الوطن
، نحن لا نتكلم سياسة بل نتحدث عن الدين الواحد الذي يجب ان يكون جامعا
للبشرية في العالم كله وهو الانسانية، التي حضت عليها كل الاديان والاخلاق
والشعوب” الجمع الانساني”، فأزمة كورونا ليست حالة فردية، وانما محنة
تطول كل الرؤوس دون تمييز.
والسؤال هل زمن كورونا، وقت للشماتهةوالتشفي وما تركيبة هؤلاء الشماتين
وهل هو شعور طبيعي؟، بعلم النفس الجواب الشافي لهذه الاسئلة.. لماذا هو
وهل هو مبرر، ومتى يتحول الى خطر حقيقي؟؟عن هذه الحالة تقول الدكتورة
نجوى نادر اخصائية علم نفس وعضو هيئة تدريسية بكلية التربية بجامعة
دمشق: الشماته او التشفي هو شعور الفرد بالسعادة او السرور عندما يقع
شخص ما، أو مجموعة من الاشخاص بأذى أو شر، وهي المقابل العكسي
للشعور بالتعاطف والشفقة، عندما يصاب الاخر بالسوء وقد يعبر عنها الشامت
بعبارات صريحة او تبقى طي الكتمان.
لماذا هذا الشعور؟ سؤال يرتبط الشعور بالشماتة بمجموعة من المشاعر
والدوافع النفسية مثل الغيرة والحسد والحقد والإحباط والفشل والعدوانية
وتحقيق الذات وتحقيق العدالة.
هل الشعور بالشماتة مبرر أو مقبول؟.. سؤال صعب بالنسبة لمجتمعنا، كلنا
نلاحظ أن النسبة الغالبة من البشر تتمنى زوال الخير أو النعمة عن الآخر،
بمعنى لا احد يحب الخير لأخيه وهي مسألة تتعلق بطبيعة النشئة الاجتماعية
القائمة على المقارنة غير العادلة والمنافسة غير الشرعية وسوء توزيع الفرص
وصعوبة تحقيق الذات.. لذلك المسألة ترتبط بصورة أساسية بالصراع في
تحقيق الذات والشعور بالنقص، من مبدأ أنا أو الآخر بدلا من أنا والآخر،
والقليل من الشماتة من الصعب تجنبه ولكن الكثير منه يعبر عن الحقد الشديد
ويصبح الأذى النفسي كثيراً على الشامت عندما يسيطر على معظم مخه
وتفكيره، بمقارنة نفسه بالآخرين على أنهم أوفر حظا وتصبح هذه الأفكار
مبررا له كي يكره الأخر ويحقد عليه ويتعصب ضده، والخطر الحقيقي في
السعي لإذلال الآخر، من خلال الاشاعات والتعبير اللفظي او التحريض ضده
او السعي للقيام بفعل ما لإلحاق الاذى به.
اذا الشماتة تتعلق بالشخص نفسه أكثر مما يتعلق بوضع الآخر الأوفر حظا،
بل انها غالبا ما تتجه نحو أشخاص قدموا لذلك الشامت يد المساعدة والعون.
ما هو البديل عن الشماتة؟.. الكثير من العمل واشغال وقت الفراغ بما هو مفيد
والتوجه نحو الانجاز الشخصي ضمن الإمكانيات المتاحة والتعبير عن
المشاعر السلبية بطرق غير مؤذية للآخر ” رسم- موسيقى -رياضة”،
عندما يشعر الفرد بتحقيق ذاته سيشعر بالرضى والحب نحو ذاته
والاخر.الشماتة آفة نفسية ومجتمعية خطيرة اذا شاعت في مجتمع فهي تغرس
بذور الكراهية والتعصب الأعمى، ورفض الآخر والإنشغال بالصراع مع
الذات والآخر بدلا من السعي لتطوير الذات بما يفيدها ويفيد المجتمعوهنا نورد
ما قاله الفيلسوف الالماني شوبنهاور عن الشماتة.. مجالات التنافس الشديد
والصراع السياسي والاجتماعي تظهر الشماتة لتسيطر على الموقف وفي
مرحلة ما ربما تنتزع انسانيتنا ونتعامل مع الآخرين كحيوانات، لا مشكلة أن
يتم قتلهم أو إغتصابهم او اعتقالهم لمجرد أننا نختلف معهم بالآراء السياسية
ونترك كل منجزات البشر وندخل الى عالم الفوضى، وهناك من يؤمن
بفرضية العالم العادل وهو ما يشبه فكرة الكارما أي أن الجزاء من جنس
العمل.. تقول النظرية اننا نحن البشر نميل الى النظر لهذا العالم على أنه
مكان عادل ما يعني أن كل فعل نقوم به يستدعي بشكل ما نتيجة من النوع
نفسه سواء كان خطأ او صواب جيد أو سيء، لذا حين تتعرض دولة معادية
لهجوم من أي نوع أو فيروس تظهر الشماتة شيئا طبيعياً يمارسه المواطن
بشكل يومي بهذا البلد.
أخيرا إذا كانت الشماتة تعني الفرح ببلية من يعاديك أو تعادية فهي مرض
إجتماعي متأصل في بعض القلوب المريضة .. والشماتة هي طبيعة في
التركيبة البشرية ولكن هذه الطبيعة قد تتحول الى شيطانية مؤذية، أذى نفسي
لحاملها ولمن تتوجه نحوه لأنها مرتبطة بالصفات المظلمة للطبيعة البشرية
بشكل عام .
#سفيربرس ـ بقلم ـ صبا أحمد يوسف
إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *