إعلان
إعلان

في الـــتربية هناك حـــب غير مســـؤول !.ـ بقلم : فتون الصــعيدي

#سفيربرس

إعلان

نحن كمجتمع شرقي نخضع للعاطفة في تحكيم الكثير من تعاملاتنا الحياتية
ومنه نخطئ أحيانا بالتفرقة بين الحبّ والدّلال الزائد فنضر ابناءنا عن غير قصد متناسين أنّ الإفراط في هذا الأمر يؤدي إلى نتائج سلبية تتعدى مرحلة الطفولة إلى مرحلتي المراهقة والنضج، فالتربية في مراحلها الأولى هي تدريب سلوكي عملي يتلقاه الطفل من والديه فيكتسب منهما السلوك، والقيم، والعادات وطريقة التعامل.
لذا فإن السلوك العائلي، ومحيط الأسرة الثقافي يؤثّران تأثيرًا كبيرًا في تكوين الشخصية واتجاهاتها المستقبلية. لأنّ سنوات الطفولة الأولى هي مرحلة تكوين الشخصية الإنسانية، وتنمية المواهب الفردية، فمن خلال احتكاك الطفل بمحيطه، تتشكل ردود فعله على المثيرات الخارجية، ونصف ردود فعله الثابتة تكتمل في سنوات عمره الأولى. لذا فإن الإفراط في تدليل الأطفال يتسبب بسلوكيات سلبية يتجاوز تأثيرها محيطه الأسري، إلى المدرسة وغيرها، وهنا ينشأ الطفل المدلّل؟
الذي يثور عندما لا تُلبّى احتياجاته، ويفرض على أبويه رغباته بغضّ النظر عن رأيهما في مدى إيجابية أو سلبية هذه الرغبات. مثلًا: طفل ووالدته في أحد المتاجر، الطفل يريد بعض الحلوى، ولكن الأم ترى أنه يجب أن ينتظر إلى ما بعد تناول وجبة الغداء. الطفل لا يستسلم، ويعترض بالصراخ والبكاء إلى حد إلقاء نفسه على الأرض، فترضخ الأم لرغبته وتشتري له ما يريد. وعليه، فإنّ هذا الطفل مدلّل لأنه لم يلتزم القواعد التي وضعتها والدته، وقد استسلمت هي لسلوكه السيء، إذ عرف أنه يستطيع الحصول على ما يريد عن طريق الصراخ ولفت الأنظار إليه فهي عززت هذا السلوك السيء عن غير قصد. لذا كان هنا على الأم أن تصرّ على رأيها متحلّية بالهدوء، حتى يتعوّد ابنها أنّ هناك قواعد لا يمكن اختراقها بمثل هذا السلوك.
وبتعزيز السلوك الخاطئ سيتصف سلوك هذا الطفل شيئًا فشيئًا بعدم اتّباع قواعد التهذيب أو الاستماع إلى توجيهات الأهل.
والاحتجاج على كل شيء، والإصرار على تنفيذ رغباته.
أيضًا عدم التمييز بين احتياجاته ورغباته.
وطلب أشياء كثيرة أو غير مقبولة من الآخرين.
وسيصبح الطفل دائم التململ والشكوى.
ويفرض رأيه ولا يحترم حقوق الآخرين.
إذ يبكي ويغضب باستمرار.
و لا يتحمل الضغوط.
ومن مظاهر التدليل أن بعض الآباء يشعرون بالسّرور والدعابة عندما لا يحترمهم أبناؤهم بدلًا من توجيههم. إن عدم تعريف الطفل بخطئه عندما يتلف الأشياء للآخرين، أو عندما يضرب زملاءه، وهذا من الأسباب الرئيسية لإفساده. ومن هذه الأسباب أيضًا، تساهل الوالدين وعدم تحكّمهما برغبات أطفالهما مع عدم تمييزهما بين احتياجات كل طفل (كطلبه للطعام) وبين أهوائه (مثل البكاء لأتفه الأسباب)، فيلجأون إلى أسرع الحلول وأقربها، ويفعلون أي شيء لمنع الطفل من البكاء، من دون أن يدركوا أنّ منحه قدرًا كبيرًا من الحرية والسلطة يجعله أكثر أنانية.
في بعض الأحيان قد تفسد الجدّة الطفل بتدليله وتلبية طلباته بصفة مستمرة، حتى وإن كانت غير معقولة، وذلك من باب الحنيّة الزائدة
وكسر صرامة الأهل ان كانوا صارمين بحجة أنه طفل صغير ويجب أن يعطى مايريد *بسبب الجهل* خاصة اذا كانت حالة الأهل ميسورة
وهذا يؤدي إلى خلل في السّلطة الضّابطة عند الطفل
يخلط الكثيرون بين الاهتمام بالطفل والإفراط في تدليله، وبوجه عام فإنّ الاعتناء بالطفل شيء جيد وضروري لنموّه، غير أنّ هذا الاهتمام إذا زاد عن الحد أو جاء في وقت غير مناسب، فله أضرار كبيرة.
يواجه الطفل المدلّل مشاكل كثيرة وصعوبات جمّة إذا بلغ السن الدراسية من دون أن يتغير أسلوب تربيته. إن الأطفال المدلّلين غالبًا ما يكونون غير محبوبين في المدرسة لفرط أنانيتهم وتسلّطهم، كما أنهم قد يكونون غير محبوبين من الكبار أيضًا، بسبب سلوكهم وتصرفاتهم، ومن ثم يصبحون غير سعداء، الأمر الذي يجعلهم أقل اهتمامًا بالواجبات المدرسية. ونظرًا لافتقارهم إلى السيطرة على أنفسهم فقد يتورطون في السلوكيات الخطرة، كتعاطي المخدرات والانحراف والجريمة، إذ إن الطفل المدلّل عندما يشبّ ويكبر، يريد أن تكون طلباته مجابة سواء من والديه أو ممن هم حوله من الأقرباء والأصدقاء، لكنه يصطدم بالواقع العملي للحياة عندما يحتك به، في مراحل حياته المختلفة. فالكثير من الأمور تحتاج من الوقت والجهد ما لا يستطيع الإنسان المدلّل تحمّله.
انطلاقًا مما تقدّم، على الوالدين وضع قواعد تهذيب السلوك الخاصة بطفلهما. يبدأ تهذيب الطفل منذ السن التي يحبو فيها، ورفض طلبه بكلمة «لا»، قد يكون ضروريًا. فالطفل بحاجة إلى مؤثر خارجي يسيطر عليه حتى يتعلم كيف يسيطر على نفسه ويكون مهذبًا، وهو سيظل يحب والديه وإن رفضا طلبه.
من المهم أن يعتاد الطفل الاستجابة بصورة لائقة لتوجيهات والديه قبل دخوله المدرسة بفترة طويلة، ومن هذه التوجيهات: جلوسه في المقعد المخصص له في السيارة، عدم ضرب الأطفال الآخرين، الاستعداد لمغادرة المنزل في الوقت المحدد صباحًا من دون مماطلة، وكذلك، التزام الوقت المحدّد للذهاب إلى الفراش… هذه النظم التي يضعها الكبار ليست محل نقاش مع الطفل… غير أنّ هناك بعض الأمور التي يمكن أن يؤخذ فيها رأيه، ومنها: أي من الأطعمة يأكل؟ وأي قصة يُحب أن يسمع؟ وماذا يريد أن يلعب؟ وماذا يرتدي من الملابس؟… من الضروري توجيه الطفل ليستطيع التمييز بين الأشياء التي يكون مخيّرًا فيها، وبين قواعد السلوك المحددة التي ليس فيها مجال للاختيار.
ويجب التمييز بين احتياجات الطفل ورغباته
قد يبكي الطفل نتيجة إحساسه بالألم أو الجوع أو الخوف، في هذه الحال يجب الاستجابة له مباشرة خلافًا لبكائه لأسباب أخرى لن تسبب أي أضرار له. في العادة يرتبط بكاء الطفل برغباته وأهوائه، وقد يكون جزءًا من نوبات الغضب الحادة، هنا يجب تجاهلها وإخباره بأنه طفل كثير البكاء، وعليه أن يكفّ عن ذلك. وعلى الرغم من أنّه لا يجوز تجاهل مشاعر الطفل، لكن يجب ألّا يتأثر الأهل ببكائه إلى درجة تجعلهم يستجيبون لرغباته تلقائيًا. ولكي يُعوض الطفل التجاهل عند بكائه يجب ضمه وعناقه في الوقت الذي لا يبكي فيه ولا يكون غاضبًا.
وتوفير الأنشطة الممتعة له
هناك أيضًا بعض الأوقات التي يجب أن يتجنب الأهل فيها الاهتمام بالطفل أو ملاعبته مؤقتًا، كي يساعدوه على تعلم شيء مهم (مثل توقفه عن عادة سيئة).

والتاكيد على عدم السماح لنوبات غضبه بالتأثير عليكم
تنتاب الطفل أحيانًا نوبات غضب حادة هدفها جذب انتباه والديه أو تغيير رأيهما، وإعطاؤه ما يريد. وقد تكون نوبات الغضب على شكل نُواح أو تذمّر أو شكوى أو بكاء، وقد تصل إلى حدِّ إيذاء النفس. إذا ظل الطفل في أثناء هذه النوبة في مكانه ولم يكن في وضع يعرّضه للأذى، فيجب اهماله، وعدم الاستسلام لنوبات غضبه.
ممنوع خرق القواعد حتى في الأوقات الممتعة
إذا كان الوالدان يعملان لوقت طويل، فقد يرغبان في قضاء جزء من المساء بصحبة الطفل للتعويض عن غيابهما. هذا الوقت الخاص يجب أن يكون ممتعًا، ولكن ليس معنى هذا أن يتهاونا في تطبيق قواعد التهذيب، فإذا أساء الطفل السلوك يجب تذكيره بالحدود التي عليه التزامها.
بيّنت أبحاث عديدة أن وباء تدليل الأطفال منتشر نوعًا ما حتى بالبلدان المتقدمة، بسبب شعور بعض الأهل بالذنب لعدم إمضائهم وقتًا كافيًا مع أطفالهم، لذا يمضون وقت فراغهم القصير مع الطفل ويلبّون له رغباته من دون مراعاة القواعد والحدود. إذا كنتم تتحدقون إلى طفلكم وتمضون معه ساعاتٍ كل يوم، فَلَسْتِم مضطرين دائمًا لمشاركته اللعب، أو لإحضار صديق يلعب معه، وعندما تكونون مشغولون، توقّعوا منه أن يتسلّى بمفرده. فالطفل البالغ من العمر سنة واحدة يستطيع أن يشغل نفسه لخمس عشرة دقيقة متواصلة، أما في الثالثة من العمر، فمعظم الأطفال يستطيعون تسلية أنفسهم نصف الوقت.
وكونوا على ثقة بأن الانتظار يعلّم أشياء مهمة
يعلّم الانتظار الطفل كيف يتعامل مع الضغوط والمعاناة بصورة أفضل، وهو سوف يحتاج كثيرًا إلى هذه المهارة عندما يصبح كبيرًا. لذلك فإن تأخير تلبية الرغبات سِمَة يجب أن يكتسبها تدريجًا بالممارسة. فلا تشعروا بالذنب إذا جعلتم طفلكم ينتظر قليلًا من حين إلى آخر، فالانتظار لن يصيبه بضرر مادام لا وجود لأمر يسبب ضيقًا أو إزعاجًا، بل على العكس من ذلك. سوف يقوي مثابرته وتوازنه العاطفي.
حدوث التغيرات، مثل الخروج من المنزل وبدء الحياة المدرسية، يُعَدَّان من ضغوط الحياة العادية التي تعلّم الطفل، وتجعله قادرًا على حل مشاكله، لذا كونوا دائمًا قريبين ومستعدين لمساعدته عند اللزوم، لكن لا تساعدوه إذا كان يستطيع التحمل.
وأمدحوا الطفل دون إسراف
يحتاج الطفل بطبيعته إلى المديح، ولكن قد يُسرف الوالدان في ذلك، فتأتي النتائج عكس ما هو متوقّع. امدحوا الطفل لسلوكه الحسن والتزامه طاعة والديه، كذلك شجعوه على القيام بأشياء جديدة وخوض مهمات صعبة، ولكن عوداه القيام بعمل الأشياء لأسباب يدركها هو بنفسه أيضًا. فالثقة بالنفس والإحساس بالإنجاز يأتيان من القيام بالأعمال التي يفخر بها الطفل، أما المديح الدائم فقد يجعله يتوقف عند كل مرحلة من مراحل عمل ما لتلبية رغبته في تلقّي المزيد من المديـح والإطـراء.
أحبوا أطفالكم حباً مسؤولاً
واجعلوهم دائما مستعدين لمواجهة الحياة بمفردهم…..

#سفيربرس ـ بقلم :  فتون الصعيدي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *