إعلان
إعلان

كل ممــنوع مرغـــوب ـ بقلم : صبا أحمد يوسف

#سفيربرس

إعلان

لست ممن يستهويهم الخروج من المنزل مهما كانت المغريات، ولكن في حالة الحجر المنزلي وبظل انتشار وباء كورونا، بدأت أحب كل ما هو خارج جدران المنزل،وكل مظاهر الحياة من أناس وطبيعة وأحياء ومناخ بعواصفه حره وبرده.. اشتقت للمس حتى الهواء .. ولرائحة الياسمين من غصن متمرد خرج من سور حديقة منزله.. لرؤية زحمة الناس، وحتى لملامح البؤس والفرح والتعب على وجوههم.
اريد أن أشاغب وأكسر قوانين المرور وأقطع الشارع معرضة نفسي للخطر، أسير بين السيارات السوداء والبيضاء وحتى المتسخة.. اشتقت لتذمر سائق التكسي الذي يشرح لي بؤسه ويضعه على بؤسي وليزيد غلته من جيبي ولو كان محقا بشكواه.
اشتقت للخطر الذي يرعبني كل يوم وأنا أقف على الشبر الوحيد الذي يفصلني عن السقوط بنهر بردى ريثما أقطع للجهة الأخرى الآمنة لأصل إلى منزلي، بعد أن اختفى منذ سنوات السور الحديدي الذي يفصل الرصيف عن النهر..
بلحظة أسأل نفسي” سؤال الذات البشرية الغريبة” .. هل تساوت قيمة الحياة والموت.. هل توقف الزمن بلحظة لم أعد أتذكرها متى ولماذا وكيف؟؟.. أسئلة قد تكون الإجابة عليها صعبة …. هل هو شعور اللاشيء هل هي حالة صحية أم حالة مرضية؟، أو بأقل تقدير سيئة ، تمر بها حياة الأغلبية أو الكل بلحظة وهل جاءت فترة الحظر لتضعنا أمام حتمية الإجابة على السؤال الأول والأسئلة الأخرى.
كنت أحلم في سنوات الحرب الطويلةالخطرة أن أخرج لأسير في شوارع مدينتي،والشوارع فارغة إلا من الهدوء، ودون خوف.. والآن هي فارغة هادئة ونظيفة ولكنني لا أستطيع الخروج من منزلي بفضل فيروس لا يرى إلا تحت المجهر…كم نحن مساكين وغرباء وفاقدي الحرية بأبسط خطوطها.
أتى وحيدا أم أتوا به ” الله أعلم” فيروس كورونا الذي لا يرى بالعين المجردة ولكن أفعاله بأبناء الأرض وساكنيها أصبح بحجم أكبر من حجم الكرة الارضية، بتأثيره وأثاره الكبيرة الخطرة على كل شيء في عوالم الإنسان من صحية ونفسية واقتصادية واجتماعية وسياسية، سواء دخل المنازل أم خارجهافعل مالم يفعل، فقد جعل الحرية التي ينشدونها ضمن قفص، وفرض “ديمقراطيته” الرعناء على العباد.
إن مقولة كل ممنوع مرغوب قديمة قدم الإنسان ذاته ولها مرادفات في معظم لغات أهل الأرض.. وحول هذه المقولة صدرت دراسة كندية تؤكد أن “كل ممنوع مرغوب” حيث تنخفض جاذبية الممنوعات والمحرمات إذا تم منعها عن عدد كبير من الأشخاص، حيث أجريت هذه الدراسة في جامعة كولومبيا البريطانية وبإجراء تصوير وتخطيط خاص للدماغ في نفس الوقت تبين أن ردة فعل الدماغ واهتمامه بالأشياء الممنوعة عنه مماثل لإهتمامه بالأشياء التي يمتلكها ومن جهة أخرى لم يظهر الدماغ اهتماما واضحا بالأشياء التي تعود للآخرين أو للأشياء الممنوعة عن المجموعة كلها.
وبناء على ذلك خلص الباحثون الى أن مقاومة الأشياء الممنوعة والمحرمات تكون أسهل إذا كان هناك عددا كبيرا من الأشخاص محرومين منها كما هو حال الحجر المنزلي .
وقد اختارالباحثون “التفاحة التي لا تنسى” لبحثهم اشارة الى التفاحة التي أغرت بها حواء آدم…. ويعلق الباحثون هلى ذلك قائلين: أنه لوكان هناك الكثير من الأشخاص المحرومين من هذه التفاحة ربما كان انجذاب حواء تجاهها أقل.
وهناك نظرية التفاعل النفسي حيث تعتمد هذه النظرية على فكرة أن الناس يرغبون في حرية الإختيار، وإذا تمت ازالة هذه الحرية عن طريق قيود أو لوائح خارجية فإنهم يصبحون متحمسين لإستعادتها بالتصرف بطريقة تتعارض مع القواعد ، فعندما يشعر الناس بأنهم ملزمين بالتصرف وفقا لسلوك معين فإن وجود قيود للحرية يؤدي الى حالة عاطفية تدعى التفاعل النفسي وتشجع السلوكيات التي يمكنها استعادة هذه الحرية.
وقد وجدت الدراسات المختلفة في هذا المجال أنه عندما يجد الناس أن مساحتهم الشخصية مقيدة يصبحون أكثر تفاعلا، لذلك إذا كنت تريد التحكم في تفاعلك في موقف معين ما فحصل على مكان مفتوح.

#سفيربرس ـ بقلم : صبا أحمد يوسف 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *