إعلان
إعلان

قلعة الحصن ماردٌ جبارٌ يتربعُ على قمم جبال سوريا .

#سفيربرس ـ رشا درويش

إعلان

“يأتون من أقاصي الأرض ليتمتعوا بجمالها، ويقرأوا تاريخها، ونحن سوريي الأصل فكيف لا نأتي ونرى عظمة هذه القلعة في بلدنا الحبيب”. كانت تلك الكلمات لأحد السياح الأجانب من أصل سوري لدى زيارته لقلعة الحصن الواقعة في ريف محافظة حمص الغربي.
.
ماردٌ حجريٌّ جبار يعطيك انطباعاً بعظمة الأيادي التي بنت والعقول التي خططت وكل العناصر التي اجتمعت لتكون قلعة الحصن إحدى أهم القلاع في العالم من حيث المساحة والمحافظة على الشكل الأول.

فلم تخن هذه القلعة بُناتها فهي تخلدهم وتخلد كل قطرة عرق ودم بذلت لأجلها، تستطيع أن تستوحي ذلك من حجارتها الكلسية وأسوارها المنيعة وأبراجها العالية المُطلة على جبال عكار ووادي النصارى وبرج صافيتا وأطراف حمص وبحيرة قطينة. إنها ببساطة قصة كتبها الرجال بعظمة بنيانهم.
.
تبلغ مساحة القلعة 3 هكتار وقد بدأت بناؤها عام 1031، وتقع على تل يرتفع نحو 750 م فوق سطح البحر. عرفت قلعة الحصن بعدة أسماء منها حصن الأكراد أو قلعة الفرسان سنأتي لاحقا على ذكر أسباب التمسية.
.
تقع قلعة الحصن على بعد حوالي 60 كم غرب مدينة حمص عن سطح البحر، وتتوسط المسافة بين حمص وطرابلس اللبنانية عند نهاية سلسلة جبال الساحل وتحديداً عند فتحة حمص طرابلس ما يكسبها موقعاً استراتيجياً يسمح لها التحكم بالطريق الرابط بين الساحل والداخل السوري.
.
وتضم القلعة عدة خطوط دفاعية هي خندق الماء الخارجي والسور الخارجي الذي يضم ثلاثة عشر برجاً دفاعياً فيه فتحات لرمي السهام، ومرامٍ لسكب الزيت، واصطبلات الخيول، إضافةً إلى الحامية العسكرية.
.
أما السور الداخلي فهو قلعة قائمة بحد ذاتها يفصلها عن السور الخارجي خندق مائي محفور في الصخر حولت أليه أقنية تنقل مياه الأمطار وهي تتكون من طابقين يضمان إسطبلات الخيول ومهاجع الجنود والأقبية والعنابر وقاعات الطعام وغرف المؤونة، و يضم كذلك قاعة الفرسان إضافة للمحراب.
.
وترتبط القلعة بسلسلة من القلاع والحصون التي تصل إلى القدس مثل (قلعة المرقب، برج صافيتا، قلعة صلاح الدين الأيوبي), وكانت القلعة تضم حامية عسكرية من ثلاثة -أربعة ألاف جندي ويوجد فيها إحدى وعشرين بئراً لتجميع مياه الأمطار، حيث تم تصميم الأسطح وقنوات التصريف بشكل شبه مائل بحيث تتجه المياه إلى الآبار.
.
تاريخ بناء القلعة

القلعة مبنية على الطراز القوطي وهو من أجمل فنون العمارة في القرون الوسطى والشكل الحالي للقلعة ليس نتاج مرحلة زمنية معينة بل هو نتاج فترات زمنية متراكمة، وأول من بدأ ببنائها هو أمير حمص “شبل الدولة نصر بن مرداس”، وأسكن فيها حامية كردية لذلك أطلق عليه تسمية “حصن الأكراد” وذلك لحماية القوافل المتجهة من الساحل السوري إلى الداخل، ونظراً لموقعها الهام احتلها الصليبيون في العام1109م حيث كانت تقع على الطريق الذي يسميه الفرنجة “طريق الحج إلى القدس”، وعملوا على توسيع القلعة وبناء عدد من الأبراج فيها، وخلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر ميلادي تعرضت القلعة لعدة هزات أرضية استدعى ذلك إعادة تدعيم القلعة حيث تم بناء السور الخارجي ودعمت الجدران ببناء طبقات جدارية جديدة بشكل مائل لحماية الجدران الداخلية والأبراج من الهزات الأرضية، وخلال هذه الفترة تم بناء الأقسام الرئيسية في القلعة و ذلك في عهد “فرسان المشفى” أو “فرسان مالطا” الذين تسلموا قيادة القلعة في العام1142م، ونسبةً إليهم سميت “قلعة الفرسان”حيث كان هناك نوعان من الفرسان هم “فرسان المشفى” أو ما كانوا يسمون بفرسان “القديس يوحنا” ، إضافة إلى “فرسان المعبد” وكانوا في القدس.
.
فتوحات إسلامية

تعرضت هذه القلعة لعدة محاولات لفتحها من قبل المسلمين حيث قام صلاح الدين الأيوبي في العام1188م بعد تحريره مدينة القدس والقلاع والحصون الساحلية بمحاصرة القلعة لأكثر من شهر لكنه لم يستطع دخول القلعة لمناعة حصونها وأسوارها الضخمة والمئونة التي كانت تكفي 5أعوام.
وفي العام 1271م تمكن الملك الظاهر بيبرس بعد حصار دام أكثر من خمسٍ وأربعين يوماً من اقتحام القلعة بعد فتح عدة ثغرات في الجهة الجنوبية، وهي الجهة التي يمكن اعتبارها الأضعف كون القلعة قائمة في اتجاهاتها الثلاث الأخرى على منحدرات شديدة تجعل اقتحامها من هذه الجهات عملية شبه مستحيلة.
.
و بعد دخول القلعة قام الملك الظاهر بيبرس بإعادة ترميم ما تصدع وتهدم من السور الخارجي، وخلال العهد العثماني أهملت القلعة وسكنها الأهالي وبقيت مسكونة حتى العام1927م. وابتدأت أعمال الترميم وإخراج الناس من القلعة في العام 1934 م تحت إشراف مهندسين فرنسيين واستمر الترميم حتى العام 1936م.

#سفيربرس ـ رشا درويش ـ سوريا السياحية

سفيربرس ـ قلعة الحصن
سفيربرس ـ قلعة الحصن
إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *